التراث الشعبي الموصلي في كتابات المؤرخ الكبير سعيد الديوه جي
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
منذ عدة سنوات ، يضطلع الاخ والصديق العزيز الاستاذ الدكتور أُبي سعيد الديوه جي بإحياء واعادة نشر تراث والده من كتب وتحقيقات .. وقد يسر هذا التوجه للباحثين وطلبة الدراسات العليا الحصول على جوانب من هذا التراث ، وافادهم كثيرا .. واليوم خطا خطوة جديدة ، عندما قام بجمع ما كتبه استاذنا سعيد الديوه جي ( 1912-2000 ) في مجال التراث الموصلي ، وكان مبثوثا في الصحف والمجلات ، أو كان حبيس الرفوف ، وابتدأ بسلسلة (المجموعات الكاملة للمؤرخ سعيد الديوه جي ) بالكتاب الاول الذي يحمل عنوان ( التراث الشعبي الموصلي ) . وكما ترون صورة غلاف المجموعة الانيقة الى جانب هذا الكلام وانا ممتن منه للاشارة الي بإعتباري واحدا ممن سعى ويسعى للتذكير بتراث وانجازات استاذنا الجليل رحمة الله عليه .
ومن حسن الحظ ، قدم تلميذي الاستاذ الدكتور ذنون يونس الطائي - وهو من اشرفت على اطروحته للدكتوراه عن اوضاع الموصل الادارية في العهد الملكي 1921-1958 - للكتاب ، فأكد فضل سعيد الديوه جي وما قدمه لتاريخ الموصل عبر اكثر من نصف قرن ، وكيف أنه أرسى أُسس توجه الكتابة في التاريخ المحلي ، وقال أنه أثرى تاريخ الموصل ببحوثه ، ومقالاته ، وتحقيقاته وما كتبه يعد - بحق - موسوعة موصلية مكتملة الجوانب .
كتاب (التراث الشعبي الموصلي ) ، وهو الان بيدي ، حيث وصلتني نسخة مهداة من الاخ الاستاذ سعد الديوه جي يقع في (491) صفحة وفيه مقالات ودراسات وبحوث استاذنا وشيخنا الكبير سعيد الديوه جي في جوانب تراث الموصل والموصليين وهم يستقبلون رمضان والعيدين ، وكيف كان اصحاب المهن يعملون في الموصل الحلاق والبناء، والكلاك وتقاليد الزواج في الموصل واشعار الترقيص وصناعات النساء والموني وخصائص البيت الموصلي وصيدلية الداروحمام النساء والمطاعم والمقاهي والخبازين والاضاءة والكهرباء ووسائط النقل عند اهلنا قبل دخول السيارات والامثال الشعبية والثياب والتمائم وحمام علي والطعام وادابه في الموصل ومجالس العزاء وخضر الياس ، ومطر الربيع وما يرتبط بكل هذا من امثال واغان وحكايات تذكرنا بما كانت ترويه جداتنا والعنتريات واسكندر الاعمى وغير ذلك مما تختزنه الذاكرة الموصلية التي تتميز بأنها وقادة ومحببة للاجيال الجديدة التواقة للارتباط بالاسلاف والجدود .
ما قدمه لنا سعيد الديوه جي - ومنذ اواخر الثلاثينات من القرن الماضي وهو يكتب مقالاته في مجلة ( المجلة ) والى ان اخترناه قبل وفته بسنوات قليلة ليكون رئيسا فخريا لجمعية المؤرخين والاثاريين العراقيين فرع نينوى وكان لي شرف رئاستها سنة 1998 - يمثل كنوزا من التراث الحي الذي لايقدر بثمن ، وانا وكثيرون مثلي نعرف قيمة هذه الكنوز التي بات أخي الاستاذ الدكتور أبا مصطفى يزيح عنها الغبار لتظهر ، وتكون بين ايدينا وايدي الباحثين والمهتمين في العالم كله .
بوركت اخي أ.د. أبا مصطفى ، وامد الله بعمرك ، وحفظك وامدك بقوته لتقدم لنا في كل يوم شيئا جديدا مما كتبه وحققه شيخنا الجليل المرحوم سعيد الديوه جي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق