الخميس، 10 مارس 2016

خارطة الاحزاب القومية الناصرية في العراق










الأحزاب القومية الناصرية في العراق ما لها وما عليها..!



تاريخ النشر: 2013-03-23 19:25:52


ياسين جبار الدليمي
مع الانحطاط الذي لف الأمة العربية بفعل وتأثير السيطرة الاستعمارية أخذت ملامح الفكر القومي العربي بالتجسد في أوساط النخب العربية التي استطاعت أن تحرك أجيالاً وأجيالاً من أبناء العروبة رافضة لواقع حالة التردي للعرب سياسياً – عسكرياً – اقتصادياً – اجتماعياً – ثقافياً ورافضة للسيطرة الاستعمارية بل ومقأومة لها وناشدة للحرية والاستقلال القومي العربي من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي من كل أشكال السيطرة الاستعمارية وكان المحرك الأساس والمهم هو الشعور والإحساس بالانتماء للأمة العربية عبر التعبير الصادق للقومية العربية انتماءاً إلى كيان جماعي واحد رسخه تاريخياً الإسلام كدين وحضارة بقوة وبفعل اللغة العربية كأداة تواصل وخطاب تفاهم جامع لكل العرب وبفعل الامتداد الجغرافي الطبيعي الواحد للأرض العربية وبحكم التفاعل الإجتماعي . فالأرض والتفاعل هما الموحدان للضمير والمصالح بوجه التحديات المصيرية والتهديدات بطمس الهوية القومية العربية قد خلقت وحدة الهم العربي الواحد والمصير المشترك الواحد. فوجود العرب قد خلقه الوجود التكويني التاريخي- والموضوعي واشتراطات التكوين للأمة العربية . لقد كان الفكر القومي العربي ولم يزل يهدف إلى توحيد العرب في دولة الوحدة القومية لمواجهة كل التحديات المحيطة بالعرب. وقد عبرت الجماهير العربية على امتداد ساحة الوطن العربي عن عمق الانتماء عبر المشاعر القومية تجاه ما يحدث في أقطار الوطن العربي عبر المظاهرات والانتفاضات والثورات من خلال التأثير المعنوي والمادي تضامناً قومياً بوحدة الشعور والانتماء القومي رغم وجود الحدود الهندسية والقطرية المجسدة لخرائط سايكس - بيكو . نعم لقد كانت هذه الجماهير تعتبر اية انتفاضة أو ثورة ضد الاستعمار والظلم والطغيان هي لها ولأجلها . وان أي اعتداء على قطر عربي هو اعتداء عليها سواء كان ذلك في المغرب العربي أو المشرق العربي برغم وجود الكيانات القطرية والسياسية المؤسس لها كي تكون كيانات سيادية عبر أنظمة كانت ولم يزل البعض منها يدور في فلك ما هو مرسوم لها عبر أجندة قوى وموازنات استعمارية اقتصادية دولية تحقيقاً لمصالحها التوسعية وما زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي الا تجسيداً لإعاقة التلاحم الطبيعي للأرض العربية وتعطيل أي مشروع وحدوي نهضوي وإيقاف عجلة التطور الاقتصادي - الاجتماعي من خلال المسار الوحدوي واستنزاف القوى البشرية - الاقتصادية للعرب عبر حروب واعتداءات وغزوات وقضم الأرض العربية أو اختلاق حروب وهمية بين العرب أنفسهم . أو بحكم استحقاقات استعمارية (المنافسة الاستعمارية) التي قد أخذت أشكالاً متعددة وبوجوه سافرة ومستترة بأشكال الاستعمار القديم والحديث وتحت مسميات الإصلاح السياسي - مكافحة الإرهاب - العولمة - إعادة بناء العالم من جديد مع بروز أمريكا قطباً واحداً متسيداً للسياسة الدولية بتفوق عسكري - اقتصادي وراسمة للوطن العربي خارطة جديدة من خلال الدمج السياسي - الاقتصادي - الثقافي في عالم العولمة المبشر به بمسميات مشروع الشرق الأوسط - ومشروع الشرق الأوسط الكبير متجسداً باحتلال العراق والانطلاق منه إلى بقية الأقطار العربية ودول الجوار الجغرافي سواء كان بالاحتلال أو بالاحتواء دونما إغفال هلالي النفط الآسيوي - الأفريقي . نعم إن للسياسة والاقتصاد استحقاقات وضرورات والموقع الاستراتيجي ضريبة تدفعها الشعوب دماءاً وإحتلالات متعددة ومتوالدة ومتعاقبة . لكن للوحدة العربية استحقاقات بحكم ما تشكله من تشكيل قومي عربي وحدوي سياسياً واقتصادياً فلم ولن تغفل القوى الاستعمارية وأعداء العرب استحقاق ذلك ببروز هذا التكوين القومي الموحد المتمتع بقوة بشرية واقتصادية والشاغل لأهم موقع استراتيجي وهذا التكوين القومي العربي سيكون متمسكاً بالإسلام سلاحاً ماضياً روحياً يجعل من العرب مؤثرين في دول وشعوب العالم الإسلامي . فأصبحت الوحدة العربية من المحرمات الدولية على العرب ، ومن المهام الاستراتيجية لكل القوى الاستعمارية لا يمكن تجأوزها فصارت الوحدة العربية من مهددات الأمن الوطني والقومي للقوى الاستعمارية قديماً وحديثاً من حالة التمدد الحيوي للأمن الوطني للقوى الاستعمارية الذي قد تجأوز كل مرتسمات الحدود الإقليمية والقارية . كما هو حال تمدد الأمن القومي الحيوي الأمريكي ليشمل كل الكرة الأرضية (يابسة - بحار ومحيطات) ليصل بمديات غير معقولة ووصل لحد الشعور والانتماء الوطني والقومي للأمم والشعوب فأصبح الشعور والانتماء من مهددات هذا التمدد الحيوي وحالة القطر العراقي المأزومة احتلالاً أمريكياً تستوجب الوقوف عندها ومنها إلى حالة الانتماء العربي للعراق كون غالبية الشعب هم عرباً إقحاح والوقوف عند الأحزاب القومية الناصرية في الساحة السياسية العراقية . إن أي عمل سياسي منظم لا ينطلق من نظرية معروفة يؤدي بالنتيجة إلى التخبط وانعدام التحديد السليم للأهداف بين ما هو كائن وبين ما يجب أن يكون وفق خطة سياسية مدروسة ومعروفة - الاستراتيجية المجسدة للخط الثابت بين العمل السياسي والغايات التي تستهدفها دونما إغفال المرونة والقدرة على المنأورة (التكتيك) فان أي حزب أو حركة يمثل وسيلة تأثير بقدر ما يعبر عن علاقة القيادة الحزبية على أساس من التنظيم وكلما كانت علاقة التأثير غير مناسبة فأن وجود القيادة سينتهي حتماً إلى نوع من التباين . ودالة الأحزاب القومية الناصرية (نعني القيادات هنا) إنها قد اختنقت في تنظيم دورها الريادي داخل التنظيم (الحزب) وانجر ذلك إلى المجتمع المتعايشة فيه إنجراراً لانحسار دورها القيادي للحزب شللاً وفشلاً عبر انغماسها بالنرجسية والحنينية التاريخية اجتراراً للزعامة وهذا بحد ذاته قد انجر على التنظيمات التي تحملت مرغمة أخطاء قياداتها وانعكس ذلك تجسيداً بالصراعات داخل القيادات عبر الكارتلات القيادية - الشُللّية والانشقاقات الداخلية والتشطير الحزبي بين القيادة الشرعية -المنشقة مما أضعف القدرة على المواجهة والعجز عن تحقيق الأهداف المرسومة - القصيرة المدى والاستراتيجية. والمنأورات التنظيمية وخلق المحأور الحزبية - التنظيمية إلا دليل على سمة من سمات بعض القيادات العاجزة عن القيادة وغير المؤهلة بحكم تكوينها الطبيعي أو وقوعها تحت سلطان المراهقة السياسية - والفكرية - أو الانفعالية .
إنَّ الأخذ بدراسة وتحليل واقع الأحزاب القومية الناصرية في العراق يتطلب أولاً الدراسة الوافية للواقع العراقي وللظروف المحيطة بالأحزاب والقوى القومية والناصرية بمسارها التاريخي وتأثير هذه الحركة التاريخية موضوعياً فلا يمكن إطلاقاً إطلاق الأحكام والخروج باستنتاجات خارج الواقع والظرف التاريخي المحددة لقوة وفعل هذه الأحزاب بحكم وقوع هذه الأحزاب أسيرة واقعها وظروفها وتأثير ذلك على نشاطها وأدائها وفعلها وقدرتها على التأثير في واقعها المعاشي فلا يمكن عزلها أبداً عن واقعها والقوى الضاغطة عليها من كل الجهات والمعطلة لدورها والمحجمة لنشاطها وقد تجسد ذلك بالإقصاء والتغييب والتهميش وفق منهجية معدة سلفاً بمشهد سياسي مأزوم احتلالاً عسكرياً وتفكيك لبُنى دولة العراق والسعي الحثيث لتفكيك المرتكزات التكوينية للشعب العراقي وتأسيس كيانات سياسية باسم الطائفة والمناطقية تتلقى الدعم عبر المال السياسي بتشكيلة غريبة تداخلت معها سيح الألوان والمسميات باستحقاقات الاحتلال وأجندة المشروع الأمريكي القصيرة المدى- والاستراتيجية ولعب الأوراق المتطابقة والمتضاربة لدول الجوار الجغرافي والإقليمي في الساحة العراقية ولبوس الملتبس ومُلتبس اللبوس القومي والمذهبي باستحقاقات سياسية يراد لها التأسيس تأثيراً في المشهد السياسي العراقي وتشكيلاً يسوق ديمقراطياً لإدارة العراق الدولة– الشعب ركوناً تشطيرياً وتخندقاً طائفياً ومذهبياً باستحقاقات مرحلة الاحتلال وما بعد الجدولة الزمنية للانسحاب الأمريكي بقواته من العراق شكلياً والإبقاء على ما أسس له كضمانة (لأتعاب أمريكا الأحتلالية في العراق) يتجسد باستحقاقات ضامنة ومستقبلية لأهداف المشروع الإحتلالي الأمريكي للعراق . ولكي تتفرغ أمريكا لصفحات لاحقة معدة مسبقاً أو منتجة توالداً واستنساخاً لتجربتها في العراق وإسقاطها احتلالاً أو احتواءاً لدول الجوار الجغرافي العراقي أو الإقليمي لاحقاً .
إن القول بان الأحزاب القومية الناصرية قد انحسرت في المشهد السياسي العراقي فعلاً وقدرة وتأثيراً كمن يرى ويصف نصف الكاس الفارغ أو الممتلئ والنظر بعين واحدة أمام مشهد سياسي لم ولن يكون تشكيله وتأسيسه بولادة طبيعية فهو نتاج للاحتلال وقد أثبتت الأحداث وسنين إدارة العراق من قبل الاحتلال بهشاشته وإفرازاته المهللة والبعيدة عن صدقية وحقيقة التكوين للشعب العراقي الواحد المتوحد رغم تعددية ألوانه الواسمة له توحداً تحت خيمة الوطنية العراقية. فعروبة العراق وانتماء غالبية سكانه للأمة العربية لم تكن بدمغة حاكم أو بقرار ملكي أو جمهوري أو بمرسوم حاكم أو فرمان سلطان أو بفتوى دينية أو اجتهاد سياسي . ولم تكن الوطنية العراقية هي نزوة مراهقة سياسية أو حاجة لدرء كارثة تهديدية لكيان العراق وشعبه اتخذت اللبوس التكتيكي – أو النفعي أو بحكم المصلحة الآنية بظرفها التاريخي. فالوطنية العراقية غير المتقاطعة مع عروبة وانتماء العراق لامته العربية هي وليدة التكوين الفطري والنفسي والآيدولوجي والإرث التاريخي النضالي لكل مكونات الشعب العراقي برباط الدين الإسلامي الجامع للغالبية العظمى لشعب له من العمق الحضاري الغائر في أعماق التاريخ حضارة صنعها أبناءه دون تمييز لهذا اللون أو الطائفة بحكم العيش المشترك والإسهام جنباً إلى جنب في هذا البناء وإنتاج هذا الموروث بنضال مشترك للعرب والأكراد والتركمان والتكوينات الأخرى تخطى حدود العراق القطرية إنجازاً وإسهاماً متميزاً بحكم واشتراطات التكوين المتوافقة مع خصائص هذا التكوين للشعب العراقي الذي لم يعرف التجزئة والشّقة والحدود الفاصلة أو المناطقية أو التقسيمات على أسس مذهبية .. إن حركة الشعب العراقي التاريخية بحصيلتها وجوهرها هو الاستقلال السياسي – الاقتصادي فمهما تعددت واجتهدت القوى الاستعمارية وعلى مر تاريخ العراق قديماً وحديثاً لم تستطع أن تفتت الشـعب العراقي ومهـما ما أُسس له وعليه مـن تكـويـنات وتشكـيلات أو دعـوات أثنية – طائفية - سياسية فإنها بالتالي تنحسر لا محالة أمام الوعي الحضاري لأبناء العراق وستصطدم أمام الموروث الوحدوي المغروس في اللأوعي العراقي وحدة وتماسكاً ناهيك عن تشابك وتداخل النسيج الاجتماعي وصعوبة تفكيكه لرصانة اللحمة والسدى لتكوين الشعب العراقي .
وما الدعوات للتخندق الطائفي – المذهبي ما هي إلا دعوات مراهقة ترى الجانب النفعي الآني لأصحابها بحكم الاستحقاقات السياسية المراد لها توظيفاً وقتياً لأصحابها وتكريسها لتكون اساساً لمنطلقات مستقبلية يبنى عليها مجداً زعائمياً وقيادياً عبر هذا التخندق المتناغم مع استحقاقات المشروع الإحتلالي الأمريكي المبشر به تجزئة المجزأ وتفتيت المفتت وتكوين إقطاعيات سياسية مؤسس عليها المشهد السياسي العراقي حالياً ومستقبلاً وبتوريث إفسادي للسياسة وان كان بغطاء الديمقراطية من خلال تصنيع زعامات سياسية باسم الطائفية والمذهبية وهذا بحد ذاته هو فساد ما بعده فساد لألف باء السياسة المنتجة لنظام سياسي بفرز سلطة آمرة (الحكومة) وبما أن النظام السياسي يرتكز بالأساس على القواعد السياسية / التنظيمات السياسية / العلاقات السياسية.
فإن إفساد النظام السياسي سيقود بالنتيجة إلى إفساد مكوناته وما نتيجة هذا النظام السياسي من تشكيلات وتكوينات لاحقة تجعل العراق الدولة – الشعب يعيش حالة من الإرباك وعدم الاستقرار وإستنزاف للطاقات البشرية والاقتصادية لنعود بعد سنين منادين بالإصلاح والإصلاح ومحاربة ومكافحة الفساد السياسي – الإداري - المالي – الاجتماعي – الثقافي فكم وكم سيخسر الشعب العراقي من ذلك ؟؟
ومن نظرة فاحصة للمشهد السياسي العراقي اليوم لا يمكن فصل هذا المشهد عن المراحل والفترات الزمنية التي مرَّ بها الوعي السياسي للشعب العراقي عبر المسار التأريخي لهذا الوعي وتطوره عبر مراحله التكوينية . دونما إغفال فترة سيطرة الفلسفة الشمولية لانظمة الحكم العراقية منذ تأسيس دولة العراق الحديثة وإفرازات ذلك ( لما بعد 17 تموز 1968م ) حيث سيطرة (الحزب القائد للدولة والشعب) وتهشيم القواعد الأساسية بل وتحريم كل أشكال الممارسة السياسية خارج نطاق مفهوم الشمولية الذي أصبح سائداً و متحكماً في الحياة السياسية – الإدارية – الاقتصادية فانحسرت الحياة السياسية في العراق فلم تعرف التعددية / والقواعد السياسية / التنظيمات السياسية فأصبحت الحياة السياسية العراقية معطلة تماماً والعمل السياسي عملاً محرماً بل ومهدداً لأمن الدولة العراقية داخلياً وخارجياً يقع تحت طائلة القانون إعداماً وسجناً . فأنجر ذلك على كل التشكيلات الحزبية والنقابية والمهنية. فكانت الأحزاب القومية الناصرية أولى ضحايا وأخطاء وخطايا السلطة الشمولية في العراق منذ 1968م . فتعرضت هذه الأحزاب قيادة وكوادر وتنظيمات للإقصاء والتهميش أولاً والى الاعتقالات والسجون والإعدامات والإبعاد القسري والطوعي خوفاً على الرقاب من ان تعلق على أعواد المشانق والاحتواء ثانياً عبر عمليات الضغط والاعتقال والإغراء بالمناصب والحفاظ على حياتها والبقاء على عوائلها دونما تشريد في منافي البلدان ومرافئ المدن التي كانت تخشى غضب السلطة العراقية عليها من وفادة أبناء العراق . أو بحكم الاتفاقات الأمنية الثنائية بتسليم المطلوبين طوعاً للجهة الحكومية المطالبة بهم فالأحزاب القومية الناصرية في العراق قد تعرضت لأقسى هجمة لم يشهدها العراق إلى جانب الأحزاب الوطنية الأخرى. وكأن التجربة السوفياتية قد أُستنسخت عراقياً وبنجاح مميز … وما تميز به الحراك السياسي للأحزاب القومية الناصرية هو ما تميز بتجميع القوى والأحزاب القومية الناصرية ما بعد الاحتلال الأمريكي وعودة المسميات التاريخية بعد عودة بعض الزعامات التاريخية من المنافي وإحيائها لتنظيماتها التقليدية واقتصارها بإعادة الهيكلة التنظيمية بإنطوائية التطابق مع رفاق الأمس البعيد وانشغالها بترميم ذلك دونما التوسع إلى أجيال قد ولدت وهي خارج الحدود في بلدان المنافي القسرية – الطوعية مما ولد طبقة ما يمكن تسميته اصطلاحاً (بالحرس القديم) فإذا بتجسد طبقة الجيل القديم داخل بعض التنظيمات لأسباب قد تكون هذه القيادات معذورة بها وأهمها :
1- انقطاعها عن ساحة العمل السياسية طيلة أكثر من ثلاثة عقود .
2- عدم تواصل هذه القيادات والزعامات مع كوادرها وتنظيماتها التي تركتها وحيدة في ساحة العمل السياسية .
3- إنكفاءة سياسية وإعلامية لهذه الزعامات والقيادات طيلة عقود عديدة .
4- توارثها لأساليب عملها التاريخية وإسقاطها على مرحلة سياسية العراقية فهذا الإسقاط لأساليب ومناهج عمل (سياسية وتنظيمية) كانت صالحة لفترات سابقة لم تعد صالحة للتعاطي مع المشهد السياسي العراقي حالياً .
5- عدم اعترافها بالقيادات التي رابطت في العراق وتحملت السجون والاعتقالات والإقصاء والتي استطاعت من استقطاب بقايا التنظيمات القومية وصهرها في تنظيم قومي ناصري.
6- لم تكن هذه القيادات والزعامات بمستوى حدث احتلال العراق أمريكياً وعدم قدرتها على وضع التصور الكامل للإحداث فلم تستطع نقل ممارستها النضالية وأفكارها السياسية في مرحلة جديدة تتطلب تطبيقات جديدة.
7- غياب الرؤية لما سيكون عليه التشكيل والتكوين السياسي العراقي في مشهد يحكمه التعاطي الايجابي مع الاحتلال والمال السياسي المفسد للحياة السياسية .
8- التخندق الضيق تحت اللافتات الحزبية التي رُفعت ما بعد الاحتلال وان كانت تاريخية أو جديدة وانعدام وجود الناظم الزعامي الوحدوي (الكارزما القومية) القادر ولو تكتيكياً على أسوأ الاحتمالات على توحيد الأحزاب والتنظيمات القومية والناصرية ولو بالحد الأدنى (جبهة) .
9- خضوع الممارسات السياسية لأغلب القيادات والزعامات التاريخية أو اللاحقة لانماط سلوكية مارستها سابقاً مما جعلها في نهج قادتها ومؤسسيها وانجرا رها إلى كوادرها .
10- النضوج والوضوح الفكري لدى بعض القيادات والإشهار العلني للمدرسة الفكرية الناصرية على كل الطروحات القومية الأخرى واتساع الهوة بين حملة الفكر القومي العربي بمدرسته الناصرية وحملة الفكر القومي بمدرسته الشمولية دونما وضوح على مسائل مهمة ومصيرية (الاحتلال – الفيدرالية والموقف من الأقليات القومية في الوطن العربي – الاشتراكية – الديمقراطية – التعددية السياسية) مما ولّد تناقضات آيديولوجية وسياسية اتسمت لاحقاً بممارسة بيروقراطية سياسية داخل التنظيمات القومية ككل. قد أفرغها من عنوان موحد للتنظيمات القومية العربية .
11- الهجمة الشرسة والمنظمة على الفكر القومي العربي ككل واعتباره لصيقاً لممارسة نظام صدام حسين وتحميل التنظيمات القومية الناصرية ما آل إليه العراق من احتلال واعتبار التنظيمات القومية هي امتداد لنظام صدام. وتم ذلك عبر وسائل الأعلام المختلفة وانبرى لهذه المهمة نخب مؤهلة لأداء الدور التشويهي من خلال الفضائيات المحسوبة عربياً لكنها للأسف مروجة لهذه الموجة التشويهية ومحجمة عن التعامل رداً من قبل الزعامات وحملة الفكر القومي العربي ومن دون إعطاء فرصة الرد في مساحتها الإعلامية كشفت الأحـداث والأيام مرامي وأهـداف ذلك طيلة اكـثر من ثلاث سـنوات من عمر الاحتلال الأمريكي للـعراق وان تشرفـت هذه الوسائل بمبدأ الـرأي والـرأي الآخـر والفسـحة الإعلامية والممارسة الديمقراطية وقبول الآخــر قـولاً دونما تجسيداً عملياً .
12- الإقصاء والتغييب بل وحتى الثأرية والإلغائية للزعامات والقيادات القومية العربية والناصرية على الرغم من سنين التغريب والسجون وأوسمة سياط الجلادين التي مورست على القوميين العرب إطلاقاً. لمرحلة ما بعد الاحتلال فتعرض القوميين العرب للإقصاء السياسي والوظيفي وحتى الإعلامي فأصبحت المنابر الإعلامية شبه محرمة على حملة الفكر القومي عبر حملة مدروسة بعناية فائقة. وحسب جداول ومواقيت زمنية محددة.
ان لكل ما تقدم من تأثير بل وتعطيل لفاعلية العمل القومي العربي وقدرته في التعاطي السياسي مع أرضية متقبلة ومتفاعلة مع الفكر القومي العربي وهي ليست بالجديدة بل ان الفكر القومي العربي قد نما وترعرع في البيئة الاجتماعية والسياسية العراقية فهذا الفكر لم يكن وليداً قد ولد بولادة قيصرية فشواهد الأحداث في العراق الحديث منارات دلالة على ان الفكر القومي العربي قد كان له الأثر الأهم في مجريات الساحة السياسية العراقية بل وتعداه إلى المشرق العربي وأقطار الخليج العربي . لما للعراق من دور محوري في الوطن العربي والجوار الإقليمي ، ولعل الأبرز في المشهد السياسي العراقي لما بعد الاحتلال قد اتسم بالازاحة السياسية للفعل والقدرة للفكر القومي العربي تأسيساً على مبدأ تقسيم المقسم وتجزئة المفتت متمثلاً باستبعاد الجامع الأساس لعرب العراق المكون الأساسي 85% من الشعب العراقي وتشطيرهم إلى (سُنة - شيعة) فأن جاء الكلام عن المكونات الأساسية للشعب العراقي لا يقال : عرب / أكراد / تركمان / طوائف أخرى بل (سُنة - شيعة) لعرب العراق وهذه جوهر أساس من مخطط تقسيمي للتخندق الطائفي المذهبي وصولاً للاحتراب العربي العربي تحت لافتات المذهبية وصولاً للعزل المناطقي وتكوين الكانتونات المذهبية. فنجد التفرقة قد بدأت إعلامياً عبر مرتكزاتها الترويجية والمؤسسية لتنتج بعد ذلك محاصصة سياسية وإدارية والمناداة بدولتين عربيتين الأولى شيعية والثانية سنية في فترة لاحقة وليبدأ فصل جديد من فصول التجزئة لعرب العراق. نعم عرب العراق شيعة وسنة وهذا لم يكن مدعاة للفرقة والتجزئة بحكم الأصل وهو الأصل فلعمري لم يكن الفرع أقدس من الأصل. فالشيعة عرب أقحاح والسنة عرب أقحاح . فلم تعرف القومية العربية الوحدة الا تحت لواء الإسلام فلم يقف الإسلام إطلاقاً ضد وحدة العرب فازداد الإسلام مَنعة وقوة بوحدة العرب والعرب لم يعرفوا القوة والعزة إلا بالإسلام . فأي إسلام هذا الذي يفرق ولا يوحد ؟ وأي عروبة تجّزء لا تُجّمع ؟
إنَّ ما يشاع اليوم وشواهد الأحداث التي يراد لها كنية بالحرب الأهلية – الطائفية المذهبية لم تكن أبداً عراقية أو عربية أو إسلامية ، فالعراقية هي الوحدة والعروبة هي التوحد والإسلام هو المنعة والقوة والعزة . إن أهم مفصل يمكن ان تلج منه وفيه واليه المخططات الاستعمارية تحت شعارها القديم الجديد السيء الصيت (فرّق تسُد) هذا المفصل هو الطائفية المقيتة لكن وعي الشعب العراقي سيبدد أحلام وأماني كل الحاقدين على عروبة العراق ووحدة أهله الأزلية فالعروبة تجمع والإسلام يوحد .
إنَّ الإزاحة السياسية والإعلامية للتنظيمات القومية العربية والناصرية ما هو إلا إزاحة للعروبة أولاً وأخيراً وصولاً لحالة التقسيم المذهبي لعرب العراق بين (شيعة – سُنة) فالعروبة جامعة لعرب العراق سواء كانوا (شيعة أم سُنة) وقادة وحملة الفكر القومي العربي منذ عصر النهضة في القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا هم أبناء العروبة في العراق وأكثر قادة التنظيمات القومية العربية والناصرية هم أبناء (الشيعة) ولم يزل الفكر القومي العربي يباهي ويفاخر ويعتز بهم رموزاً وقادة ومناضلين فالفكر القومي العربي لم يعرف الطائفية والمذهبية أو الانغلاقية لفئة أو طائفة بل فكر منفتح ومتلاقح مع الفكر الإنساني فلم يعرف إطلاقاً التعصب والشوفينية وما عمليات الإقصاء والتهميش أو الإزاحة ما هي إلا مخطط مدروس وينفذ بعناية وفق سقوف زمنية لإفراغ عرب العرب من عروبتهم أولاً وخلق تصادمية مفتعلة بين عرب العراق بعد نزع وازعهم القومي العروبي وسلخ انتمائهم لأمة العرب تحت مسمى (الشيعة – السُنة) وافتعال الاحتراب المذهبي بمسميات متعددة إيهاماً للبسطاء من الناس بشعارات واهية (المذهبية – المظلومية – الأكثرية) فان كانت الأكثرية شيعية عربية فنعم لعروبة الشيعة فلتكن الأكثرية هي الحاكمة هذا من جانب وان كانت الشيعية إسلامية فلتكن. فنعم لشيعة أهل بيت النبوة أما المظلومية التاريخية دونما تحميل العروبة ذلك أو الفكر القومي العربي أخطاء و خطايا من ارتدى العباءة القومية العربية التي لم تكن بمقياسه وحجمه.
وعودة للأحزاب القومية والناصرية فان جلد الذات لابد منه دونما التعكز على مبدأ المؤامرة التي لم تعد مستساغة أمام قدرة الفعل والعمل والعطاء المضاد لها ان توفرت الأداة القادرة على المجابهة والمواجهة والممناعة على اقل تقدير . وهذه الأداة لم ولن تكون بدون وجود القيادة الواعية الرشيدة المتعاملة بايجابية التعاطي خلقاً وإبداعاً وتحصيناً ذاتياً فاعلاً ومتفاعلاً باستلهام التاريخ النضالي والحاضر بمكوناته وقدراته وتفعيلها مواجهة هجومية لا بالدفاع المستكن بروحية المهادنة وبهذه المواجهة المستجيبة لتطلعات الجماهير صاحبة المصلحة الأولى والأخيرة فالزعامات والقيادات تلد من معاناة شعوب فلا يمكن للشعوب اختزالها بزعامة فردية.
إنَّ الأحزاب القومية والناصرية لم تكن أبداً قد فاقت بعد من الضربات القائلة التي وجهت إليها طيلة أربعة عقود واشرسها كانت بعد 17 تموز 1968م وتفكيك هياكلها التنظيمية ومحاربتها الإعلامية والفكرية ليجيء الاحتلال الأمريكي حاملاً مشروعه التغييري بل والتدميري فبدأ بتفكيك العراق – الدولة ومؤسساتها (الإدارية – العسكرية – الأمنية) والشعب عبر إثارة النزعات الاثنية – والمذهبية – الطائفية . وتصنيع الواجهات والزعامات بإعادة بناء هيكلية العراق الدولة والشعب من جديد وفق قياسات معدة سلفاً تكون متطابقة مع مرامي وأهداف المشروع الأمريكي الإحتلالي .
نعم قد يستطيع إعادة بناء هيكلية الدولة ولكن الشعب العراقي بموروثه الحضاري والآيديولوجي والثقافي التاريخي لا يمكن لأية قوة تغيره عبر قرارات سابقة الإعداد لمجافاة حقائق التاريخ وديكتاتورية اللاوعي في العقول وجينات الانتماء وقواسم الاشتراك المصيري بوحدة العيش والمصالح المتكاملة والمكملة لبعضها البعض من خلال ترابطية التكوين الأساسي للمجتمع العراقي وعندها من خلال ذلك قد وجدت الأحزاب القومية والناصرية نفسها أمام كل معطيات الفكر القومي والتاريخ النضالي لأبناء العروبة والإسلام أمام استلهام الموروث الحضاري والنضالي لأبناء العراق في مواجهة كل الغزوات والإحتلالات الاستعمارية لتعلن موقفها الرافض للاحتلال .. وعلى أمريكا ان تعلن موقفها المحدد زمنياً لبقاء قواتها في العراق وقد جاء ذلك يوم 13 آذار 2003م عبر بيان موحد داعية :
1- إحلال قوات أممية محل القوات الأمريكية لحين تشكيل حكومة إنقاذ وطني عراقية كي لا تتحول القوات الأمريكية إلى قوات احتلال .
2- تشكيل حكومة إنقاذ وطني عراقية من كل مكونات الشعب العراقي .
3- تقوم حكومة الإنقاذ الوطني بالدعوة لانعقاد مؤتمر وطني عراقي ينتخب برلمان وطني مؤقت يقوم بالإشراف على حكومة الإنقاذ الوطني .
4- تتشكل من المؤتمر الوطني هيئة مؤسسة دستورية تأخذ على عاتقها صياغة مسودة دستور عراقي دائم يعرض على الشعب للاستفتاء وهذا الدستور يكون منتجاً لحكومة عراقية منتخبة وفق آلياته الدستورية.
5- وحدة العراق أرضاً وشعباً وعدم الاعتراف عما ينتجه الاحتلال من استحقاقات .
إلا إن الأمور قد سارت كما هو مرسوماً لها فتحولت القوات الأمريكية من قوات تحرير كما يُدعى إلى قوات احتلال بموجب القرار الأممي 1483فسقط حلم العراقيين بالحرية المبشر بها أمريكياً ولتشيح الولايات الأمريكية عن وجهها الاستعماري المغلّف بالديمقراطية والعولمة وحقوق الإنسان فوقع العراق إقليمياً واقعاً تحت الاحتلال بموجب القرار الأممي ليبدأ العراق فصلاً جديداً من فصول التاريخ الإحتلالي ولتبدأ مرحلة الإقصاء والإزاحة والتفكيك للعراق الدولة والشعب وإعادة التكوين والبناء لهياكل دولة العراق وإعادة رسم وتشكيل البُنى والتكوين الاجتماعي للشعب العراقي بمسميات واصطلاحات متعددة إبتداءاً من المحاصصة السياسية (تشكيل مجلس الحكم المؤقت) بوجود الحاكم المدني الأمريكي السفير (بول بريمر) والمحاصصة الطائفية – والإدارية – والثقافية .
ومن ثم تقسيم عرب العرب بمسمى (السُنة – الشيعة) وليبدأ فصل جديد لعرب العراق تخندقاً طائفياً مذهبياً عبر الانتخابات . ومسلسل التفكيك والتبشير بالحرب الأهلية لم تزل جذوته توقد بالمال السياسي والرعاية الأبوية الأمريكية والأمومية باختلاط الأوراق لكل اللاعبين إقليمياً – دولياً . فمع هذا السيح المتداخل للألوان وقفت الأحزاب القومية والناصرية بإمكانياتها المتواضعة في مواجهة تاريخية مع الذات أولاً ومع الجماهير ثانياً فاستطاعت بجهود نضالية صادقة من تكوين واجهات جامعة للقوميين والناصريين والانطلاق بحوارات وجهد جهيد من الفرز بين من يريد (جامعة عربية – وحدة عربية اندماجية) .
فاتسم ذلك عبر مسارين :
الأول:المسار الفكري تحديد الانتماء الفكري وفق الثوابت والقواسم على أرضية وحدة الفكر.
الثاني:المسار التجميعي لكل القوى والتيارات القومية العربية لكن العقدة التاريخية لم تزل ملاحقة بتوريث غير شرعي للزعامات والقيادات القومية والكل يحمل حقيبة من الاتهامات التاريخية السابقة والجاهزة للفتح بوجه الجميع وكأنهم في حالة من الترف السياسي دون الوعي بما عليه العراق اليوم المحتل وما سينتجه الاحتلال من إفرازات.
فبعد جلسات وجلسات تحاورية كان هدفها المنشود حاضراً ومستقبلاً هو وحدة التيار القومي العربي بكيان سياسي واحد وقيادة واحدة تأخذ على عاتقها قيادة العمل التنظيمي والجماهيري في العراق في مرحلة تاريخية تتطلب الجهد الاستثنائي تناسياً بل وتخطياً لكل سلبيات الماضي المشحون بالحساسية الشخصية التي تحولت فيما بعد إلى اختلافات إيديولوجية أسفرت عنها المراحل اللاحقة من اللقاءات والحوارات التوحيدية لتتحول لاحقاً إلى مفاوضات بين مكاتب سياسية وأمناء تاريخيين لهذا الحزب باسم ومكنى يتوالد من جديد استلهاماً لأسماء ولافتات عقد الستينات من القرن الماضي. فتحولت الحوارات إلى قطيعة بل والى تشهير بهذا الفريق أو ذاك للأسف . لكن هذه التشهيرات لم تصل إلى حد نشر الغسيل عبر وسائل الأعلام لكن وصل بعضها إلى حد التأليب والقرصنة التنظيمية على هذا الفريق أو ذاك والبعض سعى إلى بناء علاقات مرحلية هدفها التوظيف الإعلامي داخلياً أو عربياً تحت مبدأ الحوز للشرعية الحزبية داخل العراق أو الشرعية القومية في المحافل العربية .
إنّ قوة وانتشار أي تيار أو حزب قومي في الساحة العراقية هو قوة لكل التيار القومي العربي يحق لكل القوميين الافتخار به. فقوة وبروز أي تيار هو مدعاة فخر وقوة ومباهاة أمام أشرس هجمة تتعرض لها العروبة في العراق المستهدفة وجودها وهويتها لكن حالة التشرذم والانقسامات التي شهدها عقد الستينات من القرن الماضي قد عادت مجدداً ومن جديد وبعقد جديدة أخذت بُعداً مرعباً يصل لحد التشكيك بالجميع والكفر بالكل . مما أعطى للتيار المهاجم للعروبة سلاحاً ماضياً في عملية الإقصاء والإزاحة من دون وعي من بعض القيادات والزعامات مما ولّد إنكفاءة للعروبيين والمناضلين القوميين وعزوفهم عن المساهمة في العمل التنظيمي – الحزبي والبقية مُرجئة الأمر للزمن الطاحن لها ولغيرها في رحاه الصلبة الصلدة. ومع هذه وتلك لم تزل تنهض وتنهض قوى صادقة في كل التنظيمات القومية ناقدة لمسيرة ثلاث سنوات من العمل القومي العربي المتشرذم ويمكن لنا وصفها بالقوى الوحدوية داعية لمؤتمر عام لكل القوى القومية العربية لكنها تجابه بالصد من الزعامات والقيادات التي تحولت بفعل المال السياسي الخاص إلى جمعيات خيرية تغدق بالرواتب والهبات للجم بعض الأصوات المنادية بالتوحيد وأحياناً مجاراتها بالدعـوة لكن ما أن تحين الفرص لقـضم الأصـوات الوحـدوية لم تـتوان عن ذلك وإجهـاض أي عملـية توحيدية خوفاً من انعقاد المؤتمر الذي نخـشاه وانعـدام ترشيـحها للقيادة والـتربع القيادي والحزبي وهذه علة العلل .
إنّ المستعرض للأسماء واللافتات للأحزاب القومية والناصرية التي رفعت ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق يجد :
1- حركة القوميين الاشتراكيين الديمقراطيين .
2- الحزب الاشتراكي .
3- الحزب الطليعي الاشتراكي الناصري
4- مجلس الإنقاذ الوطني .
5- الحركة الاشتراكية العربية .
6- الحزب القومي الناصري الموحد .
7- الحزب العربي الاشتراكي .
8- حركة العروبيين .
9- حركة التيار القومي العربي .
10- المنتدى القومي العربي .
1- إنّ حركة القوميين الاشتراكيين الديمقراطيين كانت لفترة الثلاث شهور لما بعد الاحتلال قد استقطبت معظم كوادر بقايا حركة القوميين العرب والحركة الاشتراكية العربية بحكم وجود بعض الرموز القيادية التي لم تغادر العراق فأصبحت مركز التقاء واستقطاب لكل القوميين العرب بمختلف إنتماءاتهم الحزبية والفكرية . لكنها عجزت عن التعاطي الايجابي بحكم مرجعية بعض القيادات وعدم تخلصها من النزعة القيادية التقليدية وتاريخها النضالي ونمطية السلوك التنظيمي السياسي سواء كان مرد ذلك بمرجعية بقايا بعض القيادات لحركة القوميين العرب على الرغم من انشقاقها التنظيمي والفكري سواء كان انتهاجها للفكر الماركسي كنهج للاشتراكية أو الولائية للناصرية وتشكل الحركة الاشتراكية العربية كامتداد للحركة العربية الواحدة المنادى بها بعد الانفصال عام 1961م لتجربة أول عملية توحيدية لقطرين عربيين وارتداد بعض القيادات عن المرجعية الناصرية لكن حركة القوميين الاشتراكيين الديمقراطيين انحسر نشاطها وخفت وهجها بعودة الأخ المناضل عبدالاله النصراوي فاستطاع من إعادة تنظيم الحركة الاشتراكية العربية بحكم خبرته وتاريخه النضالي وكذلك بعودة الأخ المناضل مبدر الويس من الخارج وإعادة تنظيم الحزب الاشتراكي فإذا بالحركة تذوب اندماجاً مع حزب الاستقلال برئاسة الأخ الأستاذ مالك دوهان الحسن في الائتلاف الوطني العراقي لتخرج بعد عدة شهور معلنة معاودة نشاطها السياسي من جديد ولتذوب ثانيةً بالحركة الاشتراكية العربية وانكفاء معظم قياداتها اضطراراً أو طوعاً في مرحلة تاريخية عراقية بحاجة إلى خبرة هذه القيادات السياسية والفكرية والنضالية .
2- أما الحزب الاشتراكي فقد اندمج مع الحزب الطليعي الاشتراكي الناصري وتحت مسمى الحزب الاشتراكي الناصري . لكن سرعان ما انفرط العقد التوحيدي لتقف حينها جماهير الحزبيين وكوادرهما حائرة بين الاستقالة الطوعية للعمل السياسي أو الانشقاقات والشللية فتمسكت قيادة الحزب الاشتراكي ذلك باسم الحزب الاشتراكي الناصري بشدة لكن ذلك لم يمنع بعد عدة شهور من انشقاقات متتالية فانشق الحزب على نفسه .
أ‌- مجموعة حاتم السعدي لتندمج بعد فترة مع الحركة الاشتراكية العربية .
ب‌- مجموعة صباح السامرائي اندمجت مع الحزب القومي الناصري الموحد.
ت‌- مجموعة حسين الربيعي أخذت اسم التنظيم الشعبي الناصري وتحول عندها الحزب الاشتراكي الناصري إلى اسم جديد هو حزب الوحدة .
3- أما الحزب الطليعي الاشتراكي الناصري فتمسكت قيادته بالاسم التاريخي له الذي تأسس في عقد التسعينيات من القرن الماضي وقد تعرضت القيادة المؤسسة له وبعض كوارده للإعدام والسجون عام 2001م (الشهيد محمد عبدالرزاق الحديثي– عايد احمد درويش الجميلي – كريم الشمري وآخرون ) ولم يزل الحزب يعمل في الساحة العراقية.
4- أما الحزب العربي الاشتراكي فقيادته تتكون من الأخ المناضل د. احمد الحبوبي وعباس الجبوري .
5- أما مجلس الإنقاذ الوطني فقد كان له حضوراً متميزاً في شمال العراق واستطاع من تكوين جيش من المناضلين القوميين العرب والوطنيين العراقيين بهدف إسقاط النظام بأيدي عراقية بعيداً عن الاحتلال لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ويرأس المجلس الأخ المناضل القومي والعسكري المتميز محمد علي السباهي ولم يزل يمارس نشاطه السياسي والتنظيمي بروحية القومي العربي .
6- الحركة الاشتراكية العربية فقد تشكلت مع رجوع وعودة المناضل التاريـخي والقيادي في حركة القوميين العرب ومن مؤسسي الحركة الاشتراكية العربية الأخ عبدالاله النصراوي للعراق فاستطاع من إعادة بناء وتنظيم الحركة من جديد بحكم تاريخها السياسي والتنظيمي وتراكم الخبرة في العمل السياسي والإمكانيات المـادية التي يتمتع بها وسعة علاقاته العراقية والعربية والدولية وللحركة جريدة اسمها ناطـقة باسمها تـحت اسم الجريدة .
7- الحزب القومي الناصري الموحد وتكون تأسيساً من اندماج عدة تنظيمات قومية ناصرية عام 2003 بحكم وحدة الفكر والتجانس بين قيادات الأحزاب المندمجة تنظيمياً بحكم العمل المشترك تحت غطاء تنظيمي قومي ناصري والأحزاب المندمجة والمكونة للحزب القومي الناصري الموحد :
أ‌- حزب الوحدة الاشتراكي .
ب‌- حزب الوحدة الناصري .
ت‌- الحزب الاشتراكي العربي الموحد (فؤاد الركابي)
ث‌- الحزب القومي الناصري الديمقراطي .
ج‌- مؤتمر القوميين الاشتراكيين .
ح‌- حزب الاتحاد القومي العربي الذي انشق عن الحزب الاشتراكي الناصري.
ولم يزل الحزب يعمل في الساحة السياسية العراقية ولديه فروعاً في اغلب المحافظات العراقية وبعد مرور ثلاث سنوات على قيامه استطاع من استكمال البناء التنظيمي من خلال : 1- مكتب تنظيم بغداد والوسط. 2- مكتب تنظيم الشمـال . 3- مكتب تنظيم الفرات الأوسط . 4- مكتب تنظيم الجنوب .
وللحزب القومي الناصري الموحد منظمات جماهيرية تعمل في الوسط الجماهيري وقد أصدر الحزب النظام الداخلي للحزب وطرح برنامجه السياسي معالجاً فيه الشأن العراقي من جميع الجوانب السياسية / الاقتصادية / الاجتماعية / الثقافية .
8- حركة العروبيين اندمجت مع حركة التيار القومي العربي .
9- حركة التيار القومي العربي وتشكل من مجموعة القيادات القومية التاريخية المشهود لها وطنياً بالمساهمة الفاعلة في صناعة التاريخ الحديث للعراق من خلال إسهاماتها الوطنية ثوراً وقيادة في الجيش العراقي وفي الدولة العراقية وتمثل بالخط العسكري المعروف بإسهاماته في حركة الضباط الأحرار التي قادت ثورة 14 تموز 1958م الأستاذ والأخ صبحي عبدالحميد – الأخ المناضل والأستاذ فاروق عمر صبري – الأستاذ هادي خماس . الخط المدني ويمثله الأخ المناضل والأستاذ عبدالكريم هاني – الأخ المناضل الأستاذ فيصل فهمي سعيد ابن الشهيد العقيد فهمي سعيد احد قادة ثورة مايس 1941م التحررية – الأخ الأستاذ د.وميض عمر نظمي ومجموعة من المناضلين القوميين والاكاديميين .
وكان إعلان حركة التيار القومي العربي متأخراً في الوقت الذي تأمل القوى القومية والناصرية ان تكون قيادة حركة التيار القومي وعاءاً حاضناً لكل القيادات والأحزاب القومية وقادرة بحكم كونها مرجعية قومية على صهرهم في كيان سياسي موحد وتحت عباءتهم وزعامتهم فعسى أن يكن ذلك.
لكن إعلان قيام حركة التيار القومي قد ولد في النفوس نوعاً من النرجسية المتقابلة بندية الكيانات والقيادات الحزبية لكن يحدونا الأمل بان تعي كل القيادات القومية والناصرية المخاطر المحيطة بالعراق وبالتيار العربي ككل لا يتجزأ وان تقوم بعملية مراجعة نقدية واعية مقرونة باستقراء للحاضر وللمستقبل وبكل موضوعية بحكم ضرورة المرحلة التاريخية الاستثناء التي تتطلب الاستثناء بذلك عبر القناعات الموضوعية بحكم الضرورة التاريخية بالتوحد وصهر الأحزاب والتيارات القومية ولو بالحد الأدنى من التوحيد.
إن الأحزاب القومية ما هي إلا نماذج فكرية وسياسية تمثل التيار القومي العربي في العراق وقومية عربية تعيش الهم العربي على امتداد ساحة الوطن العربي من خلال تفاعلها مع الأحداث العربية من خلال أدبياتها وإعلان موقعها من الأحداث الجارية في الوطن العربي على الرغم من اهتمامها بالشأن الداخلي العراقي باعتبار الساحة العراقية ساحتها ونطاقها السياسي والتنظيمي فإنها لم تنكفأ عن الساحة القومية العربية والقضايا القومية كونها أحزاباً وليدة المعاناة القومية بامتداداتها الفكرية القومية والتاريخية وبالإرث القومي العربي المتميز في القطر العراقي باعتباره دالة قومية عربية فاعلة في المشرق العربي تفاعلت مع الأحداث القومية العربية بما يشكله العراق من عمق قومي عربي وما يمتلكه من إمكانيات بشرية واقتصادية وخبرات نضالية قومية في ساحة العمل الجماهيري العربي وتميز أبناء العراق بتمرسهم النضال القومي العربي فكراً وتنظيماً ونضالاً جماهيرياً وإسهامات في النشاط السياسي قد ميزتهم الحقب التاريخية في ذلك عبر مشاركتهم في الأحزاب والتيارات القومية العربية بمختلف مدارسها الفكرية وأسماءها الحزبية – التنظيمية منذ بدايات النهضة القومية العربية الحديثة في مطالع القرن التاسع عشر وتفاعلهم الايجابي إزاء القضايا والأحداث القومية في مشرق الوطن العربي ومغربه فهذه الأحزاب هي حاملة الفكر القومي العربي باختلاف مدارسها الفكرية. فهي وثيقة الصلة مع الجماهير بحكم قوة الارتباط بالفكرة القومية العربية دونما إغفال الأوضاع العراقية المتردية والمتدهورة (احتلالاً عسكرياً – اضطراباً أمنياً – اختلالاً اجتماعياً برسم خطط الاحتلال – نقص في تقديم الخدمات الأساسية الحياتية – بطالة بأرقام متصاعدة – ومستقبل مجهول) وهذه من أهم المعوقات للحياة العامة للعراقيين والحياة السياسية جزء منها. لكن تطور الأوضاع الأمنية- الاجتماعية يقود بالتالي إلى ازدهار الحياة السياسية . والحل والمفتاح يكمن في الاحتلال وخروجه من العراق كي يعود العراق الدولة الشعب لوضعه الطبيعي المعتاد وبحكم ما عرف به أبناء العراق من وعي وتراكم خبرات في إدارة شؤونهم بتميز .. فالأحزاب القومية والناصرية هي جزء من حالة الاستثناء المتميز بها العراق احتلالاً وتكويناً سياسياً يراد له التكريس بمشهد احترقت فيه وتحترق الكثير من الأوراق اللاعبة لكن الورقة الصامدة تبقى هي الشعب العراقي المتماسك الرافض للاحتلال والفرقة والتجزئة والساعي لنيل استقلاله وبناء مستقبله بحياة حرة آمنة بعيدة عن الهيمنة والوصاية ليعود العراق فاعلاً متفاعلاً في محيطه العربي والإقليمي وكما كان. أما حالة التعدد في الأحزاب القومية والناصرية فمرده يعود بالأساس لطبيعة الامتداد التاريخي لنشأة وتكوين الأحزاب القومية العربية وإنجرار خلافاتها الشخصية عبر بعض القيادات وورثتهم في بعض القيادات لهذه الأحزاب دونما إغفال التباين الفكري للبعض والاهم في ذلك هو أسس التكوين لهذه الأحزاب بقياداتها التي تربعت بعد إعادة التشكيل والتكوين لما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق. فلم تشهد هذه الأحزاب مجتمعة مؤتمرات سنوية أو عامة تنتج قيادات منتخبة ديمقراطياً بل الكل تربع على عروش هذه الأحزاب يحسب لأي عملية توحيدية أو اندماجية بحسابات الربح والخسارة للموضع القيادي وكيف يطيل عمره القيادي على حساب وحدة الأحزاب واندماجها لتكون قوة فاعلة ومؤثرة إذن غياب الديمقراطية سمة واسمة للأحزاب في تكوين وصعود القيادات فاغلب القيادات قد جاءت عبر عملية تجميعية في أول التكوينات للقيادة الحزبية لكنها لم تعد تحتمل الدعوات بإجراء انتخابات عبر المؤتمرات الحزبية نقول ذلك للأمانة التاريخية ونحن جزء من هذه الحالة ونتحمل جزءاً ليس بيسير من المسؤولية بذلك مع عدم إغفال الموضوعية تناولاً للواقع المعاش امنياً ومالياً وإمكانيات تتطلب للإعداد لمثل هكذا مؤتمرات لكن لا نريد الهروب إلى الأمام فقط بل ونعود إلى ضياع الفرصة التوحيدية في أول التشكيل للفترة الزمنية لما بعد احتلال العراق والنشاط المكثف لكل الأحزاب والقيادات والشخصيات القومية والناصرية على الساحة العراقية فالجميع يريد جامعة عربية لا وحدة عربية ولدينا اغلب محاضر الجلسات والحوارات السياسية والتنظيمية مع اغلب الإطراف من اجل الخروج بكيان سياسي واحد يجمع كل الأحزاب والتيارات والقوى القومية والناصرية على امتداد الساحة العراقية فلا نريد التشهير بل نريد التوحيد والتوحيد ولن نجيز لأنفسنا ذلك أن نكون أداة تفريق وفتح سجالات في غير أوانها فأهل مكة أدرى بشعابها ونحن نتعامل في السياسة بالمبادئ والأخلاق نعم السياسة تستوجب المرونة لكن المبادئ السياسية تبقى هي القاعدة فنحن حملة فكر قومي بمدرسته الناصرية التي لم تعرف الكهنوت والوصاية القومية وتعلمنا من رموزنا القومية المبدئية السياسية . لكن الطبيعة البشرية المجبولة فطرياً على الأنا والنرجسية لا نريد لها الإنجرار على العمل السياسي الذي هو بالأساس التضحية للشعب المنذورين له عطاءاً و تضحية فلم نهن أمام الإعدامات والسجون وسياط الجلادين طيلة أكثر من ثلاثة عقود نقولها بمرارة للتاريخ إن أغلب جلسات التوحيد والحوارات قد كانت للبعض لكسب الوقت وبناء علاقات عامة توظف لاحقاً لصالح هذا الطرف أو ذاك توظيفاً حزبياً ضيقاً وللأسف . لكن نقد مسيرة التشرذم للأحزاب القومية والناصرية واجبة اليوم بعد ان وقف الجميع على إمكانياته ومقدراته الحزبية والتنظيمية فهذه الوقفة هي وقفة مع الذات نقداً وتقييماً ايجابياً يراد من الجميع الشجاعة والجرأة الصادقة بتقديم بعضاً من التنازلات الشخصية لحساب وحدة العمل القومي العربي نعم في التوحيد قوة والقوة تكمن في اتخاذ القرار الشجاع الذي يسجل تاريخياً ليكون منار دلالة للأجيال العربية في سوح النضال الجماهيري يوسم أهله بوسم الشجاعة والأثرة والتضحية من اجل المبدأ خدمة للعروبة وتاريخها وحاضرها ومستقبلها.
ومسك ختامنا أتوسم بالجميع ملتمساً منهم اعتذاري وقبوله لصراحتي وأحياناً قسوتي النابعة من حرصي القومي العروبي على الجميع وقابلاً لما سيرد من ردود على ما أفاض به يراعي المتواضع ...وفقنا الله تعالى لما فيه السداد.
_________________________________________
*http://www.alrasheednet.com/news/12314?language=arabi




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...