الدكتور ابراهيم العلاف يتحدث في برنامجه التلفزيوني الرمضاني (ماقل ودل ) والذي أقدمه من على قناة الموصلية عن ( العدل )
العدل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وانا اتواصل معكم – أحبتي الكرام – في هذا الشهر الفضيل
شهر رمضان المبارك شهر القرأن الكريم لابد لي لن اقف عند قيمة انسانية عليا تلك هي
( العدل ) وكما يقال ( العدل اساس المُلك ) بمعنى ان الملك او السلطة لابد لكي
تكون ناجحة ومقبولة ان تكون عادلة لاتميز بين الناس عليها ان تقيم العدل وكلنا نتذكر
عندما كنا اطفالا صغارا قبل عقود تلك القصة التي تشير الى ان الخليفة عمر بن
الخطاب رضي الله عنه عندما جاءه رسول كسرى ملك الفرس وسأل عنه فقيل انه انه ينام
تحت تلك الشجرة فأطلق عبارته الشهيرة ( عَدِلتَ فنمت ) أي لو لم تكن عادلا بين
الناس ما استطعت ان تنام بهذه الصورة .
العدل من حيث اللغة خلاف الظلم والجور والانسان الذي يسلك طريق العدل هو الانسان العادل والعدل اصطلاحا هو وضع الامور في نصابها والعدل هو القسط والقسط اعلى مراحل العدل لانه يصور العدل في الوزن والقسطاس المستقيم .
نعم – أحبتي الكرام – العدل قيمة انسانية ، وقيمة اخلاقية ، وقيمة سياسية وقيمة اجتماعية فالانسان العادل بين اولاده وبناته يكون مرتاحا من
الناحية النفسية والانسان العادل بين ابناء شعبه يكون مرتاحا وسعيدا وهكذا فإقامة
العدل ليس طريقا مفروشا بالورود بل انه طريق صعب يحتاج الى جهد ويحتاج الى سلوك
ويحتاج الى انصار .
والانسان منذ ان وُجد على ظهر الارض وهو يبحث عن العدل
والتاريخ في وجه من وجوه وجانب من جوانبه هو النضال نضال الانسان من اجل تحقيق
العدل واقامته .
العدل كما سبق ان قلت قيمة انسانية وهو ايضا فضيلة
اخلاقية وكثير من الكتاب والفلاسفة توسعوا في مفهوم العدل واكدوا على اهميته
للانسان والدولة .
انت عندما تكون عادلا بين الناس فإنك تمارس سلوكا
اخلاقيا وانسانيا يعني انك لاتميز بين هذا وذاك تعطيهم نفس الفرص وتمنحهم نفس
الامتيازات وعندئذ هم يتبارون بينهم وحسب قدراتهم وامكاناتهم للوصول الى المكانة
او الوظيفة او المنصب الذي يستحقونه .
ويرتبط بالعدل مفهوم العدالة التي يعرفها الفلاسفة
والمفكرين على انها النسبة الصحيحة بين ما يستحقه الشخص وبين الأشياء الجيدة والسيئة التي تم
تخصيصها له ولعل الفيلسوف اليوناني ارسطو هو من ابرز الفلاسفة الذين وقفوا عند
مفهوم العدل والعدالة فالانسان يتعامل مع
الناس بطريقة واحدة او يتخذ من الاحداث موقفا واحدا ..ان تكون حاكما جيدا بمعنى ان تكون عادلا في منح الفرص وفي توزيع الثروة وفي اسناد
المناصب ...ان تكون عادلا بمعنى ان تساوي بين الناس في الصح والخطأ تعاقب وتكافئ بعدالة . لذلك على الدولة ان تكون عادلة عندما
تسن القوانين وعندما توزع الثروات بين الناس وبين المناطق التي تعود اليها .
وعكس العدل الظلم والدولة الظالمة مكتوب عليها الفشل والعدل مهم وضروي ودائم
والظلم سبب من اسباب انهيار الدول وكما جاء في الاثر ( الظلم اذا دامَ دمرْ ) .
ودائما اقول ان العدل شيء والمساواة شيء آخر فالعدل ان تعطي نفس الفرصة
لاثنين وعندها تتباين القدرات اما في المساواة فمعنى هذا انك تساوي بين المجتهد
والكسلان وهذا لايجوز عليك ان تكافئ الكسلان كما تكافئ المجتهد بل عليك ان تعمل من
اجل رفع مستوى الكسلان او توجهه او تنصحه للسير في طريق النجاح .
والانسان المعتدل هو الانسان الوسطي لاافراط ولاتفريط بل لابد من التوازن
والكون بُني على العدل والانتظام والترتيب
وبالعدل قامت السماوات والارض اي بميزان .
والعدل يعني في جانب من جوانبه الاستقامة
والاستقامة واجبة ولايحقق العدل الا من كان انسانا مؤمنا صادقا مستقيما إن كان ذلك
على مستوى الفرد أو على مستوى المجتمع والحكم والسلطة .لذلك ولكي نقيم العدل لابد
من العمل الجاد والمخلص ومما يساعدنا على اقامة العدل ان تكون لدينا عناصر لكي
نقيم العدل وابرز هذه العناصر الاخلاق والقوة والقانون .
ومن يحكم عليه بالعدل اي عليه مراعاة حقوق الناس
سواء كانت هذه الحقوق طبيعة ومنها حق الحياة برفاهية أو حق العمل أو حق الحرية في
ان يقول رأيه ويعبر عن نفسه او معتقده وبشرط ان لايعتدي على غيره أو ان تكون هذه
الحقوق شخصية بمعنى ان يمارس الشخص ويعيش حياته بأمان ودون ان يسمح لاحد ان يتدخل
في شؤونه سواء اكان ذلك في العيش او تكوين اسرة او اختيار العمل او العلاقة مع
الاخرين .
كثيرة هي الاقوال التي قيلت في وجوب العدل وإقامته
ومن ذلك قول عمروبن العاص : ( لاسلطان إلا بالرجال ولارجال إلا بمال ولامال إلا
بعمارة ولاعمارة إلا بعدل ).وقال ابن حزم :
( أفضل نعم الله تعالى على المرء أن يطبعه على العدل وحبه وعلى الحق
وإيثاره ) .
فلنعمل جميعا على ان تكون قيمة العدل هي القائمة
بيننا ففيها نجاة مجتمعاتنا من الظلم والعدوان .
صيامكم مقبول وصلاتكم مقبولة ودعائكم مستجاب والى
حلقة أُخرى من برنامج ( ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق