بناية المكتبة المركزية العامة في مدينة الموصل
تاريخ المكتبة المركزية العامة في مدينة الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وانا اتحدث عن امينها امين المكتبة المركزية العامة
الاستاذ الحاج احمد النيلة (رحمه
الله ) والتي تولاها لمدة طويلة ( 1930-1963 ) ، تذكرت انني
لم اتحدث عن المكتبة نفسها مع انها معلم بارز من معالم مدينتنا الحبيبة : الموصل
.نعم المكتبة العامة المركزية ، كانت ولم تزل والحمد لله ، صرحا ثقافيا يحق
للموصليين ان يفخروا به ويتباهون .انها من اقدم مكتبات العراق العامة .... .لها
تاريخ وتاريخ ثر يمتد الى 100 سنة هذه المكتبة التي ابتدأت سنة 1919 بإسم المكتبة
العمومية ثم صار اسمها مكتبة الامير غازي ثم اصبح اسمها بعد ذلك المكتبة العامة
المركزية .
ومن حسن الحظ ان لدينا مصدر مهم عنها هو (دليل المكتبة
العامة المركزية العامة ) الفه امينها الاسبق الحاج الاستاذ عبد الجبار
محمد جرجيس وصدر بشكل مخطوط وبخط جميل لمناسبة اقامة معرض المطبوعات النادرة
للمكتبة في مهرجان الربيع الثاني عشر للفترة من 15-18 نيسان سنة 1980 ب(64 ) صفحة
.
اقول يحق لنا ان نفخر بهذه المكتبة ونحن نقرأ كثيرا من
انطباعات المراجعين الذين كانوا يرتادونها او يزورونها ومنهم مثلا خبير المكتبات
الشهير البروفيسور خريستوف خريستو والذي زارها في الثامن من شهر تشرين الاول سنة
1976 وقال عنها بالحرف ان (المكتبة المركزية في الموصل قد اعجبتني كثيرا لكونها
مركزا ثقافيا واسعا للمدينة .ولقد شاهدت هنا كثيرا من الطلبة الذين
يطالعون في قاعاتهم المخصصة وبهذا قد حصلت على انطباع رائعة بالنسبة للتنظيم
والعمل في هذه المكتبة وقبل هذا اندهشت بقسم الكتب الاجنبية وكذلك تكون عندي
اهتمام كبي لما لها من علاقات جيدة مع المكتبات الاخرى ضمن المحافظة وانا بدوري
اثمن جهود المكتبة وجهود العاملين فيها واتمنى لهم النجاح في عملهم وفي
نشر العلم في المدينة ) .
وطالما كان الامر كذلك كان لابد ان نقف عند البواكير
الاولى لإنشائها في سنة 1919 عندما ظهر اعلان في جريدة (الموصل
) يدعو فيه ناظر المعارف في الموصل الكابتن جيرول فارل وهي
كانت تحت الاحتلال البريطاني مثقفي الموصل لكي يتبرعوا لمكتبة يريد
تأسيها آنذاك وفي سنة 1920 بدأت الفكرة تتبلور واندفع اهل الموصل وخاصة من
المثقفين يتبرعون بالكتب ويتقدمون بإهدائها للمكتبة التي خصصت لها غرفة في بناية
بلدية الموصل على يمين الداخل الى البلدية القديمة وبعدها انتقلت الى
بناية مدرسة ثانوية الموصل الوحيدة وكانت تداوم في نفس
بناية الاعدادية الشرقية اليوم والتي يرجع تاريخ بناءها الى سنة 1908 .
اليوم لدينا اختام للمكتبة تحمل عنوان (المكتبة العمومية
) وتاريخ التأسيس الرسمي سنة 1921 وهي السنة التي تأسست فيها الدولة العراقية
الحديثة وتوج فيصل ملكا على العراق في اب سنة 1921 وهكذا كان ميلاد المكتبة العامة
مترافقا مع ميلاد الدولة العراقية الحديثة .
في سنة 1927 قامت بلدية الموصل بإنشاء بناية مستقلة
للمكتبة في مكان دائرة هندسة البلدية القديمة اي بناية نادي ضباط الصف فيما بعد
قرب جسر نينوى ومن الطريف ان المرحوم الحاج حسين جلبي حديد وكان رئيس
البلدية تبرع برواتبه للفترة من 1927- 1929 لبناء المكتبة وقد اطلق عليها اسم
(مكتبة الامير غازي ) وكانت متكونة من قاعة للمطالعة وغرفة للصحف والمجلات واخرى لإدارة
المكتبة وخزن الكتب وافتتحت رسميا في احتفال مهيب في الاول من شباط سنة 1930 وعين
لها الحاج احمد النيلة اول مدير لها بأسم (مأمور المكتبة ) .
كانت المكتبة تضم عند تأسيسها كتبا متنوعة وبالغة
العربية والتركية والانكليزية وكان تنظيمها بدائيا يعتمد حجم الكتاب ومع هذا فقد
بذلت الجهود الكبيرة من اجل تطوير العمل بالمكتبة ولم يظهر التصنيف الدولي اقصد
تصنيف ديوي على كتبها ومراجعها الا في الستينات من القرن الماضي .
في سنة 1948 قررت وزارة المعارف اي التربية فيما بعد رفع
درجة المكتبة العامة في الموصل الى الدرجة الاولى وكان عدد كتبها في ذلك العام
( 15740 ) كتابا ولضيق بناية المكتبة وعدم استيعابها
المطالعين قام خير الدين العمري رئيس البلدية آنذاك بإدخال مشروع انشاء مكتبة
جديدة في منهاج البلدية وناقش المجلس البلدية المشروع في جلسة انعقدت
في تموز سنة 1951 ورصدت المبالغ اللازمة واحيل المشروع على المتعهد سالم جليميران
بكلفة (12 ) الف دينار وافتتحت البناية الجديدة عصر يوم الاثنين العاشر من تشرين
الثاني سنة 1952 .
القى الحاج احمد النيلة امين المكتبة الاستاذ احمد
النيلة كلمة في افتتاح البناية الجديدة التي تقع قرب حديقة الشهداء .كما القى
الاستاذ احمد الفخري مفتش المعارف انذاك قصيدة جميلة ثم اعقبه الاستاذ خير الدين
عبد اللطيف مفتش المعارف كلمة اهمية المكتبات والقى طفل من روضة الاطفال الرسمية
قصيدة نالت استحسان الحاضرين واختتم الاستاذ عبد الستار سليمان مدير ادارة البلدية
الاحتفال بكلمة نيابة عن رئيس البلدية ثم طاف المدعون في المكتبة ليشاهدوا
محتوياتها وكتبها .
كان دوام المكتبة عند افتتاحها يبدا من الساعة التاسعة
صباحا حتى الساعة 12 ظهرا وهذا هو الدوام الصباحي اما الدوام المسائي فيكون من
الخامسة حتى الساعة الثامنة مساء وحدد يوم الثلاثاء ليكون عطلة المكتبة
.
ومن الطريف والجميل انه ومنذ سنة 1952 كان ثمة ركن
للاطفال وجناح للأساتذة الباحثين وعلى هذا فالمكتبة العامة سبقت كل مكتبات العراق
في احتضان الاطفال وكذلك في تخصيص ما سمي في بغداد بعد ذلك بمعتكفات الباحثين وهو
ما كنا نراه في المكتبة المركزية في جامعة بغداد في السبعينات من القرن الماضي .
بعد ثورة 14 تموز سنة 1958 تغير اسم المكتبة من مكتبة
غازي الى المكتبة العامة المركزية وبعد ان توسعت المكتبة ولم تعد البناية تستوعب
الاعداد الكثيرة من الكتب والمجلات بني بناية جديدة للمكتبة في الجانب الايسر من
الموصل وهي بنايتها الحالية القريبة من جامع النبي يونس وتم افتتاح البناية
الجديدة في السابع من نيسان سنة 1977 .
اريد ان اذكر بعض الامور المهمة عن المكتبة العامة
لمحافظة نينوى ومنها اولا ان المكتبة تضم خزانات خاصة لأساتذة ومثقفين موصليين
وغير موصليين تبرعوا بكتبهم وحسب علمي ان عدد الخزانات الخاصة يصل الى 60
خزانة تحمل اسماء اصحابها منها خزانة احمد الجليلي وخزانة الدكتور
كريكور استرجيان وخزانة عبد الباسط يونس وخزانة ميس صالح الامين وخزانة يوسف ذنون
وخزانة سالم نامق وخزانة محمد سعيد الجليلي وخزانة كوركيس عواد وخزانة سعيد قزاز
وخزانة محمد رؤوف النقيب وخزانة يونس جودت الرمضاني وخزانة اسماعيل الامين وخزاة
اسماعيل حقي فرج وخزانة محمود مفتي الشافعية وخزانة ابراهيم الواعظ وخزانة عبد
الرزاق الشماع وخزانة غانم يونس سيال وخزانة لقمان اسماعيل اللاوند وخزانة محمد
نجيب الجادر وخزنة محمد النجفي وخزانة غانم سعيد العبيدي وخزانة عبد الله احمد
الحسو وخزانة توما حنا الدباس وخزانة محمد صديق الجليلي وخزانة احمد النيلة وخزانة
علي العمري وخزانة الشيخ علي الشمالي وخزانة عبد الغفار الصائغ وخزانة عبد الفتاح
جليميران وخزانة محمد طاهر النقشبندي . وخزانة بشرى احمد البابلي وخزانة عبد
المحسن العاني وخزانة احمد حديد وخزانة وهبية زكريا .
وفي المكتبة اقسام منها القسم العام والخزانات الخصوصية
وقسم المراجع الاجنبية وقسم الدوريات وقاعة الاطفال وقسم الوسائل السمعية والبصرية
وقسم المطبوعات النادرة وقسم التجليد وقسم الاستعلامات وقسم الوثائق والارشيف
والاقسام الفنية والادارية وقاعات المكتبة وغرف البحوث المتخصصة وفي المكتبة اعارة
داخلية واعارة خارجية تعتمد اسلوب اعارة الكتب خارج المكتبة لقاء مبلغ من المال
كتأمينات نقدية لحين اعادة الكتاب وتحدد الاعارة بكتاب واحد ولمدة اسبوع .
المكتبة
العامة تولى ادارتها بعد (الكابتن جيرول فارل) ناظر المعارف (التربية الان) في الموصل الاساتذة جميل حسين الجميل 1925-1930
-احمد عبد الله النيلة 1930-1963 -عبد الجبار يونس طه الكسرة 1963 -عبد الغني شريف
احمد 1964 محمد صالح الحبيطي 1965-1968 -عبد الحليم اللاوند 1968-1977- الحاج عبد
الجبار محمد جرجيس 1977-1992 - موفق نجيب احمد 1993-1995 - عصام عبدالرزاق 1995-
عبد المحسن امين سليمان 1996 عصام محمود مصطفى 2001-2006 -عبد محمد مطرود
2006-2009 -قصي حسين ال فرج ابو صهيب 2009-2013 -محمد يحيى الطالب 2013 والان عند
كتابة هذه السطور غانم الطعان .
كما عمل فيها مكتبيون بارزون منهم
الاساتذة عثمان عبد الرحمن و عبد الوهاب محمد امين الطائي و
منيب السعدون وعصام محمد محمود و عثمان عبد الرحمن و عبد
الرزاق عبد القادر كداوي ، و ابراهيم اسماعيل لطيف الكداوي . وكانت
المكتبة تتيح لمنتسبيها الدخول في دورات مكتبية متخصصة داخل العراق وخارجه .
وكان للمكتبة مكتبات عامة فرعية في الاقضية والنواحي كما كان للمكتبة
سيارة على شكل مكتبة تقدم خدماتها المكتبية اخذت على عاتقها تقديم الخدمة المكتبة
وعرض الافلام السينمائية الوثائقية والتسجيلية والثقافية في القرى والارياف وبعض
النواحي والاقضية قبل ان يكون هناك نية لإفراغ المكتبة العامة مما بقي فيها من كتب
وتحويلها الى بناية لمحكمة لكن شباب الموصل ومثقفيها وقفوا ضد هذا وقدموا مذكرة
الى رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي فإستجاب لطلهم وامر بالإبقاء على المكتبة
والعمل على اعادة افتتاحها .
اقول – والحمد لله والشكر له- المكتبة سلمت من التخريب
والحرق خلال سيطرة عناصر داعش على الموصل وحرب تحرير الموصل 2014-2017 . وقد ظهرت
محاولات لتحويلها الى بناية للمحكمة بعد التحرير لكن شباب الموصل احبطوا المحاولة
وعادت لتفتح ابوابها من جديد .
يقينا ان مكتبتنا المكتبة العامة مكتبة الموصليين جميعا
ستظل دائمة ومفتوحة لكل الباحثين والحمد لقد سلمت كتبها ، واعيد افتتاحها تحية
للعاملين فيها والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق