القرابة والمصاهرة وتأثيرها في حياة العراق السياسية 1921-1958
أ.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ متمرس –جامعة الموصل
ظاهرة القرابة والمصاهرة وأثرها على السياسة العراقية في العهد الملكي 1921-1958 هذا هو عنوان بحث طريف للاستاذ عماد عبد القادر محمد سعيد سبق لي أن قرأته في مجلة (فه زين ) الكردية ( الانبعاث ) ، والتي كانت تصدرها محافظة دهوك –إقليم كردستان العراق السنة( 4) العدد( 3 ) خريف سنة 1998 ..و" مجلة فه زين" كما جاء في ترويستها "مجلة فصلية تهتم بالدراسات الدينية والتراثية والثقافية العامة " .
المهم هو المقال الذي يشير في مدخله الى "أن العلاقات الشخصية القائمة على رابطة الدم ،الصداقة ، أو الجيرة لازالت تعتبر ركائز مهمة في تكوين واستمرار كثير من المنظمات في عدد من بلدان الشرق الاوسط " .وقد كتب عن هذا الدكتور نزار توفيق سلطان الحسو في كتابه :"الصراع على السلطة في العراق الملكي " بغداد 1984 .وليس من شك في أن ل" ظاهرة القرابة" دور مؤثر في الاحداث السياسية في العراق وتشتد هذه الظاهرة وتظهر بوضوح عند وجود طرفين : (الرئيس) و( المرؤوس) ؛ فالطرف الاول أي الرئيس أو الزعيم أو القائد يكون متبوعا وراعيا لمصالح العامة .أما الطرف الثاني فهو الطرف التابع .. فكلا الطرفين لهما (مصالح ) و( مكاسب) مشتركة تربطهما ببعض بروابط وثيقة وبتعبير أدق فأن الطرف الاول لايحاول أن يحافظ على مركزه ومنصبه فحسب بل يتشبث به بينما الطرف الثاني يعمل على الحفاظ على مصالحه ومكاسبه الشخصية وهكذا دواليك .
وهنا لابد أن نذهب مع كاتب المقال في رأيه الذي يقوم على أن العلاقة الشخصية أو القرابة بين الرئيس والمرؤوس ليست كلها إانتصارات بل فيها إنكسارات وخسارات وهزائم .. وأية خسارة تصيب الشركة بينهما معناها خسارة للشريكين معا والعكس صحيح .
إن ما ذكر أعلاه ينطبق على عدد من البلدان ومنها بلدنا العراق والعراق الملكي موضوع المقال تماما ؛ فالوزارات التي شكلت في ذلك العهد بين 25 تشرين الاول 1920 ولغاية 14 تموز 1958 تكاد لاتخلو من نفوذ (عوائل ) معينة تتصارع فيما بينها لترأس الوزارة أو على الاقل لتحصل على حقيبة وزارية مهمة وحساسة أي سيادية بلغة أيامنا هذه .ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك الى ان يتكون لبعض الشخصيات نفوذ طاغِ في الدولة والمجتمع .. وقد يتطور ألامر الى ان يتم إحتكار المنصب الوزاري لاجل مصلحة شخصية أو عائلية فعلى سبيل المثال لاألحصر أن وزارة الدفاع كانت من نصيب أحد الشخصين ونقصد (جعفر العسكري ) و(نوري السعيد ) وذلك في حال تشكيل أحدهما الوزارة لاهمية هذه الوزارة وحساسيتها وكذلك للقيام بإجراءات هي في صالح الوزارة القائمة .وكما هو معروف فأن نوري السعيد متزوج من شقيقة جعفر العسكري وجعفر العسكري متزوج من شقيقة نوري السعيد وكليهما من قرية واحدة هي قرية (عسكر) وهي من قرى ناحية جمجمال التي كانت تتبع كركوك إداريا .
يؤكد هذه الحقيقة الاستاذ أحمد فوزي في كتابه "أشهر ألاغتيالات السياسية في العراق " ،بغداد 1987 حين يقول : "إنه عند عقد معاهدة معاهدة 1930 مع بريطانيا ولغرض حصول نوري السعيد رئيس الوزراء على دعم مجلس النواب للتصديق على المعاهدة ،قام نوري السعيد بتعيين جعفر العسكري زوج شقيقته وزيرا للدفاع بعد استدعائه من لندن حيث كان يعمل ممثلا للعراق في بريطانيا ومن ثم ليكون رئيسا لمجلس النواب وبعد إقرار المعاهدة في مجلس النواب استقال جعفر العسكري من منصبه وعاد ليكون مرة أخرى ممثلا للعراق في لندن .
إن تعيين الاقرباء في المناصب الوزارية والادارية الحساسة كان يتكرر بتعاقب الوزارات العراقية في العهد الملكي . ويرى الدكتور الحسو ان وصول أحد أعضاء العائلة الى أي منصب وزاري يعني تحقيق أهداف قريبة وبعيدة ألامد للعائلة كلها ، مما يعطي لهذا العضو الحق في الاستمرار بتقلد المناصب الوزارية ليمثل عائلته وأقاربه .وأضرب أنا مثلا وهو عدنان الباجه جي فهو إبن مزاحم الباجه جي ولديه عم تسنم رئاسة الوزاراء وهو حمدي الباجه جي وهو نفسه أي عدنان متزوج من ابنة رئيس وزراء هو علي جودت الايوبي وقد تسلم عدنان الباجه جي وزارة الخارجية ليس في العهد الملكي وانما بعد سقوطه وقيام جمهورية العراق إثر ثورة 14 تموز 1958 .وثمة أمثلة كثيرة لايتسع المجال للاتيان بها .
من جهة أخرى لم يكتف الوزراء بالاعتماد على الاقارب من الدرجة الاولى (الاخوة والعمومة ) بل توسعت لتشمل علاقة الزواج مع أسر وعوائل لهم مكانة مرموقة في المجتمع العراقي ، أو مع أسر وعوائل لها مناصب مهمة في الحكومة ولربما يعود ذلك –يقول الاستاذ عماد عبد القادر محمد سعيد – الى عدم إستطاعة الوزير الاعتماد على أقاربه فقط لصغر أسرته ، أو أن مكانة عائلته في المجتمع ليست بذات الاهمية مقارنة بالاسر والعوائل الاخرى مع الاخذ بنظر الاعتبار المصالح المشتركة بين الطرفين .والامثلة على ذلك عديدة منها أن طه الهاشمي وياسين الهاشمي وعلي ممتاز الدفتري ومحمود صبحي الدفتري وكامل الجادرجي وهم من عوائل قريبة لبعض ومتصاهرة مع بعضها تسلموا (41 ) منصبا وزاريا خلال العهد الملكي أي منذ 1921 حتى 1958 . ومن هؤلاء صبحي الدفتري وفؤاد الدفتري وصبيح ممتاز الدفتري(كان يشغل منصب مدير العدلية العام 1948 ) وعلي ممتاز الدفتري(اصبح وزيرا 18 مرة ) ومحمود صبحي الدفتري (اصبح وزيرا ثلاث مرات ) ورفعت الجادرجي (تسلم منصب أمين العاصمة في العقد الاول من القرن العشرين ) وكامل الجادرجي (أصبح وزيرا في حكومة حكمت سليمان 1936 ) ورؤوف الجادرجي ( اصبح وزيرا مرتين ) وياسين الهاشمي (10 مرات ) وطه الهاشمي (8 مرات ) وثمة مجموعة أخرى وهي مجموعة نوري السعيد وجعفر العسكري(أصبح وزيرا 13 مرة ) وتحسين العسكري ( كان وزيرا للري 1936 ووزيرا مفوضا في القاهرة 1941 ) وخليل كنة ( اصبح وزيرا سبع مرات ) أما عبد الكريم كنة فكان عضوا في مجلس النواب وابراهيم كمال الغضنفري( شغل منصب مدير الاذاعة والتوجيه واصبح وزيرا اربع مرات ) وقد تسلمت عددا كبيرا من المناصب فنوري السعيد وحده شكل (14 ) وزارة حتى يمكننا تسميته ب"رئيس الوزراء المزمن " .كما أن ولده صباح كان يشغل منصب مدير السكك الحديد العام . وهكذا فإن (الطبقة السياسية ) أو (النخبة ) ونقصد بهم الوزراء في العهد الملكي ينتمون الى 30 عائلة إستطاعت أن تقيم بينها طيلة ال40 سنة تحالفات من خلال (الزيجات ) و(المصاهرات ) .
ومن الطريف أن يخصص كاتب المقال حيزا من مقاله للعوائل الكردية المتنفذة في العهد الملكي ويقر بأنها لم تكن محرومة من تسنم المناصب الوزارات لكن هذه العوائل كانت محددة فالعائلة البابانية استلمت مناصب وزارية عديدة حتى أن اربعة اشخاص منها على سبيل المثال تسلمت (39 ) منصبا وزاريا وهم جلال بابان (11 ) منصبا وزاريا وجمال بابان (10 ) مناصب وزارية ومحمود بابات (3 ) مناصب وزارية وأحمد مختار بابان استلم (15 ) منصبا وزاريا كما تولى رئاسة الوزراء وكانت آخر وزارة في العهد الملكي برئاسته وهي التي أسقطها الثوار من الضباط الاحرار صبيحة يوم 14 تموز 1958 .
كان من الطبيعي أن الروابط العائلية تتأثر سلبا في بعض الاحيان عندما لاتكون الاحداث السياسية في صالحها فعلى سبيل المثال عندما أقدم الفريق الركن بكر صدقي على القيام بإنقلابه في 29 تشرين الاول سنة 1936 اسقط وزارة ياسين الهاشمي وقد تضرر شقيقه طه الهاشمي وزير الدفاع وبعد تسلم حكمت سليمان رئاسة الوزارة بعد نجاح الانقلاب تم إبعاد كل من له علاقة بياسين الهاشمي ففضلا عن شقيقه طه الهاشمي تم إبعاد تحسين العسكري شقيق جعفر العسكري وزير الدفاع الذي قتله الانقلابيون كما أبعد علي الدفتري من اقرباء ياسين الهاشمي بل ان حكومة حكمت سليمان منعت زوجة جعفر العسكري من دخول العراق وكانت قد غادرت العراق إثر مقتل زوجها جعفر العسكري وقد اضطرت للبقاء في سوريا بعد وفاة زوجها هناك ودفنه هناك .
وهنا لايمكن ان ننسى "الاسرة العمرية "الموصلية التي لم يأتِ على ذكرها الاخ كاتب المقال والتي أنجزت عنها وعن دورها في الحياة السياسية العراقية في جامعة الموصل رسالة ماجستير بإشراف الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف والتي تسنم افرادها العديد من المناصب الوزارية والادارية والقضائية والعسكرية . كما تسلم عدد من ابناءها رئاسة الوزارة ومنهما أرشد العمري ومصطفى العمري .
للاسف الشديد فإن ظاهرة القرابة كانت ولازالت مؤثرة في الحياة السياسية العراقية حتى كتابة هذه السطور وهي تتمثل في كل مرة ببروز جماعات تلتف حول شخص واحد لتشكل بطانة فاسدة في أغلب الاحيان وكثيرا ما تعادي هذه الجماعات كل من يحاول أن يحد من نفوذها وبشتى الوسائل وبالعكس فهي تبذل الجهود الكبيرة لافساح المجال لمن هو منهم لتسنم المناصب المهمة والحساسة في الدولة حتى وان لم يكن مؤهلا ألامر الذي ينعكس سلبا على الحياة السياسية .
أ.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ متمرس –جامعة الموصل
ظاهرة القرابة والمصاهرة وأثرها على السياسة العراقية في العهد الملكي 1921-1958 هذا هو عنوان بحث طريف للاستاذ عماد عبد القادر محمد سعيد سبق لي أن قرأته في مجلة (فه زين ) الكردية ( الانبعاث ) ، والتي كانت تصدرها محافظة دهوك –إقليم كردستان العراق السنة( 4) العدد( 3 ) خريف سنة 1998 ..و" مجلة فه زين" كما جاء في ترويستها "مجلة فصلية تهتم بالدراسات الدينية والتراثية والثقافية العامة " .
المهم هو المقال الذي يشير في مدخله الى "أن العلاقات الشخصية القائمة على رابطة الدم ،الصداقة ، أو الجيرة لازالت تعتبر ركائز مهمة في تكوين واستمرار كثير من المنظمات في عدد من بلدان الشرق الاوسط " .وقد كتب عن هذا الدكتور نزار توفيق سلطان الحسو في كتابه :"الصراع على السلطة في العراق الملكي " بغداد 1984 .وليس من شك في أن ل" ظاهرة القرابة" دور مؤثر في الاحداث السياسية في العراق وتشتد هذه الظاهرة وتظهر بوضوح عند وجود طرفين : (الرئيس) و( المرؤوس) ؛ فالطرف الاول أي الرئيس أو الزعيم أو القائد يكون متبوعا وراعيا لمصالح العامة .أما الطرف الثاني فهو الطرف التابع .. فكلا الطرفين لهما (مصالح ) و( مكاسب) مشتركة تربطهما ببعض بروابط وثيقة وبتعبير أدق فأن الطرف الاول لايحاول أن يحافظ على مركزه ومنصبه فحسب بل يتشبث به بينما الطرف الثاني يعمل على الحفاظ على مصالحه ومكاسبه الشخصية وهكذا دواليك .
وهنا لابد أن نذهب مع كاتب المقال في رأيه الذي يقوم على أن العلاقة الشخصية أو القرابة بين الرئيس والمرؤوس ليست كلها إانتصارات بل فيها إنكسارات وخسارات وهزائم .. وأية خسارة تصيب الشركة بينهما معناها خسارة للشريكين معا والعكس صحيح .
إن ما ذكر أعلاه ينطبق على عدد من البلدان ومنها بلدنا العراق والعراق الملكي موضوع المقال تماما ؛ فالوزارات التي شكلت في ذلك العهد بين 25 تشرين الاول 1920 ولغاية 14 تموز 1958 تكاد لاتخلو من نفوذ (عوائل ) معينة تتصارع فيما بينها لترأس الوزارة أو على الاقل لتحصل على حقيبة وزارية مهمة وحساسة أي سيادية بلغة أيامنا هذه .ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك الى ان يتكون لبعض الشخصيات نفوذ طاغِ في الدولة والمجتمع .. وقد يتطور ألامر الى ان يتم إحتكار المنصب الوزاري لاجل مصلحة شخصية أو عائلية فعلى سبيل المثال لاألحصر أن وزارة الدفاع كانت من نصيب أحد الشخصين ونقصد (جعفر العسكري ) و(نوري السعيد ) وذلك في حال تشكيل أحدهما الوزارة لاهمية هذه الوزارة وحساسيتها وكذلك للقيام بإجراءات هي في صالح الوزارة القائمة .وكما هو معروف فأن نوري السعيد متزوج من شقيقة جعفر العسكري وجعفر العسكري متزوج من شقيقة نوري السعيد وكليهما من قرية واحدة هي قرية (عسكر) وهي من قرى ناحية جمجمال التي كانت تتبع كركوك إداريا .
يؤكد هذه الحقيقة الاستاذ أحمد فوزي في كتابه "أشهر ألاغتيالات السياسية في العراق " ،بغداد 1987 حين يقول : "إنه عند عقد معاهدة معاهدة 1930 مع بريطانيا ولغرض حصول نوري السعيد رئيس الوزراء على دعم مجلس النواب للتصديق على المعاهدة ،قام نوري السعيد بتعيين جعفر العسكري زوج شقيقته وزيرا للدفاع بعد استدعائه من لندن حيث كان يعمل ممثلا للعراق في بريطانيا ومن ثم ليكون رئيسا لمجلس النواب وبعد إقرار المعاهدة في مجلس النواب استقال جعفر العسكري من منصبه وعاد ليكون مرة أخرى ممثلا للعراق في لندن .
إن تعيين الاقرباء في المناصب الوزارية والادارية الحساسة كان يتكرر بتعاقب الوزارات العراقية في العهد الملكي . ويرى الدكتور الحسو ان وصول أحد أعضاء العائلة الى أي منصب وزاري يعني تحقيق أهداف قريبة وبعيدة ألامد للعائلة كلها ، مما يعطي لهذا العضو الحق في الاستمرار بتقلد المناصب الوزارية ليمثل عائلته وأقاربه .وأضرب أنا مثلا وهو عدنان الباجه جي فهو إبن مزاحم الباجه جي ولديه عم تسنم رئاسة الوزاراء وهو حمدي الباجه جي وهو نفسه أي عدنان متزوج من ابنة رئيس وزراء هو علي جودت الايوبي وقد تسلم عدنان الباجه جي وزارة الخارجية ليس في العهد الملكي وانما بعد سقوطه وقيام جمهورية العراق إثر ثورة 14 تموز 1958 .وثمة أمثلة كثيرة لايتسع المجال للاتيان بها .
من جهة أخرى لم يكتف الوزراء بالاعتماد على الاقارب من الدرجة الاولى (الاخوة والعمومة ) بل توسعت لتشمل علاقة الزواج مع أسر وعوائل لهم مكانة مرموقة في المجتمع العراقي ، أو مع أسر وعوائل لها مناصب مهمة في الحكومة ولربما يعود ذلك –يقول الاستاذ عماد عبد القادر محمد سعيد – الى عدم إستطاعة الوزير الاعتماد على أقاربه فقط لصغر أسرته ، أو أن مكانة عائلته في المجتمع ليست بذات الاهمية مقارنة بالاسر والعوائل الاخرى مع الاخذ بنظر الاعتبار المصالح المشتركة بين الطرفين .والامثلة على ذلك عديدة منها أن طه الهاشمي وياسين الهاشمي وعلي ممتاز الدفتري ومحمود صبحي الدفتري وكامل الجادرجي وهم من عوائل قريبة لبعض ومتصاهرة مع بعضها تسلموا (41 ) منصبا وزاريا خلال العهد الملكي أي منذ 1921 حتى 1958 . ومن هؤلاء صبحي الدفتري وفؤاد الدفتري وصبيح ممتاز الدفتري(كان يشغل منصب مدير العدلية العام 1948 ) وعلي ممتاز الدفتري(اصبح وزيرا 18 مرة ) ومحمود صبحي الدفتري (اصبح وزيرا ثلاث مرات ) ورفعت الجادرجي (تسلم منصب أمين العاصمة في العقد الاول من القرن العشرين ) وكامل الجادرجي (أصبح وزيرا في حكومة حكمت سليمان 1936 ) ورؤوف الجادرجي ( اصبح وزيرا مرتين ) وياسين الهاشمي (10 مرات ) وطه الهاشمي (8 مرات ) وثمة مجموعة أخرى وهي مجموعة نوري السعيد وجعفر العسكري(أصبح وزيرا 13 مرة ) وتحسين العسكري ( كان وزيرا للري 1936 ووزيرا مفوضا في القاهرة 1941 ) وخليل كنة ( اصبح وزيرا سبع مرات ) أما عبد الكريم كنة فكان عضوا في مجلس النواب وابراهيم كمال الغضنفري( شغل منصب مدير الاذاعة والتوجيه واصبح وزيرا اربع مرات ) وقد تسلمت عددا كبيرا من المناصب فنوري السعيد وحده شكل (14 ) وزارة حتى يمكننا تسميته ب"رئيس الوزراء المزمن " .كما أن ولده صباح كان يشغل منصب مدير السكك الحديد العام . وهكذا فإن (الطبقة السياسية ) أو (النخبة ) ونقصد بهم الوزراء في العهد الملكي ينتمون الى 30 عائلة إستطاعت أن تقيم بينها طيلة ال40 سنة تحالفات من خلال (الزيجات ) و(المصاهرات ) .
ومن الطريف أن يخصص كاتب المقال حيزا من مقاله للعوائل الكردية المتنفذة في العهد الملكي ويقر بأنها لم تكن محرومة من تسنم المناصب الوزارات لكن هذه العوائل كانت محددة فالعائلة البابانية استلمت مناصب وزارية عديدة حتى أن اربعة اشخاص منها على سبيل المثال تسلمت (39 ) منصبا وزاريا وهم جلال بابان (11 ) منصبا وزاريا وجمال بابان (10 ) مناصب وزارية ومحمود بابات (3 ) مناصب وزارية وأحمد مختار بابان استلم (15 ) منصبا وزاريا كما تولى رئاسة الوزراء وكانت آخر وزارة في العهد الملكي برئاسته وهي التي أسقطها الثوار من الضباط الاحرار صبيحة يوم 14 تموز 1958 .
كان من الطبيعي أن الروابط العائلية تتأثر سلبا في بعض الاحيان عندما لاتكون الاحداث السياسية في صالحها فعلى سبيل المثال عندما أقدم الفريق الركن بكر صدقي على القيام بإنقلابه في 29 تشرين الاول سنة 1936 اسقط وزارة ياسين الهاشمي وقد تضرر شقيقه طه الهاشمي وزير الدفاع وبعد تسلم حكمت سليمان رئاسة الوزارة بعد نجاح الانقلاب تم إبعاد كل من له علاقة بياسين الهاشمي ففضلا عن شقيقه طه الهاشمي تم إبعاد تحسين العسكري شقيق جعفر العسكري وزير الدفاع الذي قتله الانقلابيون كما أبعد علي الدفتري من اقرباء ياسين الهاشمي بل ان حكومة حكمت سليمان منعت زوجة جعفر العسكري من دخول العراق وكانت قد غادرت العراق إثر مقتل زوجها جعفر العسكري وقد اضطرت للبقاء في سوريا بعد وفاة زوجها هناك ودفنه هناك .
وهنا لايمكن ان ننسى "الاسرة العمرية "الموصلية التي لم يأتِ على ذكرها الاخ كاتب المقال والتي أنجزت عنها وعن دورها في الحياة السياسية العراقية في جامعة الموصل رسالة ماجستير بإشراف الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف والتي تسنم افرادها العديد من المناصب الوزارية والادارية والقضائية والعسكرية . كما تسلم عدد من ابناءها رئاسة الوزارة ومنهما أرشد العمري ومصطفى العمري .
للاسف الشديد فإن ظاهرة القرابة كانت ولازالت مؤثرة في الحياة السياسية العراقية حتى كتابة هذه السطور وهي تتمثل في كل مرة ببروز جماعات تلتف حول شخص واحد لتشكل بطانة فاسدة في أغلب الاحيان وكثيرا ما تعادي هذه الجماعات كل من يحاول أن يحد من نفوذها وبشتى الوسائل وبالعكس فهي تبذل الجهود الكبيرة لافساح المجال لمن هو منهم لتسنم المناصب المهمة والحساسة في الدولة حتى وان لم يكن مؤهلا ألامر الذي ينعكس سلبا على الحياة السياسية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق