مراكز التربية الاساسية في ريف الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس - جامعة الموصل
وجيلي ، وجيل من جاؤوا بعدي ، يعرفون ما الذي كانت تعنيه (التربية الاساسية ) .. كانت التربية الاساسية من مهام ما كان يسمى الادارة المحلية و( كان ثمة وزير في الدولة العراقية خلال الستينات والسبعينات والثمانينات اسمه وزير الحكم المحلي وقبله وزارة للشؤون البلدية والقروية ).
كان تعليم الكبار والتربية الاساسية من المهام التي اهتم بها المسؤولون وقادة البلد اقصد بلدي العظيم العراق . وكانت وزارة التربية ايمانا منها بأهمية ان لايكون أحد في العراق غير قادر على القراءة والكتابة تهتم بتعليم الكبار ورفع مستواهم الثقافي .
والامر لا يتوقف عن التعليم بل تزويد المواطنين ذكورا واناثا ببعض المهارات اليدوية والخبرات العلمية في مجالات مختلفة وهذا مما يقلص الفارق في الفرص التعليمية في صفوف الذين فاتتهم الفرص للالتحاق بالمدرسة ويذكر الحاج الاستاذ عبد الجبار محمد جرجيس في كتابه (دليل الموصل العام ) وطبع في الموصل سنة 1975 ان مراكز التربية الاساسية تعمل فضلا عن كل هذا من اجل رفع المستوى المعيشي والصحي والاجتماعي لابناء الريف وارشادهم وتوجيههم الى الطرق العلمية الصحيحة في الزراعة وتربية الحيوانات والتدبير المنزلي وتربية الطفل .
وزارة التربية فتحت الكثير من مراكز التربية الاساسية في جميع انحاء العراق وكان في الموصل مراكز عديدة منها مركز في قرية (قبر العبد) ويتبعه ثلاثة مراكز في قرى مجاورة وكان يعمل فيه 6 من المعلمين و10 من المعلمات وكان في قرية (بادوش) ايضا مركز للتربية الاساسية تتبعه فروع اربعة في قرى مجاورة وكانت المراكز تنقسم الى قسمين رجالي ونسائي ففي القسم الرجالي كان هناك نشاطات تتعلق بالتنمية الاجتماعية والتوعية الصحية والارشاد الزراعي والصناعات اليدوية الخفيفة والنشاط التعاوني والنشاط الرياضي والنشاط الفني وكان في القسم النسائي فروع للخياطة والتطريز من قبيل نسج الكصل واعمال الجبس وصنع الاثاث المنزلية وقد نجد في التقرير الذي صدر في 5 تموز 1973 وقدمه الاساتذة عبد القادر عز الدين وموفق حياوي علي ومعن الصباغ الى مؤتمر مديري التربية المنعقد ببغداد من 2-5 تموز 1973 بعنوان ( تطور التربية في محافظة نينوى ) تفاصيل كثيرة عن مراكز التربية الاساسية في محافظة نينوى .
ويقينا ان تلك المراكز كان لها دور كبير في انعاش الريف وتشجيع الحركة الرياضية بين صفوف الشابات والشباب في القرى وكذلك في تشجيع الحركة التعاونية وفتح الحوانيت التعاونية وتزويدها بالمواد الاستهلاكية باسعار مناسبة وعقد الندوات والاجتماعات وبحث مشاكل القرى وتلبية احتياجاتها الخدمية من المدارس والمستوصفات ومشاريع الماء والكهرباء والخدمات والتوعية الصحية والارشاد الزراعي ومتابعة تحسين المزروعات المألوفة في تلك المناطق كالخضراوات الى درجة ان تلك القرى ومنها قرية قبر العبد كانت تزود مدينة الموصل بالخضراوات وكاتب هذه السطور كان يذهب الى هناك ليشترى الباميا والبطاطا والبادنجان وما شاكل وبنوعيات ممتازة واسعار مناسبة .كما ان اقسام النساء استطاعت ان تستقطب النساء والفتيات لتعلم الخياطة والتطريز على ايدي معلمات ماهرات وهذا كله اليوم صار موضوع حديث تستذكره نساء القرى بفخر وتباه .ومما كان يلفت الانتباه ان المسؤولين على تلك المراكز كانوا يركزون على ان تكون المعلمات والممرضات والمرشدات الزراعية اكثر عددا من المعلمين والممرضين والمرشدين نظرا لقدرة المرأة على التحرك داخل القرى والاندماج بحياتها اكثر من الرجال .
وكم كان يسعدني وانا امر من قرية قبر العبد وانا في طريقي الى عملي في ادارة متوسطة فتح في الشورة وهي في كامل نظافتها وتنسيقها وزهو حقولها الزراعية وتوفر كل مستلزمات النهوض بها زراعيا واجتماعيا وثقافيا ورياضيا وفنيا .
*صورة من قرية قبر العبد
**صدر نظام وزارة الشؤون البلدية والقروية رقم 17 في 12 نيسان 1964 وصدر نظام وزارة الحكم المحلي رقم 33 في 8 كانون الاول سنة 1980
kashab
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق