الأحد، 11 سبتمبر 2022

قصة حذاء خروشوف في الامم المتحدة



قصة حذاء خروشوف في الامم المتحدة

ابراهيم العلاف
اليوم 9من ايلول - سبتمبر 2022 ، تمر ذكرى وفاة الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف .. توفي يوم 11-9-1971 ، وعدت الى بعض نشرياتي لأستذكر معكم الذكرى ال (51) لوفاته ، ووجدت أنني قد كتبتُ عنه بعنوان : ( حذاء خروشوف) سنة 2016 .. ومما قلته بالنص :" كثيرا ما نسمع عن ان الزعيم السوفيتي الاسبق نيكيتا خروشوف وهو يخطب في الجمعية العامة للامم المتحدة حيث كانت تعقد قمتها سنة 1960 نزع حياته ولوح به للاميركان ولكل زعماء الغرب ووضعه على الطاولة بعد ان ضربها به بقوة وعد ذلك في حينه مخالفة للتقاليد البروتوكولية المتعارف عليها وهاجمته صحف الغرب كالعادة ويروي الاستاذ احمد الشقيري الزعيم الفلسطيني الكبير والامين العام الاسبق لجامعة الدول العربية وكان شاهد عيان للحادثة قصة حذاء خرشوف في مذكراته الموسومة:" اربعون عاما في الحياة العربية والدولية " وبعنوان :" رؤساء وأحذية " قال فيه :" كانت دورة فريدة حقا في خريف 1960 حين انعقدت الامم المتحدة في نيويورك، ووفود الدول الاعضاء يرأسها رؤساء الدول ورؤساء حكومات الكتل العالمية الثلاث، الغربية، والشرقية، واللامنحازة.. وكان في مقدمة هؤلاء جميعا الرئيس الاميركي دوايت ايزنهاور، والسير هارولد مكميلان رئيس وزراء بريطانيا من العالم الغربي ، والسيد خروشوف وعدد من رؤساء الدول الاشتراكية ومعهم السيد كاسترو من العالم الشيوعي، والسادة جمال عبد الناصر ونهرو وتيتو وسوكارنو من كتلة عدم الانحياز..وقد انعقدت الجمعية العامة للامم المتحدة على مستوى القمة، فكانت قمة في الجد وفي الطرافة على السواء.. ووقعت احداث اصبحت جزءا من تاريخ الامم المتحدة..
فقد تبادل ايزنهاور وخروشوف اناشيد السلام، وعبارات الود والوئام.. وبحث كاسترو عن فندق يبيت فيه..وتحدث عبد الناصر باللغة العربية..ودخلت في حوار متعدد الجبهات مع ايزنهاور ومكميلان ونيكسون وكندي ونكروما.. واخيرا لوح خروشوف بحذائه الى الامم المتحدة ووضعه على طاولته..
افتتح المناقشة العامة الرئيس الاميركي ايزنهاور بخطاب تحدث فيه عن اهوال الحرب النووية ، واعرب عن تمنياته في ان يتحقق السلام للبشرية وان تقوم العلاقات الدولية على اساس الحق والعدل. وكانت سنة انتخابات في الولايات المتحدة، وكان كل من نيكسون وكندي يتبارى في نيويورك على تأييد اسرائيل بالمال والسلاح..
وتحدث الرئيس السوفياتي خروشوف عن طائرات التجسس الامريكية التي تقوم بمهمات استطلاعية في الاراضي الروسية ودعا امريكا الى التعايش السلمي والتخلي عن خططها العدوانية. وتحدث الرئيس اليوغسلافي تيتو عن مفهوم الحياد الايجابي شارحا القرارات التي اتخذتها الدول غير المنحازة في مؤتمر بلغراد..
وتحدث الرئيس العربي جمال عبد الناصر فتناول القضايا الدولية وازمة الثقة بين الشرق والغرب، واستعرض القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين..
وتحدث الرئيس الهندي الباديت نهرو عن المشاكل الاسيوية الافريقية وكانت تبدو عليه اثقال النضال واعباء الاستقلال..
وتحدث الرئيس الاندونيسي الدكتور أحمد سوكارنو عن مشاكل الاستعمار وحظر التجارب الذرية..
وتحدث الرئيس الغاني الدكتور نكروما عن الوحدة الافريقية ودعا الدول العربية، الى التقيد بالسياسة الواقعية مع اسرائيل والاتفاق معها في معاهدة عدم اعتداء .
وتحدث الرئيس الكوبي اربع ساعات من غير كلل ولا ملل عن انجازات الثورة الكوبية، والمؤامرات الامريكية ضد كوبا، مشيرا في سخرية لاذعة انه كاد ان ينصب خيمة في حدائق الامم المتحدة لينام فيها واعضاء وفده، بعد ان رفضت الفنادق الامريكية قبولهم فيها..
وتحدث الملك حسين عن المؤامرات والاغتيالات التي تدبر من الخارج على الاردن، وكان السيد هزاع المجالي رئيس وزارته مع بضعة عشر من رجال الدولة قد لقوا مصرعهم في انفجار وقع في رياسة مجلس الوزراء، فجاء الملك حسين الى الامم المتحدة وهو يصيح يا لثارات العرب..
الشيء المهم أن الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف عاد الى الكلام مرة أخرى وكان في خطبه المرتجلة خيرا منه في الخطب المكتوبة. تهدد وتوعد، وانذر الغرب بالفناء والدمار اذا قام باية محاولة للعدوان على روسيا وحليفاتها، وحين قام احد الوزراء" الصغار" من الدول الغربية يجادل خروشوف، خلع الزعيم السوفيتي حذاءه من قدمه ولوح به في وجه الامم المتحدة وضرب به المائدة امامه وسط عاصفة من الهرج والمرج، لم تشهد الامم المتحدة مثيلا لها..
وهنا نهضت من مقعدي الى الرئيس خروشوف وصافحته، وكان حذاؤه ما يزال على الطاولة أمامه، واوداجه تهتز بالغضب، وتبادلنا التحية وعدت الى مقعدي.
واصبح (حذاء خروشوف) ، قصة الامم المتحدة ونزل كحادث مثير في تاريخ العلاقات الدولية، والواقع انه حادث غير مألوف لا يتفق مع ادب الاجتماعات، ولكني احسب انه جاء قمة في الغضب الروسي، وقد انقضى على الامم المتحدة يومذاك خمسة عشر عاما، كانت الدول الشيوعية الخمس تجد نفسها على الدوام مطوقة باكثرية غربية طاغية في جميع البنود المدرجة في جدول اعمال الامم المتحدة.. فما من تصويت يجري الا والدول الشيوعية( منبوذة) في اقلية صغيرة. والمعسكر الغربي يتباهى بأكثريتة المتكاثرة.. ولم يعد أمام خروشوف بعد تلك التجربة الطويلة، وقد رأى " عملية" التكاثر تلتف حوله لتطوقه، الا أن يقول للامم المتحدة: هذا هو حذائي..
أخطبوا ما شئتم، وقرروا ما شئتم!!
كان اسلوبا نابيا من غير شك.. ولكن الغرب وفي المقدمة منه الولايات المتحدة الاميركية كان يستحق ذلك التأديب " .


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...