الحاج عز الدين حمودي والوطنية الاقتصادية
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
رحم الله المربي ، والصديق الاستاذ عبد الحافظ طه الذي كثيرا ما كان يحدثني عن ابرز زراع القطن في الشرقاط وهو الحاج عز الدين حمودي ..كان هذا قبل خمسين عاما وعندما كان المربي والصديق الاستاذ عبد الحافظ معلما ومديرا في مدرسة اشريعة مطلع الستينات من القرن الماضي .. وظلت هذه المسألة في خاطري وانا اعمل سنة 1969 مديرا لمتوسطة فتح في الشورة والاستاذ عبد القادر عز الدين بن الحاج عز الدين مديرا للتربية في محافظة نينوى ...الحاج عز الدين بن حمودي بن مصطاف من السادة النجاجرة الرفاعية احد فروع الشجرة الحسينية ويستمر نسبه الى علي الجد السادس الذي قدم الى تكريت ضمن مجموعة من ابناء الحديثة لنجدة ابناء عموتهم ابان حصار نادرشاه لبلدتهم سنة 1743 وقد اقامت المجموعة في تكريت بعد ان طابت لهم وكانوا يمثلون كل بيوتات الحديثة فكونوا اتحادا قبليا عرفه الناس في تكريت بأسم "الحديثيين " .
والحاج عز الدين من مواليد تكريت بحدود سنة 1899 وقد تركها لاسباب تتعلق برغبته بالعمل التجاري والزراعي واتجه الى قضاء الشرقاط سنة 1924 وفتح علوة لبيع التمر والرز والدبس والى جوار ذلك افتتح دكانا للبزازة عرضت فيه اصناف الاقمشة الرجالية والنسائية، وظل الامر على هذا المنوال حتى وفاته رحمه الله سنة 1982 .
ومما يذكر ان الحاج عز الدين لم يقف في اعماله عند هذا الحد بل دخل ميدان الزراعة الاروائية سنة 1936 ، ونصب أول الامر مضخة زراعية من نوع رستون قوة 57 حصانا في قرية الزوية جنوبي الشرقاط وتحولت المضخة الى طاحونة والطاحونة حققت نجاحا لخلو المنطقة بين الزابين منها وهذا ما شجعه على نصب مضخة اخرى سنة 1945 في قصبة الشرقاط واتسع الاستثمار في هذا الميدان ليصل عدد المضخات التي نصبها ضمن حدود الشرقاط الى 17 مضخة في وقت لم تكن في كل لواء الموصل سنة 1950 سوى 64 مضخة . والغريب في الامر ان الحاج عز الدين لم يكن يمتلك في هذه المناطق شيرا واحدا من الارض الزراعية .
ولم تحل سنة 1960 الا وكان لدى الحاج عز الدين 23 ماكنة ومضخة منتشرة في الزوية والهيجل الفوقاني والنمل والامام الشرقي وصديرة وسطى وسفلى وكنعوص وحويجة والشك والخصم .وهنا لابد من الاشارة الى المنطقة قبل 1936 كانت تخلو من المضخات الزراعية الى ان نصب الحاج عز الدين مضخته سنة 1936 وسرعان ما اتسعت حركة نصب المضخات فكان للشيخ عجيل الياور شيخ مشايخ شمر مضخات في الشرقاط والجرناف والشك والهيجل .. وكان من الطبيعي ان تتسع مساحات الاراضي الزراعية بعد شيوع المضخات واعتياد الفلاحين على استخدامها وانتاج محاصيل جديدة وبكميات كبيرة وتزويد المعامل بالقطن والبنجر والسمسم وغيرها من المحاصيل وتعرف الفلاحين بطرق مكافحة الافات الزراعية ونشر طرق الزراعة الحديثة وانتخاب بذور جديدة وجيدة والتعاون مع دوائر الزراعة الحكومية وظهور مهن جديدة لها علاقة بصيانة وتشغيل المضخات وتأسيس المطاحن الميكانيكية في القرى وترك الرحى التقليدية اليدوية .
ولم يقف نشاط الحاج عز الدين عند حد الزراعة المروية بل تعد ذلك الى الزراعة الديمية في منطقة القراج بين ناحية الشرقاط وقضاء مخمور وكان اول جرار (تراكتور ) استقدمه الحاج عز الدين واخوانه من نوع كاتربلر في سنة 1951 خصص لحراثة حقول الزراعة الاروائية ، وجرار اخر من نوع اليس جالمرس سنة 1953 لحراثة الحقول الديمية واستقدم الى جانب ذلك حاصدة -دراسة من نوع كيس Case .
كما مارس الحاج عز الدين واخوانه نشاطا اخر ذا مساس بالزراعة هو تربية الاغنام والمتاجرة بها . وكان اندفاع الحاج عز الدين واخوه ياسين في مجال تربية الاغنام قد دفعهما الى الاتصال بدائرة البيطرة لمعالجة الامراض التي تصيب الاغنام بالدواء وتلقيحها ضد الامراض الاخرى كما اهتم بأنتقاء سلالات جديدة وادخالها ضمن قطعانه وتمكن ان يحصل على اغنام ممتازة صارت محط انظار المربين الاخرين الذين سعوا للحصول على اغنام من تلك السلالات .
اشتهر الحاج عز الدين بأدخال زراعة القطن الى منطقة الشرقاط ومما شجعه على ذلك ارتفاع اسعار القطن حتى ان سعر الطن الواحد منه بلغت في اوائل الخمسينات من القرن الماضي 100 دينار عراقي وكان ذلك سببا في استثمار الحاج عز الدين واخوانه في هذا الميدان وقد اعتاد الحاج عز الدين ان يسوق انتاجه الى محلج الرافدين العائد الى بيت الخضيري وشركائهم في بغداد .. وفي نهاية العقد السادس من القرن الماضي أخذ الحاج عز الدين يورد أقطانه الى "محلج مصطفى الصابونجي " في الموصل .
ان نشاط الحاج عز الدين في مجال العمل التجاري ، واستيراد المضخات الزراعية ، ونصب مكائن طحن الحبوب ، وزراعة الاقطان ، وتربية الاغنام ، وولوج الزراعة الديمية ، واستيراد التراكتورات والحاصدات كل ذلك احدث نهضة زراعية في منطقة الشرقاط وادخل اليها اساليب الزراعة الحديثة من مكننة وغيرها الامر الذي ادى الى ان ذاع صيته واتسعت شهرته بين اصحاب رؤوس الاموال من تجار بغداد ومنهم ال الخضيري وتجار الموصل ومنهم ال الصابونجي . ويقينا ان هذا النشاط كان له دور في تشغيل المئات من الناس وهذا مما جعلنا نضعه ضمن من ناضلوا في مجال النهوض بالاقتصاد الوطني: بالزراعة ، وتربية الاغنام في العراق المعاصر ...رحم الله الحاج عز الدين حمودي فقد كان رجلا عصاميا افاد بلدته ووطنه واهله .
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
رحم الله المربي ، والصديق الاستاذ عبد الحافظ طه الذي كثيرا ما كان يحدثني عن ابرز زراع القطن في الشرقاط وهو الحاج عز الدين حمودي ..كان هذا قبل خمسين عاما وعندما كان المربي والصديق الاستاذ عبد الحافظ معلما ومديرا في مدرسة اشريعة مطلع الستينات من القرن الماضي .. وظلت هذه المسألة في خاطري وانا اعمل سنة 1969 مديرا لمتوسطة فتح في الشورة والاستاذ عبد القادر عز الدين بن الحاج عز الدين مديرا للتربية في محافظة نينوى ...الحاج عز الدين بن حمودي بن مصطاف من السادة النجاجرة الرفاعية احد فروع الشجرة الحسينية ويستمر نسبه الى علي الجد السادس الذي قدم الى تكريت ضمن مجموعة من ابناء الحديثة لنجدة ابناء عموتهم ابان حصار نادرشاه لبلدتهم سنة 1743 وقد اقامت المجموعة في تكريت بعد ان طابت لهم وكانوا يمثلون كل بيوتات الحديثة فكونوا اتحادا قبليا عرفه الناس في تكريت بأسم "الحديثيين " .
والحاج عز الدين من مواليد تكريت بحدود سنة 1899 وقد تركها لاسباب تتعلق برغبته بالعمل التجاري والزراعي واتجه الى قضاء الشرقاط سنة 1924 وفتح علوة لبيع التمر والرز والدبس والى جوار ذلك افتتح دكانا للبزازة عرضت فيه اصناف الاقمشة الرجالية والنسائية، وظل الامر على هذا المنوال حتى وفاته رحمه الله سنة 1982 .
ومما يذكر ان الحاج عز الدين لم يقف في اعماله عند هذا الحد بل دخل ميدان الزراعة الاروائية سنة 1936 ، ونصب أول الامر مضخة زراعية من نوع رستون قوة 57 حصانا في قرية الزوية جنوبي الشرقاط وتحولت المضخة الى طاحونة والطاحونة حققت نجاحا لخلو المنطقة بين الزابين منها وهذا ما شجعه على نصب مضخة اخرى سنة 1945 في قصبة الشرقاط واتسع الاستثمار في هذا الميدان ليصل عدد المضخات التي نصبها ضمن حدود الشرقاط الى 17 مضخة في وقت لم تكن في كل لواء الموصل سنة 1950 سوى 64 مضخة . والغريب في الامر ان الحاج عز الدين لم يكن يمتلك في هذه المناطق شيرا واحدا من الارض الزراعية .
ولم تحل سنة 1960 الا وكان لدى الحاج عز الدين 23 ماكنة ومضخة منتشرة في الزوية والهيجل الفوقاني والنمل والامام الشرقي وصديرة وسطى وسفلى وكنعوص وحويجة والشك والخصم .وهنا لابد من الاشارة الى المنطقة قبل 1936 كانت تخلو من المضخات الزراعية الى ان نصب الحاج عز الدين مضخته سنة 1936 وسرعان ما اتسعت حركة نصب المضخات فكان للشيخ عجيل الياور شيخ مشايخ شمر مضخات في الشرقاط والجرناف والشك والهيجل .. وكان من الطبيعي ان تتسع مساحات الاراضي الزراعية بعد شيوع المضخات واعتياد الفلاحين على استخدامها وانتاج محاصيل جديدة وبكميات كبيرة وتزويد المعامل بالقطن والبنجر والسمسم وغيرها من المحاصيل وتعرف الفلاحين بطرق مكافحة الافات الزراعية ونشر طرق الزراعة الحديثة وانتخاب بذور جديدة وجيدة والتعاون مع دوائر الزراعة الحكومية وظهور مهن جديدة لها علاقة بصيانة وتشغيل المضخات وتأسيس المطاحن الميكانيكية في القرى وترك الرحى التقليدية اليدوية .
ولم يقف نشاط الحاج عز الدين عند حد الزراعة المروية بل تعد ذلك الى الزراعة الديمية في منطقة القراج بين ناحية الشرقاط وقضاء مخمور وكان اول جرار (تراكتور ) استقدمه الحاج عز الدين واخوانه من نوع كاتربلر في سنة 1951 خصص لحراثة حقول الزراعة الاروائية ، وجرار اخر من نوع اليس جالمرس سنة 1953 لحراثة الحقول الديمية واستقدم الى جانب ذلك حاصدة -دراسة من نوع كيس Case .
كما مارس الحاج عز الدين واخوانه نشاطا اخر ذا مساس بالزراعة هو تربية الاغنام والمتاجرة بها . وكان اندفاع الحاج عز الدين واخوه ياسين في مجال تربية الاغنام قد دفعهما الى الاتصال بدائرة البيطرة لمعالجة الامراض التي تصيب الاغنام بالدواء وتلقيحها ضد الامراض الاخرى كما اهتم بأنتقاء سلالات جديدة وادخالها ضمن قطعانه وتمكن ان يحصل على اغنام ممتازة صارت محط انظار المربين الاخرين الذين سعوا للحصول على اغنام من تلك السلالات .
اشتهر الحاج عز الدين بأدخال زراعة القطن الى منطقة الشرقاط ومما شجعه على ذلك ارتفاع اسعار القطن حتى ان سعر الطن الواحد منه بلغت في اوائل الخمسينات من القرن الماضي 100 دينار عراقي وكان ذلك سببا في استثمار الحاج عز الدين واخوانه في هذا الميدان وقد اعتاد الحاج عز الدين ان يسوق انتاجه الى محلج الرافدين العائد الى بيت الخضيري وشركائهم في بغداد .. وفي نهاية العقد السادس من القرن الماضي أخذ الحاج عز الدين يورد أقطانه الى "محلج مصطفى الصابونجي " في الموصل .
ان نشاط الحاج عز الدين في مجال العمل التجاري ، واستيراد المضخات الزراعية ، ونصب مكائن طحن الحبوب ، وزراعة الاقطان ، وتربية الاغنام ، وولوج الزراعة الديمية ، واستيراد التراكتورات والحاصدات كل ذلك احدث نهضة زراعية في منطقة الشرقاط وادخل اليها اساليب الزراعة الحديثة من مكننة وغيرها الامر الذي ادى الى ان ذاع صيته واتسعت شهرته بين اصحاب رؤوس الاموال من تجار بغداد ومنهم ال الخضيري وتجار الموصل ومنهم ال الصابونجي . ويقينا ان هذا النشاط كان له دور في تشغيل المئات من الناس وهذا مما جعلنا نضعه ضمن من ناضلوا في مجال النهوض بالاقتصاد الوطني: بالزراعة ، وتربية الاغنام في العراق المعاصر ...رحم الله الحاج عز الدين حمودي فقد كان رجلا عصاميا افاد بلدته ووطنه واهله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق