حصار
الموصل في الامثال والاشعار الشعبية*
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
تميزت ولاية الموصل ابان حكم الجليليين لها
والممتد من سنة 1726 الى سنة 1834 بشخصية محلية واضحة المعالم من جميع النواحي
السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية ، وبرز من حكامها ولاة
عديدون ، أبرزهم الحاج حسين باشا الجليلي ( 1730- 1757 م ) والذي قاد حركة
المقاومة الباسلة أثناء تعرض مدينة الموصل لغزو الفرس وحصـارهم الذي ضـربه حولها
حاكمـهم نادرشــاه1736-1747 .
وكان لصمود الموصل ونجاحها في دفع الخطر
الفارسي والحيلولة دون أمتداده نحو الشام والاناضول اثر كبير في تقوية مركز الاسرة
الجليلية الحاكمة والتفاف الموصليين حولها من جهة ورفع شأن الموصل بين مدن الدولة
العثمانية من جهة اخرى 0
ويعد حصار نادرشاه للموصل من أهم الاحداث التي شهدها العالم الاسلامي خلال
القرن الثامـن عشر ، ذلـك ان الاطـماع الفارسية لم تستهدف الموصل وحدها ، بل
النفوذ الى قلب الوطن العربي والعالم الاسلامي وتغيير خارطته 0
ولقد تناول ( الحصار ) عـدد كبـير من المـؤرخيـن ، القدامى والمحدثين ،
سواء كانوا من العراقيين أم العرب أم الاجانب ، كما كان موضوعاَ لرسائل واطروحات
قدمت للحصول على الماجستير والدكتوراه 0 ومن حسن الحظ فأن احداث الحصار وتفاصيل
أسبابه ونتائجه ، ظلت في متناول أيدي الباحثين والمؤرخين والمتتبعين وذلك بفضل
مجموعة ثرة من المصادر والمدونات الاصيلة 0
وهناك ناحية لم يلتفت اليها الباحثون كثيراَ ، وهي ان احداث الحصار وقرت في
اذهان ابناء الموصل كافة ، وانعكست في اخبار وحكايات وامثال واشعار شعبية تتصل
بالحصار والصمود الذي كان عاملاَ رئيساَ من عوامل فشله . ولقد اورد المرحوم الاستاذ عبد الخالق خليل الدباغ
في كتابه (معجم امثال الموصل العامية )الذي اصدره في الموصل بجزئين سنة 1956 مثلا
َيتداوله الموصليون عن حصار نادرشاه للموصل يدل على زيادة كرههم للغزاة وقذائف
مدفعيتهم التي كانت تمطر المدينة ليلا ونهاراً0ويقول المثل(كنيكي قنبرة طهماز )
ومعناها : كأنك قنبرة طهماسب وطهماسب هو نادرشاه ويضرب المثل لدميمة الخلقة التي
لايرتاح اليها. كـما كانـت المديـنة يوم الحـصار وما خلفته حيث عاشت زمناَ صعباَ
لا يسر الناظرين كالوجه الذي شبه بهذا المثل ، فضلاَ عن ثقل القنابل التي كانت
ترمى بها البلدة ، والتي لم تنفجر في حينه وأدركها من عاش في الموصل حتى الثلاثينات من القرن الماضي كما يقول الاستاذ سعد علي الجميل في بحثه عن
الامثال
المنشور في موسوعة الموصل الحضارية
بجزئها الخامس والصادر سنة 1992 .
ويذكر الاستاذ عبد الغني الملاح في بحثه الذي قدمه الى ندوة مركز دراسات
الموصل يوم 20 تشرين الثاني 1993 والموسوم :( البنية الاجتماعية وأثرها في اللهجة
الموصلية وشعرها العامي ) ان الموصليين كانوا يرددون نوعاَ من الشعر الشعبي يسخرون
فيه من قنابل نادرشاه وأحلامه التوسعية جاء فيها :- طهماس غاسك أقّع مثل الجرو
لمنقّع غاح إتعود وترجع وأنت ذليل ومنهان طهماس غاس المخمغة ولدان ما يخوف مغا
فشوش يرجع لوغا والبدن عالي البنيان.
وروى لي شيخ المؤرخين الموصليين الاستاذ
سعيد الديوه جي أن الموصليين حينما كانوا يريدون أن يسخروا من شخص متعجرف ومتكبر
قالوا له ( اشدعوي قد تتطهمز علينا ) :
وهذه بعض من أمثال وأشعار أبناء الموصل الشعبية التي تعكس كرههم للغزاة
وحبهم لأرضهم وأعتزازهم بأنفسهم وقدرتهم على الصمود في وجه الاعداء وحبذا لو يتصدى
أي باحث لدراسة هذا التراث الشعبي وحفظه للأجيال القادمة والتي ستكون بدون شك ،
بحاجة اليه لكي يثير فيها مكامن الأعتزاز بالوطن ورد المعـتدين 0
**********************************
*نشرت في جريدة الحدباء (الموصلية ) العدد795 الثلاثاء7 تشرين الاول1997
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق