الثلاثاء، 16 أبريل 2013

الدكتور عبد الرافع جاسم مؤرخا




الدكتور عبد الرافع جاسم مؤرخا
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث –العراق

     لاأعرف رجلا جادا ومثابرا ومخلصا في عمله مثل الدكتور عبد الرافع جاسم .واجه ما واجه في حياته ، ووقع في الاسر ابان الحرب العراقية –الايرانية اواخر سنة 1982 ،وعاد الى وطنه وهو اكثر اصرارا على ان يقدم مايفيد فحث الخطى وحصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ الاسلامي ولايزال يبحث ويدرس وينشر بحوثه ويلقي محاضراته بكل اخلاص وتفان وانا اكبر فيه هذه الروح الوثابة وهذا الصبر الجميل وهذا النفس الطويل .
    الدكتور عبد الرافع بن السيد جاسم بن السيد محمد السيد رزو بن السيد حسين النعيمي الرفاعي من مواليد محلة " عمو البقال " في مدينة الموصل سنة  1957 م . وقد  انتقلت أسرته للسكن في محلة نينوى الشرقية في الموصل (وسط مدينة نينوى عاصمة الدولة الآشورية 911 – 612 ق.م) . .
     في سنة 1964 م التحق بالدراسة الابتدائية في مدرسة " تطبيقات دار المعلمين " (مدرسة نينوى الابتدائية حالياً )، وقد ترك معلمو هذه المدرسة أثراً كبيراً في نشأته وثقافتة حيث بدأت ميوله نحو الأدب والتأريخ والفن والتواصل الثقافي والاجتماعي تنمو بفضل وتوجيه ذلك الجيل من المبدعين في مقدمتهم معلمي التربية الفنية والتربية الرياضية والنشيد والموسيقى فضلاً عن المعلمين الآخرين ، فقد شارك في فريق الكشافة المدرسي وفرقة المسرح المدرسية والمهرجانات والنشاطات المتاحة آنذاك . وفي سنة 1971 م أسهم مع بعض زملائه في تأسيس ناد ثقافي أطلق عليه " نادي أصدقاء فلسطين " اتخذ له مقراً مع مقر نقابة المعلمين الفلسطينيين في الدواسة قرب حديقة الشهداء في الموصل ، وبدأ يقرأ الأدب والشعر والتاريخ ، ويكتب القصة القصيرة والمسرحية .
   وكان لوالده دور أكبر في نشأته تكوينه الثقافي حيث غرس فيه محبة الله تعالى والتعلق به والتمسك بقيم الإسلام الحنيف .
   واصل دراسته المتوسطة وكانت له نشاطات ثقافية وفنية ، فقد أسهم في أول اتحاد شباب أسس في الجانب الأيسر من مدينة الموصل سنة 1972 م ، وألف مع بعض زملائه فرقة مسرحية قدمت عروضاً في المدارس وبعض القرى وفي الساحات العامة أثناء الاحتفالات الوطنية. وبعد إكماله الدراسة الإعدادية الفرع الأدبي سنة 1977 م ، التحق بكلية القانون والسياسة - جامعة بغداد ، لتتحول ميوله الأدبية والفنية نحو البحث العلمي في مجال القانون ، لكنه لم يتخل عن تعلقه بمتابعة النشاطات الثقافية والفنية ، فقد شارك في فرقة كلية القانون المسرحية ، وكان يتابع العروض المسرحية في أكاديمية الفنون الجميلة ومسارح بغداد فضلاً عن حضور المهرجانات الشعرية والنشاطات الأدبية والثقافية .
       تخرج في كلية القانون والسياسة  سنة  1981ليلتحق بكلية الضباط الاحتياط ويتخرج منها في كانون الثاني سنة  1982 م برتبة ملازم ، وقد شارك في الحرب العراقية – الإيرانية 1980-1988 . وفي أواخر سنة  1982م ، وقع في أسر القوات الإيرانية لينفق ثمانية أعوام من شبابه في السجن .وقد  أسهمت هذه المرحلة العصيبة من حياته في إنضاج ثقافته وأفكاره ، فقد تعرف عن قرب على الثقافة والتاريخ الفارسيين  ، وعلى صور التفاعل الحضاري بين الثقافتين العربية والفارسية عبر التاريخ ، وقد كتب في الأسر مجموعة قصص قصيرة وعددا من المسرحيات فضلاً عن بعض البحوث في اللغة العربية والأدب وغيرها ، وساعده وضعه في الأسر على إتمام حفظ القرآن الكريم ليتحقق له حلم كان يراوده طويلاً .
   وعندما اُبلغ بالتهيؤ للعودة إلى الوطن ، جمع كل ما كان قد كتبه في ثمان سنوات ، وما لديه من رسائل متبادلة مع الأهل ، وحرقها ورقة ورقة خشية أن تقع بأيدي المسؤولين ويُمنع من العودة إلى الوطن .
   وفي أيلول من سنة 1990 عاد إلى الموصل حاملاً معه هموم استرداد الزمن المفقود .ويقينا ان فترة اسره وعودته ساعدته على التشبث بالحياة والاصرار على تحقيق اهدافه العلمية ومنها ممارسته لمهنة  المحاماة في المحاكم العراقية بأنواعها ودرجاتها للفترة من 1990 – 2004 م ، عين خلالها مديرا للحقوق – قسم الأراضي في مديرية زراعة نينوى لفترة وجيرة من سنة  1992م .
  حصل على شهادة الماجستير في التراث الفكري والعلمي العربي من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا- بغداد  والتابع لاتحاد المؤرخين العرب سنة 1999 م ، وكان عنوان رسالته: " الرؤية القرآنية للملكية : دراسة تاريخية قانونية " . ولم يتوقف عند هذا الحد بل واصل مشواره العلمي ودراسته العليا وحصل على شهادة الدكتوراه - فلسفة في التراث الفكري والعلمي العربي -معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا- بغداد  سنة 2002 م ، وكان عنوان اطروحته : " أثر الملكية على الأوضاع السياسية عند العرب قبل الإسلام والموقف القرآني " .
    عين على ملاك المديرية العامة لتربية نينوى عام 2004 م ، ومارس التدريس في الكلية التربوية المفتوحة- مركز نينوى وعمل معاوناً للمدير  فيها للفترة من 2004- 2008 م  ، وما زال محاضراً فيها ، كما مارس التدريس في معهد إعداد المعلمين – نينوى في سنة  2004 وفي سنة 2009 م ، وترك العمل في تربية نينوى ، سنة  2009 م ، وعمل في عدد من الجامعات غير الحكومية ، وأشرف على إعداد الكثير من البحوث والرسائل الجامعية في العلوم الإسلامية والتاريخ الإسلامي وأسهم في مناقشة عدد من رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه في هذه الجامعات .
   شارك في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية والفكرية وكانت له بحوث متميزة فيها ، وكان أحد أعضاء اللجنة التحضيرية للمعرض الدولي الأول للكتاب الذي أقيم في محافظة نينوى بعد خروج قوات الاحتلال منها ، وعضو اللجنة العلمية لندوة " الكِتابَةُ وَالكُتَّابُ وَالمَكْتَباتُ في حَضارَةِ العِراقِ "  المنعقدة في المنتدى العلمي والأدبي بجامعة الموصل يومي 26 و 27 آذار 2012م .
      له بحوث ومؤلفات منشورة ومعدة للنشر : منها :
-     الملك في القرآن الكريم ( قراءات في النص القرآني ) – دار الكتب العلمية ( بيروت- 2008 ) 
-     الرؤية القرآنية للملكية وتطبيقاتها في عصر الرسالة .
-     الشبك : دراسة في الأصول والعقائد وقضايا أخرى .
-     النظرية العامة للدستور الإسلامي .
-     الاستخلاف نيابة عن الخالق أم تعاقب إنساني ، بحث أسهم في المؤتمر العلمي الأول – كلية العلوم الإسلامية / جامعة الموصل تشرين الثاني / 2005 .
-     التنقيبات الآثارية في مدن آشور / مجلة الموصل التراثية نيسان – 2004 .
-     الغزو الحبشي لليمن ، أطماع تتنامى وحضارة تخبو / نشر حلقات في صحيفة الموصلية
-     المنطلقات الشرعية للدستور ، نشر حلقات في صحيفة الفاصل
-     إنسانية الحضارة وصِدام التسلط ، مقال نشر حلقات في صحيفة الفاصل
    يرى الدكتور عبد الرافع جاسم أن التاريخ ما هو إلا زمن مضى بأحداثه ووقائعه وشخوصه ، وزمن آتٍ نسميه المستقبل ، وبينهما خط وهمي هو (الحاضر) الذي سرعان ما يتلاشى ليلتحق بركام الماضي ، ولا يمكن استشراف المستقبل إلا من خلال قراءة الماضي ، عليه لا يمكن معرفة حقيقة أي شيء دون البحث في جذوره ، وما العلوم والمعارف الإنسانية إلا حلقات متصلة ومترابطة يحركها التراكم المعرفي الذي أنتجه الإنسان عبر تاريخه الممتد لآلاف السنين إنه التاريخ .
      أما الحضارة فهي العطاء الإنساني من تراكم فكري وثقافي وعمراني ، ينمو حيثما توافرت له عوامل الخصب ، وهو في الغالب نتاج أولئك المجهولين من العبيد والعمال والصناع والجنود وذوي الخبرات وغيرهم ، ثم ينسب إلى الملوك والحكام ، ولم يكن العطاء الحضاري في يوم من الأيام حكراً لقوم أو امة أو لبقعة جغرافية محددة بل كان مطروحاً للجميع بالمجان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...