مع كتاب غيبوبة الولايات المتحدة الأمريكية *
بقلم : احمد منصور -عن جريدة البيان
«ربما أكون أحببت يوما ما قدمته لبلادي، لكنى الآن أشعر بالخجل من كونى أميركيا، وفيما بعد اطلاعى على تجربة كاثى وكيلي سأكون خجلا من كوني رجلا» بهذه الفقرة أوجز مارك فليبس العميل السابق للـ «سى آى إيه» قصة امرأة وابنتها هي كاثى أوبراين وابنتها كيلى حيث أنقذهما بعد سنوات طويلة من الهروب والتخفى من أجهزة المخابرات الأميركية حينما استطاع أن يوصلهما وحدهما حتى الآن إلى لجنة استماع في الكونغرس الأميركى وكانت حتى الآن هي الحالة الأولى والوحيدة التى يتم كشفها عن واحدة من أبشع وأسوأ الوسائل التى تتبعها الـ «سى آي إيه» مع بعض عملائها وهى عملية «مونارك للتحكم بالعقل»، حيث يتم الحصول على الأطفال الصغار من اللقطاء أو من العائلات المنحرفة أو يتم إنتاج أطفال بشكل خاص من عملاء للسى إى إيه يتم استغلالهم منذ طفولتهم في كافة الأعمال والوسائل حيث يكون هؤلاء عبيدا بكل معنى الكلمة لنزوات الكبار من السياسيين و الحكام في الولايات المتحدة.
ويقومون بأعمال منافية لخدمة الأهداف السرية للمخابرات الأميركية روتها كاثى أوبراين بشكل مثير للإشمئزاز على مدى أربعمائة صفحة من كتابها الذى كتبته مع مارك فيلبس ونشر هذا العام في الولايات المتحدة وأنحاء متفرقة من العالم ونشرت طبعته العربية الدار العربية للعلوم في بيروت تحت عنوان «غيبوبة الولايات المتحدة .. القصة الحقيقية لأحدى ضحايا سيطرة وكالة المخابرات الأميركية على تفكير عملائها».
كنت أشعر وأنا أتنقل بين صفحات الكتاب أنى أتابع فيلما أميركيا يتحدث عن عمليات خفية وليس عن حقائق مصاغة بالأسماء والتواريخ لكبار الشخصيات التى حكمت الولايات المتحدة ولازالت حيث كانت السلوكيات المشينة والسادية هي التي تحكم تصرفاتها سواء وهى في مراحل الأستعداد لتولى السلطة أو حتى.
و هي فيها حيث لم تكن قصة كلينتون مع مونيكا إلا صورة مصغرة لما يجرى داخل أروقة الأدارة الأميركية، فما قدمه المخرج الأميركى مايكل مور في فيلمه الوثائقى المثير «فهرنهايت 11/9» عن الأماكن الفقيرة التى يتم تجنيد الجيش الأميركى من أبنائها هي نفسها الأماكن وربما الأسوأ منها الذين يتم اختيار عملاء السى آي إيه منها حيث أن معظمهم من المنحرفين في كافة أشكال الأنحراف وممن يمارسون البهيمية في كل شيء في الحياة .
وممن يتم مساعدتهم في الأتجار بكل الممنوعات مقابل الخدمات التى يقدمونها للحكومة الأميركية ولعل ما روته كاثى أوبراين عن أبيها وزوجها وعائلتها بشكل عام رغم كل ما يثيره من اشمئزاز يؤكد على هذه الحقيقة ، لقد كشفت كاثى أوبراين دور المخابرات الأميركية في إنتاج الأفلام الأباحية في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات لاسيما عهد الرئيس ريغان وأنها قامت وهى طفلة «بتصوير فيلم مع *** العم سام».
ضمن مشروع بالغ السرية للمخابرات الأميركية كان يشارك فيه أبوها وخالها وكانت هذه الأفلام التى شاركت فيها على نطاق واسع هي وأخريات كانت المخابرات المركزية هي التى تقوم على تصويرها وإنتاجها وتوزيعها، وأنها حينما أصبحت «موديل رئاسى » حينما نضجت أخبرها الرئيس ريغان بأن «نشاطات المخابرات المركزية في الأعمال التى شاركت فيها هي نشاطات مبررة من أجل أن يمر قطار الحرية الأميركى عبر العالم.
وهذه الأعمال مجرد طريق فرعى إلى جانب مسار الحرية القصوى »، أما الكبار الذين ظهرت أسماء كثيرين منهم كحكام ولايات أو رجال سياسة بارزين أو حتى رؤساء للولايات المتحدة فقد كانوا جميعا ممن مروا على هذه المرأة التى تقول عن إحدى مراحل طفولتها: «مباشرة بعد عودة والدى من بوسطن، أرسلت كما هو معتاد إلى فاندر جاغت سيناتور ولاية ميتشيغان والذى أصبح فيما بعد عضوا في الكونغرس الأميركى وأخيرا رئيس لجنة الكونغرس القومية الجمهورية.
التى أوصلت جورج بوش إلى مكتب الرئيس» ثم تتحدث عن انحرافات للرئيس الأميركى الأسبق جيرالد فورد التى كان يشاركه فيها صديقه فاندر جاغت، المثير أن كل ما كان يتم مع كاثى وهى طفلة في الصف الثالث الأبتدائى، حيث سلبوها عقلها وكانوا يوجهونها لكل ما يريدون من انحرافات لم تكن تملك إزاءها إلا أن تستجيب، تتحدث كاثى عن بيار ترودو الذى كان رئيسا لوزراء كندا عام 1968 وعلاقته معها تحت رعاية السى آى إيه .
التى كان على علاقة بها، ثم تتحدث عن الممارسات البشعة التى قام ديك تشينى النائب الحالى للرئيس الأميركى الذى قالت عنه «كان ديك تشينى كبير موظفى البيت الأبيض في عهد الرئيس فورد، ولاحقا وزيرا للدفاع في عهد الرئيس جورج بوش، وعضوا مؤتمنا على وثائق مجلس العلاقات الخارجية ويأمل بالحصول على منصب الرئاسة في العام 1996» ماذا فعل معها ديك تشينى هذا ما سوف نرويه في الأسبوع المقبل.
أفردت كاثى أوبراين مساحات واسعة من كتابها «غيبوبة الولايات المتحدة» للحديث عن نائب الرئيس الحالى للولايات المتحدة ديك تشينى حينما كان كبيرا لموظفى البيت الأبيض فى عهد الرئيس الأسبق ريجان ووزيرا للدفاع فى عهد الرئيس بوش الأب، وعن طبيعة الدور القذر الذى كان يلعبه معها حيث كان هو «آمرها» بعدما أصبحت جارية «نموذجا رئاسيا» فى البيت الأبيض متحكما بها ومبرمجة عقليا وتقوم بكل ما يطلب منها من مهام قذرة من أجل «دفع قطار الحرية الأميركى فى أنحاء العالم ».
تفرد أوبراين فصلا خاصا عن ديك تشينى تتحدث فيه عن ساديته وقسوته ووحشيته فى التعامل معها رغم حديثها المفصل عنه فى أنحاء الكتاب فتقول «لقد مضت ثمانى سنوات منذ أن اصطادنى تشينى وعاملنى بوحشية» ثم تتحدث عن أفعال مقززة وقذرة مارسها معها تشينى وشاركت فيها لتمويل عمليات سرية للحكومة الأميركية تتعلق بإنتاج أفلام جنسية وتجارة كوكايين ومخدرات ونقل رسائل لحكام وسفراء وممارسة الرذيلة معهم والقيام بأنشطة إجرامية مع عصابات دولية وإمتاع شاذ لكبار القادة والسياسيين والعسكريين فى الادارة الأميركية شاركت فيها مع «جواري» أخريات ممن يعملن معها تحت مشروع «التحكم بالعقل البالغ السرية.
وتورد أسماء شخصيات كبيرة مثل ريجان وتشينى وبوش الأب وبيل كلينتون وهيلارى و«بابا فيليب حبيب»، كما أطلقت عليه فى فصل كامل من الكتاب والرسائل التى نقلتها إلى رئيس بنما الأسبق عميل ال «سى آى إيه» نورييجا وتتحدث عن عملية تهريب كوكايين كبيرة شاركت فيها لصالح عمليات سرية للحكومة الأميركية ضمن عملية «الحمام الزاجل» وفى نهاية تفصيل العملية تقول «وكالعادة جرى نقل معظم الكوكايين إلى قاعدة وارنر روبينز الجوية فى ماكون فى ولاية جورجيا ، لكى تنقل إلى مواقع لا أعرفها أنا.
أما الأموال المجموعة من بيع الكوكايين فيفترض أن تستخدم لتمويل صفقة سلاح ضخمة لاحدى دول العالم الثالث حيث ستتسرب الأسلحة من تلك الدولة إلى دول مجاورة لها وستعود الأرباح المالية لحركة كونترا المدعومة من ريجان» وتفرد فصلا عن الخفايا القذرة لعملية إيران ـ كونترا والقبض على نورييجا فتقول «قبل وفاة رئيس الـ «سى آي إيه» وليام كاسى كنت فى العاصمة واشنطن للحصول على إيجازة بشأن عملية «لعبة القوقعة» كانت قضية إيران ـ كونترا قد أثيرت فى ذلك الوقت وكان نورييجا قد أصبح مصدر إحراج لادارة ريجان ـ بوش والحاجة إلى إقناعه بأن ينآى بنفسه عن العمل فى أنشطة الولايات المتحدة .
لقد كان نورييجا جزءا صعبا من عملية تسلح كونترا نيكاراجوا إضافة إلى انه محور دولى فى عمليات تهريب الكوكايين التى تستغل لتمويل الميزانيات السوداء لمشاريع فائقة السرية مثل مشروع مونارك «لبرمجة العقل»، وتفرد كاثى أوبراين فصولا متتابعة عن الدور الذى قامت به فى عمليات تجارة المخدرات والكوكايين وأفلام الدعارة التى كانت تتم بشكل مباشر من البيت الأبيض ومن كبار المسئولين فيه تحت ستار تمويل تنمية الدول الفقيرة فى أميركا الجنوبية مثل المكسيك من أجل ترسيخ دعائم «النظام العالمى الجديد».
فتقول عن مهمة كلفت بها فى عهد الرئيس ريجان من نائب الرئيس بوش آنذاك لتسليم رسالة إلى نائب الرئيس المكسيكى ساليناس «إن الرئيس ريجان والرئيس المكسيكى دى لامدريد ونائب الرئيس بوش ونائب الرئيس المكسيكى ساليناس كانوا جميعا متفقين على توسيع وإنماء اقتصاد جيراننا الجنوبيين فى النظام العالمى الجديد، من خلال ما علمت به من الخبرة أنه يقوم على التجارة الحرة للمخدرات والأطفال وأفلام الدعارة، لقد قال لى نائب الرئيس بوش إن هذه الأنشطة الأجرامية ينظر إليها على أنها الوسيلة الوحيدة المتوفرة لانماء الاقتصاد المكسيكى سريعا وتحريره من الفقر».
غير أن أسوأ ما فى الكتاب ـ وكله يتحدث عن أمور سيئة وعمليات قذرة ـ هو حديث أوبراين عن طفلتها كيلى التى حملت بها وولدتها بطلب من الـ «سى آي آيه» وبدأوا عملية التحكم بعقلها منذ ولادتها حتى أنها حينما كانت طفلة فى الثالثة والنصف من عمرها كانت تجبر على ممارسة الجنس مع كبار المسئولين فى البيت الأبيض كما أنها قامت بتصوير أفلام جنسية للأطفال من أجل تمويل العمليات السرية للحكومة الأميركية وكانت الطفلة تنفذ ما يطلب منها مثل الآلة حتى أنها كانت تنزف وتتألم بينما يستمتع المجرمون بها دون أى شعور.
وتقول كاثى أوبراين إنها وقفت وابنتها فى عرض فى البيت الأبيض باعتبارهن «جوارى» كان فيه الرئيس ريجان ونائب الرئيس جورج بوش ووزير الدفاع ديك تشينى وبدا أن ريجان يحدق فى كيلى وفى شعرها الأشقر الطويل التى يتدلى من الخلف على فستانها الأزرق، وقال «إنها فاتنة جدا ، طفلة نموذجية» لكن الذئاب نهشوا الطفلة ذات الثلاث سنوات ونصف وقالت أمها «وبسبب الممارسات الجنسية التى تعرضت لها..
تجاوزت حرارتها الحد الطبيعى كما تقيأت ولم تعد قادرة على الحركة وأحست بصداع شديد دام أكثر من ثلاثة أيام ثم تتحدث أوبراين بتفصيلات عن طفلتها التى ظلوا يفعلون بها الأفاعيل حتى بلغ عمرها ثمانى سنوات ثم هربت مع أمها وهى تعيش الآن شبه ميته من كثرة الأمراض المصابة بها ومن فقدان ذاكرة عميق بسبب الممارسات الأجرامية التى مورست عليها منذ ولادتها والتحكم بها.
ورغم استماع لجنة فى الكونغرس إلى شهادة كاثى أوبراين مدعمة بالوثائق إلا أن أوبراين فشلت فى مقاضاة الحكومة الأميركية وبعدما قدمت سبعين ألف وثيقة للقضاء قال القاضى أندى شوكهوف الذى نظر القضية وحده بهدوء فى محكمة أحداث ناشفيل فى ولاية تنيسى الأميركية عام 1991 «إن القوانين لا تطبق فى هذه الحالة لأسباب تتعلق بالأمن القومى».
_____________________________
*http://www.ghrib.net/vb/showthread.php?t=2413
والكتاب متوفر على النت والرابط :http://www.s-ajfan.com/vb/archive/index.php/t-149164.htm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق