السبت، 6 فبراير 2016

موقف العراق من انقلاب العقيد بو مدين في الجزائر ا.د.ابراهيم خليل العلاف






موقف العراق من انقلاب العقيد بو مدين في الجزائر 
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل 
عندما قام العقيد هواري بومدين (1965-1978 ) بإنقلابه على الرئيس احمد بن بيلا قالت اجهزة الاعلام الجزائرية ان الرئيس احمد بن بيلا اتبع سياسة الحكم الفردي في ادارة امور البلاد ، وعمل على التركيز في وضع مصادر القوة بيديه واتخذ لنفسه ست او سبع مسؤوليات كالاعلام والداخلية والمالية وغيرها .ومن اجل تعزيز سلطته عمد الى نظام الحزب الواحد وجعله كما تقول الدكتور كفاح عباس لرمضان الحمداني في اطروحتها للدكتوراه التي قدمتها الى كلية الاداب -جامعة الموصل 2007 بعنوان :"سياسة الجزائر الداخلية 1965-1978 " أحد المبادئ الاساسية لنظام حكمه .
وقد قال العقيد هواري بومدين ان من الاسباب وراء انقلابه على الرئيس احمد بن بيلا انه جعل الجزائر بلدا مفتوحا امام النفوذ الاجنبي وانه اسرف في دعم قضايا تحرير افريقيا واتهمه في التأكيد على التصرفات المظهرية والزيارات الخارجية في الوقت الذي كانت بلاده تعاني من ازمة اقتصادية حادة .لكن النقطة المهمة التي اخذت على الرئيس بن بيلا انه حاول تقليص دور الجيش في السياسة .
وقد جرت عملية تنفيذ الانقلاب يوم 19 حزيران -يونيو 1965 وتم الاعلان رسميا عن تنحية بن بيلا وايداعه السجن وتأليف مجلس قيادة الثورة برئاسة العقيد هواري بومدين تتولى جميع السلطات .
قوبل انقلاب العقيد هواري بومدين بالكثير من المعارضة داخل الجزائر وخارجها ؛ ففي الداخل ظهرت معارضة قوية ورفضت جبهة التحرير الوطتي الجزائرية تأييد الانقلاب وشهدت العاصمة الجزائرية تظاهرات صاخبة كما شهدت مدن اخرى ومنها عنابة ووهران تظاهرات مشابهة وحدث صدام مع قوى الامن لكن العقيد هواري تمكن من تهدئة الوضع واذاع بينا الى الشعب بين فيه اسباب قيامه بما اسماه الحركة التصحيحية وانه يريد ان يحل القيادة الجماعية محل القيادة الفردية والعمل على اقامة دولة جزائرية قوية تحقق اهداف الثورة وطموحاتها .
وعلى الصعيد العربي بدأت مظاهر الاستنكار لما حدث في الجزائر تترى وتتفاعل وذلك لما كان يتمتع به الرئيس الجزائري الاسبق احمد بن بيلا من سمعة طيبة وحب الجماهير العربية له بإعتباره من قادة الثورة الجزائرية ورموزها الكبار . ويهمنا ما جرى في العراق .فقد انتقدت الحكومة العراقية الانقلاب وعدته عدوانا على الشرعية والتوجهات العروبية القومية في الجزائر ولم يكن الموقف مقتصرا على الحكومة بل شارك الشعب والقوى السياسية العراقية وخاصة القوى القومية المتمثلة بالناصريين والوحدويين .واخذت الصحف العراقية تتهم العقيد هواري بومدين بتهم كثيرة منها الغدر برفيقه الرئيس احمد بن بيلا .. والى شيء من هذا القبيل نشرت جريدة المنار (البغدادية ) في عددها الصادر في 2تموز 1965 مقالا بعنوان :" الجزائر بعد بن بيلا " اعدته وترجمته عن الايكومنست البريطانية جاء في مقدمته :" اقد اطاح الانقلابيون بالسيد احمد بن بيلا في نفس اللحظات التي كانت البلاد تتجه الى المصالحة الوطنية وايجاد قاعدة مدنية صلدة .ويبدو ان الكولونيل بومدين رئيس اركان جيش التحرير الوطني الجزائري شعر بأن هذا الوضع سيبعد احتمالات سيطرته وبروزه الى المقدمة لذلك اذا ما ماضى الانقلاب في تمزيق البلاد فإن هذ سيكون مبعث قلق ابناء الامة العربية جمعاء " .
ويشير الى ذلك الاستاذ صبحي ناظم توفيق المرافق الاقدم للمشير الركن عبد السلام محمد عارف رئيس جمهورية العراق في كتابه الذي اصدره عن معرفته بالرئيس عبد السلام محمد عارف فيقول عن الموقف العراقي من انقلاب العقيد هواري بومدين بالنص :" وهدأت الأوضاع في "الجزائر" بعد إنقلاب "العقيد هواري بومدين"، وتوقفت وسائل الإعلام العراقية عن إبراز موقف العراق المتشنج تجاه الحركة الإنقلابية تلك ،وخصوصاٌ بعد أن وصل السيد "الأخضر الإبراهيمي "_ سفير الجزائر لدى "القاهرة "_ حاملاٌ رسالة شفهية من الرئيس الجزائري الجديد إلى الرئيس "عبد السلام محمد عارف " يوم 31 تمور- يوليو 1965 .. وفي محاولة لتحسين علاقات "العقيد هواري بومدين" مع بعض الزعماء العرب ،الذين لم يؤيدوا الإنقلاب الذي قام به يوم (19\6\1965)، فقد أوفد إلى "بغداد" بعثة رسمية رأسها وزير دفاعه وعضو مجلس قيادة الثورة "العقيد طاهر الزبيدي"، حيث إستقبله" عبد السلام عارف " في القصر الجمهوري صباح يوم (28\8\1965).وقد كان لهذه الزيارة أثرها في ازالة مخاوف العراق على التوجه العروبي القومي في الجزائر والاطمئنان بان العقيد هواري بو مدين ليس اقل من الرئيس الاسبق غيرة على القضايا العربية واحساسا بها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدكتور علاء بشير الطبيب العراقي الذي جمع بين الطب والفن التشكيلي

  الدكتور علاء بشير  الطبيب العراقي الذي جمع بين الطب والفن التشكيلي ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل في س...