عبد الله بن المقفع وشيئا من أخباره
- ابراهيم العلاف
واقول اولا ان هذه الصورة المتخيلة للكاتب والمصلح الاجتماعي عبد الله بن المقفع رسمها الفنان التشكيلي أرتورو اورتيس وكما نشرها الاستاذ حنا فاخوري منذ سنة 1951 في كتابه الموسوعي ( تاريخ الادب العربي) . وعبد الله بن المقفع وعاش بين سنتي 106-142 هجرية - 724- 759 ميلادي اي انه من ادباء وكتاب القرن الثامن الميلادي ملأ الدنيا وشغل الناس ولد في قرية جور بفارس ورحل الى البصرة واشتهر وذاع صيته وبرز ككاتب وكمصلح اجتماعي من خلال ما كتبه وما ترجمه وكان ذو لسان وعقل راجح واتهم باتهامات كثيرة ودافع عن نفسه وله نتاج فكري وادبي وتاريخي واجتماعي ومن اعماله (الادب الصغير والادب الكبير ) لكن عمله الذي اشتهر به هو كتاب (كليلة ودمنة ) .
كان عبد الله بن المقفع عباسي الهوى علوي النزعة وله كتابات في نقد السلطة والحكم والاخلاق وتهذيب النفس وحسن معاملة الناس وافكاره قوية مبنية على اسس اخلاقية ولعله من اشهر من كتب عن نظم الحكم الفارسية وتاريخهم وادارتهم وسياساتهم وفي كتابه (كليلة ودمنة ) تحدث عن احوال الناس وعقلياتهم وعلاقاتهم على السنة الحيوانات وللكتاب قيمة فلسفية واجتماعية واهتم بالامثال والحكم باعتبارها خبرة انسانية متداولة وكان السبب في انه وضعها على لسان الحيوانات هو خوفه من بطش الحكام وتعسفهم واستبداهم الذي فضحه وكان مما اكده وجوب اختيار البطانة والاهتمام بالمشورة وبناء السلطة على القوة والعقل والعدل ومحاسبة النفس والخوف من الله .
وعبد الله بن المقفع اتفقنا مع اراءه ام اختلفنا مصلح متنور وهو يميل في مخاطبة الناس الى البساطة في اختيار الالفاظ والايجاز ولما كتبه ابن المقفع تأثير واضح في الادب والفن والفلسفة والتاريخ.
عاش عبد الله بن المقفع شطرا من حياته والدولة الاموية قائمة ومن الكتب التي ترجمها عن الفارسية كتابه ( خداينامه ) في سير ملوك الفرس كما كتب في الفلسفة وينسب اليه نقله كتاب (ايساغوجي ) او المدخل لفرفوريوس الصوري عن الفارسية ومن رسائله رسالته عن الاصحاب والاصدقاء والاخوانيات وقد كتب ابن المقفع رسالة في الحكم للخليفة ابو جعفر المنصور والرسالة في نقد نظام الحكم ووجوب اصلاحه ومن الطريف انه يمتدح اهل العراق ويوصي بهم الخليفة خيرا ويدعوه للاعتماد عليهم في ادارة امور الدولة ويدافع عنهم ويقول انهم ظلموا ايام حكم الامويين والرسالة اصلاحية اجتماعية ومن الطريف ايضا ان كتابه (كليلة ودمنة) ترجم الى اكثر من لغة من لغات العالم منها الانكليزية والايطالية والالمانية والفرنسية والتركية والعبرية لاهميته .
الاستاذ حنا فاخوري في كتابه (تاريخ الادب العربي ) خصص (37) صفحة لدراسة ما عنونه ( عبد الله بن المقفع وادب الثورة التجديدية ) .وثمة كتب كثيرة عن عبد الله بن المقفع وادبه ورسائله واثره في الادب العربي منها ماكتبهالدكتور عبد اللطيق حمزة سنة 1941 ومنا ما كتبه الاستاذ محمد سليم الجندي 1936 ومنها ما كتبه الاستاذ جميل مردم سنة 1930 ومنها ما كتبه الاستاذ عبد الوهاب عزام والدكتور طه حسين في تقديمهما كتاب (كليلة ودمنة) طبعة القاهرة سنة 1941 ومنها ما كتبه هوار HUART المستشرق الفرنسي في دائرة المعارف الاسلامية ومنها ما كتبه المستشرق الالماني كارل بروكلمان ولابد لي من الاشارة الى ماقاله الخليل بن احمد الفراهيدي عن ابن المقفع فقد قال (ان علمه اكثر من عقله) .
ومهما يكن من امر فقد قال الاستاذ حنا فاخوري ان لإبن المقفع فضل جم على الادب العربي والعقل العربي وهو خير مثال على الثقافة الواسعة والفكر الصافي العميق والاسلوب العالي الرصين " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق