اوزوالد شبنغلر 1880-1936 وسقوط الحضارة الغربية

 اوزوالد شبنغلر 1880-1936 وسقوط الحضارة الغربية

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

سألتني عنه احدى الطالبات قبل قليل وفرحت لأنني عرفت انها طالبة في احد اقسام التاريخ بإحدى الجامعات العراقية ومعنى هذا ان الدراسات التاريخية وفلسفة التاريخ بخير بمعنى انهم يدرسون فلسفة التاريخ ومن يدرس فلسفة التاريخ لابد ان يعرج على فلاسفة التاريخ ومنهم اوزوالد شبنغلر ونظرياته في صعود وسقوط الحضارات وهو من الف كتابه الكبير ( تدهور الحضارة الاوربية (

The Decline of the West

ومن حسن الحظ ايضا ان كتابه هذا مترجم الى اللغة العربية منذ اكثر من اربعين سنة وقد طبع اكثر من مرة وكنت انا من درسته على يد استاذي وشيخي الاستاذ الدكتور زكي صالح وكنت طالبا في قسم الشرف في قسم التاريخ بكلية التربية -جامعة بغداد سنة 1967 و1968 وكان يدرسني انا وثلاثة من زملائي كتابه الرائع ( اصول التاريخ ) .

عندما نكتب عن اوزوالد شبنغلر او شبنكلر لابد ان نعود الى مؤلفاته ومؤلفه عن (تدهور الحضارة الغربية ) الرقم واحد في المصادر كما يجب ان نرجع الى كتاب (فكرة التاريخ ) لكولنجوود ، وان نرجع الى كتاب كولن ولسن عن الحضارة الاوربية والموسوم ( سقوط الحضارة ) ، وكتاب الدكتور محمد جلوب فرحان (الفيلسوف والتاريخ ) ، وكتاب (دراسات في فلسفة التاريخ ) لمجموعة من الباحثين صدر عن جامعة الموصل 1988 ، وكتاب الدكتور علي حسين الجابري (فلسفة التاريخ ) وكتاب الدكتور حامد حمزة حمد الدليمي (فلسفة التاريخ والحضارة ) وكتاب الدكتور احمد محمود صبحي (في فلسفة التاريخ ) .وان نرجع الى كل كتب فلسفة التاريخ اي الى كل من كتب في فلسفة التاريخ ومن ذلك كتاب الدكتور قسطنطين زريق (في معركة الحضارة ) وكتاب ( كيف نفهم التاريخ ) لكوتشلك وكتاب (مصطلح التاريخ) لأسد رستم .وممن الف عن شبنكلر الدكتور عبد الرحمن بدوي وله كتاب خاص عنه ضمن (سلسلة خلاصة الفكر الاوربي) .

اوزوالد شبنغلر ولد سنة 1880 في مدينة بلاكنبورغ بالمانيا ودرس في جامعة برلين وجامعة ميونيخ وكتب اطروحته للدكتوراه سنة 1904 عن هرقليطس فيلسوف الصيرورة والتغير عند اليونانيين ، وعمل في التدريس وانتهى من تأليف كتابه تدهور الحضارة الاوربية سنة 1914 ويقع في جزئين . وهو يرى ان (الرؤية الشعرية ) هي المنهج المناسب لدراسة التاريخ لا (المنهج العقلاني ) ..كما ان المنهج العلمي هو المنهج المناسب لدراسة الطبيعة .

ويرفض ان يكون يشكل التاريخ الانساني خطا متصاعدا يبدأ بالتاريخ القديم فالوسيط والحديث ؛ فتاريخ الانسانية يتكون من حضارات لكل حضارة لها تاريخها الخاص ومسارها المحدد والحضارات هي جوهر التاريخ الانساني وكل حضارة (وحدة ) واحدة لا علاقة لها بالحضارات المماثلة .. ولاحظ ان كل حضارة تنطلق من رمز اولي هو بمثابة المفتاح الحقيقي لفهم تاريخها .

واوزوالد شبنغلر يرى ان التاريخ ليس الا مجموع حضارات قامت وتطورت وسقطت والحضارات تشبه الكائن الحي فهي تولد وتنمو وتتطور وتزدهر وتشيخ وتموت ومن ابرز الحضارات حضارة وادي الرافدين وحضارة وادي النيل وحضارة وادي السند وحضارة الصين وحضارة اليونان وحضارة المكسيك وحضارة اليونان وحضارة الرومان والحضارة العربية الاسلامية والحضارة الغربية الحالية وهو يرى ان الحضارات تسقط نتيجة عوامل داخلية وخارجية لكن الحضارات تسقط ولا تموت .

ويبدو ان شبنغلر تأثر بالفيلسوف الالماني فردريك نيتشه ؛ لذلك فهو متشاءم فكان يكره (العقل) ويرى ان ( الحواس) هي التي تساوي الفرد بأفراد من النبلاء الذين يميل اليهم شبنغلر ويرى انهم يمثلون روح الامة والقوة الدافعة في التاريخ .

اصدر شبنغلر كتابا عديدة لكنها لم تشتهر ككتابه ( تدهور الحضارة الغربية ) ومن كتبه كتاب بعنوان (البناء الجديد للرايخ الالماني ) صدر سنة 1933 وكتاب عن (الانسان والصناعة الفنية ..مساهمة في ايجاد فلسفة في الحياة ) صدر سنة 1933 .

قيل الكثير عن فلسفة شبنغلر ورؤيته للتاريخ ؛ فالبعض رأى ان ما فعله للتاريخ يشبه ما فعله نيوتن في مجال الرياضيات . ورفض اوزوالد شبنغلر الفكرة الاوربية بان العالم يدور في فلك اوربا ، ولم يعترف بتفوق الغرب وحضارتهم .

وهو لا يؤمن بان هناك ( تقدم) بل ان كل جيل من البشر لا يقل حمقا عن الجيل الذي سبقه ، وان ليس ثمة هدف في العملية التاريخية وانما هناك عملية بايولوجية كالحياة نفسها ..

١١