الأربعاء، 21 سبتمبر 2022

الباب الجديد ........................من أبواب الموصل القديمة بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف

                                                                               الباب الجديد


الباب الجديد ........................من أبواب الموصل القديمة
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
وسبب اهتمامي بالباب الجديد ، الذي هو من ابواب مدينة الموصل القديمة والتي كانت مسورة بسور فيه ابواب عديدة ، منها باب سنجار ، والباب العمادي ، وباب البيض وباب العراق وباب لكش وباب الطوب وباب السراي وباب القلعة هو اننا كنا نقرأ في بعض كتب التاريخ ان من فتحه هو ابو الفضائل المرحوم السيد علي افندي العمري سنة 1138 هجرية اي سنة 1725 ميلادية ، وان ابرز من ذكر ذلك هو المؤرخ الموصلي الكبير ياسين العمري في كتابه ( الدر المكنون في المآثر الماضية من القرون ) وقد اعتمد على العمري الاستاذ سعيد الديوه جي ومؤرخون آخرون ذهبوا المذهب نفسه .
ولكن بعد الاطلاع على كتاب المؤرخ الموصلي الكبير ابن الشعار والموسوم ( قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان ) ، اتضح ان الباب الجديد ليس جديدا ، وان الباب الجديد لم يفتحه ابو الفضائل علي افندي العمري سنة 1725 ميلادية ، بل هو باب قديم يرجع فتحه الى القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) بدليل ان المؤرخ ابن الشعار ذكره في كتابه .
ويذهب المرحوم الاستاذ يوسف ذنون في مقالة له عن الباب الجديد الى ان تاريخ الباب يعود الى اقدم من القرن الثالث عشر الميلادي ، وانه لم يكن سوى نتيجة للتوسع العمراني الذي شهدته مدينة الموصل في العهد الاتابكي ، وانه تجاوز باب العراق الذي يقع في شارع الفاروق القديم عند بيوت آل النومة ، والقريب من جامع الجويجاتي والذي يسميه الناس ايضا جامع (باب العراق) وبالعامية (باب اعغاق ) لانه يؤدي الى الطريق الرابط بين الموصل وبغداد وللجنوب وحتى البصرة .
ومما اريد ان اقوله ان اساس باب العراق ظهر عندما تم فتح شارع الفاروق القديم .
نعم عندما نعود الى كتاب ابن الشعار ( قلائد الجمان ) ، نجد ذكرا للباب الجديد او باب جديد وقد اخبرني الدكتور سامي الصقار بذلك في سنة 1982 عندما زرت الرياض والتقيت به وقال انه درس كتاب ابن الشعار وكتب عنه بحثا واعطاني البحث الذي كان منشورا في مجلة كلية الاداب – جامعة الملك سعود وقال ان ما وجده في ابن الشعار صحح كثيرا مما نعرفه عن الموصل ومن ذلك ان الباب الجديد كان موجودا في سنة 625 هجرية اي سنة 1228 ميلادية .
المؤرخ ابن الشعار ذكر ( باب جديد) عندما تحدث عن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن ابي الفتح بن الحسن بن ابي السنان ابو محمد العدل الموصلي وذلك في الصفحة ( 210 ) من الجزء الثالث الذي حققه الاستاذ كامل سلمان الجبوري ، ونشرته دار الكتب العلمية ببيروت سنة 2005 .وكان ابو العدل المولى شيخا جليلا ، محترما عند القضاة والرؤساء خدم العلم وصحب الاعيان وله مسجد يالموصل جميل وكان ذا ثروة ، وهو شاعر ، وكان استاذا في الحديث والتفسير وله شعر في مجاهد الدين قايماز قائد قلعة الموصل توفي سنة 595 هجري – 1199 ميلادية ، وافردت له حلقة من برنامجي التلفزيوني (موصليات) وكنت اقدمه من على قناة الموصلية .. والشي الذي اريد ان اقوله ان ذكر باب الجديد جاء في سياق ترجمة ابو محمد العدل الموصلي ، ووفاته سنة 625 هجرية -1228 ميلادية ، وانه ُدفن يوم الجمعة قبل الصلاة ظاهر المدينة بين باب كندة (أي باب البيض) وباب الجديد .
وهكذا ؛ فالباب الجديد اقدم بكثير من التاريخ الذي ارتبط بأبي الفضائل علي افندي العمري سنة 1725 ميلادية .
يذكر الحاج عبد الجبار محمد جرجيس الباحث التراثي والمؤرخ ان احمد باشا الجليلي هو من رمم الباب سنة 1237 هجرية - 1821 ميلادية وقال ان المرحوم الاستاذ الدكتور محمد صديق الجليلي الباحث والمؤرخ المعروف اخبره بأن لوحة رخامية كانت موجودة على واجهة الباب باب الجديد مكتوبا عليها الابيات التالية :
عمّر الوزير المرتجى ***** حصنا به الحدبا تصانُ
ذو الفضل احمد من غدا ***** طوعا اعلياه الزمان
فأقام هذا البرج إذ ***** هو للمعالي زبرقان
لما تكمل ارخوا ***** برج به ثبت الامان
والابيات للشاعر الموصلي قاسم حمدي ال محضر باشي .
النقطة الثانية التي اريد ان اذكرها ان بعض من أرخ للموصل قال ان الباب الجديد هو نفسه باب العراق ، وان الوالي احمد باشا الجليلي حين عمر السور اي سور الموصل سنة 1237 هجرية اي 1821 ميلادية هو من اطلق عليه اسم باب جديد او الباب الجديد . ولااريد ان ادخل في تفاصيل واسماء من ذكر ذلك من المؤرخين لكن اقول ان حفريات شارع الفاروق كشفت عن أسس باب العراق .
النقطة التي اريد ان اؤكدها هي ان الباحث والكاتب التراثي والاثاري وشيخ الخطاطين الموصليين المرحوم الاستاذ يوسف ذنون قطع الشك باليقين ، وقال انه عثر على حجر تذكاري يمكن ان نسميه ( حجر باب جديد ) وهذا الحجر يؤكد ان باب الجديد ، جدد من قبل صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ سنة 641 هجرية اي 1244 ميلادية ، وان من ساعده في العثور على الحجر التذكاري لباب الجديد هو السيد علي حسن ، وان الحجر كان موجودا في بيت حسن افندي العمري والذي تولى رئاسة بدية الموصل للفترة من 1887- 1891 ميلادية .
وبيت حسن افندي العمري ، كان من اوائل البيوت ان لم نقل القصور التي شيدت خارج السور سنة 1904 في جنوب المدينة امام الباب الجديد تقريبا . ومن الامور المفرحة والجميلة ان هذا الحجر التذكاري وضع في المتحف الحضاري في الموصل ، وظن الدكتور عيسى سلمان وعددا من رفاقه من الاثاريين ان هذا الحجر يعود الى باب سنجار الذي اشار اليه الاثاري هرتسفيلد ونشروا ذلك في كتاب يحمل عنوان ( نصوص في المتحف العراقي ) ، لكن المرحوم الاستاذ يوسف ذنون ، اكد لهم بالدليل القاطع والملموس انه ليس حجر باب سنجار بل (حجر باب جديد التذكاري) ، وانهما يحملان التاريخ نفسه لان كليهما جزء من عمارة السور زمن بدر الدين لؤلؤ هذه العمارة او التعمير الذي جرى سنة 647 هجرية – 1249 ميلادية وهي فترة ظهرت فيها الحاجة الى ترصين وإحكام دفاعات المدينة ضد التوسع المغولي وتهديدهم بإجتياح المنطقة وتقدمهم .وهذا التعمير كان بإشراف (سعد الدين سُنبك البدري) وهو نفسه من تولى عمارة (الجوسق البدري) في قره سراي سنة 630 هجرية - 1233 ميلادية وجامع الامام يحيى ابو القاسم سنة 637 هجرية – 1240 ميلادية ومزار الامام عون الدين سنة 646 هجرية -1249 ميلادية .
لكن مما ينبغي ان نشير اليه انه وكلما جدد السور او جدد احد من الابواب كان من يجدد يضع حجرا تذكاريا فيه سنة التجديد . وقد جدد باب الجديد آخر مرة سنة 1237موجودة في بيت عبد الله رفعت افندي العمري في بداية زقاق الحويرة من محلة البدن اي باب جديد كما تسمى وهذه الدار بنيت سنة1209 هجرية – 1749 ميلادية وفي الحجر كتابات منها ابيات شعرية من نظم الشاعر والاديب والخطاط الموصلي الكبير قاسم الحمدي المتوفى سنة 1255 هجرية – 1839 ميلادية ومعه اي مع الحجر التذكاري لوحة من المرمر عليها تركيب بخط الثلث الجلي كتابة تقول : ( رأس الحكمة مخافة الله ، الله ولي التوفيق ، نعم المولى ونعم الرفيق ) .
خلاصة القول ان باب جديد لم يكن جديدا كما قيل انه يعود الى القرن الثامن عشر بل يعود الى القرن الثالث عشر الميلادي اي بفرق قدره ( 497 ) سنة .
وهنا لابد ان اذكر بأن باب جديد ، كباب من ابواب مدينة الموصل ، هُدم في عهد رئيس البلدية خير الدين العمري ، والذي تولى رئاسة البلدية بين 1933 و1949 ،ونقلت انقاضه بعد المباشرة بفتح شارع الفاروق المرحلة الاولى من باب جديد الى دورة الساعة الحالية قرب كنيسة اللاتين بمحلة الاوس وعرف هذا الجزء من الشارع بشاروع الفاروق القديم ولم يبق لنا الا صورة الباب الجديد ترونها الى جانب هذا الكلام كما ان جزءا من السور في الباب الجديد والذي هو جزء من البدن لايزال قائما والحمد لله يصارع الزمن ويؤكد ان للموصل (بدن) لايزال عالي البنيان .
الف اللواء الركن ازهر سعد الله العبيدي كتابا عن (محلة الباب الجديد ) وطبع اكثر من مرة الاولى سنة 2001 . وقال ان محلة الباب الجديد ، محلة موصلية عريقة تقع جنوبي مدينة الموصل وداخل السور المنيع تحدها من الشمال محلة باب العراق ، ومن الشرق محلتي الشيخ محمد الاباريقي والنبي شيت ومن الغرب محلة باب البيض ومحلة العكيدات ومن الجنوب محلة الغزلاني .ومن معالمها (الجامع العمري ) الذي يسميه الاهالي (جامع العمرية ) بناه قاسم العمري سنة 1763 وهناك مقابر تسمى مقابر الباب الجديد في شمال تل ريمه حتى مرقد الشيخ العناز وهي تاريخيا (تربة غسان ) القبيلة العربية الشهيرة .
       وشخصان آخران

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...