السبت، 19 يوليو 2014

لابد من كفّارة أخرى إلى محمود درويش شعر :سامي مهدي



لابد من كفّارة أخرى
إلى محمود درويش
شعر :سامي مهدي
سقطَ القطارُ من الخريطةِ ،
أمْ سقطنا نحنُ وانفلتَ القطارْ
وتبعثرتْ عرباتُه في البرِّ
وانقطعتْ بنا سككُ الطريقِ
فلا رحيلَ ، ولا مقامَ ، ولا انتظارْ ؟
ها نحنُ يسألُ بعضُنا بعضاً :
أما كنّا نياماً في العراءِ ،
ألم يكنْ هذا القطارْ
حُلُماً ، ألم تكنِ المعابرُ والحدودْ
مسدودةً من جانبيها ، واليهودْ
يتربَّصونَ ،
فلا نرى عكّا ، ولا يافا ،
ولا نصلُ العريشَ ،
ألم تكنْ كلُّ الديارْ
مِزَقاً يقسّمُها على أسباطِهِ ربُّ الجنودْ
ويقولُ : " هذا الوعدُ !
لا كنعانَ بعد اليومِ ،
لا قحطانَ أو عدنانَ ،
بل مِلْكٌ تَملّكناهُ ، والحَكَمُ السيوفُ "
فأين سيفي ؟
أين سيفُكَ ؟
أين كلُّ سيوفِ من ركبوا القطارْ ؟
ها نحنُ ثانيةً ، وثالثةً ،
وغزَّةُ في الطريقْ
شِلوٌ مدمّى ، والحريقْ
يمتدُّ ، والفقهاءُ يشتجرونَ ،
لا سيفٌ يُسلُّ ، ولا قرارْ
يستغفرونَ به ، ولا كأسٌ تُدارْ
إلاّ كؤوسُ دمِ الضحايا ،
والخيارُ هو الخيارْ :
هذا التهوّدُ ، والتمدّدُ في الظلالِ ،
وكلُّ يومٍ هم ونحنُ وكلُّ من ركبَ القطارَ
إلى خسارْ .
لابدَّ من حلمٍ جديدْ
لابدَّ من فقهٍ سوى فقهِ العبيدْ
لابدَّ من نارٍ تزلزلنا ،
وطوفانٍ يطهّرُنا
ويغسلُ ما تخثّرَ من صديدْ
فوقَ الجراحِ ، ومن نشيدْ
غيرُ التفجّعِ والبكاءِ على الشهيدْ
والبحثِِ في ليلِ المعابرِ والحدودْ
عمّا تَقَطَّرَ من زكاةِ القومِ
واحتجنتْه آلهةُ المطارْ .
لابدَّ من كفّارةٍ أخرى ،
وإن طال الطريقُ إلى العريشِ ،
وشَقَّ في الليلِ المسارْ .
.......................................................................................................................
مجموعة ( يحدث دائماً ) هي آخر مجموعة أصدرتها ، وهي متوفرة لدى الناشر ( دار ميسوبوتاميا ) وسائر المكتبات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

  مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي عرض ومراجعة : الدكتور زياد ع...