أميركا والسعودية واثيوبيا 1979
ا.د.ابراهيم العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
في4 تشرين الثاني –نوفمبر سنة 1979 استولى الطلبة
الايرانيون الثائرين على مقر السفارة الاميركية في طهران وظلوا فيها 444 يوما
وانسحبوا يوم 23 كانون الاول –ديسمبر 1980 وقد دمروا لبمبنى ووضعوا ايديهم على كم هائل من الوثائق
والمراسلات وبدأوا بتصنيفها وترتيبها حسب الدول التي تناولتها وكان ذلك صدمة
دبلوماسية كما سمتها وسائل الاعلام انذاك والذي يهمنا ان هذه الوثائق ترجمت الى الفارسية والعربية ضمن سلسلة سميت بإسم :" وثائق السفارة
الاميركية في طهران " ثم قامت الوكالة العالمية في بيروت بنشرها بعنوان
:"من سلسلة وثائق وكر الجاسوسية " وقد بلغت حسب علمي اكثر من 50 كتابا
لدي في مكتبتي اعدادا منها .
فقط هنا اريد ان اقف عند وثيقة مهمة هي عبارة عن تقرير
من السفارة الاميركية في جدة الى وزير الخارجية الاميركية .والتقرير مؤرخ في في 10
تشرين الاول-اكتوبر 1979 ويمثل لقاء مع
ولي العهد الامير فهد في 2 تشرين الاول 1979 والموضوع بكامله سري وفيه :"قام
السفير الاميركي ويست يرافقه السفير فردريك شابين القادم من اديس ابابا والقنصل
عيسى صباغ بزيارة الامير فهد يوم 2 تشرين الاول الساعة العاشرة والنصف في مكتب فهد
في جدة وتناول اللقاء اثيوبيا .
رحب ولي العهد الامير فهد بالسفير شابين وطلب منه تلخيصا للوضع في
اثيوبيا وكان مهتما بشكل خاصة بدرجة الدعم الشعبي الذي يتمتع به نظام منغستيو .وقد
قام السفير شابين بتسليط الاضواء على التطورات في اثيوبا مشيرا الى ان اهمال
هيلاسيلاسي للعديد من مشاكل البلاد مهد الطريق للسيطرة الشيوعية .ويبدو ان النظام
الجديد يتمتع ببعض الدعم في الجنوب حيث جذب الاصلاح الزراعي الفلاحين لكن في الوسط
والشمال فإن نظام منغستيو لديه القليل من الدعم خاصة في اوساط الطبقة الوسطى
والمثقفين .
وقال فهد ان اهتمامه بأثيوبيا ليس اكاديميا بل يستند الى
كون اطراف القرن الافريقي قريبة من شبه الجزيرة العربية والتطورات الاثيوبية –الصومالية
–ارتيرية –السودانية تنعكس على السعودية ومنطقة الخليج .وراجع فهد تاريخ التطورات
في اثيوبيا من وجهة نظر سعودية وقال ان الامبراطور اقترف اخطاء في التعيين والعزل
ولكن كان يمكن اقناعه من قبل الذين كانوا منتفعين لتصحيح الوضع خاصة الظروف
القاسية الناتجة عن الجفاف المدمر .
وربط الامير فهد ذلك بسقوط الامبراطور وكان فهد قد ناقش
مشاكل هيلاسيلاسي مع الرئيس نيكسون ووزير الخارجية روجرز .وسألوه ما اذا كانت
السعودية تستطيع المساعدة ماليا لكن السعودية لايمكن ان تبدي مساعدة في ظل الحملة
الاثيوبية ضد الارتيريين .ولسوء الحظ لم تقم الولايات المتحدة والغرب بأي شيء ايضا
تاركين ممرا مفتوحا للسوفيات وحلفائهم للتحرك الى اثيوبيا مع مؤيديهم الكوبيين .
وتساءل فهد ايضا عن وعد الرئيس كارتر
المساعدة في حل مشكلة اوغادين وذكر فهد بأنه كيف اقنع عام 1978 الرئيس سياد بري
لطلب الرئيس كارتر بإعلان موافقته على استفتاء لشعب اوغادين ومع ان سياد بري اعلن
عن رغبته في قبول نتائج الاستفتاء ويبدو ان الولايات المتحدة فقدت اهتنامها
بالصومال ويخشى فهد انه بسبب اهمالها يمكن ان تخسر الولايات المتحدة الصومال كما
خسرت اثيوبيا " .
*للتفاصيل انظر :منشورات الوكالة العالمية –بيروت ،من
سلسلة وثائق وكر الجاسوسية 35 ،حُكام الجزيرة العربية دمى الشيطان الاكبر ،بيروت
1990 ص ص 156-157
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق