الأربعاء، 1 أبريل 2020

تقي الحاج عبد البلداوي الافندي الموظف العراقي المتنور



تقي الحاج عبد البلداوي الافندي الموظف العراقي المتنور
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وكم أنا فرح ، وسعيد ، وبيدي كتاب المؤرخ العراقي العزيز الاستاذ الدكتور عادل تقي البلداوي الموسوم ( طبقة الافندية ودورها في بناء بغداد : تقي الحاج عبد البلداوي سيرته الاجتماعية والوظيفية إنموذجا : مفكرات ووثائق ) .
وسبب فرحي ، أن الاستاذ الدكتور عادل يكتب عن والده ، وعن سيرته هو يكتب عن أفندية بغداد من خلال أوراق ومفكرات ووثائق وأوراق والده الحاج تقي بن الحاج عبد البلداوي ، وهذا شيء جديد ان يكتب مؤرخ كتابا عن والده .
الكتاب صدر عن (دار أمل الجديدة بدمشق - سوريا ) . وشيء جميل ان يعرض الاخ الاستاذ الدكتور عادل الكتاب على عدد من المؤرخين والكتاب قبل النشر فيدلوا بدلوهم ومن هؤلاء المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور هاشم صالح التكريتي، والاستاذ شامل عبد القادر ، والاستاذ الدكتور كريم صبح ، والفريق طارق توفيق البلداوي ، والاستاذ حسن خلف العلاق ، والاستاذ رزاق ابراهيم حسن .
تقي الحاج عبد البلداوي ، كان احد موظفي أمانة بغداد أي ما كان يعرف سابقة ب( أمانة العاصمة ) . وقد استشهد ولده الدكتور عادل بأوراق والده وإضبارته ، منذ تعيينه سنة 1943 وحتى تقاعده سنة 1979 .
(طبقة الافندية ) هم الذين تخرجوا من المدارس الرسمية ، ولبسوا السترة والبنطلون والسيدارة ، واصبحوا موظفين عند الحكومة . وقد تحدث عنهم استاذنا الدكتور علي الوردي وسماهم المتفرنجون .
تحدث ايضا عن أمين العاصمة ، وكان يعين بإرادة ملكية وكان يعد من كبار الموظفين .. وبعد ثورة 14 تموز 1958 ارتبطت امانة العاصمة بوزارة جديدة اسمها وزارة البلديات والتي سميت بعد ذلك بإسم ( وزارة البلديات والشؤون القروية في الستينات وبعدها وزارة البلديات والاشغال ثم الحقت امانة العاصمة بديوان رئاسة الجمهورية .
تقي الحاج عبد البلداوي ولد في مدينة بلد سنة 1922 ، وكان ابوه عطارا . وفي السنة 1939 انتقل الى بغداد وعمل كاتب طابعة في امانة العاصمة 1946. وفي 1950 كانت مهمته (جباية رسوم البناء في مديرية وحدة الكرخ ) . وفي سنة 1951 باشر بعمله مراقبا في شعبة الطوابع ، ثم كاتبا في مديرية الحدائق، وكاتبا في شعبة التبليط ثم في رئاسة وحدة الكرادة سنة 1963 .
وفي سنة 1970 عمل في وحدة الاعظمية ، وأنيطت به مهمة اعمال التبليط، وعمل رئيس ملاحظين في مديرية وحدة القناة وخدم في امانة العاصمة 37 سنة وتوفي في 19 كانون الثاني 2016 متحسرا على ما آل الأمر ببغداد بعد الاحتلال الاميركي البغيض في التاسع من نيسان 2003 .
كان تقي البلداوي أفنديا من ذلك الزمان ، زمان الاربعينات وحتى اواخر السبعينات من القرن الماضي .
وكان بودي ان يخصص اخي الدكتور عادل مبحثا يتحدث فيه عن طبقة الافندية التي تعود الى الطبقة الوسطى البرجوازية التي ابتدأت بالنمو والبروز أواخر القرن التاسع عشر وابعدت عن الحياة سنة 1964 عند التأميم الامر الذي افقد المجتمع العراقي أقوى وأكبر طبقة كان لها دورها في حفظ توازن المجتمع ، وحمل إرثه الثقافي .
كان تقي الحاج عبد البلداوي ، من العاملين الوطنيين الاشراف .. كان إنموذجا في الحرص ، والنظافة ، والنزاهة ، ونكران الذات ، والتضحية من اجل البلد .. كان متميزا كأقرانه ومن عمل معه من الموظفين المخلصين .
لقد سبق ان كتبتُ في كتابي ( تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني ) 1982عن طبقة الافندية : المثقفين التي تعرف ب (الانتلجنتسيا ) وهي القوة الديناميكية المحركة داخل الطبقة البرجوازية .هذه الطبقة التي بنت العراق، وأسهمت في تكوينه السياسي والاداري ، والاقتصادي ، والعسكري ، والمالي ، والتعليمي، والتربوي ، والثقافي .
كما ان الوطنيين الاقتصاديين العراقيين ، كان لهم دورهم في بناء العراق صناعيا وتجاريا واقتصاديا قاوموا الاستعمار ليس بالحزبية والشعارات، بل بالاقتصاد ، وبناء المعامل ، والمصانع ، وتنشيط التجارة ، والزراعة .
الامر يحتاج الى كثير من الدراسات ، ولكاتب هذه السطور إسهامات في الدعوة الى إعادة الإعتبار للطبقة البرجوازية ، لتكمل دورها التنويري في مجتمعنا العراقي، وانا على يقين ان الاخ الاستاذ الدكتور عادل تقي البلداني سيجد من بين طلابه من يقوم بهذه المهمة العلمية ، والوطنية .دمت اخي الاستاذ الدكتور عادل ببهاء ورحم الله والدك ذلك ( الافندي الموظف المتنور العراقي الغيور ) ، وجزاه خيرا على ماقدم لبلده ، ولبغداد الحبيبة .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...