جمعية التضامن الخيرية
للشيشان والداغستان والشركس في العراق
مركز القفقاس للنشر والطباعة
الشيشان
والداغستان والشركس في العراق
دراسة أولية كتبها : محمد حسين
الداغستاني
أمين سر جمعية التضامن الخيرية للشيشان والداغستان والشركس في العراق
العراق / كركوك
2004
المقدمة : التهجير والإستقرار
عقب عمليات التهجير القسرية التي تعرضت لها شعوب بلاد شمال القفقاس
وبضمنها الهجرة الكبرى التي امتدت للمدة من 1859 م ولغاية 1864 م الى تركيا
ومن ثم الى البلاد الواسعة التي كانت تحت سيطرة العثمانيين ، كانت حصة العراق
كبيرة من اعداد الاسر الشيشانية والداغستانية والشركسية التي استوطنت بصورة رئيسية
في مدن وريف كركوك و ديالى وبغداد والموصل والأنبار(الفلوجة) الى جانب
العوائل التي قدمت طوعاً من شمال وجنوب داغستان الى العراق عبر أذربيجان وإيران قبل
التهجيرالقسري وبعده بفترات غير قصيرة وإستقرت في دهوك وأربيل والسليمانية ... وكانت
الغالبية العظمى من المهاجرين القادمين قسرا الى العراق تتكون من عوائل القادة
العسكريين أو المقاتلين الذين إنضموا الى الجيش العثماني بدواعي دينية ومن ثم
فضّلوا البقاء في العراق ولم يغادروه حتى بعد سقوط الدولة العثمانية .
وعلى إمتداد سنوات القرن الماضي ونتيجة الإفتقار الى مرجعية عشائرية مركزية تتولى رعاية شؤون الشيشان والداغستان والشركس في العراق تعذر القيام بتنظيم العمليات الإحصائية الدقيقة الخاصة بتحديد ومسح الأعداد الفعلية للشيشان والداغستان والشركس في العراق ومواقع سكناهم لأسباب عديدة لامجال الآن للخوض فيها ، لذا فقد كان من المستحيل تنظيم عملية إحصائية دقيقة عن واقع حال هذه العوائل ، إلاّ أن رغبة نخبة من رجالها وإيمانهم بضرورة إيجاد وسيلة تنظيمية تتولى لّم الشمل ومعرفة التفاصيل الخاصة بها حياتياً وعلمياً وإجتماعياً والعمل على النهوض بها دفعتهم عام 2004 نحو تأسيس (جمعية التضامن الخيرية لعشائر الشيشان والداغستان والشركس في العراق) وأختيرمركزها العام في محافظة كركوك بالنظر للكثافة السكانية العالية لأبناء هذه العشائر فيها ولكونها تتوسط المدن والمناطق التي تسكنها الأكثرية المتحدرة عن شمال القفقاس .
ورغم غياب تلك الجهة الراعية قبل تشكيل الجمعية إلأّ أنه من باب الأمانة الإشارة الى الجهود الفردية التي بذلت من قبل رجال ورموز إجتماعية بارزة في تعزيز الصلات بين أبناء هذه العشائر ورص صفوفهم وتوحيد كلمتهم وإشعارهم بضرورة تعميق معارفهم عن مواطن الأجداد وفي مقدمة هؤلاء المرحومين مصطفى نجيب تيمور بك (1907 ــ 1989 ) الذي جعل قريته ( جارشلو ) في ناحية العباسي بقضاء الحويجة بكركوك نقطة إستقطاب حقيقية لعدد كبير من العوائل الشيشانية والشخصيات المتحدرة من شمال القفقاس ومنذ خمسينيات القرن الماضي ، والمرحوم شمس الدين خالص (1906 ــ 1989) الذي كان أبواب ديوانيته في قرية الشيشان (الحميدية) بقضاء المقدادية في محافظة ديالى مفتوحة أمام الزوار والضيوف القادمين إليها من داخل وخارج العراق ، لقد كان المرحومان يتصفان بالكرم وسعة الصدر والحرص على المشاركة بكافة مناسبات العوائل القفقاسية في السراء والضراء ، كما وكانا يعلنان بوضوح عن رغبتهما في إيجاد صيغة مــا للم شمل هذه العوائل وتوفير فرص التعارف والتماسك فيما بينها ، لولا الضوابط المركزية القسرية التي كانت تحول دون التطلعات القومية المشروعة للأقليات القومية ، لهذا فإنه يمكن القول بأن هاتان القريتان هما الوحيدتان المعروفتان بأنهما تضمان عوائــــل شيشانية في العراق قبل أي مكان آخر ، ثم أضيفت إليهما قرية (ينكجة بابلان) الشيشانية في قضاء طوزخورماتو التابعة الى محافظة صلاح الدين وقضاء الفلوجة في محافظة الأنبار الذي كان لجمعية التضامن الفضل في التعريف بأبناء القفقاس فيهما على نطاق واسع وضمهم الى عضويتها منذ تأسيسها .
وعلى إمتداد سنوات القرن الماضي ونتيجة الإفتقار الى مرجعية عشائرية مركزية تتولى رعاية شؤون الشيشان والداغستان والشركس في العراق تعذر القيام بتنظيم العمليات الإحصائية الدقيقة الخاصة بتحديد ومسح الأعداد الفعلية للشيشان والداغستان والشركس في العراق ومواقع سكناهم لأسباب عديدة لامجال الآن للخوض فيها ، لذا فقد كان من المستحيل تنظيم عملية إحصائية دقيقة عن واقع حال هذه العوائل ، إلاّ أن رغبة نخبة من رجالها وإيمانهم بضرورة إيجاد وسيلة تنظيمية تتولى لّم الشمل ومعرفة التفاصيل الخاصة بها حياتياً وعلمياً وإجتماعياً والعمل على النهوض بها دفعتهم عام 2004 نحو تأسيس (جمعية التضامن الخيرية لعشائر الشيشان والداغستان والشركس في العراق) وأختيرمركزها العام في محافظة كركوك بالنظر للكثافة السكانية العالية لأبناء هذه العشائر فيها ولكونها تتوسط المدن والمناطق التي تسكنها الأكثرية المتحدرة عن شمال القفقاس .
ورغم غياب تلك الجهة الراعية قبل تشكيل الجمعية إلأّ أنه من باب الأمانة الإشارة الى الجهود الفردية التي بذلت من قبل رجال ورموز إجتماعية بارزة في تعزيز الصلات بين أبناء هذه العشائر ورص صفوفهم وتوحيد كلمتهم وإشعارهم بضرورة تعميق معارفهم عن مواطن الأجداد وفي مقدمة هؤلاء المرحومين مصطفى نجيب تيمور بك (1907 ــ 1989 ) الذي جعل قريته ( جارشلو ) في ناحية العباسي بقضاء الحويجة بكركوك نقطة إستقطاب حقيقية لعدد كبير من العوائل الشيشانية والشخصيات المتحدرة من شمال القفقاس ومنذ خمسينيات القرن الماضي ، والمرحوم شمس الدين خالص (1906 ــ 1989) الذي كان أبواب ديوانيته في قرية الشيشان (الحميدية) بقضاء المقدادية في محافظة ديالى مفتوحة أمام الزوار والضيوف القادمين إليها من داخل وخارج العراق ، لقد كان المرحومان يتصفان بالكرم وسعة الصدر والحرص على المشاركة بكافة مناسبات العوائل القفقاسية في السراء والضراء ، كما وكانا يعلنان بوضوح عن رغبتهما في إيجاد صيغة مــا للم شمل هذه العوائل وتوفير فرص التعارف والتماسك فيما بينها ، لولا الضوابط المركزية القسرية التي كانت تحول دون التطلعات القومية المشروعة للأقليات القومية ، لهذا فإنه يمكن القول بأن هاتان القريتان هما الوحيدتان المعروفتان بأنهما تضمان عوائــــل شيشانية في العراق قبل أي مكان آخر ، ثم أضيفت إليهما قرية (ينكجة بابلان) الشيشانية في قضاء طوزخورماتو التابعة الى محافظة صلاح الدين وقضاء الفلوجة في محافظة الأنبار الذي كان لجمعية التضامن الفضل في التعريف بأبناء القفقاس فيهما على نطاق واسع وضمهم الى عضويتها منذ تأسيسها .
الفصل الأول
القرى
والمدن القفقاسية في العراق
.1 قرية زندان ( الحميدية ) في محافظة ديالى :
قرية زندان ويطلق عليها أيضا الحميدية نسبة الى السلطان العثماني عبدالحميد ، وقد شيدت من قبل الشيشان عام 1880 وكانت مساحتها عند بداية التكوين تبلغ حوالي عشرين دونما ثم إتسعت لتصل الى أكثر من خمسين دونما ، وفيها من الخدمات الرئيسية الكهرباء ومصادرالمياه والطرق الحديثة والمدارس ، وقد شيد أول مدرسة إبتدائية فيها عام 1947م والمركز الصحي عام 1963 وكليهما على نفقة المرحوم شمس الدين خالص ، وتنحدر العوائل الشيشانية القاطنة فيها من عشائر معروفة في شمال القفقاس كالأرشتغوي والغلغاي والنشغوي ..وكانت تضم أكثر من خمسين عائلة تناقصت تدريجيا لأنتقال بعضها الى مركز المحافظة بعقوبة أو الى العاصمة بغداد والتي لا تبعد سوى (110) كيلومترا .
وللشيشان القرية صلات حميمة وقوية ودائمة مع أقربائهم من الشيشان والداغستان في البلدان المجاورة وخاصة في الأردن وسوريا ، ومن أبرز شخصياتها التي كانت معروفة في القرية مراد آغا وسليمان آغا ومحمد عارف آغا وغوبا وصالح متي وتوبوت وبطل وقنديت وصالح بيبرت وعزيز آغا وأصلان وتويتا وعبدالقادر أغا ..
وفي خضم الفوضى العارمة التي سادت العراق فقد تعرضت القرية منتصف شهر أيلول من عام 2007 الى هجومين مسلحين غادرين من قبل مسلحين مجهولين وميليشيات طائفية قامت بحرق وتدمير جميع دوروجامع وبساتين القرية عن بكرة أبيها ، وإستطاعت العوائل أن تنقذ بنفسها بالملابس التي على أفرادها بعد أن قاوم أبنائها الشباب القليلين وبأسلحتهم البسيطة جموع الغزاة المسلحين المدججين بكافة أنواع الأسلحة لحين وصول النجدة إليهم وبعدها تشتت العوائل على المحافظات بحثا عن الملجأ والأمان .
2 . قرية الشيشان (جارشلو) في محافظة كركوك
قرية زندان ويطلق عليها أيضا الحميدية نسبة الى السلطان العثماني عبدالحميد ، وقد شيدت من قبل الشيشان عام 1880 وكانت مساحتها عند بداية التكوين تبلغ حوالي عشرين دونما ثم إتسعت لتصل الى أكثر من خمسين دونما ، وفيها من الخدمات الرئيسية الكهرباء ومصادرالمياه والطرق الحديثة والمدارس ، وقد شيد أول مدرسة إبتدائية فيها عام 1947م والمركز الصحي عام 1963 وكليهما على نفقة المرحوم شمس الدين خالص ، وتنحدر العوائل الشيشانية القاطنة فيها من عشائر معروفة في شمال القفقاس كالأرشتغوي والغلغاي والنشغوي ..وكانت تضم أكثر من خمسين عائلة تناقصت تدريجيا لأنتقال بعضها الى مركز المحافظة بعقوبة أو الى العاصمة بغداد والتي لا تبعد سوى (110) كيلومترا .
وللشيشان القرية صلات حميمة وقوية ودائمة مع أقربائهم من الشيشان والداغستان في البلدان المجاورة وخاصة في الأردن وسوريا ، ومن أبرز شخصياتها التي كانت معروفة في القرية مراد آغا وسليمان آغا ومحمد عارف آغا وغوبا وصالح متي وتوبوت وبطل وقنديت وصالح بيبرت وعزيز آغا وأصلان وتويتا وعبدالقادر أغا ..
وفي خضم الفوضى العارمة التي سادت العراق فقد تعرضت القرية منتصف شهر أيلول من عام 2007 الى هجومين مسلحين غادرين من قبل مسلحين مجهولين وميليشيات طائفية قامت بحرق وتدمير جميع دوروجامع وبساتين القرية عن بكرة أبيها ، وإستطاعت العوائل أن تنقذ بنفسها بالملابس التي على أفرادها بعد أن قاوم أبنائها الشباب القليلين وبأسلحتهم البسيطة جموع الغزاة المسلحين المدججين بكافة أنواع الأسلحة لحين وصول النجدة إليهم وبعدها تشتت العوائل على المحافظات بحثا عن الملجأ والأمان .
2 . قرية الشيشان (جارشلو) في محافظة كركوك
تأسست هذه القرية التابعة لناحية العباسي في قضاء الحويجة عام 1936 م على يد المرحوم إبراهيم بك دولت ، وتقعجنوب نهر الزاب الصغير وشرق نهر دجلة بمسافة عشرة كيلومترات عن نقطة إلتقاء الزاب بدجلة ، وقد قدمت اليها العوائل الشيشانية من قرية (اللقلق) الشيشانية التي أسسها المرحوم تيمور بك بن علي المعروف بـ ( تمربيك) سنة 1284 هـ بعد قدومه الى العراق من تركيا قبل عام من تلك السنة وشيدها على ضفة نهر دجلة الشرقية مقابل قضاء بيجي في محافظة صلاح الدين جنوب فتحة جبل حمرين ، وكانت جارشلو قرية حديثة ومنظمة وجميلة مقارنة بالقرى المتخلفة المحيطة بها ، وكانت ذات بيوت قليلة مكعبة الشكل تقع على جانبي شارع ترابي واسع فيه قليل من الأشجارويعيش سكانها عيشة مدنية منظمة وفق تقاليدهم وعاداتهم وأخلاقهم الجميلة وإكرامهم العالي للضيف (1(
وكانت ديوانية مصطفى نجيب بك في القرية مفتوحة على الدوام تستقبل الضيوف والأقرباء من كل حدب وصوب ، وهي لا تزال في عهد خلفه الصالح الشيخ عبدالعزيز مصطفى نجيب بك الجاجان مقصد العديد من الزوار والعوائل والأسر القفقاسية سواء من العراق أو خارجه فضلا عن كون القرية نفسها ملجأ للمعتصمين بها في الظروف العصيبة .
ومن أبرز الشخصيات التي ساهمت في إنشاء القرية وعاشت فيها كل من الذوات حسين محمد علي ويونس محمد علي ومصطفى نجيب تيمور ومحمد عسكر وبشير أحمد وهم من سكان قرية اللقلق فيما كانت هناك شخصيات من عوائل شيشانية قدمت من الأردن بهدف الإستقرار في القرية وهم كل من محمد أسندر وإبراهيم أسندر وخليل إبراهيم وعثمان أبو بكر وشقيه طيب وموسى عثمان وخضر أرسلان .. وقد عاد هؤلاء وغيرهم الى الأردن بعد إنتشار الملاريا في المنطقة وإرتفاع مستوى الملوحة في الأراضي الزراعية عدا عائلة بدرخان برك خان التي لا يزال خلفه يعيشون مع بقية الشيشان في القرية .
3 . قرية ينكجة بابلان في قضاء طوزخورماتو
يقول الباحث والمؤرخ صلاح الدين ناجي أوغلو(1945 م) بأن الشيشان القاطنين في مركز قضاء طوزخورماتو قد إنفصلوا أصلاً عن العوائل الشيشانية المستوطنة في منطقة قره داغ في محافظة السليمانية وقد إستقروا فيه حوالي العام 1890 م ، وأول من وصل القضاء منهم الأخ الأكبر لهذه الأسر وكان يدعى ( ججان ) ثم أعقبه إخوته بيرام وحلو ومحمد وفتاح وكانوا قد قدموا العراق عن طريق أذربيجان و إيران ليكون القضاء آخر مطاف لهم ، وبلغ عددهم 27 عائلة . فيما إستقرت 40 عائلة شيشانية تنتمي الى عائلة البسلي في قرية ينكجه بابلان التي تبعد عن القضاء حوالي خمسة كيلومترات وقد جاءت تسمية البسلي نتيجة إختفاء جدهم أثناء حروب القفقاس ويقال أن الأتراك أطلقوا عليه هذه الصفة عندما وجدوه مختبأ مريضا في ركن غرفة منعزلة قذرة بعيدا عن أعين الروس الذين كانوا يقتلون كل من يصادفونهم من القفقاس (2(
يبلغ عدد العوائل القاطنة في القرية حاليا 72 عائلة تضم 112 شابا تمتهن غالبيتهم الزراعة وتربية المواشي الى جانب عدد منهم يعملون في دوائر الدولة وهم يتصفون بصفات الأجداد من الكرم وحسن وفادة الضيف والشجاعة والنبل .
4. قضاء الفلوجة في محافظة الأنبار
يعتبر قضاء الفلوجة أكبر أقضية محافظة الأنبار (مركزها الرمادي) ويبعد عن بغداد غربا حوالي 60 كيلومترا ً وعن مركز الرمادي حوالي 55 كيلومتراً ، وتؤكد المعلومات التأريخية الدقيقة الى أن أول من إستوطن الفلوجة كان الشركسي مصطفى إسماعيل الذي قدم من تركيا العثمانية فأقطعه السلطان العثماني أراضي زراعية له ولعائلته الشركسية (الأوبيخ / أديغة) في أراضي تسمى بأراضي الخراب والبساتين المطلة على نهر الفرات ( أصبحت هذه الأراضي الآن من ضواحي القضاء الحديثة ) وكان ضابطا في الجندرمة وعالماً متضلعاً في شؤون الدين والتقوى ،وهو والد الوجيه الفلوجي الثري صاحب الإقطاعيات المعروفة بإسمه حسن بك و وأخويه هما حسين وعلي ، وقد خلف حسن بك كل من المهندس والمقاول الفلوجي الشركسي حقي حسن بك وخالد ومنذر و الحقوقي والكاتب الشركسي مؤيد ومصطفى . وبذلك فإن هذه الأسرة الشركسية هي المؤسسة الفعلية لقضاء الفلوجة الذي إتسع فيما بعد وتكونت بيوتاته من سكان الصقلاوية التي كانت مركزا للناحية وكانت الفلوجة تابعة له عام 1872 م . وأول ما بني فيها من الأبنية والمسقفات جامع (كاظم باشا) وهو الجامع الكبير حاليا والذي يطل على النهر ثم القلعة القريبة منه وكاظم باشا هو صهر السلطان عبدالحميد الثاني وقد بنى كذلك دارا مقابل الجامع وإسطبلا للخيول (3) ، وعلى أثر إحتلال القوات الأمريكية لدور الأسرة وبساتينها وحرق وتدمير ممتلكاتها عام 2003 م إضطرت الى البحث عن سكن مؤقت لها في بغداد العاصمة بإنتظار ما يوؤول إليه المستقبل .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
المحامي محمود نديم إسماعيل ونخبة من الباحثين / مشروع إصلاح القرى في العراق / بغداد 1954
(2)
الأسر الشيشانية في طوزخورماتو وضواحيها / مجلة التضامن العدد 5و6 كانون الأول 2005
(3)
المحامي صادق الجميلي / دور الشراكسة في إنشاء الفلوجة / مجلة التضامن العدد 9و10 أذار 2007
الفصل الثاني
الإحصائية العددية للقفقاس في العراق وعاداتهم وتقاليدهم
فيما يلي الإحصائية المتاحة ( حالياً ) لحجم العوائل القفقاسية في محافظات العراق مؤكدين عدم ثبات هذه الأرقام لحين إنتهاء عملية المسح
التي من المزمع أن تتولاها جمعية التضامن لعشائر الشيشان والداغستان والشركس في
العراق :
المحافظة العدد التقريبي الملاحظات
بغداد 500
ديالى 250 أغلبية شيشانية
كركوك 190
أربيل 10 عوائل داغستانية
السليمانية 630 أغلبية شيشانية
الموصل 150 أغلبية داغستانية
النجف 50 أغلبية داغستانية
الكوت 20 أغلبية داغستانية
البصرة 20
الناصرية 10
العمارة 5
دهوك 3
الحلة 20
الديوانية 12
الأنبار 20 عائلة أغلبية شركسية (أوبيخ )
ـــــــ
1890
وإذا ما تم إعتماد مقياس 5 أفراد لكل عائلة أو أكثر قليلا ً فإن العدد الكلي لنفوس هذه العوائل يبلغ حوالي عشرة الآف نسمة .
ملاحظات حول الحجم السكاني :
1. نشرت جريدة ( الإتجاه الآخر ) في عددها 183 الصادر في يوم السبت الموافق 21 /8/ 2004 تحقيقاً صحفياً بقلم السيد حسان شروخ تحت عنوان ( صقيع الأديغة يغلي في جحيم بغداد) وأشارت فيه الى وجود أكثر من ( 30 ) ألف عائلة شركسية فـــــي بغداد لوحدها ، ولم يتسن التأكد من دقة هذه الإحصائية رغم محاولاتنا الدؤوبة للإتصال بكاتب التحقيق الصحفي عن طريق الجريدة ذاتها أو بواسطة البريد الألكتروني لمعرفة مصادره مع قناعتنا بأن الرقم مبالغ فيه 2 . أكد عدد من الرجال والوجوه الإجتماعية للشيشان القاطنين في قرية (كاني ميران) ـ وتعني باللغة الكردية ينبوع الأمراء ـ الواقعة في منطقة قره داغ الكردية في محافظة السليمانية وذلك خلال زيارتنا اليها صيف عام 2004 بأن لهم أقربــــاء يتوزعون على خمس قرى شيشانية تضم أكثر من ألف عائلة في منطقة (برزنجة) في السليمانية
العادات والتقاليد واللغة
لا تزال العوائل المتحدرة من شمال القفقاس في العراق تمارس جانباً من تقاليدها العريقة سواءً في المناسبات الإجتماعية أو الدينية وخاصة تلك التي تتوافق مع القيم السائدة في المناطق التي يتواجدون فيها أو مع الأقوام القاطنة في الأراضي التي يعيشون عليها والذين تأثروا بها كثيراً بحكم المعاشرة والتقادم الزمني الطويل ، لذا فالشيشاني أو الداغستاني أو الشركسي (الأديغة) عربي الهيئة والهواجس والقناعات واللغة حيثما ولد وترعرع في أحضان المنطقة العربية وهكذا الحال مع الذين يقطنون في المناطق الكردية أو التركمانية الأخرى في العراق فهم أكراد في هيئاتهم ولغتهم و أزيائهم وممارساتهم الإجتماعية في المدن والقرى الكردية وكذلك فهم تركمان في مناطق التركمان ، فضلا عن إكتسابهم القناعات والعقائد الطائفية لسكنة هذه المناطق .
إلاّ أن كل تلك السنين الطويلة التي صهرت تلك العوائل في بودقة البيئة وأكسبتهم السمات الحضارية والإجتماعية السائدة لم تفلح في مسح وإلغاء روح الإنتماء الى عشائرها الأصلية أو ممارسة بعض التقاليد أو التحلي بالقيم والمثل ذات الدلالات التربوية ذاتها الموجودة في المجتمع القفقاسي كالحرص على تطبيق مفردات أعراف ومبادئ ما يطلق عليه ( قانون أديغا خابزة ) التي توجب بصرامة التحلي بقيم الآباء والآجداد وكأن التقاليد القفقاسية قد إمتزجت مع جينات الإنسان القفقاسي أينما وجد ، ففي طقوس الزواج والولادة والمناسبات الإجتماعية الأخرى فإن بعضاً من التقاليد القفقاسية يفرض نفسه ، كما ولا يزال مطبخ العائلة الشيشانية أو الداغستانية أو الشركسية عامراً بالكثير من الأكلات والمقبلاّت القفقاسية التي تتولى المرأة إعدادها بمهارة مثل (الحلطمش ) و( الكلمش ) و (الكرزنش) و (المهلبية) و( الشبس باصتا ) و(الحلفة) وغيرها
أما على صعيد اللغة فإن عدداً محدوداً من المسنين والمسنات في بعض العوائل القفقاسية يجد متعة بالغة في التحدث باللغات أو اللهجات القفقاسية القومية التي لا تزال حية في الذاكرة خاصة عندما يفد بعض الضيوف الى الديار ويتحدثون معهم بلغات الأجداد ، ومما لا ريب فيه فإن هذا العدد يتناقص يوماً بعد يوم بسبب الوفاة وعدم حرص الجيل اللاحق على تعلم اللغة مما سيؤدي حتماً الى نسيانها لولا أن تتدارك جمعية التضامن ذلك وتضع عملية تعليم اللغة نصب عينيها مستقبلاً رغم صعوبة إقرار منهج مشترك لتعليم اللغات المتعددة المنتشرة حتى في بلدان الأسلاف نفسها .
إن الإكثار من فتح الدورات التعليمية وإيجاد فرص الإيفادات والزمالات الدراسية لأبناء هذه العوائل وخاصة الطلبة وتشجيع وتبادل الزيارات الى شمال القفقاس بالتنسيق مع السلطات الحكومية والجامعات الأكاديمية والمنظمات والجمعيات الشقيقة سيسهم فعليا ً في توسيع قاعدة المتحدثين بلغات الأجداد والتي تشكل عاملاً حاسماً في تعزيز الروح القومية في نفوس الأجيال الناهضة ، كما أن الجمعيات الشقيقة في البلاد العربية وفي شمال القفقاس قادرة فعلاً على مد يد العون الى القائمين على جمعية التضامن في هذا المجال الحيوي نتيجة الخبرة العالية التي تتمتع بها خلال عملها طيلة السنوات الماضية التي سبقت تأسيس (التضامن) بعشرات السنين لإنقاذ هذه العوائل من الضياع والتشتت والذوبان في الكيانات القومية الأخرى ..
الفصل الثالث
دور القفقاس في الحياة السياسية والإجتماعية في العراق
هناك حقيقة تأريخية لاجدال عليها تؤكد على أن رجال وقادة عظام من الداغستانيين والشيشان والشركس كان لهم أبرز الأدوار في مختلف الفترات التأريخية المتعاقبة على العراق ، بل وساهموا بشرف ورجولة في بناء اللبنات الأساسية للمؤسسات الحضارية والسياسية والعسكرية العراقية وفي المقدمة منها الجيش العراقي العريق منذ بدايات القرن العشرين منطلقين من مشاعرهم الصادقة في إنتمائهم الى تربة وادي الرافدين أرواحا وأجساد .
إن عشرات الفرقاء ومئات الألوية وأصحاب الرتب العسكرية من وطن الإمام شامل الشهير قد خدموا برجولة وبتفان في تشكيلات الجيش العراقي وإكتسبوا نتيجة لذلك شهرة فاقت حدود وطنهم العراق (1) ، كما وأن هناك العديد من الأسماء المعروفة في الحياة الثقافية والإعلامية ورجال الأعمال لا يزالون يكرسون جهدهم في سبيل رفعة وتقدم العراق ، وقد كان هؤلاء جميعهم موضع عناية وإهتمام حيثما وجُدوا لِما كانوا يتصفون به من إخلاص كبير وتفان متناه وإدراكهم بأن الجهد الذي يبذلونه مكرس لرفعة وطنهم العراق وليس للإشخاص أو المسؤولين الذين عملوا بمعيتهم ، وهذا جعل العديد منهم يتبوأ مناصب قيادية عليا في الجيش وفي كافة العهود ، وعلى الرغم من قلة عددهم فهم معروفون في كافة المناطق التي تواجدوا فيها نتيجة سمعتهم الطيبة (2)
إن هناك قصص ووقائع تتحدث عن شيشان و داغستانيين و شراكسة وقفوا بصلابة لا تتزعزع أمام المغريات أو الضغوط التي كانوا يتعرضون لها من قبل قادة أو مسؤولين كانوا يفرضون عليهم ما يتنافى مع قناعاتهم ومبدئيتهم ووطنيتهم لكنهم كانوا لا ينحازون في النهاية سوى لعراقهم ودينهم مهما كانت الأسباب .
أعلام وشخصيات
كأي من الشعوب أو القبائل الحية التي رفدت مجتمعاتها بشخصيات بارزة لها خدمات متميزة أسهمت بفاعلية في تعزيز موقعها ودورها في الحياة ، فإن لعشرات بل والمئات من أبناء ورجال القفقاس في العراق دورأً بارزاً فــي سبيل رفعة بلدهم المفدى العراق ومواصلة عطائهم الجليل وتأكيد دورهم الإنساني وبذلهم النقي والبعيد عن التعصب أو التطرف أو الإنحياز .
ويبدو واضحاً من خلال إستعراض أسماء الأعلام والشخصيات الداغستانية والشيشانية والشركسية أن للقادة والضباط العسكريين حصة كبيرة منها ، وهذا نابع من الحقيقة التي أوردناها والمتمثلة بأن الغالبية العظمى منهم قد إختاروا المؤسسة العسكرية ليخدموا وطنهم وشعبهم ، وكانوا بحق قادة ورجال عظام سيحفظ لهم التأريخ الوطني هذا الإرث النفيس من الذكر الحسن وفيما يلي نماذج من هذه الشخصيات التأريخية التي ظهرت بدايات القرن الماضي في بلاد الرافدين :
1 محمد فاضل باشا الداغستاني :
من أبرز الشخصيات في التأريخ العراقي الحديث ، تقلد العديد من المناصب المهمة عمله مستشاراً ومرافقاً عسكرياً للسلطان العثماني ، كما وساهم في عشرات المعارك فنال العديد من الأوسمة والنياشين ، ولخبرته العسكرية فقد تدرج في الرتب حتى أصبح فريق أول ركن .
عين مفتشا عاماً للجيش العثماني في البلاد العربية ومقره بغداد كما وعهد إليه بولاية بغداد وكالة عام 1907م ثم عين واليا على ولاية الموصل وقائدا لقواتها ثم مفتشا لفيلق العراق في 1913 ، وعند بدء الإحتلال البريطاني للعراق عام 1915م قاتل ضد الغزاة قائدا للعشائر العراقية في عدد من الصولات المظفرة ثم إستشهد في إحدى تلك المعارك يوم 11/ أدار/ 1916 ودفن جثمانه الطاهر في مقبرة الأمام الأعظم ببغداد .
2 . غازي محمد فاضل الداغستاني
ولد في بغداد عام 1912 م ، تخرج من الكلية العسكرية في وولج (المملكة المتحدة) عام 1930 ثم دخل كلية الأركان عام 1938 ، تقلد عددا من المناصب القيادية في الجيش العراقي لينتهي قائدا للفرقة الثالثة ، وكان واحدا من المرشحين ليكون رئيسا لوزراء العراق ، ثم حكمت عليه محكمة الشعب المشكلة أعقاب ثورة عام 1958 بالإعدام بسبب تفانيه في واجبه وإخلاصه للملكية في العراق ، إلا أن الحكم لم ينفذ فيه وأطلق سراحه من سجن أبو غريب في 28/ اذار/ 1961فسافر مع عائلته الى لندن ، توفي هناك عام 1966إلا أنه دفن جوار والده في مقبرة الإمام الأعظم ببغداد في مسيرة وإستعراض عسكري مهيب شاركت فيه كل الصنوف العسكرية في الجيش العراقي .
3 . تيمور علي بك
ولد في ارشت في الشيشن ، هاجر مع والده الى تركيا ثم سكن مع صديقه الحميم وزوج أبنته محمد فاضل باشا الداغستاني ببغداد ، إستقر في قرية اللقلق بتكريت شارك مع الفريق محمد فاضل باشا الداغستاني في العمليات العسكرية ضد الإحتلال البريطاني للعراق ، وافته المنية في 24/8 /1921 ودفن في مقبرة الإمام الأعظم ، من أبنائه محمد كامل ومصطفى نجيب الذي إستقر في قرية الشيشان التي ساهم بإنشائها في ناحية العباسي بقضاء الحويجة في محافظة كركوك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) داغستان والداغستانيون في العالم / مصدر سابق ص 84
(2) الفريق أول الركن المتقاعد محمد عبدالقادر عبدالرحمن الداغستاني / مصدر سابق
(2) الفريق أول الركن المتقاعد محمد عبدالقادر عبدالرحمن الداغستاني / مصدر سابق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق