الدكتور سامي شوكت وأهدافنا ..من آمن بها فهو
منا
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
في سنة 1939 ، أصدر الدكتور سامي شوكت الداعية السياسي القومي العربي كتابه الشهير : ( أهدافنا من آمن بها فهو منا ) .وقد طبعته
(مطبعة التفيض الاهلية ببغداد ) وكانت هيئة تحرير مجلة (المعلم الجديد ) العراقية ،
والتي كانت تصدرها وزارة المعارف (التربية ) ، قد جمعتها وطبعتها في كتاب وقدمته
هدية الى قرائها عن سنتها الرابعة .
الكتاب بالاصل ، يتضمن سلسلة المحاضرات التي
القاها الدكتور سامي شوكت (مدير المعارف العام ) آنذاك و(حامي الفتوة العراقية ) .
والكتاب الذي يقع في (112 ) صفحة ، وضع في وقت كانت فيه الافكار والتيارات القومية
العربية، قد غزت العراق والوطن العربي
بتأثير أمرين مهمين اولهما حالة النهوض التي كان يمر بها المجتمع العراقي وخاصة في
عهد الملك غازي 1933-1939 . وثانيهما تعاظم التيارات والافكار القومية في الوطن
العربي وفي العالم كله وخاصة في المانيا وايطاليا واليابان .
من موضوعات هذا الكتاب ما اطلق عليه الدكتور
سامي شوكت (صناعة الموت ) .. وصناعة الموت دعوة اطلقها الاستاذ سامي شوكت في المدرسة (الثانوية المركزية ) ببغداد في خريف
سنة 1933 ، عندما خاطب الطلاب قائلا لهم :" غدا يذهب مديركم السيد درويش
المقدادي الى وزارة الدفاع ليجتمع مع كبار موظفيها لتقرير منهج دروسكم العسكرية
" .
ومنذئذ أصبح (التدريب العسكري ) للطلاب في المدارس
الثانوية العراقية منهجا رئيسا ؛ فالطالب لا يجتاز الدراسة الثانوية إلا بعد ان يتلقى
تدريبا عسكريا ويتعلم الانضباط العسكري . وقد عين (المقدم الركن صلاح الدين الصباغ
) ، وهو أحد الضباط القوميين العرب ، مديرا للتدريب العسكري في وزارة المعارف
العراقية . وكما هو معروف ؛ فإن العقيد
الركن صلاح الدين الصباغ هو أحد قادة ثورة مايس 1941 ضد الانكليز والتي أدت
فيما بعد فشلها الى وقوع العراق تحت
الاحتلال البريطاني الثاني .
وقد يكون من المناسب ، القول ان الانكليز
والحكومة التي تولت الحكم بعد فشل ثورة 1941 أعتبرت التوجه القومي والعسكري في
الثلاثينات ، هو السبب في وقوع الصدام بين
الجيشين العراقي والبريطاني سنة 1941 ، فأقصت الكثيرين من رجالات التربية
العراقيين والعرب من التعليم ونزعت الجنسية عن قسم من المدرسين العرب ومنهم
الاستاذ ساطع الحصري وطردت آخرين .
رافق التوجه العسكري والقومي العربي في
العراق خلال الثلاثينات من القرن الماضي ،
الاهتمام بالفتوة ورفع شعار (إخشوشنوا فإن الترف يزيل النعم ) وهو حديث للرسول
الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وبنفس العنوان (إخشوشنوا ) القى الاستاذ سامي شوكت
محاضرة في (مهرجان الفتوة في الثانوية المركزية ) ببغداد ، قال فيها انه يجب ان
يمرن الطلاب انفسهم على ملكة تحدي قوة الخصم وان من الضروري ان " نقدس الموت
قتلا واستشهادا في سبيل البلاد احتقارنا الموت على الفراش ولنركع خاشعين أمام
صناعة الموت " .
لجريدة (الاستقلال ) البغدادية ، تحدث
الاستاذ ناجي شوكت وقد نشر الحديث بعنوان : ( اهداف الفتوة العليا وتوحيد ملابس الفتيان ) .كما
القى خطابا على مديري واساتذة المدارس الاهلية والاجنبية في بغداد في 31 اذار سنة
1939بعنوان : (كيف يجب أن تكون اهداف النشء العراقي ) .
كان كل مجلس يحضره الاستاذ سامي شوكت يتضمن
حديثا عن القومية العربية ، وأمالها ، وتطورها وكيفية نشوءها . وقد نشرت جريدة (
الاستقلال ) البغدادية على ذلك في مقال بعنوان :
(أهداف مدارسنا واسس نهضتنا ) قالت
فيه ان موضوع القوة والعروبة يتملك مشاعر الدكتور سامي شوكت فيتدفق في حديثه تدفق
المؤمن بمبدأه الواثق بقوته حتى لايسعك الا ان تحس انك امام رجل من رجال المثل
العليا او ان تطلق عليه اللقب الذي اطلقه عليه جلالة المرحوم الملك فيصل وهو
"الايدي يالست " أي المفكر .
من موضوعات الكتاب (فيصل العظيم ) ،(9 شعبان
) ، (معنى القومية ) ، (الامبراطورية العربية ) ،(تاريخنا القومي كيف ننظمه وندرسه
؟ ) ،(عواطف الامم حين النهوض ) ،( القومية العربية قبيل الحرب العامة ) ،(عناصر
تكوين الامة :الروح القومي هو العامل الوحيد في هذا التكوين ) ،(عناصر القومية
الحقة ) ،(اسباب عظمة اللغة العربية شرح نظرية المؤرخ الايطالي الاستاذ ناريني كيتاني
) ،(الاكتشافات الالية سبب شقاء العالم ..وجوب اتحاد العرب لدرء البلاء عنهم ) ،(
مستقبل العراق وحماية الطفل ) ، (نفوس العراق ) ،(الجسر العربي بين العراق ومصر )
،( الرحلة الى مصر ..العراق في مصر ) ، (صحافة مصر وخطاب الدكتور سامي شوكت )
،(وداع مصر يوم 5 شباط 1939 ) ، ( العراق
يربي الناشئة العربية على اسمى القواعد واصحها ) ، (لن يترك قلبكم يغرم بغيرنا ) ،
(في دمشق ..الكلمة التي ارتجلها الاستاذ سامي شوكت في حفلة النادي العربي بدمشق )،
(وداع سورية ) ،(سيادة العروبة ومظاهرها في سورية ومصر ) ، (إذا ...للشاعر روديارد
كبلنغ ) .
من المناسب القول ، ان قسما من هذه الموضوعات
القيت كمحاضرات ، إما في الثانوية المركزية ببغدد أو في نادي المثنى بن حارثة
الشيباني كانت كأحاديث للصحف ، ومنها صحف
بغدادية أو مصرية أو سورية وقسم منها كانت كأحاديث القيت في دار الاذاعة العراقية .وكل
تلك الاحاديث والخطب والمقالات تؤجج الشعور القومي العربي ، وتشجع الطلبة على مواجهة التحديات ، والسعي
بإتجاه ان يكون العراق مثل بروسيا التي وحدت الالمان ، وقد استمر الشعور القومي في
التوسع والتنامي حتى انتكس بفشل ثورة 1941 واعدام القادة الاربعة صلاح الدين
الصباغ وفهمي سعيد ومحمود سلمان وكامل شبيب ومعهم وزير الاقتصاد في حكومة الدفاع الوطني محمد يونس السبعاوي
وبذلك انطوت صفحة من صفحات تاريخ العراق المعاصر ، وظهرت صفحة اخرى بعد الحرب
العالمية الثانية تميزت بالتعددية الحزبية ، وسيادة الروح الدمقراطية ، والحرية ، والايمان
بالانتخابات طريقا للوصول الى السلطة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق