العميد فوزي شهاب احمد الشريدة وكتابه : (تاريخ الاحزاب السياسية في العراق )
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
من محاسن وسائل الاتصال الحديثة ، ومنها الانترنت والفيسبوك ، أنها زادت الصلات بين الناس وخاصة في الامور المفيدة . وقبل ايام اتصل بي الاخ الاستاذ ليث الشريدة ليقول لي انه عرف من والده أن جده العميد في مديرية الامن العامة الاسبق ألف كتابا عن الاحزاب العراقية ، وانه علم بأن الكتاب كان محدود التداول وانه لم ير الكتاب لاهو ولاوالده ، وقال انه لم يجد أي أثر لهذا الكتاب وتمنى ان اساعده في العثور على الكتاب فقلت له - بعد ان رحبتُ به وبوالده - ان كتاب جده العميد فوزي شهاب أحمد الشريدة عندي ، ولكن ظروفي الان وانا في الموصل لاتسمح لي ان استنسخ له الكتاب ومع هذا طلبت منه ان يرسل لي صورة جده فأرسلها وهي كما ترون ترافق هذه السطور ..وها انا اكتب شيئا عن هذا الكتاب .
عندما الف الاستاذ فوزي شهاب احمد الشريدة ، وانجزه في 30 تشرين الثاني سنة 19755 ، كان برتبة ( مقدم أمن ) والكتاب لم يصدره هو بل صدر هكذا (الجمهورية العراقية - وزارة الداخلية- مديرية الامن العامة - الشؤون السياسية )وبعنوان : ( تاريخ الاحزاب السياسية في القطر العراقي ) ب(140 ) صفحة .
وكان الكتاب محدود التداول ألف لأغراض أمنية وليست عامة ، لذلك تميز الكتاب بقدر من الحيادية ، واهداه (الى كل عاشق للحرية ،ورائد للحقيقة ،وسالك لنهج البحث العلمي ...الى كل مناضل صارع الحقد ،والانانية ،والطغيان ..الى كل شهيد روى بدمه تربة الوطن والاجداد اقدم مجهودي المتواضع هذا ) .مقدم الامن فوزي شهاب أحمد الشريدة بغداد 30 تشرين الثاني 1975 .
في المقدمة قال المؤلف :" إنه لما يبهجني حقا ان اقدم بين يدي القارئ مجهودي المتواضع هذا عن جانب مهم من تاريخ الحركة السياسية في قطرنا العراقي العزيز ، وهي محاولة لدراسة تراث الاحزاب السياسية التي ظهرت على مسرح الحياة في العراق بشكل منسق يزيل الغموض عن بعض الاراء والمفاهيم الحزبية ذلك الغموض الذي نتج كثيرا من الاحيان عن بعثرة ما كتب وما نشر عن الاحزاب ، وعدم تصنيفها وجمعها في مجلد لتكون مرجعا في متناول القارئ والباحص والمؤرخ والدارس " .
في الكتاب قاعدة وضعها المؤلف يدرس من خلالها الاحزاب وهي ايضاح تاريخ الحزب واساليب عمله ونهجه وطبعا اهدافه ونظامه الداخلي وأبرز قادته .
قد لايتسع المجال لذكر تفاصيل كثيرة عن الكتاب لان عرضه لايغني عن قراءته لكن ما لايدرك كله لايترك جله ؛ فالكتاب مؤلف من ستة ابواب وكل باب مقسم الى فصول وكما يلي :
الباب الاول ويتألف من الفصل الاول وعنوانه : ( الاحزاب السياسية التي اجيزت خلال فترة الحكم الملكي ) وهي : الحزب الوطني العراقي -حزب النهضة العراقي -الحزب الحر العراقي-حزب الامة -حزب الشعب- حزب التقدم -حزب العهد العراقي -حزب الاخاء الوطني -حزب الاصلاح الشعبي- حزب الاستقلال -الحزب الوطني الدمقراطي -حزب الاحرار - حزب الشعب -حزب الاتحاد الوطني -حزب الاتحاد الدستوري -حزب الامة الاشتراكي - حزب الاصلاح .
اما الفصل الثاني من الباب الاول فيتناول ( الاحزاب السياسية غير المجازة ) وهي :الحزب الشيوعي العراق - حزب التحرر الوطني.
الباب الثاني ويشمل ( الاحزاب السياسية التي اجيزت بعد قيام ثورة 14 تموز 19588 ) وهي : الحزب الشيوعي العراقي (جماعة داؤد الصائغ ) -الحزب الوطني الدمقراطي -الحزب الجمهوري .
وفي الباب الثالث الموسوم (الاحزاب الدينية ) تناول حزب الاخوان المسلمين - حزب التحرير - حزب الدعوة الاسلامية -حزب الانقاذ الاثوري - حزب النسر الاثوري - منظمة فدائي آشور .
وفي الباب الرابع وعنوانه ( الاحزاب السياسية الكردية في العراق ) وقف عند :حزب هيوا (الامل ) - حزب رزكاري (الحرية ) - الحزب الدمقراطي الكردستاني - الحزب الثوري الكردستاني - حركة التقدميين الاكراد .
وفي الباب الخامس تناول التنظيمات القومية العربية وهي :حركة القوميين العرب - الحركة الاشتراكية العربية -حزب الوحدة الاشتراكي -الحزب الاشتراكي -مؤتمر القوميين الاشتراكيين - الحزب العربي الاشتراكي- الرابطة القومية - حركة الكادحين العرب - حزب العمال العربي الثوري .
في الباب الاخير وهو الباب السادس تطرق الى :حزب البعث العربي الاشتراكي - المؤتمرات القومية -المؤتمرات القطرية -المؤتمرات الاستثنائية .
في الخاتمة قال المؤلف :"هذه لمحة موجزة عن تاريخ الاحزاب والمنظمات السياسية التي ظهرت في العراق ، ومنها ندرك ونتوصل الى انه لايمكن فصل الماضي عن الحاضر ولايمكن ان يفصل الحاضر عن المستقبل ؛ فالماضي والحاضر والمستقبل كل ذلك يكون وحدة متماسكة ومن واجب المثقف والمؤرخ ان يدرس الماضي وينظر اليه بحياد تام ويجب ان يراه كما هو ، بمحاسنه ونواقصه وسلبياته وايجابياته كي يفهم جيدا سلوك الجيل الحاضر الذي لايمكن فصله عن الماضي " .
ثم اضاف المؤلف الى ذلك قوله :" اذا اردنا ان نبني مستقبلا يجب ان نلتفت الى الماضي وهذه اور كلها يجب ان ننظر اليها نظرة موضوعية لاجل التعويل على العلم ونمزجه بإختباراتنا الحاضرة والماضية على السواء لنخرج منه بنتيجة ايجابية مثمرة على طريق الهداية والصلاح والتقدم " .
في ما يتعلق بالمصادر التي إعتمد عليها المؤلف، نجد انه لم يشر الى اي مصدر ، واغلب الظن انه اعتمد على ( ملفات الامن العامة ) وإن لم يشر لذلك ، وهي غنية بالمعلومات عن الاحزاب . وقد تلمست ذلك من خلال الحديث عن رموز الاحزاب وتثبيت اماكن عملهم أو مراتبهم الدينية أو العلمية ؛ فمثلا وهو يتحدث عن الحزب الجمهوري الذي تقدم بعض الاشخاص بطلب تأسيسه في اوائل سنة 1960 قال ان حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم ومن خلال وزارة الداخلية لم تجز الحزب "لما اشيع عنه بأنه واجهة شيوعية وان معظم الهيئة المؤسسة من المتطرفين اليساريين وممن يدين بالماركسية وهم : الهيئة المؤسسة للحزب الجمهوري :عبد الفتاح ابراهيم من مؤسسي حزب الاحرا سابقا ورئيس الهيئة العامة لشؤون النفط بوقته ومحمد مهدي الجواهري شاعر وصاحب جريدة الرأي العام سابقا واحمد جعفر الاوقاتي محام ، والدكتور صديق الاتروشي مدير التعليم العام سابقا ، وعبود مهدي زلزلة مفتش المعارف العام وعبد الرزاق مطر مهندس ، والدكتور طه باقر مدير الاثار العام ، وصالح الشالجي محام وعبد الحميد الحكاك تاجر وعبد الحليم كاشف الغطاء عالم ديني في النجف الاشرف ورفيق حلمي مفتش معارف وفريد مهدي الاحمر مهندس والدكتور عبد الامير مجيد الصفار استاذ في جامعة بغداد وسليم حلاوي تاجر وحسن جدو مهندس ونيازي فرنكول محام وشاكر الحريري تاجر ونايف الحسن مزارع وسعيد عباس موظف وعبد الصمد خانقاه محام والدكتور عبد القادر الطالباني طبيب في كركوك وجلال شريف مفتش معارف اربيل وهكذا بالنسبة لبقية الاحزاب .
رحم الله مقدم الامن الاستاذ فوزي شهاب احمد الشريدة ، وجُزي خيرا على ماقدم . فقد كان مهنيا وطنيا مخلصا لبلده . ويقينا ان ما قدمه كان ضمن وظيفته وتخصصه في هذه الدائرة الامنية المهمة وفي تلك الحقبة التاريخية .
فقط اشير الى ان هناك من كتب عن الاحزاب السياسية العراقية وهم كثر ، لكن معظمم لم يطلع -حسب علمي - على هذا الكتاب لمحدودية تداوله ، ولتخوف الناس حتى من السؤال عنه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق