المعلم في العراق القديم
د. باسم محمد حبيب
نائب رئيس إتحاد كتاب الانترنت العراقيين
هناك أدلة كثيرة إلى ما كان يتمتع به المعلم في العراق القديم من منزلة ومكانة كبيرة منها :
11- الألقاب التي يلقب بها ، إذ تشير النصوص المسمارية إلى أن العراقيون القدماء كانوا يطلقون على مدير المدرسة لقب ( أبو المدرسة ) ، وعلى الأستاذ لقب ( الأخ الأكبر ) ، وهي ألقاب تدل على ما للمعلم من مكانة ومنزلة كبيرة ، فيما يشار إلى المتعلم بلقب ( أبن المدرسة ) دلالة على صلته القوية بها و بالقائمين على التعليم ، وهي صلة لا تنتهي بإنتهاء دراسته فيها بل تستمر حتى بعد تخرجه منها ، كما يشير إلى ذلك اللقب الذي يلقب به وهو (أبن المدرسة في الأيام الماضية ) ( حول هذه الألقاب ينظر : صوموئيل كريمر ، السومريون : أحوالهم - عاداتهم - تقاليدهم ، ص 332 ) .
22- حالته المادية، فمعظم المعلمين - بحسب المصادر المتوافرة - من الطبقة الغنية ، ليس لإنحدار كثير منهم من عوائل غنية وحسب بل ولحصولهم على أجور عالية مقارنة بسواهم ، ففيما يخص إنحدارهم من عوائل غنية ، أشار عالم المسماريات ( نيقولاس شنايدر) إلى أن معظم المتعلمين وبالتالي المعلمين ينحدرون من عوائل غنية ، وذلك بعد أن أستقصى االخلفية الأجتماعية لـ(500) من المتعلمين ، إذ وجد أن آباءهم كانوا إما من الحكام أو الكهنة أو الضباط أو الموظفين الكبار كموظفي القصور و موظفي الضرائب والموكلين بالسجلات الحكومية والمشرفين ورؤساء العمال والمراقبين والمحاسبين وغيرهم (المصدر السابق ، ص 332 ) ، أما ما يتقاضوه من راتب ، فإن المصادر المتوافرة أشارت أن ما يتقاضاه المعلم من راتب ربما يفوق ما يتقاضاه بعض موظفي الدولة بما فيهم بعض العاملين في القصر ، فبحسب أحد المصادر أن نعجة واحدة هي مكافأة المعلم مقابل كل فرد يقوم بتعليمه ، فلو أشرف المعلم على تعليم 50 طالبا ، لكن مقدار ما يتقاضاه في موسم دراسي واحد ، هو 50 نعجة عدى ما يحصل عليه من هديا ومكافآت .
33- زيادة الطلب على الكتبة ، فما تتمتع به البلاد من إزدهار إقتصادي كان له الأثر في زيادة الطلب على الكتبة ، الذين أخذت الحاجة إليهم تزداد بمرور الزمن ، سواء أكان بفعل توسع المعاملات الاقتصادية أم بفعل إتساع المهام المرتبطة بالمعابد و القصور وإشتمالها على تخصصات كثيرة ومتنوعة ، ما أدى إلى زيادة أعداد المتعلمين ، حتى بلغت أعدادهم الألاف في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد (المصدر السابق ، 330 )، ما نتج عنه تطور المدارس وإنتشارها في كافة أنحاء البلاد ، فأصبحت هناك إضافة إلى مدارس القطاع الخاص مدارس ملحقة بالقصور وأخرى بالمعابد لغرض تخريج الموظفين المتخصصين بإدارة هاتين المؤسستين ، وبالتالي زيادة الطلب على المعلمين وإرتفاع مكانتهم ومنزلتهم .
44- تفاخر الملوك والحكام بتعليمهم ، إذ أن تفاخر الملوك والحكام بتعليمهم هو أبلغ دلالة على ما للمعلم من مكانة ومنزلة عالية ، فهو يشير إلى أن الملوك والحكام يعدون تعليمهم ميزة يتميزون بها عن غيرهم ، ما يعني تبجيلهم للعلم والمعرفة وتقديرهم للمعلم .
وهذا ما يتضح من نص يعود للملك الآشوري (آشور بانيبال ) ( 668 - 627 ق.م ) ، تضمن تفاخره بما لديه من معرفة ، وذلك بما نصه " درست كلمة نابو وأستوعب فن الكتابة بكامله وكذلك معارف المتخصصين جميعهم " ( عامر سليمان ، العراق في التاريخ القديم ، موجز التاريخ الحضاري ، ص 267 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق