أدباء وإعلاميون عراقيون: المواقع الثقافية الإلكترونية تسحب البساط من المجلات الثقافية
سهولة النشر وانخفاض التكلفة وسرعة الانتشار وراء نجاحها
|
بغداد: أفراح شوقي
أسهم الانفتاح الفضائي والإعلامي الواسع في العراق بعد عام 2003 في تعاظم
أدوار وسائل الاتصال الحديثة في نقل ونشر النتاجات الثقافية وتبادل
المعلومات والأخبار بين المثقفين والأدباء، وإدارة مواقع ثقافية إلكترونية،
استطاعت بعد تجارب مرت بها تطوير حالها لتحتل مكانة مميزة في المشهد
الثقافي العراقي، خصوصا مع تراجع مستوى المطبوع الورقي وكلف إصداره وتوزيعه
وطبيعة اختياراته التي قد لا تتوافق مع مجتمع متعدد ومتنوع.
وغدت المواقع الإلكترونية الثقافية العراقية عنصرا مهما لاجتذاب نتاجات الكتاب الذين حرموا من النشر بعد احتجاب معظم المجلات الورقية، مما أسهم في انتشارها وشيوعها، على الرغم من الملاحظات التي تؤخذ عليها كما عبر عنها معنيون.
ويقول الشاعر والإعلامي جمال المظفر، الذي يتعامل مع الكثير من المواقع الإلكترونية الثقافية «هناك مواقع إلكترونية ثقافية جيدة ورصينة، ولديها رصيد كبير من القراء والمتابعين، بعد أن أسهمت تلك المواقع في سحب البساط من تحت أقدام المجلات الثقافية، كون مساحة النشر أكبر وأسرع وأكثر انتشارا، فالعالم الافتراضي وفر مساحات أوسع للنشر من دون انتظار لصدور المجلة الثقافية، التي قد تفضل نشر مادة على سواها اعتمادا على المحاباة والتمييز ما بين كاتب وآخر». ويضيف «المواقع الإلكترونية متاحة للجميع الآن، سواء من ناحية التصفح في أي وقت سواء عبر الحاسوب أو الجوال، كما أنها لا تنحصر في الفئة المثقفة، إذ بإمكان أي مواطن بعيد عن الثقافة أن يطلع على مادة ثقافية أو قصيدة أو قراءة قصة دون الحاجة لشراء مجلة بعيدة عن متناول يده، أو ربما لا تتماشى مع توجهاته ورغباته».
وحول العوامل، التي أسهمت في تراجع المجلات الثقافية الورقية على حساب المواقع الإلكترونية المناظرة لها، يقول المظفر «هناك مسألة مهمة تواجه المجلات الثقافية، أسهمت في تراجعها كثيرا أمام المد الإلكتروني، وهي معضلة التوزيع، إذ بالإمكان طباعة المجلة، لكن قضية تسويقها وإيصالها إلى كل المدن غدت المهمة الأصعب مع ندرة الدور المتخصصة في التوزيع والتي غالبا ما تعتمد المرتجع، أي إعادة ما لا يسوق والذي يتسبب في خسائر فادحة لجهات النشر بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة، وأحيانا يكون الإخراج الفني الضعيف للمجلات الثقافية سببا في تراجع تسويقها. وهناك أيضا مؤسسات تفرض إصداراتها على الأدباء تحت بوابة الدعم الأدبي!، في حين صار بإمكان المثقف أن يتصفح عشرات المواقع بل والمئات منها ومتابعة كل ما هو جديد مجانا، ولا ينتظر مجلة تصدر في بداية كل شهر مرة أو ربما تكون فصلية».
أما أسماء محمد مصطفى، مديرة تحرير مجلة «الموروث الثقافية»، التي تأسست في يناير (كانون الثاني) 2008، وموقع «ذاكرة بغداد» الإلكتروني، وكلاهما تابع لدار الكتب والوثائق الوطنية، فتقول «بشكل عام، انتعش النشر الثقافي والصحافي مع ظهور المواقع والصحف الإلكترونية، التي شكلت فضاءات حرة للكاتب تعبر كتاباته الحدود من خلالها، مما يجعل موضوعاته متاحة لاطلاع القراء خارج بلده، وهذا ما لا توفره الصحيفة الورقية التي تصدر في الداخل فقط، كما أن المواقع الإلكترونية مقروءة أكثر من المجلات الثقافية الورقية التي لا تباع إلا قليلا».
ولفتت أسماء مصطفى إلى أن «الكثير من المواقع والمجلات الثقافية الإلكترونية تنشر المادة الجيدة والمادة الرديئة والمليئة بالأخطاء اللغوية معا، حيث إن غالبية المواقع لا يتوافر فيها مدقق لغوي، وأحد أسباب ذلك، هو النشر اليومي لعشرات المقالات في الموقع الواحد مما يصعب السيطرة على الأخطاء اللغوية التي تظهر في منشورات المواقع الإلكترونية، وأحيانا يدير بعض المواقع أنصاف مثقفين أو حتى جهلة عاجزين عن تقويم الموضوعات المنشورة وتشخيص أخطائها اللغوية والفكرية، بينما الصحف والمجلات الورقية، يعد المصحح اللغوي أحد أهم أركانها، كما أن لها نكهتها وهي متاحة للقراء الذين لا يستخدمون الإنترنت، كما تتيح للقارئ الاحتفاظ بها وقراءتها متى أراد ذلك من غير الحاجة إلى الحاسوب وتكون قراءتها أدق وتتيح فرصة للتأمل أكثر. لكن بالمقابل هناك مواقع إلكترونية رصينة، ونحن مثلا في مجلة الموروث الثقافية الشهرية وموقع ذاكرة بغداد الإلكتروني الصادرين عن دار الكتب والوثائق الوطنية لا نستسهل النشر كما أننا نراجع الموضوعات لغويا ونحرص على أن يصدر كل عدد بمستوى جيد ويحوز على رضا المتابعين».
وحول النجاحات التي حققتها مجلة الموروث الثقافية خصوصا بعد خمس سنوات من انطلاقها، وعدد متابعيها، تقول «حققت مجلة الموروث نجاحا تجسد في تصاعد عدد متابعيها حيث يبلغ معدل زوار العدد الواحد أكثر من ألف قارئ، وهي تهتم بعالم الكتب والمكتبات والتراث والأرشيف العراقي والثقافة العامة، كما أنها نافذة من النوافذ الثقافية لدار الكتب والوثائق الوطنية. أما موقع ذاكرة بغداد الإلكتروني الذي أدير تحريره أيضا فتأسس في 16 من أكتوبر (تشرين الأول) 2012، ويتخصص بإبراز كل ما يتعلق ببغداد من موروثها المادي وغير المادي، وبذلك يمكن اعتبار هذا الموقع أرشيفا خاصا بالمعلومات والموضوعات المختلفة والواسعة عن هذه المدينة العريقة، يكون مرجعا للباحثين والمهتمين».
الشاعرة والإعلامية ابتهال بليبل، التي تنشر في مواقع إلكترونية ثقافية، إضافة إلى النشر في المجلات الثقافية، لها ملتقى إلكتروني سمته «ملتقى جهة الثقافة» تمهيدا لتطويره ليكون موقعا أدبيا إلكترونيا. وقد استقطب، كما تقول، أكثر من 200 مثقف ومثقفة عبر إسهامات يومية.
وعن سبب تراجع المجلات الثقافية في العراق أمام زحف المواقع الإلكترونية، تقول «المجلات الثقافية غدت ثقيلة بالوجوه ذاتها وبالأفكار ذاتها التي باتت قديمة، من دون الانتباه للمواهب الشابة التي تحمل أفكارا حداثية مبتكرة، كما أن معظم التصاميم المعتمدة في تلك المجلات لم تعد تتماشى مع إيقاع العصر بما أنتجه من ابتكارات فنية جديدة تجذب القارئ، ولا يمكن إغفال موضوعة صعوبة التوزيع، وارتفاع تكاليف النشر في معظم تلك المجلات».
* http://www.aawsat.com
وغدت المواقع الإلكترونية الثقافية العراقية عنصرا مهما لاجتذاب نتاجات الكتاب الذين حرموا من النشر بعد احتجاب معظم المجلات الورقية، مما أسهم في انتشارها وشيوعها، على الرغم من الملاحظات التي تؤخذ عليها كما عبر عنها معنيون.
ويقول الشاعر والإعلامي جمال المظفر، الذي يتعامل مع الكثير من المواقع الإلكترونية الثقافية «هناك مواقع إلكترونية ثقافية جيدة ورصينة، ولديها رصيد كبير من القراء والمتابعين، بعد أن أسهمت تلك المواقع في سحب البساط من تحت أقدام المجلات الثقافية، كون مساحة النشر أكبر وأسرع وأكثر انتشارا، فالعالم الافتراضي وفر مساحات أوسع للنشر من دون انتظار لصدور المجلة الثقافية، التي قد تفضل نشر مادة على سواها اعتمادا على المحاباة والتمييز ما بين كاتب وآخر». ويضيف «المواقع الإلكترونية متاحة للجميع الآن، سواء من ناحية التصفح في أي وقت سواء عبر الحاسوب أو الجوال، كما أنها لا تنحصر في الفئة المثقفة، إذ بإمكان أي مواطن بعيد عن الثقافة أن يطلع على مادة ثقافية أو قصيدة أو قراءة قصة دون الحاجة لشراء مجلة بعيدة عن متناول يده، أو ربما لا تتماشى مع توجهاته ورغباته».
وحول العوامل، التي أسهمت في تراجع المجلات الثقافية الورقية على حساب المواقع الإلكترونية المناظرة لها، يقول المظفر «هناك مسألة مهمة تواجه المجلات الثقافية، أسهمت في تراجعها كثيرا أمام المد الإلكتروني، وهي معضلة التوزيع، إذ بالإمكان طباعة المجلة، لكن قضية تسويقها وإيصالها إلى كل المدن غدت المهمة الأصعب مع ندرة الدور المتخصصة في التوزيع والتي غالبا ما تعتمد المرتجع، أي إعادة ما لا يسوق والذي يتسبب في خسائر فادحة لجهات النشر بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة، وأحيانا يكون الإخراج الفني الضعيف للمجلات الثقافية سببا في تراجع تسويقها. وهناك أيضا مؤسسات تفرض إصداراتها على الأدباء تحت بوابة الدعم الأدبي!، في حين صار بإمكان المثقف أن يتصفح عشرات المواقع بل والمئات منها ومتابعة كل ما هو جديد مجانا، ولا ينتظر مجلة تصدر في بداية كل شهر مرة أو ربما تكون فصلية».
أما أسماء محمد مصطفى، مديرة تحرير مجلة «الموروث الثقافية»، التي تأسست في يناير (كانون الثاني) 2008، وموقع «ذاكرة بغداد» الإلكتروني، وكلاهما تابع لدار الكتب والوثائق الوطنية، فتقول «بشكل عام، انتعش النشر الثقافي والصحافي مع ظهور المواقع والصحف الإلكترونية، التي شكلت فضاءات حرة للكاتب تعبر كتاباته الحدود من خلالها، مما يجعل موضوعاته متاحة لاطلاع القراء خارج بلده، وهذا ما لا توفره الصحيفة الورقية التي تصدر في الداخل فقط، كما أن المواقع الإلكترونية مقروءة أكثر من المجلات الثقافية الورقية التي لا تباع إلا قليلا».
ولفتت أسماء مصطفى إلى أن «الكثير من المواقع والمجلات الثقافية الإلكترونية تنشر المادة الجيدة والمادة الرديئة والمليئة بالأخطاء اللغوية معا، حيث إن غالبية المواقع لا يتوافر فيها مدقق لغوي، وأحد أسباب ذلك، هو النشر اليومي لعشرات المقالات في الموقع الواحد مما يصعب السيطرة على الأخطاء اللغوية التي تظهر في منشورات المواقع الإلكترونية، وأحيانا يدير بعض المواقع أنصاف مثقفين أو حتى جهلة عاجزين عن تقويم الموضوعات المنشورة وتشخيص أخطائها اللغوية والفكرية، بينما الصحف والمجلات الورقية، يعد المصحح اللغوي أحد أهم أركانها، كما أن لها نكهتها وهي متاحة للقراء الذين لا يستخدمون الإنترنت، كما تتيح للقارئ الاحتفاظ بها وقراءتها متى أراد ذلك من غير الحاجة إلى الحاسوب وتكون قراءتها أدق وتتيح فرصة للتأمل أكثر. لكن بالمقابل هناك مواقع إلكترونية رصينة، ونحن مثلا في مجلة الموروث الثقافية الشهرية وموقع ذاكرة بغداد الإلكتروني الصادرين عن دار الكتب والوثائق الوطنية لا نستسهل النشر كما أننا نراجع الموضوعات لغويا ونحرص على أن يصدر كل عدد بمستوى جيد ويحوز على رضا المتابعين».
وحول النجاحات التي حققتها مجلة الموروث الثقافية خصوصا بعد خمس سنوات من انطلاقها، وعدد متابعيها، تقول «حققت مجلة الموروث نجاحا تجسد في تصاعد عدد متابعيها حيث يبلغ معدل زوار العدد الواحد أكثر من ألف قارئ، وهي تهتم بعالم الكتب والمكتبات والتراث والأرشيف العراقي والثقافة العامة، كما أنها نافذة من النوافذ الثقافية لدار الكتب والوثائق الوطنية. أما موقع ذاكرة بغداد الإلكتروني الذي أدير تحريره أيضا فتأسس في 16 من أكتوبر (تشرين الأول) 2012، ويتخصص بإبراز كل ما يتعلق ببغداد من موروثها المادي وغير المادي، وبذلك يمكن اعتبار هذا الموقع أرشيفا خاصا بالمعلومات والموضوعات المختلفة والواسعة عن هذه المدينة العريقة، يكون مرجعا للباحثين والمهتمين».
الشاعرة والإعلامية ابتهال بليبل، التي تنشر في مواقع إلكترونية ثقافية، إضافة إلى النشر في المجلات الثقافية، لها ملتقى إلكتروني سمته «ملتقى جهة الثقافة» تمهيدا لتطويره ليكون موقعا أدبيا إلكترونيا. وقد استقطب، كما تقول، أكثر من 200 مثقف ومثقفة عبر إسهامات يومية.
وعن سبب تراجع المجلات الثقافية في العراق أمام زحف المواقع الإلكترونية، تقول «المجلات الثقافية غدت ثقيلة بالوجوه ذاتها وبالأفكار ذاتها التي باتت قديمة، من دون الانتباه للمواهب الشابة التي تحمل أفكارا حداثية مبتكرة، كما أن معظم التصاميم المعتمدة في تلك المجلات لم تعد تتماشى مع إيقاع العصر بما أنتجه من ابتكارات فنية جديدة تجذب القارئ، ولا يمكن إغفال موضوعة صعوبة التوزيع، وارتفاع تكاليف النشر في معظم تلك المجلات».
* http://www.aawsat.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق