حرامي الملابس الداخلية
بقلم : لميعة عباس عمارة
أديبة عراقية تقيم في كاليفورنيا
تكررت شكوى بعض طالبات القسم الداخلي في دار المعلمات بالحيدرخانة من فقدان ملابسهن الداخلية وجوارب النايلون من حبل الغسيل، وكانت المديرة تجمعنا وتكلفنا بالبحث عن الفاعل أو الفاعلة، ولم ننجح في تشخيص الحرامي، كل الطالبات يتركن القسم الداخلي ويلتحقن بالصفوف أثناء الدراسة، القسم خالي تماماً وتحدث السرقات.
كانت احدى الطالبات تمرض كل شهر وتلازم الفراش، وحدثت مرة سرقة هذه الأشياء الخفيفة وهي الوحيدة في القسم الداخلي وبدت المدرسات بالاشتباه بها. وبخاصة أنها طالبة (تقدمية) في ذلك الوقت الذي يفرز العراقيين الى (قومي وتقدمي) بشكل واضح، ولم يشفع صوتي الوحيد لدرء الشبهة عنها ولا دليل على براءتها. ولم تعلم الطالبة بكل هذا وتخرجت وهي لا تدري شيئاً عن الموضوع.
الزقاق أو الازقة المؤدية الى دار المعلمات في الحيدرخانة ضيقة جداً لا تدخلها السيارات، وهي من أقدم المباني زرتها وأنا طفلة مع عمّاتي اللواتي كن يدرسن فيها، مرة وعمري خمس سنوات، واشتغلت فيها أكثر من عشر سنوات، كان اسمها دار المعلمات الأولية وتقبل الطالبات من الصف السادس الابتدائي من كافة انحاء العراق ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات وأُلغيت. وصار اسمها دار المعلمات الابتدائية وتقبل الطالبات من الصف الثالث المتوسط من كافة أنحاء العراق كذلك، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات. ثم أُلغيت دار المعلمات وصار اسم البناية، الاعدادية المركزية للبنات. هذه البناية التاريخية من زمن الانكليز اشتغلت فيها كمدرّسات مثل فطينة النائب الشاعرة التي تكتب باسم صدوف العبيدية، والشاعرة نازك الملائكة، والشاعرة أميرة نور الدين وأنا………
الغرف الواسعة تحيط بها طارمات عريضة. كنت أدرّس طالباتي آنذاك الادب العربي وأنا ألقي القصيدة على الطالبات بطريقة تشرح معانيها دون اللجوء الى هوامش الكتاب …. والطالبات مصغيات ولفت انتباهي اللقلق هذا الطائر كبير الحجم يقف (مستمعاً) في الطارمة أمام باب الصف المفتوحة دائماً. ابتسمت والتفتت الطالبات الى هذا الزائر الكريم، وكأنه مولع بالشعر ويحاول أن يسمع باستمتاع.
قلت له: تعال … تفضل … وحين لاحظ إشارتي له طار.
هذا اللقلق الذي عاصر دار المعلمات منذ أول نشأتها، رأيته وأنا طفلة … وأراه دائماً اثناء تدريسي كمدرّسة، يسكن أعالي البنايات والمنائر، هو من سكان محلة الحيدرخانة القدماء …
وأرادت الحكومة أن تفتح شارع الجمهورية الموازي لشارع الرشيد، فهدمت الكثير من البيوت الصغيرة المزدحمة وأصاب بناية دار المعلمات بعضاً من (القص) وأصاب أعشاش اللقالق الكثير من (الهدم) وتناثرت منها جوارب النايلون والسوتيانات والملابس الداخلية الرقيقة الاخرى وكانت دليل البراءة المتأخر لمتهمة لم تعرف أنها كانت متهمة، وعرف الجميع أن كان اللقلق.
كانت احدى الطالبات تمرض كل شهر وتلازم الفراش، وحدثت مرة سرقة هذه الأشياء الخفيفة وهي الوحيدة في القسم الداخلي وبدت المدرسات بالاشتباه بها. وبخاصة أنها طالبة (تقدمية) في ذلك الوقت الذي يفرز العراقيين الى (قومي وتقدمي) بشكل واضح، ولم يشفع صوتي الوحيد لدرء الشبهة عنها ولا دليل على براءتها. ولم تعلم الطالبة بكل هذا وتخرجت وهي لا تدري شيئاً عن الموضوع.
الزقاق أو الازقة المؤدية الى دار المعلمات في الحيدرخانة ضيقة جداً لا تدخلها السيارات، وهي من أقدم المباني زرتها وأنا طفلة مع عمّاتي اللواتي كن يدرسن فيها، مرة وعمري خمس سنوات، واشتغلت فيها أكثر من عشر سنوات، كان اسمها دار المعلمات الأولية وتقبل الطالبات من الصف السادس الابتدائي من كافة انحاء العراق ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات وأُلغيت. وصار اسمها دار المعلمات الابتدائية وتقبل الطالبات من الصف الثالث المتوسط من كافة أنحاء العراق كذلك، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات. ثم أُلغيت دار المعلمات وصار اسم البناية، الاعدادية المركزية للبنات. هذه البناية التاريخية من زمن الانكليز اشتغلت فيها كمدرّسات مثل فطينة النائب الشاعرة التي تكتب باسم صدوف العبيدية، والشاعرة نازك الملائكة، والشاعرة أميرة نور الدين وأنا………
الغرف الواسعة تحيط بها طارمات عريضة. كنت أدرّس طالباتي آنذاك الادب العربي وأنا ألقي القصيدة على الطالبات بطريقة تشرح معانيها دون اللجوء الى هوامش الكتاب …. والطالبات مصغيات ولفت انتباهي اللقلق هذا الطائر كبير الحجم يقف (مستمعاً) في الطارمة أمام باب الصف المفتوحة دائماً. ابتسمت والتفتت الطالبات الى هذا الزائر الكريم، وكأنه مولع بالشعر ويحاول أن يسمع باستمتاع.
قلت له: تعال … تفضل … وحين لاحظ إشارتي له طار.
هذا اللقلق الذي عاصر دار المعلمات منذ أول نشأتها، رأيته وأنا طفلة … وأراه دائماً اثناء تدريسي كمدرّسة، يسكن أعالي البنايات والمنائر، هو من سكان محلة الحيدرخانة القدماء …
وأرادت الحكومة أن تفتح شارع الجمهورية الموازي لشارع الرشيد، فهدمت الكثير من البيوت الصغيرة المزدحمة وأصاب بناية دار المعلمات بعضاً من (القص) وأصاب أعشاش اللقالق الكثير من (الهدم) وتناثرت منها جوارب النايلون والسوتيانات والملابس الداخلية الرقيقة الاخرى وكانت دليل البراءة المتأخر لمتهمة لم تعرف أنها كانت متهمة، وعرف الجميع أن كان اللقلق.
******************************
*http://www.alquds.co.uk/?p=231825
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق