إشكالية الزمان والمكان
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وأحد طلبة الدراسات العليا اليوم 26 من ايلول – سبتمبر الجاري 2022 سألني عن مسألة سمع بها اثناء نقاش بين استاذ وتلميذه تدور حول ايهما أسبق وجودا (الزمان ) أم ( المكان ) فقلت له إنني سأجيبك بمقال وها انا أفي بالوعد واقول ان هذه المسألة قديمة وعويصة وتتصل بالفلسفة ولازلت اتذكر ما اوردته في كتابي ( محاضرات في تاريخ الفكر الفلسفي العربي) وصدر عن دار قناديل للنشر والتوزيع ببغداد سنة 2022حين تحدثت عن (الدكتور عبد الرحمن بدوي ودوره في نشر الفلسفة الوجودية في الوطن العربي )، ذلك ان اطروحة الدكتور عبد الرحمن بدوي كانت بعنوان (الزمان الوجودي) وناقشها الدكتور طه حسين مع لجنة متخصصة في جامعة القاهرة سنة 1945 ومعنى هذا ان قضية الزمان قضية فلسفية كما ان قضية المكان قضية فلسفية فالزمان عند الوجوديين غير الزمان عند الوضعيين المنطقيين او عند الماركسيين او عند المفكرين المسلمين في العصور الوسطى ومفهوم (الزمان) عند الدكتور عبد الرحمن بدوي هي انه قدم لنا الزمان على انه العامل الاصلي في انتقال الوجود الذاتي من حالة الامكان الى حالة الآنية اي حالة الزمانية وليس معنى الزمانية هنا هو مجرد الوجود في الزمان ،لنما الزمانية صفة تطبع الوجود كله وتشيع فيه كروحه الحقيقية وهي العامل الفاعل في تحديد معناه .
وفيما يتعلق بالمفهوم القرآني للزمان والمكان اقول اننا عندما نستقرئ الآيات القرآنية نجد الزمان ونعني به تعاقب الليل والنهار جراء دوران الارض حول نفسها قد خلق الزمان اولا وعبر الزمان خلق المكان بسم الله الرحمن الرحيم ( ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام ) .
ولكن لابد ان نعرف ان الكون له بداية زمنية (اني جاعل في الارض خليفة ) بمعنى ان ثمة ارض اولا خلق المكان ثم خلق الانسان في زمن محدد واعمار الانسان تقاس بالزمان وهي الثواني والدقائق والساعات والايام والاشهر والسنين والعقود والقرون والدهور والعصور والفترات التاريخية ومع بدء المكان بدأ الزمان ووقع الخلق فالتداخل واضح واذهب انا في ضوء كل هذا الى القول ان (المكان ) خلق اولا ثم خلق (الزمان) الذي يرسم بداية زمنية لحالة المكان ومع بدء خلق المكان (الكون) وخلق الزمان وقع خلق الانسان وتفاعل الانسان مع الزمان والمكان يصنع ما اصبحنا نسميه (التاريخ ) فالتاريخ هو تفاعل الانسان مع المكان (الارض) ضمن (الزمان ) اي الايام بمفهومنا المتداول واخيرا اننا كبشر لا نستطيع ان نتلمس طريقنا على هذا الكون الا من خلال ادراكنا للزمن فالزمن هو من يعطينا القدرة على ان نخط تاريخنا وتطورنا ومن هنا المؤرخ لا يستطيع فهم أي حدث الا عندما يغوص في اعماقه ويفهم ابعاده زمانا ومكانا .
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين يسعدني أنا (الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف )أن ارحب بكم في مدونتي الثانية مدونة الدكتور ابراهيم خليل العلاف ..واود القول بانني سأخصص هذه المدونة لكتاباتي التاريخية والثقافية العراقية والعربية عملا بالقول المأثور : " من نشر علما كلله الله بأكاليل الغار ومن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار " .
الاثنين، 26 سبتمبر 2022
إشكالية الزمان والمكان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض
النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...
-
(السسي) من جرزات الموصل المشهورة - ابراهيم العلاف * وعندما تحدثت عن جرزات او كرزات الموصل وقفت عند السسي ويبدو ان هناك من يحب السسي وسأل...
-
أهلا بنابتة البلاد ومرحبا جددتم العهد الذي قد أخلقا لاتيأسوا أن تستردوا مجدكم فلرب مغلوب هوى ثم إرتقى مدتْ له الامال من أفلاكها ...
-
وردحاق صاق ناصي ..............ورد الحق وصاغ النصيب ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل حين قدمتُ حلقة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق