وثيقة جديدة
رسالة من الملك فيصل الاول ملك العراق الاسبق 1921-19333 الى الشيخ محمود الحفيد البرزنجي 1931
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل -العراق
بعد ان قام الانكليز بتصفية حكومة الشـيخ محمود الثانية في السليمانية بعمليـات عسكرية استمرت من 4 آذار 1923 حتى 19 تموز 1924 ، لجأ الشيخ محمود البرزنجي الى الجبال وابتدأ بحرب عصابات واستمر في نشاطه الكردي المسلح ضد الحكومة في بغداد حتى سنة 1926 عندما عقدت الحكومة اتفاقا معه سمحت له ان يترك العراق مع اسرته الى ايران وان يتوقف عن نشاطاته المسلحة .
بقي الشيخ محمود في ايران حتى صيف سنة 19300 حيث نظمت الحكومة انتخابات في المناطق الكردية رفضها االاكراد ووقعت اشتباكات مسلحة بين الاهالي والشرطة ورأى الشيخ محمود البرزنجي ان الوقت قد حان للعودة الى السليمانية لمواصلة المقاومة، فعاد الى السليمانية ، ومع عودته ساد الهدوء ، واستغل ذلك ليقدم سلسلة من المطالب الى الحكومة المركزية ، لكن الحكومة رفضت تلك المطالب ، ومنها : ( إنه أراد ان تترك له جميع مناطق كردستان من زاخو الى خانقين ليحكمها الاكراد بأنفسهم ) و( ان تتشكل حكومة كردية ريثما يُقبل العراق عضوا في عصبة الامم ويعلن استقلاله ) .
كان الملك فيصل الاول 1921-1933 على صلة بالشيخ محمود البرزنجي واشرت الى ذلك في رسالتي للماجستير التي قدمتها الى كلية الاداب –جامعة بغداد 1975 وهي غير منشورة واقول الان انني رأيت عندما كنت اجمع مصادر رسالتي ، رسالة من الملك فيصل الاول الى الشيخ محمود لكني في حينها لم اذكر نص الرسالة التي وجدت ترجمتها في ماكان يسمى في بغداد (المركز الوطني لحفظ الوثائق والان يسمى ب(دار الكتب والوثائق ) موجهة الى الشيخ محمود البرزنجي من الملك فيصل محفوظة في ملفة (ك11) البلاط الملكي وللاسف فهي غير مؤرخة ورقم الوثيقة (255 ) واغلب الظن انها ارسلت بعد فشل الشيخ محمود في سنة 1931 .ونص الرسالة التي احتفظ بها منذ سنة 1973 ويسعدني اليوم نشرها :
(( عزيزي الشيخ محمود
قبل كل شيئ استفسر عن صحة وعافية اخويتكم واتمنى من الله دوام رفاهيتكم واقدم هذه الرسالة المخلصة بيد الشيخ علي افندي الصادق لذات اخويتكم وهو يبين لكم شخصيا وشفويا ما يلزم .
سيدي ،ان مقاومة القدرات الالهية فوق قدرة البشر العاجزين امثالنا ولكن المحبة الصميمية المتكونة بيننا والعهود المتقابلة التي قطعناها تأمر بالمعاونة حسب الامكان .وإني واثق بأن ماجرى في هذه البضعة أشهر انما حدث بغير ارادة اخويتكم .فقد اضطرتكم الظروف الاليمة للدخول في هذا المدخل بدون إختيار ،وإن ضميري لمطمئن بأنكم لستم راضين بالحالات التي حدثت واني اترك التفصيلات لحضرة الشيخ الذي نثق بخلوص نيته وصداقته وادعوكم الى بغداد ولو لمدة مؤقتة .وإني قسما بالذات الالهية انه لن تصدر أقل معاملة تخل بشرفكم وناموسكم وكرامتكم وبالعكس سترون الاحترامات الفائقة للعادة وستنزلون ضيفا عندي .وبعد ان تقيموا هنا مدة من الزمن بتمام العز والشرف تصبحون احرارا في الاقامة اينما تريدون .واكتفي الان بهذا واترك التفصيلات للشيخ علي افندي وبذلك اكون قد أديتُما ترتب علي من الواجبات .وفي الختام اتمنى من الله ان يحسن ذمة أخويتي الى الجميع بنور الهداية .والسلام .فيصل )).
بعد هذه الرسالة التي لم تفعل فعلها على مايبدو وجهت الحكومة العراقية في بغداد ضد الشيخ محمود البرزنجي حملة عسكرية جديدة واستمر القتال حتى آذار سنة 1931 وتمكنت من قمع الحركة وسلم الشيخ محمود نفسه الى الحكومة في 13 مايس-ايار سنة 1931 ونقلته الى جنوب العراق ووضعته تحت الاقامة الجبرية .
كم كان فيصلا عظيما في سلوكه ومعاملته مع ابناء شعبه وعطفه على قضاياهم الوطنية .وكم كان الشيخ محمود البرنجي عظيما في سلوكه ورغبته في الدفاع عن حقوق اهله وقمين بشبابنا ان يطلعوا على التاريخ الحق للعراق المعاصر ويتعلموا منه الدروس .
توفي الملك فيصل الاول سنة 1933 وتوفي الشيخ محمود البرزنجي سنة 19566 رحمها الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق