الجمعة، 18 مارس 2016

حين مات الشيخ محمد حبيب العبيدي ..حياته ومواقفه ومؤلفاته ابراهيم العلاف







حين مات الشيخ محمد حبيب العبيدي ..حياته ومواقفه ومؤلفاته 
ابراهيم العلاف
في 19 تشرين الاول -اكتوبر سنة 1963 مات علم من اعلام العرب والمسلمين في الموصل ، ذلك هو الشيخ محمد حبيب العبيدي 1882-1963 .. وقد نعته مجلة "الكتاب " مجلة "جمعية المؤلفين والكتاب العراقيين " قائلة انه من قادة الرأي والفكر في الجيل الماضي يساير الرصافي والزهاوي في أدبه وسمعته فهو شاعر ، واديب ، وعالم تفقه بالدين حتى اصبح مفتي الموصل وقد كان جريئا في حياته الحافلة إذ دعا الى الوقوف امام الاستعمار والصمود ضده ، والف كتابه :" جنايات الانكليز " وطبع في بيروت سنة 1916 ودعا الى وحدة المسلمين ..
وقد كان يحث المسلمين على انتشال طرابلس الغرب من براثن الاستعمار الايطالي سنة 1911 والقى قصيدة رائعة يستنهض فيها الشرق الخامد ، ويذكر العرب والمسلمين بمجدهم الخالد فيقول :
من حمانا نور العلوم بدا فيها وعمت اقطارها الاضواء
نحن احيينا ما امات زمان الجهل مما قد اسس القدماء 
ليس دار الهوان للحر دارا انما الحر داره الجوزاء 
يا بني الضاد ان للضاد حقا ناطحت دون هضمه الاباء 
كان العبيدي مؤمنا بأن المسلمين لايستطيعون مقاومة الاستعمار الا بالعودة الى الجذور وان الشعب المتفرق ليس الا طعمة مساغة للاستعمار وقال :
أترى يبلغ المرام ضعيف انما يبلغ القوي المراما 
واتحاد القلوب افضل قوس حين ترمي ايدي الكماة السهاما 
وكان يعجب كيف يقبل العراق الذل والهوان ويقول :
ما عهدنا العراق يحمل ذلا ويحابي نذلا ويحوي طغاما 
ان ضعف النفوس أطمع فيه طالما الضعف اطمع الظلاما 
واذا لنت للئيم تولى واذا ما غمزته لي استقاما 
واغلب الظن ان من كتب هذه الكلمة هو الاستاذ الدكتور يوسف عز الدين سكرتير جمعية المؤلفين والكتاب العراقيين واعتمد فيها على ما جاء في كتابه :"الشعر العراقي الحديث " ، مع ان اسمه غير ظاهر فيها .ومما جاء في هذا المقال ان الشيخ محمد حبيب العبيدي كان رمزا من رموز العراق والعالم الاسلامي وانه قضى عمرا عريضا وشيخوخة صالحة .
الشيخ محمد حبيب العبيدي بن سليمان سمي بالعبيدي نسبة الى جده عبيد الله خليل البصير واسرة العبيدي فخذ من الاسرة الاعرجية الهاشمية . كتب عنه استاذنا الدكتور عمر الطالب في "موسوعة اعلام الموصل في القرن العشرين "وقال عنه انه عاصر الحكم العثماني في العراق، وقد ظل مؤيدا للعثمانيين بسبب تحمسه للاسلام ومعرفته ان الغرب الاستعماري هو من فكك هذه الدولة . وقد دعاه الملك فيصل الاول 1921-1933 لمعاونته لكنه كان يبدي ملاحظاته على الوضع السائد في العراق وخاصة العراقة مع بريطانيا . لكنه وبعد انقلاب الفريق بكر صدقي 1936 انتخب نائبا عن الموصل مرتين الاولى في عهد حكومة ياسين الهاشمي 1936 ومرة في حكومة حكمت سليمان 1937 .كان مفتيا للموصل سنة 1922 .
من محطات حياته الاولى في العهد العثماني انه كان سنة 1911 في بيروت ، وكانت صحف بيروت تنشر له قصائد وخطبا وفي سنة 1912 سافر الى استانبول وناصر الدولة العثمانية عندما وقعت احداث الاحتلال الايطالي لليبيا 1911 واحداث حرب البلقان 1913 وخلال الحرب العالمية الاولى كان عضوا في الهيئة العلمية العثمانية المؤلفة من علماء عرب واتراك .. وقد زار جبهات القتال ومنها جبهة غاليبولي -جناق قلعة وكتب عن كل ذلك .وعند انتهاء الحرب اعتقله الانكليزفي معسكر قصر النيل واتهموه انه كان مفتيا مع جمال باشا وبقي في الاسر حتى سنة 1919 وقد عاد الى العراق ونظم قصائد حماسية وساند ثورة 1920 وتحمس لها ووقف ضد الاحتلال والانتداب البريطانيين في العراق وكان يدعو الى الخلافة الاسلامية وضرورها بعثها ، وينعى على البلاد تحكم الانكليز على مقدراتها مما ارهق اعصابه فإضطر الى ان يترك العراق سنة 1930 بعد ان عقد الملك فيصل الاول معاهدة 1930 وظل خارج العراق في بيروت حتى سنة 1930 لكنه عاد ، بعد وفاة الملك فيصل الاول، ووضع امله في ياسين الهاشمي وتعاون معه ومع حكمت سليمان وانتخب خلال 1936-1937 نائبا عن الموصل كما سبق ان قدمنا .
نشر الاستاذ احمد الفخري جانبا من ديوانه سنة 1966 بعنوان :"ذكرى حبيب " وفيه ذكر ان للشيخ العبيدي ملحمة شعرية تاريخية بعنوان : " على مسرح الدهر ماذا رأيت؟ " قال عنها إنها زهاء ألفي بيت. ولم يستطع محقق الديوان العثور على أكثر من 1619 بيتًا منها .
للشيخ محمد حبيب العبيدي كتبا كثيرة منها :"خطبة نادي الشرق " 1913 و" حبل الاعتصام ووجود الخلافة في دين الاسلام " 1916 و"جنايات الانكليز على البشر عامة وعلى الانكليز خاصة " 1916 و" صدى الحقيقة في العاصمة " 1916 و"النواة في حقول الحياة " 1931 و"ماذا في عاصمة العراق من سم وترياق " 1934 و"النصح والارشاد لقمع الفساد " 1946 و" الميزان بين الفكر والايمان "1944 و" الفتوى الشرعية في جهاد الصهيونية" 1947.
كما ان له العديد من المخطوطات التي تنتظر النشر وهي كتب مهمة منها مثلا :" رسائله ومقالاته " وكتابه :" الجراثيم الثلاث الامراء والعلماء والنساء " وكتابه :" الغليل في رحلة وادي النيل " . هذا فضلا عن كم كبير من المقالات التي نشرها في صحف ومجلات كثيرة منها " نداء الشعب " و" البلاد " و" نصير الحق" .وفي " معجم البابطين لشعراء العربية " نماذج من شعره .
كان الشيخ محمد حبيب العبيدي صديقا حميما للشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء ، وقد التقيا كثيرا في العراق والقدس بفلسطين وقد ذكره الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في كتابه :"عقود حياتي " .كتب عنه الصحفي الكبير الاستاذ ابراهيم صالح شكر فقال انه كان يعشق البطولة وانه منذ صغره نذر نفسه لاعلاء شأن الاسلام والمسلمين وضمان وحدتهم والدفاع عنها .
قدم عنه الدكتور خليل إبراهيم السامرائي رسالة ماجستير الى كلية الاداب -جامعة بغداد سنة 1984 بعنوان :" محمد حبيب العبيدي، حياته وشعره " .الا ان حياته وسيرته ومؤلفاته ومواقفه تحتاج الى دراسات اخرى على مستوى الماجستير والدكتوراه .
نسأل الله له الرحمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...