الأحد، 6 مارس 2016

المجتمع العربي السوري في مطلع العهد العثماني 1516 1566 ابراهيم العلاف







المجتمع العربي السوري في مطلع العهد العثماني 1516 1566
ابراهيم العلاف
لمعرفة الاسس التاريخية للشرق الاوسط ، لابد من العودة الى تاريخ الدولة العثمانية التي حكمت الوطن العربي أكثر من اربعة قرون من 1516 حتى 1918 وهي السنة التي انسحبت فيها القوات العثمانية من ولاية الموصل وهي آخر ولاية يخرج منها العثمانيين .
ولعل من اوائل المؤرخين الذين اهتموا بالفترة العثمانية ، المرحومة الاستاذة الدكتورة ليلى الصباغ المؤرخة السورية المعروفة وقدطبعت رسالتها للماجستير بعنوان :"المجتمع العربي السوري في مطلع العهد العثماني " . وكان الكتاب من منشورات وزارة الثقافة السورية -دمشق 1973 .ومما يجب ان نذكره ان رسالتها الاصلية كانت بعنوان : " الفتح العثماني لسورية ومطلع العهد العثماني فيها " قدمتها الى جامعة القاهرة سنة 1961 ، وكانت الدراسة تشمل شقين رئيسيين يتمم واحدهما الآخر :
1.الشق الاول :ويغلب عليه الطابع السياسي
2. الشق الثاني ويبحث الاوضاع الادارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي رافقت التوسع العثماني
لم تغفل المؤلفة طبيعة الصراع العثماني -الفارسي الصفوي، وكذلك ما كانت تمر به اوربا من تطورات في الميدانين السياسي والاقتصادي والمتمثلة بالكشوف الجغرافية ، والثورة التجارية وتغير طرق التجارة ، واختلال التوازن ، وانتقال السيادة الاقتصادية العالمية من شعوب حوض البحر المتوسط لتتلقفها شعوب غربي اوربا كما احيت التجارة عبر الطرق البرية في اسيا لتوازي وتوازن الطرق البحرية وغدت بلاد فارس والعراق وشمالي سورية محطة من محطات النقل الكبرى بين اوربا من جهة والهند من جهة اخرى .
ولقد اكدت المؤلفة ان البلاد التي يحفها البحر المتوسط وبخاصة ايطاليا وبلاد الشام ومصر تأثرت بهذه الاحداث الضخمة ؛ فإمتداد الدولة العثمانية على اجزاء من الوطن العربي في هذه المرحلة الزمنية ليس في الواقع حدثا محليا منحصرا بأحداث منطقة الشرق الادنى ، ومنعزلا عن الاحداث الدولية التي اشرنا اليها آنفا . ان امتداد الدولة العثمانية حدث عالمي جاء نتيجة تفاعلات سياسية دولية دخلت في تخمراتها دول اوربية شتى كالبندقية والبرتغال واسبانيا ودول شرقية ومنها الدولة الصفوية والدولة المملوكية ولعبت فيها العوامل الاقتصادية دورا اساسيا وظهر فيها بشكل حاد التنافس والتناحر الدوليين من اجل السيطرة على البحار ولاسيما المحيط الهندي والبحر المتوسط .
في هذه المرحلة - واعتبارا من القرن الخامس عشر - تبلور اهتمام اوربا الاستعمارية بالوطن العربي بعامة وبسوريا خاصة ليس لان الشام هو مقر للاماكن المقدسة في فلسطين ،كما نادى من قبل الغزاة الصليبيون ، وانما لانها منطقة ذات قيمة اقتصادية كبرى لكيان اوربا المنفتحة على ثورتها الكبرى .
وقد اتضح ذلك في اندفاع العديد من الاوربيين للاقامة في مدن الشام ومصر والعراق وشمالي افريقيا العربية وفي العمل بالتجارة فيها وسعيهم لتنظيم مستوطنات ودويلات صغيرة ضمن الدولة العثمانية مرتبطة بمواطنهم الاصلية .وقد انشئت هذه المراكز التجارية في القرنين السادس عشر والسابع عشر لم تكن في الواقع سوى مظهر من مظاهر الاستعمار الاوربي الممتد الى قارات امريكا واسيا وافريقيا في ذينك القرنين الا انه اتخذ في الوطن العربي طابعا تجاريا واستند الى اتفاقات ومعاهدات شرعت الدول الاوربية بتوقيعها مع الدولة العثمانية ، وكانت اول الامر اتفاقات تجارية عادية بين دولتين ذاتي سيادة الا ان ذلك تغير عندما ضعفت الدولة العثمانية فغدت الاتفاقيات امتيازات تتمتع بها الدول الاوربية في ارض الوطن العربي وجوازات رسمية تتيح لها التدخل في شؤونه الداخلية واستغلاله اقتصاديا .
الكتاب وقف من خلال عدد من الفصول عند التنظيم الاداري العثماني لسوريا والحياة الاقتصادية من 1516-1566والحياة الاجتماعية والحياة الثقافية والفكرية بالتعرض الى دور العلماء واهل الذمة والاسر الشامية وفي التعليم والتيارات الفكرية .
كتاب قيم وفريد في بابه انه اضافة نوعية للمكتبة التاريخية العربية الحديثة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المؤرخ العراقي الدكتور خليل ابراهيم صالح السامرائي 1944-1988وجهوده في الكتابة التاريخية

                                                            الدكتور خليل ابراهيم صالح السامرائي  المؤرخ العراقي  الدكتور خليل ابراهيم صالح ا...