في معنى الهجرة النبوية وقيمتها
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
كلنا نعرف ، ان الهجرة النبوية الشريفة ، هي حدث تاريخي ، وذكرى ذات مكانة عند المسلمين، والمقصود بالهجرة هي هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة المكرمة إلى مدينة يثرب التي سميت فيما بعد بالمدينة المنورة وتبعد عن مكة المكرمة بقرابة 400 كيلو مترا .
كانت الهجرة سنة 14 للبعثة، الموافق لـلسنة 622 ميلادية ، وهكذا اتخذت الهجرة حدا فاصلا بين زمن الشرك وبين زمن الايمان فأصبح التقويم الهجري هو ما نؤرخ به ايامنا .
واليوم هو الاول من محرم الحرام سنة 1446 هجرية والعالم الاسلامي يحتفل بهذه الذكرى ذكرى سنة هجرية جديدة ايما احتفال . ، الهجرة استمرت والمدينة المنورة اصبحت عاصمة للدولة الجديدة التي اسسها الرسول الكريم واله وصحبه وكان فتح مكة سنة 8 هجرية نصرا مؤزرا للرسول الكريم ومن معه من المسلمين .
في كتابي ( تاريخ الفكر القومي العربي) وصدر عن دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد سنة 2001 ، تحدثت عن الهجرة وقلت ان الرسول الكريم وجد ان لابد من ان يكون العرب حملة الدين الاوائل اقوياء . ودعا المسلمين ان يكونوا أُمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أُمة تحمل الرسالة الى الانسانية جمعاء وكانت مرحلة تأسيس الدولة واحتواء عناصرها جميعا من عرب وغير عرب عنوانا للرسالة الجديدة (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) .. لكل الناس لكل البشر ، وابتدأ المستقبل بالهجرة .. الهجرة كان فعلا ثوريا نضاليا استند الى مبدأ مهم ملخصه ( قل آمنت بالله ثم استقم) بمعنى الايمان زائدا الاستقامة ، وارتكزت الدولة منذ قيامها على وحدة العقيدة وجمع الامة على ان لا يفقد من يدخل الاسلام خصوصيته وكيانه .
وقام كل من دخل الاسلام - ومن مختلف العناصر والشعوب - بدور مهم وفعّال في بناء الدولة وبناء الامة .
وهكذا كان الاسلام ثورة ، والهجرة اسلوبا ومواجهة للتحدي ولعل من ابرز سمات الحضارة الاسلامية في اصولها ومقوماتها هو الطابع الانساني وسمة العدل والحرية ولافضل لعربي على اعجمي اي غير عربي الا بالتقوى ، وان اكرمكم عند الله اتقاكم ، ولقد كرمنا بني آدم إنها الهجرة .. الهجرة بمعناها المادي في الانتقال من مكان الى مكان ، وبمعناها المعنوي وهو الانتقال من حالة الى حالة .. من حالة الضعف والانكسار الى حالة القوة والشموخ .
والاسلام - بهذا المفهوم - ثورة شاملة حررت الانسان من العبودية عبودية شخص لشخص (لا اله الا الله ) وحررت الانسان من الظلم ، ومن الانكسار ، ومن الذل وساد مبدأ الاخوة واصبحتم بنعمة الاسلام إخوانا .
كان الاسلام - من خلال الهجرة- تجديدا لحياة المسلمين رجالا ونساء ، عربا او غير عرب ، صغارا وكبارا وكل ذلك بمضمون انساني وارتقاء بالانسان لكي يسموا ويحمل رسالة التنوير .كل سنة هجرية وانتم بعز وسمو وحب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق