الدكتور عبد اللطيف الراوي وجريدة العامل (البغدادية )
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
رحم الله صديقنا الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي الباحث ، والاكاديمي ، والكاتب الماركسي العراقي الذي سبق له منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي أن قدم أطروحته للدكتوراه المثيرة للجدل الى قسم اللغة العربية بكلية الاداب –جامعة بغداد بعنوان :"الفكر الاشتراكي في الادب العراقي المعاصر " وفي هذه الاطروحة وقف عند الصحف العمالية ومنها صحيفة " العامل " . ومن حسن الحظ أنني احتفظ منذ سنة 1975 بواحدة من الجذاذات التي سجلت فيها وقائع لحوار أجرته جريدة "طريق الشعب " البغدادية " مع الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي وكان يومئذ طالبا للدكتوراه ، ونشرته في عددها الصادر في 18-9-1975 .
تحدث الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي عن الحركة العمالية في العراق وقال بإنها استقطبت انتباه الماركسيين الاوائل خاصة بعد توسع القاعدة العمالية في المشاريع الكبرى :الميناء ، السكك ، النفط بعد عام 1927 وكانت قضاياهم المعاشية ، وعمليات الاستغلال الواقعة عليهم من الشركات الاحتكارية الاجنبية في دائرة معالجاتهم ،إن في الصحافة أو في المجالس الخاصة بهم وقد ساندوا في مقالاتهم ونتاجاتهم الادبية –القصص بشكل خاص- الحركة العمالية حتى أنهم أسهموا فيها بشكل خاص على أن أول صحيفة عمالية متخصصة في العراق كانت مجلة "العامل " . وقد أسهم في الكتابة فيها أحد الماركسيين الاوائل وهو "محمود أحمد السيد " حيث نشرت له الصحيفة كلمته التي كان مقررا أن يلقيها في حفل "جمعية الصنائع العراقية " والتي تضمنت الشعار الاممي الماركسي-اللينيني :"ياعمال العالم إتحدوا " وهكذا طرح هذا الشعار في العراق ولاول مرة بالرغم من وجود صحيفة ماركسية سابقة هي "الصحيفة " التي صدرت في 28 كانون الاول 1924 .
لقد صدرت جريدة "العامل " في 8 أيلول سنة 1930 وكانت الصفحة الاولى مخصصة لكلمة حماسية تدعو العمال الى توحيد الصفوف والنضال من اجل استرجاع الحقوق المستلبة والتمسك بشعار :"ياعمال العالم إتحدوا " وقد خطت هذا الشعار بحروف بارزة وكبيرة .وكان صاحب المجلة هو الاستاذ " عبد المجيد حسن " .
لم تكن جريدة "العامل "هي أول جريدة عمالية كما قال الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي بل كانت جريدة "العمال " التي صدرت في مدينة الموصل وكان صاحبها ورئيس تحريرها المحامي أحمد سعد الدين زيادة هي أول جريدة عمالية في العراق إذ صدرت في الموصل في الخامس من أيلول سنة 1930 أي قبل ثلاثة أيام من صدور جريدة "العامل " .وقد كتبت عن جريدة العمال الموصلية مقالة متوفرة على شبكة الانترنت . ومن الطريف ان المحامي أحمد سعد الدين زيادة كان وعدد من صحبه قد قدموا طلبا الى وزارة الداخلية يريدون به إنشاء "حزب للعمال " في الموصل لكن الطلب رفض فأستعاض عن ذلك بإصدار جرية العمال .
جاء في فاتحة جريدة " العامل" أي المقال الافتتاحي في جريدة "العامل " البغدادية " مانصه وهي تخاطب العامل العراقي :" هذه جريدتك التي تحمل في صدرها إسمك الكريم ،وهي سلاحك الادبي الذي يحق لك ان تعتز به في كفاحك وفي جهادك المستديم في سبيل المطالبة بحقوقك المهضومة والدفاع عن قضيتك التي هي جزء من قضية العمال في العالم العربي .وانها صوتم الصارخ الذي سوف يسمعه العالم طرا فيعلم أنك حي وأنك شاعر بظلامتك ..شاعر بفقدان حقك ..شاعر بمسؤوليتك الادبية تجاه نفسك وتجاه إخوانك في أقطارهم المتقاربة التي مزقت وحدتها أيدي الظالمين ..شاعر بوجوب النهوض لتشارك الناهضين منهم في السعي الى غايتنا المشتركة وتحقيقها وبلوغ المثل العليا لهذه الطبقة المنكودة المستضعفة في الارض .هذه جريدتك ايها العامل العراقي ، وقد انشئت لتنصرك فأنصرها انشئت لتكون قوة الى جانب شقيقاتها صحف العمال في مصر وسوريا وهذه القوة منك تستمد حياتها فلا تبخل عليها بمادة الحياة . وقوم إعوجاجها إذا ما إنحرفت عن الصراط المستقيم لجهادك ،وإقرأها اذا كنت غي أمي وإقرأ منها على إخوانك ما يثير أمامهم السبيل ويريهم أوجه الصواب لاجل قضيتهم .واقترح عليهم ماتراه مفيدا للعمال مما يعن لك من آراء وأفكار وقل معها دائما وأبدا هذا شعارنا في الحياة حتى نحقق آمالنا : ياعمال العالم إتحدوا "
إعتقد الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي أن تأثير الصحف العمالية في حركة العمال المهنية والسياسية لم يكن قويا لانها لم تستمر طويلا وبعضها لم يتجاوز العدد الاول أو الاعداد الاولى غير ام الصحافة عموما أثرت بحق في مسيرة الحركة العمالية ومن تلك الصحف "الاهالي " الصادرة عام 1932 ومجلات "عطارد " و"فينوس " والعقاب الاسبوعي الصادرة عام 1934 وجريدة "كفاح الشعب " السرية الصحيفةالرأي العام " فيما بعد .
حول موقف السلطة من الصحافة العمالية قال الدكتور الراوي :" أوائل الثلاثينات كانت الحركة العمالية في تنام مستمر وقد حققت أكثر من انتصار في الاضرابات العمالية وفي انشاء النقابات وتوحيد صفوف العمال .غير أن هذه الحركة كانت تعمل في ظروف صعبة وعراقيل وضعتها السلطة الحاكمة إبان العهد الملكي 1921-1958 .كان موقف السلطة من الصحافة انذاك موقف مناهض توسل بمختلف السبل من أجل خنق تلك الصحف وايقافها عند أعدادها الاولى .
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
رحم الله صديقنا الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي الباحث ، والاكاديمي ، والكاتب الماركسي العراقي الذي سبق له منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي أن قدم أطروحته للدكتوراه المثيرة للجدل الى قسم اللغة العربية بكلية الاداب –جامعة بغداد بعنوان :"الفكر الاشتراكي في الادب العراقي المعاصر " وفي هذه الاطروحة وقف عند الصحف العمالية ومنها صحيفة " العامل " . ومن حسن الحظ أنني احتفظ منذ سنة 1975 بواحدة من الجذاذات التي سجلت فيها وقائع لحوار أجرته جريدة "طريق الشعب " البغدادية " مع الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي وكان يومئذ طالبا للدكتوراه ، ونشرته في عددها الصادر في 18-9-1975 .
تحدث الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي عن الحركة العمالية في العراق وقال بإنها استقطبت انتباه الماركسيين الاوائل خاصة بعد توسع القاعدة العمالية في المشاريع الكبرى :الميناء ، السكك ، النفط بعد عام 1927 وكانت قضاياهم المعاشية ، وعمليات الاستغلال الواقعة عليهم من الشركات الاحتكارية الاجنبية في دائرة معالجاتهم ،إن في الصحافة أو في المجالس الخاصة بهم وقد ساندوا في مقالاتهم ونتاجاتهم الادبية –القصص بشكل خاص- الحركة العمالية حتى أنهم أسهموا فيها بشكل خاص على أن أول صحيفة عمالية متخصصة في العراق كانت مجلة "العامل " . وقد أسهم في الكتابة فيها أحد الماركسيين الاوائل وهو "محمود أحمد السيد " حيث نشرت له الصحيفة كلمته التي كان مقررا أن يلقيها في حفل "جمعية الصنائع العراقية " والتي تضمنت الشعار الاممي الماركسي-اللينيني :"ياعمال العالم إتحدوا " وهكذا طرح هذا الشعار في العراق ولاول مرة بالرغم من وجود صحيفة ماركسية سابقة هي "الصحيفة " التي صدرت في 28 كانون الاول 1924 .
لقد صدرت جريدة "العامل " في 8 أيلول سنة 1930 وكانت الصفحة الاولى مخصصة لكلمة حماسية تدعو العمال الى توحيد الصفوف والنضال من اجل استرجاع الحقوق المستلبة والتمسك بشعار :"ياعمال العالم إتحدوا " وقد خطت هذا الشعار بحروف بارزة وكبيرة .وكان صاحب المجلة هو الاستاذ " عبد المجيد حسن " .
لم تكن جريدة "العامل "هي أول جريدة عمالية كما قال الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي بل كانت جريدة "العمال " التي صدرت في مدينة الموصل وكان صاحبها ورئيس تحريرها المحامي أحمد سعد الدين زيادة هي أول جريدة عمالية في العراق إذ صدرت في الموصل في الخامس من أيلول سنة 1930 أي قبل ثلاثة أيام من صدور جريدة "العامل " .وقد كتبت عن جريدة العمال الموصلية مقالة متوفرة على شبكة الانترنت . ومن الطريف ان المحامي أحمد سعد الدين زيادة كان وعدد من صحبه قد قدموا طلبا الى وزارة الداخلية يريدون به إنشاء "حزب للعمال " في الموصل لكن الطلب رفض فأستعاض عن ذلك بإصدار جرية العمال .
جاء في فاتحة جريدة " العامل" أي المقال الافتتاحي في جريدة "العامل " البغدادية " مانصه وهي تخاطب العامل العراقي :" هذه جريدتك التي تحمل في صدرها إسمك الكريم ،وهي سلاحك الادبي الذي يحق لك ان تعتز به في كفاحك وفي جهادك المستديم في سبيل المطالبة بحقوقك المهضومة والدفاع عن قضيتك التي هي جزء من قضية العمال في العالم العربي .وانها صوتم الصارخ الذي سوف يسمعه العالم طرا فيعلم أنك حي وأنك شاعر بظلامتك ..شاعر بفقدان حقك ..شاعر بمسؤوليتك الادبية تجاه نفسك وتجاه إخوانك في أقطارهم المتقاربة التي مزقت وحدتها أيدي الظالمين ..شاعر بوجوب النهوض لتشارك الناهضين منهم في السعي الى غايتنا المشتركة وتحقيقها وبلوغ المثل العليا لهذه الطبقة المنكودة المستضعفة في الارض .هذه جريدتك ايها العامل العراقي ، وقد انشئت لتنصرك فأنصرها انشئت لتكون قوة الى جانب شقيقاتها صحف العمال في مصر وسوريا وهذه القوة منك تستمد حياتها فلا تبخل عليها بمادة الحياة . وقوم إعوجاجها إذا ما إنحرفت عن الصراط المستقيم لجهادك ،وإقرأها اذا كنت غي أمي وإقرأ منها على إخوانك ما يثير أمامهم السبيل ويريهم أوجه الصواب لاجل قضيتهم .واقترح عليهم ماتراه مفيدا للعمال مما يعن لك من آراء وأفكار وقل معها دائما وأبدا هذا شعارنا في الحياة حتى نحقق آمالنا : ياعمال العالم إتحدوا "
إعتقد الاستاذ الدكتور عبد اللطيف الراوي أن تأثير الصحف العمالية في حركة العمال المهنية والسياسية لم يكن قويا لانها لم تستمر طويلا وبعضها لم يتجاوز العدد الاول أو الاعداد الاولى غير ام الصحافة عموما أثرت بحق في مسيرة الحركة العمالية ومن تلك الصحف "الاهالي " الصادرة عام 1932 ومجلات "عطارد " و"فينوس " والعقاب الاسبوعي الصادرة عام 1934 وجريدة "كفاح الشعب " السرية الصحيفةالرأي العام " فيما بعد .
حول موقف السلطة من الصحافة العمالية قال الدكتور الراوي :" أوائل الثلاثينات كانت الحركة العمالية في تنام مستمر وقد حققت أكثر من انتصار في الاضرابات العمالية وفي انشاء النقابات وتوحيد صفوف العمال .غير أن هذه الحركة كانت تعمل في ظروف صعبة وعراقيل وضعتها السلطة الحاكمة إبان العهد الملكي 1921-1958 .كان موقف السلطة من الصحافة انذاك موقف مناهض توسل بمختلف السبل من أجل خنق تلك الصحف وايقافها عند أعدادها الاولى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق