الأربعاء، 23 أغسطس 2023

تقرير عن منارة الحدباء بقلم سلام زياد الخشاب 10/10/2006

 




منارة الحدباء تبكي كما هو حال العراق

 بقلم :    سلام زياد الخشاب

تصوير:    م. عمار الراوي

بناء على كتاب مجلس محافظة نينوى العدد       بتاريخ  /  /             بخصوص منارة الحدباء

تم عقد اجتماع لمجلس فرع النقابة ومناقشة الموضوع وتم تكليف عدد من الأعضاء بالبحث عن المصادر وعن أعمال الصيانة التي أجريت على المنارة كما تم تكليف مدير تحرير المجلة والمسؤول الإعلامي بزيارة الجامع الكبير والمنارة وأخذ صور حديثة من جميع الجوانب وخصوصا مناطق التصدعات والتركيز على الموضوع وجعله موضوع الغلاف لهذا العدد مع تجميع المعلومات التاريخية والأرشيفية عن الجامع ومنارة الحدباء ونشرها لاطلاع كافة المهندسين والمهتمين وكذلك مراسلة بعض المنظمات الإنسانية والمهتمة بصيانة وترميم الآثار على المستوى العالمي عن طريق الإنترنت لإبداء مساعدتها في صيانة وترميم المنارة وكذلك إثارة الرأي العام العراقي للاهتمام بهذا الصرح الحضاري العظيم الذي يمثل قمة العمارة الإسلامية الموصلية منذ 8 قرون.

بتاريخ 18 رمضان المصادف 10/10/2006 تم التوجه إلى الجامع الكبير من قبل اللجنة المذكورة أعلاه عند الساعة الواحدة بعد الظهر وتعذر الدخول إلى الجامع الكبير كون الأبواب الخارجية مغلقة فقد تم الالتفاف حول الجامع من جميع الجهات والتحدث إلى المواطنين والذي سعدوا بمشاهدتنا عندما علموا الغرض من الزيارة كما أشار إلينا أحد الأهالي أنه باستطاعتنا أخذ صور من موقع مناسب وعال وهو (محمصة الجامع الكبير) على الجهة الجنوبية من المنارة واسطحبنا مشكورا والتعريف بنا إلى عمال المحمصة والملفت للنظر هو قدم الموقع الذي يعد بحق من بين الأكياس المملوءة التراث الموصلي وعلى الخصوص النقوش المحفورة كإطار على الشبابيك والقناطر وبين أكياس الكرزات الموصلية الشهيرة والممرات الضيقة تم الصعود إلى الطابق الثاني ومعنا أحد العمال وهو يحذرنا من السقوط لوجود تصدعات في الجدران الأرضية وتم الصعود بحذر إلى السطح العلوي الذي يقع على ارتفاع حوالي 3 أمتار عن الطابق الثاني وهو أعلى بناء من الدور المحيطة بالجامع لنقف مذهولين أمام هذا الصرح العملاق ألا وهو منارة الحدباء وكأننا قد رجعنا بالتاريخ إلى الوراء إلى العهد الأتابكي فقد تم أخذ عدة صور للمنارة والتركيز على الصدع الظاهر على قاعدة المنارة والجزء السفلي من المنارة والمناطق المحيطة بها.

ثم عدنا أدراجنا وكان طريق العودة أصعب من الصعود لكون الدرجات غير نظامية وبدون محجل والتشققات تحيط بها من كل جانب وحرارة الشمس ونحن صيام عندما نزلنا إلى الطابق الأرضي كان ينتظرنا شخص دله علينا الأهالي فقام مشكورا بالاتصال بحرس الجامع والمسؤول عن الجامع وأخبره عن الموضوع فسمح لنا مشكورا بالدخول إلى الجامع والتوجه إلى منارة الحدباء والصعود فيها.

كان في طريقنا الجامع الكبير وحديقة جانبية ومكان الوضوء والموقع كان نظيفا ومرتبا وصحبنا أحد الأشخاص وأبدى ارتياحه كون مضت فترة طويلة دون أن يزور المنارة وفد أو مهتم بصيانة المنارة بعد هذا الإهمال لعدة سنوات كنا نعتقد في أنفسنا أنه كلما اقتربنا من المنارة فإن الموقع سيكون أجمل وحسب الصور الفوتوغرافية التي نشاهدها في المكتبات وعلى الكراسات  والكتب زاهية نظيفة الواقع عند وصولنا إلى قاعدة المنارة كانت عبارة عن منارة مهملة بكل معنى الكلمة تحيطها القمامة من كل جانب والدرج المؤدي على قاعدة المنارة متكسر وبحالة يرثى لها وعلى الجانب الجنوبي بدأت قاعدة المنارة السفلية وقد تغطت بالتشققات والأوساخ وأبواب المنارة حدث ولا حرج وأكوام فضلات الطيور في كل مكان وعلى شكل تلال تملكنا خوف غريب من حالة المنارة خصوصا عند مشاهدة التصدع الجانبي في قاعدة المنارة لاحظ الصور ( ).

بعد الصعود الحذر على الدرج إلى قاعدة المنارة تملكنا شعور غريب وكأننا في أنفاق أهرامات مصر.. درجات متقاربة متجهة إلى المركز مثلثة والجدران مغلفة ؟؟؟؟ وأصوات الطيور والرياح وظلام دامس وعند الوقوف على قاعدة المنارة وأخذ بعض الصور بالفلاش لوحظ مدى الإهمال الواضح في منارة بهذا الشموخ وأنت تنظر إلى الأعلى تحس بالإعجاز المعماري لحلقات المنارة من الخارج وضخامتها وارتفاعها وعندما تنظر إلى الأسفل تشعر بالأسى ؟؟؟ والحسرة.

قررنا الصعود إلى الأعلى هنا تملكتنا الرهبة في هذا المعمار وكأننا في ملوية سامراء سلمان من الدرج لولبيان يدوران حول قاعدة اسطوانية بدون أن يتقاطعان داخل المنارة أي أنه لم تكن المنارة من الخارج فقط رائعة ولكنها من الداخل كانت عجيبة وغريبة وبعد عدة مئات من الدرجات وعلى مراحل الاستراحة والتقاط الأنفاس تصل إلى أعلى المنارة (القبة) وتلتصق لا شعوريا بالجدار لهذا الارتفاع الشاهق 56 مترا أعلى نقطة على بناية في مدينة الموصل لترى المدينة والناس والسيارات وكأنهم مجمع النملة وتشعر بالرياح العالية تنشئ ؟؟؟؟ بالمنارة وتقف بإجلاء لهذا الصرح الحضاري العظيم الذي بني بجهود المسلمين وعمارتهم قبل 800 عام. بل أن المجلب للنظر فعلا أن مواصفات البناء قبل 800 عام متفوق بشكل كبير على الأبنية الحالية المحيطة وكأننا نرجع إلى الوراء ولسنا في القرن الواحد والعشرين.

بعد أخذ عدة صور تم الهبوط تدريجيا إلى الأسفل لحين الوصول إلى الأرض وكان آذان العصر فصلينا في الجامع الكبير والذي ؟؟؟؟ تعبنا وعطشنا وتم تصوير الجامع والمحراب ومن الخارج تم تصوير المنارة من جميع الجهات مما يذكر أن الجامع نظيف ومرتب بشكل ممتاز وهذه الحقائق ننشرها كما هي معززة بالصور وبأمانة ليطلع عليها الرأي العام وليعرفوا مقدار التعمد في إهمال تاريخنا ورمز بلدتنا (منارة الحدباء).

إننا من هذا المنبر نناشد جميع الشرفاء في الوطن ومحبي التراث والتاريخ والدوائر ذات العلاقة في وطننا العربي الكبير والعالم الإسلامي والمنظمات الإنسانية بضرورة إنقاذ منارة الحدباء وصيانتها والتفكير جديا في جوانبها ويحيط بها ؟؟؟ الصور لنتحدث إليكم كخير شاهد ولإطلاع المهندسين والمهتمين على تفاصيل الجامع الكبير ومنارة الحدباء ننقل لكم أدناه نبذة تاريخية ؟؟؟؟ كذلك أعمال الصيانة التي حرص عليها وكذلك وصف هندسي لتشكيلات حلقات المنارة ووصف الجامع والمحراب ومرونة المنارة وسبب بقاؤه طيلة هذه السنين نرجو أن نكون قد وفقنا في ؟؟؟؟ ومن الله التوفيق.

 

المقدمة:

يعود تاريخ بناء الجامع الكبير والذي يعرف أيضا بالجامع النوري والذي يضم قمة العمارة الإسلامية الموصيلة متمثلا بمنارة الحدباء إلى العهد الأتابكي والذي أمر ببناؤه هو نور الدين محمود زنكي مؤسس الدولة الزنكية في الموصل وذلك في القرن السادس الهجري. ابتدأ العمل بالجامع في عام 566هـ/1171م وتم عام 568هـ/1173م وقيل أن كلفة البناء وصلت إلى 60 ألف دينار في حينه.

تعد منارة الحدباء من أعظم الآثار الإسلامية الموصلية بضمانها وارتفاعها وروعة زخارفها فضلا على صمودها لأكثر من ثمانية قرون مما يثير تساؤلات عدة عن أسرار بناء هذه المنارة التي هي أطول منارة في العراق وسميت بالطويلة وأطلق عليها فيما بعد الحدباء عندما بالميلان ولقد أكسبها هذا الميل أهمية خاصة وميزها عن بقية الآثار في وطننا العربي وسميت مدينة الموصل باسمها (مدينة الحدباء) وتعد كذلك من النصب التذكارية الشهيدة في العراق من وجهة النظر التاريخية والدينية والفنية وميلها الواضح بجعل منها موقفا سياحيا معروف على المستوى العالمي وهي رمز إسلامي شامخ يذكرنا دوما بحضارتنا وتاريخنا وأصبح لزاما علينا جميعا الحفاظ عليها وصيانتها كونها مسؤولية تاريخية كرمز لقمة العمارة الإسلامية في هذه المدينة العتيقة عبر التاريخ.

 

وصف الجامع والمنارة:

تشغل أبنية الجامع قطعة أرض شبه منحرفة مساحتها 585م2 ويتألف من مصلى وصحن مكشوف واسع ومأذنته العالية (الحدباء). المصلى في هذا الجامع مستطيل الشكل يشغل القسم الجنوبي الغربي من الأرض ويتألف من أربعة أساكيب واثني عشر بلاطة وبناء الجامع متين فجدران المصلى سميكة ومشيدة بالطابوق والجص وتقوم سقوفه على دعامات ضخمة تحمل عقودا مدببة مطولة وعقوده موازية لجدار القبلة ورتبت بلاطة المحراب بشكل معين لغرض إقامة قبة عليها تشغل عرض بلاطين وتم تقسيم بيت الصلاة إلى قسمين حيث فصل الأسكوب الرابع المطل على الصحن عن الأسكوب الذي يليه بجدار يتوسطه مدخل يقع على الخط المحوري لهذا البيت وينتج عن هذا التقسيم وجود بيت صلاة صيفي يطل على الصحن باثنتي عشرة بائكة عقودها مدببة منفوخة مطولة وتستند على أعمدة اسطوانية رشيقة والمصلى الشتوي مغلق أبعاده 20 × 7.15 م وهي ظاهرة جديدة ومتطورة في ترتيب بيت الصلاة في المساجد العراقية وتخترق جدران مصلى الجامع النوري الشتوي الشرقية والجنوبية والشمالية نوافذ للإضاءة والتهوية خصوصا في الصيف ويشتهر بيت الصلاة بمحرابه الفريد وقبته المرتفعة نسبيا والنقوش الجصية الجدارية التي كانت تزين القسم العلوي من جدار القبة. والقبة التي تقوم على مربع يتقدم المحراب ناتج من تقاطع بلاطة المحراب مع أسكوبين من أساكيب بيت الصلاة جديدة ولم تكن موجودة في المساجد السابقة فهي وسيلة إضافية لزيادة صوت الإمام والقبة الأصلية لمصلى الجامع مزدوجة نصف كروية تجلس على رقبة اسطوانية تعلوها قبة مخروطية ذات 16 ضلع وقد سقطت هذه القبة وبني مكانها قبة أخرى حديثة ذات شكل آخر ومحراب جامع النوري فريد وكان يتوسط جدار القبلة وهو معروض في قاعات المتحف العراقي حيث نقل إلى بغداد بعد أعمال الصيانة والتجديد التي أجريت على الجامع عام 1944 وهذا المحراب مصنوع من حجر الرخام ويتألف من عدة قطع نحتت بأدق الزخارف وأجملها ويتألف من حنيتين عقودهما مدببة ترتكز أطرافها على أعمدة اسطوانية حلزونية ويؤطر حنية المحراب إطار من مشاك صغير ذوات عقود مفصصة وشغلت بطون هذه المشاكي وحنية المحراب وأكتاف العقود فيه بأدق الزخارف النباتية المحفورة حفرا عميقا ومحراب الجامع الحالي نفيس وفريد أيضا ويعتبر من أهم المحاريب المعروفة في العراق ومعمول من حجر الرخام الأزرق ومزين بكتابات ونقوش دقيقة ويحيط بالمحراب أو تجويفه ككل إطار مستطيل مشغول بكتابات ووحدات من الزخارف النباتية الدقيقة. تتضمن الكتابات آيات قرآنية وتاريخ عمل المحراب وهو 543هـ/1184 واسم الصانع. وقد حفرت هذه الكتابات على أرضية من الزخارف النباتية ونقشت بخط كوفي مورق متقن للغاية ويعتقد أن هذا المحراب منقول من الجامع الأموي في الموصل على الغالب. وتغطي الزخارف النباتية بقية أجزاء المحراب بفن ودقة ولكن ليس بنفس مستوى إتقانها في محراب الجامع الأصلي. مع العلم أنه عند صيانة الجامع عام 1944 تم نقل ألواح من الزخارف التي كانت تزين جدار القبلة إلى بغداد.

إن التشكيلات الزخرفية الجصية في جامع النوري تمثل فن الرقش العربي أصدق تمثيل حيث تم الجمع بين العناصر النباتية والهندسية والخطية في انسجام تام وتناسق عجيب.

أما المئذنة وهي موضوعنا الرئيسي فهي من المآذن المشهورة في عالمنا العربي الإسلامي وتأتي شهرتها من ارتفاعها الشاهق حيث يبلغ علوها 55م ومن رشاقتها وجمال الأشكال الزخرفية التي تغطي كامل بدنها ونصف قاعدتها. ومأذنة جامع النوري مائلة لذلك دعيت بالحدباء وقد طغى اسمها على المدينة. وقد سقط القسم العلوي منها الحوض والرقبة والرأس، فأعيد بناؤه ولكن بالحجر وليس بالطابوق والجص المادة التي شيدت منها المأذنة. وتقع المأذنة في الركن الشمالي الشرقي من المسجد متصلة بجدرانه.

يرتكز بدن المأذنة على قاعدة مربعة منشورية فخمة ترتفع عن مستوى سطح الأرض بحوالي 19 مترا ومعدل طول ضلعها 5.70 أمتار (لوح 31). بني القسم الأسفل منها بالحجر والجص وارتفاعه نصف ارتفاع القاعدة تقريبا. ولم يحل بالتشكيلات الزخرفية التي تغطي القسم الباقي منها. وبدن المأذنة اسطواني، قطره 5.24 أمتار ويبلغ ارتفاعه 24 مترا. والرقبة المجددة اسطوانية الشكل تنتهي برأس نصف كروي ويبلغ قطرها 3.30 أمتار. ويكون الصعود إلى حوض المأذنة عن طريق سلمين حلزونيين يدوران داخل البدن ولا يلتقيان إلا في الحوض وينفتح عليهما عدد من النوافذ لإدخال النور إليهما. ويبدأ السلمان عند القاعدة وينفتح على أحدهما مدخل من فوق رواق سطحه بمستوى نصف ارتفاع القاعدة (لوح 3). وليس بين مآذن العراق السابقة ما يضاهي الحدباء في التصميم والارتفاع وسعة المساحة التي تغطيها الوحدات الزخرفية، ووجود سلمين للصعود إليها.

وأروع ما في الحدباء التشكيلات الزخرفية الناتجة عن التفنن في صف الطابوق وقصه بأشكال هندسية معينة لغرض الحصول على النقشات المطلوبة بموجب تصميم معين. إن هاتين الطريقتين معروفتان لدى الصانع العربي المسلم. ولكن روعة زخارف الحدباء نابعة من التنوع الكبير في الأشكال أو الوحدات الزخرفية التي تغطي البدن والنصف العلوي من القاعدة والمستويات المتنوعة التي رتبت فيها هذه الزخارف فهي أتقن الأمثلة لهذا الفن العربي الأصيل وتمثل بحق الذروة في هذا المجال من مجالات الزخرفة العربية الإسلامية.

القاعدة محلات من الجهات الأربع وتختلف تحلية كل وجه عن الأوجه الأخرى. وهي بهيئة مربع مؤطر بشريط زخرفي تختلف نقشته عن النقشة أو التشكيل الرئيسي. فتشكيلة الوجه الشرقي عبارة عن معينات ناتجة من التفنن في صف الطابوق وبمستويين مختلفين. أما الإطار فمشغول بأشكال نجمية وأشكال دوائر في ترتيب المعين. والوحدات هنا معمولة بقص الطابوق بأشكال معينة ومرتبة حسب التصميم المعين للنقشة. ومستوى وجه النجوم والدوائر متساو وبارز قليلا عن مستوى أرضية الأطار.

وتتألف تشكيلة الوجه الجنوبي من معينات أيضا ذات مراكز غائرة، وهذه التشكيلة ناتجة أيضا عن التفنن في صف الطابوق. أما الإطار فنقشته تختلف أيضا فهي تتألف من دوائر وخطوط ومنحنيات معمولة من طابوق مقصوص وهي مستوية الوجوه أيضا وبارزة عن مستوى الأرضية أي أرضية الشريط. أما تشكيلة الوجه الشمالي فعبارة عن نجميات رباعية الأطراف تفصلها دوائر صغيرة عملت بطريقة قص ونجر الطابوق بأشكال معينة وتبرز وجوه وحدات التشكيلية عن مستوى الأرضية وجميعها بمستوى واحد. والإطار محلى بنقشة وبنفس التقنية ولكن الأشكال هنا عبارة عن دوائر وأشكال هندسية أخرى. وأروع هذه التحليات هي نقشة الوجه الغربي التي تم الجمع بينها وبين الطريقتين الفنيتين حيث الأشكال المعينية المنخفضة المراكز المحيطة بنقشة تتوسط المربع وهي مربعة أيضا وتتألف من معينات وأطباق نجمية معمولة بطريقة قص الطابوق. وزينت الوجوه المستوية في هذه التشكيلة بزخارف نباتية تشغل الأشكال الهندسية بطريقة النقش الغائر ولكن بمستوى خفيف جدا أما الإطار فمقسم إلى أشكال هندسية عن طريق قواطع ولكن أركانه الأربعة محلاة بذات الزخارف النباتية التي نقشت في الوسط. وهنا نشاهد التداخل بين الأشكال الهندسية والنباتية في انسجام تام وتناسق ملحوظ.

زين بدن الحدباء بتحلية زخرفية جميلة. وتتصف هذه التحلية بتنوع أشكال وحداتها فهي تربو على عشرة أشكال وتتباين في مستوياتها وتقنيتها، وزعت بهيئة سبعة أنطقة متقاربة في سعتها وتفصلها ثمانية أشرطة ضيقة وتتميز حشوات الأشرطة عن تشكيلات الأنطقة، بأن هذه الحشوات عملت بطريقة تركيب طابوق مقصوص ومنجور في أشكال معينة أما زخارف الأنطقة فناتجة عن التفنن في صف الطابوق في أغلب الحالات. تتألف حشوة الشريط الأول من سلسلة من مربعات قائمة على رؤوسها ومثبتة على أرضية جصية. وتشكيلة النطاق الأول حصيرية تتحرك من اليسار إلى اليمين بصورة لولبية، حيث يعترضها نطاق مشغول بسلسلة ملتوية تشغل فراغات حلقاتها دوائر صغيرة. والنطاق الثاني مشغول بتشكيلة من معينات نفذت بدقة وإتقان ويفصل هذا النطاق عن الذي يليه الشريط الثالث الذي تتكون زخارفه من أشكال ملتوية رتبت بطريقة معينة تختلف عن تلك التي تشغل الشريط الثاني. ومعينات النطاق الثالث ذات حواف بارزة وكل معين مشغول بنجمية رباعية الأطراف على مستوى أخفض من مستوى حواف المعينات. وشغل الشريط الرابع بسلسلة من وحدة زخرفية تتألف من نجميات ذوات أطراف أربعة. وزخارف النطاق الرابع معمولة بطريقة قص الطابوق في أشكال معينة للحصول على تشكيلات مخصوصة إذا ما رتبت بالشكل المطلوب والتشكيلة هنا تتألف من أشكال نجمية ومربعات تتصل بعضها مع البعض الآخر في أطراف معينة وتزين النجوم خمسة دوائر. وتتألف تشكيلة الشريط الخامس من وحدات أو أشكال هندسية متداخلة. وتتألف تشكيلة الشريط الخامس من وحدات أو أشكال هندسية متداخلة. والنطاق الخامس محلى بأشكال معينة متباينة المستوى، ويفصله عن النطاق السادس شريط مشغول بأشكال نجمية جميلة. وعملت الزخارف التي تزين النطاق السادس بنفس الطريقة التي عملت بها زخارف النطاق الرابع ولكن تختلف في الشكل فهي هنا عبارة عن نجوم ذات أطراف أربعة تفصل بعضها عن البعض الآخر أشكال دائرية صغيرة والشريط السابع مشغول أيضا بزخارف هندسية جميلة. أما النطاق السابع فمغطى بأشكال معينة متدرجة انخفاضا إلى الداخل. ويتوج كل هذه الأشكال الشريط الثامن الذي يناظر الشريط الأول في تشكيلته. ويحتمل أن الحوض والرقبة والرأس كانت مغطاة أيضا بتشكيلات زخرفية مثل القاعدة والبدن.

أصاب الحدباء تشقق في بدنها وقد سارعت الجهات المعنية بإعداد أكثر من دراسة حول صيانة المأذنة وتلاقي سقوط الجزء العلوي من بدنها. وقد شاركت هيئات عالمية للمساعدة في إنقاذها من السقوط وتم وضع أكثر من مشروع لهذا الغرض ونأمل أن تنال الحدباء الاهتمام اللازم والإسراع في تنفيذ مشروع صيانتها وتلافي خط تشقق بدنها.

 

مرونة منارة الحدباء:

مما يثير الدهشة حقا أن معماريو المنارة استطاعوا أن يوفروا عناصر المرونة الأساسية وذلك وفق الاعتبارات التالية:

1-   توافر القوى بين الدقائق أي بين الطابوق من خلال مادة الجص.

2-   توافر دقائق الوسط المتماثلة وهي الطابوق.

3-   توافر التركيبات الهيكلية في الطابوق (الزخرفة) وهي في الأصل تركيبات رياضية تمنح البناء عناصر الصمود والاستقرار.

4-   وهو المهم تغير التركيبات الهيكلية (الزخرفة) مع تغير الارتفاع وحسب القوى والعزوم عليها.

مما سبق يتضح أن تواز المعطيات أعلاه ساعد على بقاء منارة الحدباء شامخة بالرغم من الميلان الشديد وتأثير الرياح وتغير الطقس وطول هذه السنين حيث أن قوى المرونة في المنارة تولد عزوما معاكسة للعزوم التي تؤثر على المنارة كضغط الرياح. إن هذه الهياكل تعمل على شبكات التسليح وهي الأساس في عنصر المرونة الذي يدعم المنارة.

 

تراكيب المنارة:

ما ذكرنا في فكرة المرونة في منارة الحدباء فإن معماريو المنارة استخدموا تركيبات مختلفة لتشكيلات الطابوق لتصنع منها هياكل معينة هدفها إقامة برج مرن عال وقاموا بتوزيع هذه التشكيلات حسب توزيعات ثقل المنارة واتجاهات القوى المؤثرة عليها ليضع برج (يتولى حماية نفسه) تجاه أية قوة تحاول إخراج مركز ثقله عن القاعدة كما قامت هذه التشكيلات بتوليد عزوم مضادة ضد العزوم المؤثرة وهكذا يبقى توازن القوى والعزوم على إبقاء مركز ثقل المبنى يمر في قاعدة البناية.

 

تركيبات حلقات المنارة بالتتابع من الأسفل إلى الأعلى:

الحلقة 1:

وهي أهم الحلقات للاعتبارات التالية:

1-   يتم التحول من الارتفاع بالتراكم عند القاعدة إلى الارتفاع باستخدام الهيكل الاسطواني.

2-   إن هذه الحلقة تشكل عنصر الربط بين القاعدة وجسم المنارة.

3-   الحلقة مصممة لتجعل الضغط والكبس الكبير الناتج عن ثقل المنارة.

4-   ينبغي أن تتحمل العزوم التي تشكلها الرياح أو ميلان الإنارة عبر طول المنارة وهي عزوم عظيمة.

إن هذه الرص الكثيف للطابوق وهذه التشكيلات تجنب تكسر الطابوق نتيجة الأثقال يقوم الجزء الأفقي من التراكيب بتوليد قوى أفقية تعمل ضد العزوم.

إن صف الطابوق على هذا النحو شكل تراكيب حلزونية تحزم الحلقة وتمتد من أعلى القاعدة إلى نهاية الحلقة الأولى. تعمل عمل الروابط فضلا عن مقاومة العزوم وكما تقاوم كبس المنارة كالنابض. حيث أن أية قوة أفقية تتعرض لها المنارة في نقطة يرد عليها بقوة أفقية مساوية في المقدار ومعاكسة في الاتجاه عند الحلزون المقابل. كذلك تقوم الحلقة بمجموعها برد الفعل على قوة الكبس العمودي لقد أدت هذه الحلقة عملها لأكثر من ثمانية قرون ولكن ثقل المنشأ وعوامل التعمير ولدت قوى على المنارة باتجاه الخارج أدت إلى انتفاخها من الوسط.

 

الحلقة 2:

الحلقة مصممة لأداء الواجبات الآتية:

1-   إسناد ثقل المنارة الذي فوقها وتوفير الربط مع الحلقة الأولى.

2-   توفير عنصر استقرار يمنع أية عزوم جانبية لاسيما وأنها تفقد عنصر الاستقرار الذي تتمتع به الحلقة الأولى أي ينبغي أن توفر عنصر استقرار خاصا بها.

لذلك صمم المعماري تركيبه من الطابوق. تتميز هذه التركيبة بأنها توفر عنصر رد فعل نقطي على كل قوة بأي اتجاه. فضلا عن أنها تؤدي إلى تراكيب كبيرة تولف ثلاث حلقات حول الحلقة الثانية.

إن هذه الحلقات تحقق عنصر استقرار وربط في النقاط كلها تقاوم العزوم الجانبية والقوى الضاغطة من الأعلى وقوى رد الفعل من الأسفل إذ تشكل الأحزمة المعينية هيكلا داعما يربط الحلقة الأولى بالثالثة. كذلك ما زال رص الطابوق هنا كثيفا لا يترك أي فراغ وهذا يوفر عنصر الإسناد لبقية جسم المنارة.

 

الحلقة 3:

توفر الحلقة عنصر الإسناد لبقية الحلقات التي فوقها مع ربط الحلقة الثانية بالرابعة كما توفر قاعدة استناد للحلقة الوسطية التي سأسميها الحلقة المفصلية يحقق المعمار هذه الأهداف على وفق تركيب بالطابوق يؤدي إلى تشكيل أشكال معينة صغيرة وبذلك تشكل حواف على هذه الأشكال هيكلا داعما مرنا يجعل من الحلقة قطعة واحدة.

 

الحلقة 4:

نلحظ في هذه الحلقة تركيبة من الطابوق غريبة جدا. ولاشك أن المعمار قد استوعب ذلك من خلال تفهمه لفكرة العزوم. ولأبسط ذلك من خلال المثال الآتي: إذا رفعنا عصا أو عمودا طويلا نراه ينحني عند المنتصف ويمكن أن ينكسر من هذه النقطة ذلك أن نقطة منتصف العمود سوف تشكل محور ذات دوران للنصف المرتفع ويشكل مركز ثقله قوة يمكن أن تكسر العمود. ولا يمكن أن يفسر التركيب إلا بوصفه مفصلا يسمح للجزء العلوي من المنارة بالحركة اليسيرة لأن الجزء العلوي لابد أن يتحرك نظرا لطوله.

 

الحلقة 5:

في هذه الحلقة يبدأ المعمار بالاعتماد على تشكيل شبكة من الأشكال المعينية كما هو الحال مع الحلقة الثالثة ولكنها ذات مساحة صغيرة وتحتوي على فتحات دائرية وهي في الوقت نفسه مقعرة إلى داخل جسم المنارة وذلك لتخفيف ثقل هذا الجزء فيما تشكل حوافي الأشكال المعينية هيكلا ساندا للحلقة.

 

الحلقة 6:

إن هذه الحلقة في نظري حلقة شاذة وهندستها بسيطة ولا تؤدي هندستها إلى إيجاد أية تراكيب هيكلية. ومن المفروض أن تحتوي هذه الحلقة على تراكيب معينية تتراوح مساحتها بين مساحة الأشكال في الحلقتين السابعة والخامسة. ولكن طريقة صف الطابوق هنا لا تؤدي كما ذكرنا إلى أية بنية هيكلية ولذلك فإن هذا الجزء قد تعرض للتهدم وهبط لولا تدارك الأمر بتصليحه.

 

الحلقة 7:

قام المعمار بتصميم الحلقات المعينية الكبيرة والمقعرة إلى حد كبير. يمتد تقعرها إلى مسافة عميقة داخل الجدار. ويكمن عنصر قوتها في الأشكال المعينية وكذلك في المواشير الناشئة في التقعرات داخل الجدار وهذا التركيب وفر الخفة والمتانة لهذه الحلقة.

 

الاستنتاجات:

1-   منارة الحدباء مصممة على أسس فيزيائية وهندسية قبل قرون من صياغة قوانين الستاتيك والداينميك ونظرية المجاميع.

2-   منارة الحدباء من أول الأبراج الداعمة ذاتيا. وهي مبنية بمواد أولية بسيطة (الجص والطابوق) ومع ذلك صمدت لثمانية قرون والسبب: هو توصل المعماريون إلى أفكار المرونة التي تحفظ الأبراج من السقوط وذلك بالاستفادة من فكرة تركيبات الطابوق.

3-   إن الزخرفة التي نلحظها في البناية ليس الغرض منها تجميل البناية وإنما إقامة تراكيب شبكية هيكلية كانت أساس المرونة التي تمتع بها المبنى وهي بذلك تشبه البنى البلورية إذ تشكل تنظيمات الذرات قواعد تتموضع بدورها على بنى هيكلية تسمى الشبائك وتتحكم في مرونة المواد وهشاشتها.

4-   استطاع معماريو البناية تصميم البنى الهيكلية للمنارة بحسب مواصفات القوى والعزم والارتفاع. فنرى الحلقة الأولى مصممة لتحمل قوى الكبس من خلال بنى هيكلية حلزونية أما الحلقة الثانية والثالثة فتتغير البنى فيهما على وفق تناقض الثقل والبعد عن الاستقرار الذي تقدمه القاعدة.

5-   الحلقة الرابعة وهي الحلقة الوسطى لا تفسر على أساس عملها بوصفها مفصلا يحافظ على البناية من الانكسار.

6-   شكلت الحلقة الخامسة بنى هيكلية حاول فيها المعمار تخفيف وزن المنارة عن طريق إحداث تقعرات عميقة داخل جدار المنارة والاعتماد على حوافي هذه التقعرات بوصفها هياكل.

 

أعمال الصيانة:

استندت أعمال الصيانة على التقوية النهائية والثابتة لهذا الأثر لكي لا يزال عنه أي خطر للانهيار. ويقوم المشروع على الحفاظ على الميل وكذلك الحفاظ على المنظر الخارجي للأثر دون أي تغيير. علما بأن ميل المنارة كان بعيدا عن أي حد من حدود الأمن المعقول كما أن الجزء العلوي من الأثر يظهر ميلا واضحا.

إن حالة التوتر في المبنى أظهرت قيما لا يمكن قبولها بالنسبة لبناء اعتيادي مشيد بالطابوق، والحقيقة فإنه لم يكن هناك دليل واضح عن طريق المعاينة البصرية البسيطة على أن المبنى يتدهور منذ وقت طويل بصورة مستمرة.

إن هذا التدهور يؤثر على الجدران الآجرية الرئيسية وعلى السطح الخارجي المزخرف ويمكن مشاهدة العديد من التصدعات الكبيرة والواسعة في السطح الخارجي للأثر، وقد لوحظ أن الزخارف والطابوق كانت تصاب بالتلف يوما بعد يوم، وأخيرا هناك علامات واضحة جدا على أن البناء الشاهق المعلق والذي يقع وسط المدينة وفي منطقة مزدحمة بالسكان كان يقترب من نهايته بسرعة خطيرة.

لقد اشتملت أعمال الصيانة والتقوية على أمرين:

الأول – تقوية البناء برمته.

الثاني – التقوية من الأسفل.

وذلك لضمان استقرار الأثر التام في جميع الأحوال وبدون أن يهبط عن مستواه. لقد سار كل من العملين وفق أسلوبين متشابهين لكي يمكن اعتبارهما وجهين مختلفين لمشكلة واحدة.

فقد ضمن حقن الثقوب المحفورة بالسمنت تجديد المبنى بشكل واسع وإعطاء مقاومة أعلى بكثير من مستوى أي بناء عادي من الطابوق، ولا تقتصر التقوية على الجدار الخارجي بل امتدت إلى السلم الذي ربط بقوة بالجدار الخارجي وتبعا لذلك فإن القسم العلوي من الأثر قد عاد إلى حالته الكاملة مزودا بقوة هائلة في مقاومته الذاتية ومن المهم جدا التأكيد على أن الثقوب المحفورة قد حفرت بجهاز دوار خاص لتجنب الاهتزاز والتلف تماما، حتى بالنسبة للأجزاء المهشمة من البناء وبعد الحقن فإنه قد جرى سد فوهات الثقوب المحفورة لإزالة تشويهات الحفر للمحافظة على السطح الخارجي للجدار لاسيما فيما يتعلق بالزخارف.

 

التقوية من الأسفل:

إن الصيانة  في هذا الجزء قد استندت على استعمال الركائز الجذرية طبقا لطريقة شركة فونداديل وتبدو هذه الركائز وكأنها جذور شجرة ممتدة إلى مسافات بعيدة في باطن الأرض.

وقد أمكن الحصول على الركائز الجذرية عن طريق الحفر مباشرة خلال البناء والتربة وبجهاز دوار كذلك لا يسبب أية اهتزازات أو ارتجاجات في المبنى وقد تخطى الحفر كل العوائق مثل الطبقات الصخرية وطبقات ما تحت سطح التربة دون أي صعوبة في مثل هذه الحالات.

وقبل صب السمنت يحشر قضيب فولاذي يمتد على طول الثقب كله ويدفع المزيج المتكون من السمنت والرمل تحت ضغط هوائي في كل من الأرض والجزء المحفور من خلال المبنى. لذلك فإن اتصالا مباشرا بين الركائز والجزء العلوي من المبنى قد تم تحقيقه بدون أي بناء تكميلي ويضاف إلى هذا الجزء المحشور من الركائز خلال المبنى يكون تقوية تشبه كثيرا تقوية الجزء الأعلى التي حصل عليها بواسطة شبكة من القضبان الفولاذية المحقونة.

إن هذا الأمر مهم جدا لأن القسم الأسفل من المبنى هو الذي يتعرض لتوتر أشد. وبقدر تعلق الأمر بطول الركائز ويمكن تخمينه فقط لعدم وجود تقرير عن طبيعة طبقات ما تحت التربة ومع ذلك فقد أمكن حقن القضبان الحديدية إلى مسافة تقرب من الخمسة عشر مترا.

ومن المفيد أن نذكر أن التقوية من الأسفل بطريقة الركائز الجذرية تقاوم كلا من قوى الضغط والشد وحتى في حالة استبعاد قوى الشد فإن هذه الصفة يمكن اعتبارها ذات أهمية كبرى.

إن هذا الإصلاح (الصيانة) هو أول عمل جذري لهذا الأثر التاريخي المهم. ففي عهد الحكم العثماني قام الوالي حسين باشا الجليلي بإصلاحات مهمة على الجامع والمنارة.

وفي بداية الحكم الوطني قامت وزارة الأوقاف في سنة 1925م ببعض الإصلاحات الطفيفة ثم في عام 1945م ومن الجدير بالذكر أن الجامع الحالي قام على أسس غير تلك الأسس التي بني عليها جامع نور الدين في عهد الأتابكة.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدكتور فتحي عباس الجبوري والبعد اللبناني في المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة

  الدكتور فتحي عباس الجبوري والبعد اللبناني في المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - ج...