الأربعاء، 15 أبريل 2020

استاذ التاريخ المتمرس في جامعة الموصل الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف (على المؤرخ ان يكون موضوعيا وغير منحاز) (نحن بحاجة الى التاريخ لترسيخ فكرة الوطنية والتعاون بين البشر ).




استاذ التاريخ المتمرس في جامعة الموصل
الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف
(على المؤرخ ان يكون موضوعيا وغير منحاز)
(نحن بحاجة الى التاريخ لترسيخ فكرة الوطنية والتعاون بين البشر )...
أجرى الحوار : الاستاذ عبد الناصر العبيدي 
عرف عن الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف حضوره الواعي ووطنيته العالية اضافة الى عمق بحوثه العلمية الرصينة التي ملأت المكتبات وبطون الكتب .العلاف يحمل تفاؤل الفلاسفة وصبر الحكماء فهو ينتمي الى جيل مثقف جمع بين رصانة التواضع والمكانة العلمية المميزة ..
التقيته في حوار عن التاريخ واليكم ما قال ::
* ماهو الوعي التاريخي للمجتمع؟
اولا اتقدم بالشكر الجزيل للاخ الاعلامي المتميز الاستاذ عبد الناصر العبيدي واعتز به واقول ان الوعي التاريخي مهم جدا للمجتمع لان المجتمع الذي يفتقد الوعي بالتاريخ يوصف بأنه مجتمع تائه لايعرف اين هو والى أين يتجه . الوعي في جانب من جوانبه ذاكرة والتاريخ ذاكرة الامة كما هو ذاكرة الانسان والانسان عندما يفقد ذاكرته يتيه ويفقد مساره في الحياة ويحتاج من الاخرين أن يأخذوا بيديه وكذلك الامة مثل الانسان .
*وهل برايك ان مجتمعاتنا وصلت الى مرحلة الوعي التاريخي ؟
اذا كنت تقصد مجتمعاتنا العربية فإنها ومنذ القرن التاسع عشر وصلت الى حالة من الوعي بالتأريخ وظهر مفكرون امثال عبد الرحمن الكواكبي وناصيف اليازجي وجمال الدين الافغاني وغيرهم دعوا الى ان تنهض الامة وتعمل من اجل استقلالها ووحدتها ولكن هذه النهضة انتكست بسبب منع الغرب ومحاربته لها وبسط سيطرته على البلدان العربية وزرع اسرائيل في قلبها والحيلولة دون نهضتها . واذا كنت تقصد مجتمعنا العراقي فإنه ايضا شهد نهوضا وتزايدا في الوعي التاريخي وخاصة في اواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وترافق هذا الوعي بتأسيس الدولة العراقية الحديثة وجهود الملك فيصل الاول باني مجد العراق ورفاقه من المفكرين والكتاب والشعراء ورجالات التربية والقضاء والادب والصحافة لكن هذا النهوض للاسف انتكس بسبب قلة تجربة السياسيين والتجائهم للعشائر والجيش ودخول العراق في مرحلة الانقلابات العسكرية منذ سنة 1936
.
*مالعدالة التي يسعى اليها الناس من حقيقة التاريخ ؟
الناس تلجأ للتاريخ تستخلص منه نماذج من حالات العدالة التي شهدها التاريخ وخاصة في مراحله الاسلامية خلال قيام الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ببناء الدولة ودور الخلفاء الراشدين في قيام اركانها وتوسيعها وامتداداتها ويقينا ان العدالة كانت واحدة من القيم التي بني عليها الاسلام وبنيت عليها الحضارة العربية والاسلامية .
*ولماذا انقسم التاريخ الى مذاهب ؟
طبعا انت تقصد بمذاهب التاريخ نظرياته وتفسيراته وهي كثيرة والسبب في ذلك ان الحياة معقدة والاحداث التي تمر بالناس معقدة ولايمكن ان يسببها عامل واحد .لذلك اجتهد فلاسفة التاريخ ومفكريه في توضيح اسباب وقوع الاحداث . فهناك من قال ان ( الدين ) وراء وقوع الاحداث والتاريخ هو في جانب من جوانبه (تحقيق لمشيئة الله في الارض) وهناك من قال ان ( الرجل العظيم أو البطل ) هو وراء الاحداث وهناك من قال ان ( المناخ ) هو وراء الاحداث وهناك من قال ان (الاقتصاد ) هو وراء الاحداث وهناك من قال ان ( السياسة ) وراء الاحداث وهناك من قال ان ( الجنس ) هو وراء الاحداث وهناك وهناك وتفسيرا هؤلاء معروفة لكننا في المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة وانا امثل ( الجيل الثاني ) فيها نؤكد على تعددية العوامل وليس من الصحيح ان نفسر التاريخ بسبب واحد وكما قلت الحياة معقدة لكننا نرجح مثلا العامل الاقتصادي عند دراستنا للثورة الصناعية ونرجح نظرية الرجل العظيم عندما ندرس مثلا دور نابليون .
*.ولماذا انحاز البعض من المؤرخين الى حقبة مفابل اخرى؟
اولا لابد ان اقول ان على المؤرخ ان يكون موضوعيا وغير منحاز لكن لاغراض الدراسة وتسهيل الامر على الباحثين قسم التاريخ الى قديم ووسيط وحديث فهناك مثلا من يتخصص بتاريخ العراق القديم في عهد الاشوريين وهناك من يتخصص بعصر الخلفاء الراشدين وهناك من يتخصص بالتاريخ العباسي او العثماني او تاريخ اوربا او تاريخ فلسطين وهكذا لكن المنهج التاريخي في البحث منهج واحد والكل يبحثون للوصول الى الحقيقة التاريخية من خلال جمع المصادر وتفكيكها وتحليلها ومن ثم اعادة بناء المعلومات من جديد وعرضها على الناس .
*البعض يؤكد ان الصحافة المكتوبة مسودة للتاريخ ..والبعض من المؤرخين يعتمد على الصحافة وارشيفها .ماقولك فيما يطرح؟وهل اعتمدت عليها فيما ارخت من احداث ؟
الصحف والصحافة من مصادر التاريخ الحديث ولا يمكن للمؤرخ ان يتغافل عن دور الصحافة صحفا كانت ام مجلات والصحافة قد تكون مكتوبة وقد تكون مقروءة وقد تكون مرئية والان الصحافة الالكترونية كلها مصادر للمؤرخ لكي يكتب حالها حال الوثائق الرسمية والكتب والمذكرات والرسائل الشخصية والاوراق الخاصة والمقابلات الشخصية وحتى ما نسميه بالتاريخ الشفاهي الذي يؤخذ من شفاه الناس .وليس من الصحيح الاعتماد على الصحف فقط بل لابد من تنويع المصادر ومقارنتها ببعضها واستخلاص الحقيقة .
*.ومالعلاقة الرابطة بين الصحفي والمؤرخ والسياسي برأيك؟
المؤرخ هو من يكتب والصحفي ليس مؤرخا والسياسي ليس مؤرخا المؤرخ يستفيد من الصحفي ويستفيد من السياسي يستفيد من الصحفي من خلال العودة الى ما يكتبه او ما ينقله من اخبار ويستفيد من السياسي عندما يعود الى مذكرات هذا السياسي او بياناته او تصريحاته .وهكذا العلاقة وثيقة التاريخ سياسة ماضية والسياسة تاريخ حاضر .
*.ولماذا التنافر بين الصحافة والتاريخ حتى البعض يقول هناك تقاطع دائم..ماهي الاسباب؟
ابدا انا لااعتقد ان هناك تنافر الصحفي احيانا يتقمص دور المؤرخ ويعطي للاخرين انطباع انه مؤرخ لكنه ليس مؤرخا انه يظل صحفيا قد يمتلك اسرارا ومعلومات ولكنه لايمتلك منهجا تاريخيا وليس لديه ادوات لمهنته ولم يخضع لتدريب لذلك لايجوز ان يقول عن نفسه انه مؤرخ .المؤرخ يحتاج الى ما يكتبه الصحفي ويظل الصحفي صحفيا والمؤرخ مؤرخا ...اقول على سبيل المثال ان الاستاذ محمد حسنين هيكل وقد الف كتبا كثيرة في التاريخ لكنه لم يدع انه مؤرخ وكذلك لدينا في العراق كثيرون يكتبون في التاريخ وهو صحفيون منهم مثلا احمد فوزي ومحسن حسين وزيد الحلي وشامل عبد القادر نستفيد من كتاباتهم لكنهم لايعدون مؤرخين .
.وماالفرق بين مصطلح التاريخ الحديث والمعاصر ؟
التاريخ الحديث يعني الفترة مثلا من سقوط القسطنطينية سنة 1453 الى 1914 اي الى الحرب العظمى وهي الحرب العالمية الاولى والتاريخ المعاصر من سنة 1914 الى الوقت الحاضر والتاريخان متداخلان ولاتوجد حدود حادة بينهما
*.هل لايزال التاريخ حي برايك اي هل لايزال محافظ على حيويته؟
التاريخ حي والتاريخ يتقدم الى امام ولايوجد تاريخ جامد ولايوجد تاريخ يعود الى الوراء التاريخ حي اذا توفر له مؤرخ يكتبه والمؤرخ بدون احداث تاريخية لايستطيع ان يفعل  شيئا لهذا قال المؤرخ إدوار كار في كتابه ( ماهو التاريخ ؟) أن التاريخ حوار متصل بين المؤرخ ووقائعه قالوقائع او الاحداث ميتة ومن يحييها هو المؤرخ والمؤرخ عاجز اذل لم تكن بين يديه احداثا يؤرخها . والتاريخ دوما حيوي ويتجدد .
*.وهل لايزال للتاريخ معنى ؟
نعم للتاريخ معنى وللتاريخ هدف وللتاريخ رسالة وللتاريخ قيمة . ومعنى التاريخ يكمن في انه يجسد قدرة الانسان على البناء والنهوض والتفاعل وهدف التاريخ هو ان يربط بين الاجيال وقيمته في ان يعزز الترابط بين البشر ورسالته هي في اتاحة الفرصة للاجيال بأن تعمل وتنهض وتتقدم الى الامام والتاريخ في جوانبه اداة لترسيخ القيم الوطنية والقومية والانسانية .
*.كمجتمع هل نحن بحاجة الى الحقيقة في التاريخ ؟.
نعم كنا ولازلنا وسنكون بحاجة الى التاريخ لسنا وحدنا بل كل الامم والشعوب في العالم تحتاج الى التاريخ فهو الاساس الذي تنطلق منه الاقوام والشعوب والمجتمعات لبناء الحاضر والاستعداد للمستقبل هو ركيزة للانطلاق لهذا انا اقول كما ان للتاريخ فوائد فللتاريخ مضار ومضاره تكمن في ما اذا استخدم للهدم واصبح اداة للتعصب ونشر الكراهية بين الشعوب .لذلك عندما انتهت الحرب العالمية الثانية اجتمع المؤرخون والمفكرون الاوربيون والامريكان ووضعوا مناهجا تمنع من ان يكره الفرنسي الالماني والالماني الامريكي والروس الالماني وهكذا .التاريخ نحن بحاجة اليه لترسيخ فكرة الوطنية والتاريخ نحن بحاجة اليه لترسيخ فكرة التعاون بين البشر والتاريخ نحن بحاجة الية لتحقيق السلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...