الثلاثاء، 8 مارس 2022

النداف والندافون في الموصل ................................بقلم : ا.د.ابراهيم خليل العلاف









 



النداف والندافون في الموصل

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

ومهنة النداف من المهن القديمة والعريقة في الموصل ولاتزال موجودة لكن العاملين فيها قلوا  بحيث اصبحت المهنة في طريقها الى الاندثار خاصة بعد ازدياد ما هو مستورد من لحف واغطية ومفروشات  .

ومع هذا لايزال  هناك من يعمل فيها ويفخر انه توارثها عن ابيه وجده . وتزدهر مهنة الندافة خلال مواسم الزواج وتحضير ما كنا نسميه في الموصل ولازلنا ( الحماله ) اي تهيئة مستلزمات الزواج من اغطية  ولحف (جمع لحاف)  ومخاديد   وكوشات وفرشات  و(جودليات ) وتكون لشخصين (نفرين ) اي الزوج والزوجة .

والنداف  من ( الندف) ، وندف الشيء في اللغة العربية  كما جاء في موقع (موضوع) ورابطه : https://mawdoo3.com/

يعني ضربه وطرقه حتى يلين ويزول تلبده، والندّاف هو الشخص الذي يعمل على تجهيز القطن ونفشه وحشوه في قوالب قماش مختلفة، ليُنتج العديد من المواد التي يحتاجها الناس في بيوتهم للراحة والنوم مثل المفارش والمجالس الأرضية.

وندف القطن أو تنفيشه  اي تفريق الالياف عن بعضها ولم يكن في زماننا في الاربعينات وحتى السبعينات من يستغني عن النداف  خاصة في اعادة تأهيل ما لدينا في البيت من المفروشات القطنية والصوفية .

والنداف هو من يفرق الياف القطن او الصوف ليكتسب القطن او ليكتسب الصوف الهاشة ويصبح صالحا لان تحشى به  (المطارح جمع مطرح ) أي (الدواشك ) او الاغطية ( الفغيشات ) وهذه المهنة لها علاقة بالقطانين كما ان لها علاقة بباعة الصوف (الصوافة ) وفي سوريا او في بلاد الشام يسمى من يقوم بذلك ( المُنجد) ومن الطريف ان لدينا في بغداد اسر تحمل اسم اسرة النداف كما ان لدينا اسر في الشام تحمل اسم آل المنجد . ولدينا في الموصل اسرة النداف ومنهم (توفيق النداف) والذي كما يقول الدكتور ذنون الطائي في كتابه (مهن وحرف موصلية ) كان من ابرز الندافين في الموصل وقد امتهن قبل ذلك بيع القطن ثم تجارة القطن ومن الندافين في الموصل ايضا وكان مشهورا (دخيل النداف ) وابنه اللذان كانا يجلسان في سوق القطانين  ،وعند خان القطانين بمحلة السرجخانة في السنوات الاولى من القرن الماضي القرن العشرين وكانا ينتظران من يحتاج اليهما للندف . وقد اشتهر بيت كردوش بخياطة (الفغيشات) وهم امرأة وبناتها كن يبدعن في صنع (الفغيشات ) .

واعرف من الندافين اليوم  في الموصل السيد  محمد النداف الصميدعي  الذي ورث المهنة من والده وهو يعمل في مهنة الندافة منذ ربع قرن من الزمان . كما اشتهر من الندافين سيد يحيى النداف وسيد مزهر النداف ) .

ويتم الندف بضرب مطرقة خشبية (تصنع من خشب الرمان ) على وتر قوي مربوط على قوس خشبي طويل فوق كومة من القطن  . وتوجد اليوم  اقصد في وقتنا الحاضر مكائن  كهربائية خاصة لندف القطن او الصوف  وهي مريحة واغلب الندافين لديهم مثل هذه الماكنة .

وكان القطن يحلج اما يدويا من خلال اسطوانة خشبية يمر من خلالها القطن لعزل الحب عن الياف القطن واما بواسطة الة حديثة تسمى محلجة وخان القطانين كان في محلة السرجخانة وفي مكان قريب وملاصق لجامع النعمانية وكان باب الخان يقابل جامع النعمانية وشلفان القطن كانت تجلب من خان الكمرك قرب الجسر القديم وكان القطن الصيفي مرغوبا لان لونه ابيض وملمسه ناعما  وكان القطانون يفضلون قطن سنجار ثم هناك نوع آخر من القطن هو القطن المعروف بقطن ( كوكر)  او ( قطن سانتين)  وهو لين الملمس .

ولازلت اذكر في الخمسينات والستينات حيث ينتشر الندافون في محل او محلين  في الشارع المؤدي من السرجخانة الى الجامع الكبير ، وكان عدد من الندافين يستأجرون بيت في السرجخانة يعود في ملكيته للمرحوم الدكتور فيصل دبدوب .  وتُلحق بمهنة الندف مهنة تسمى في الموصل ( تخسيف الفغيشات ) و(الفغيش كان يخسف بالخيوط وعبر نقشات ورسوم فنية جميلة ويوضع (للفغيش ) وجه من القماش الاطلس اللماع او من الالوان الزاهية البراقة ومنها اللون الاصفر او اللون الاحمر او اللون السماوي . وال فغيشات كانت تخسف من قبل النداف وتكون اما كبيرة لنفرين او لنفر واحد او باحجام صغيرة للاطفال .

ويقوم النداف بعمل الفرش والوسائد ( المخاديد) القطنية والصوفية, وكذلك في عمل الأغطية  أغطية النوم وخياطتها وتطريزها  بنقشات جميلة  ،  وكان النداف يتنقل بين دور الناس للقيام بعمله .  

 

وقد تمارس مهنة النداف والتحسيف النساء وداخل البيوت ولازلت اذكر ان جدتي كانت تتفق مع هؤلاء النسوة لكي يأتين الى البيت ويقمن بمهنة التخسيف اي تخسيف ما موجود في البيت من اغطية للمنام نسميها في الموصل كما قلت (الفغيشات ) و(الفغيشات ) جمع فرش وكثيرا ما كانت المرأة تتفاخر بما لديها من هذه الاغطية وتقوم بترتيبها ووضعها مرتبة فوق ما نسميه في الموصل   (الصندلية) او ( القنصور ) . وغالبا ما تخصص هذه (الفغيشات ) للضيوف .

ومن الطريف ان نجد في شبكة المعلومات بعض المعلومات  عن (النداف) ومن ذلك ما ذكرته انسكلوبيديا ويكيبيديا الالكترونية ورابطها التالي :

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%AF%D8%A7%D9%81 والى جانب الموضوع توجد صورة لنداف من الشمع موجود في المتحف البغدادي  الشعبي ببغداد ..كما ان هناك بعض البرامج واليوتيوبات ومنها هذا البرنامج من قناة (الموصلية ) الفضائية والرابط هو التالي : https://www.youtube.com/watch?v=6ORd6frD5jg   

وكذلك في موقع (محيط) والرابطhttps://m7et.com/handmade-cotton-works/ :


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...