دار ميزوبوتاميا في بغداد وأنموذج الناشر المثقف
بقلم : نعيم عبد مهلهل
دوسلدورف في 28 كانون الثاني 2013
يمتلك الناشر العراقي مازن لطيف دار نشر بغدادية رصينة اسمها ( ميزوبوتاميا ) وهو الاسم الاغريقي القديم لبلاد الرافدين ، ويمارس عملا وظيفيا في شبكة الاعلام العراقي مسوؤلا لمركز الدراسات والنشر ، وعدا ذلك فهو يمتلك مساحة صغيرة من رصيف في شارع المتنبي لبيع الكتب ، ويحرص كثيرا ليتواجد فيه كل يوم جمعة فهو يعتقد ان هذا اليوم بالنسبة لديه واحد من أجمل طقوس حياته.
الذي يعرف مازن لطيف ويقترب منه سيكتشف معدنه الذي يتميز بنقائه وطيبته وهدوئه وثقافته والمساحة الواعية التي تسكن قلبه وهو يبشر بمشروعه الثقافي ونكتشف هذا من خلال جدية ورصانة وتميز العناوين الابداعية التي يطبعها في دار النشر التي يمتلكها ، ومنذ عام 2003 تصدى لموضوعة نشر ثقافة التسامح وتبيان الخفايا التاريخية لدور الاقليات العرقية والدينية في تطور الحياة الحضارية في العراق، وأعتقد أنه اول من هدم جدار التابوه الذي فرضته الانظمة الحاكمة في تناول التاريخ السياسي والثقافي ليهود العراق وغيرهم من الطوائف وربما هو صاحب دار النشر الوحيدة في العراق واحدث تواصلا حقيقيا بين مثقفي الخارج وقراء الداخل عندما نشر العشرات من العناوين لاكاديمين ومثقفين يعيشون في خارج العراق عدا العشرات ايضا من مبدعي الداخل. وآخرها تكليفه من قبل وزارة الثقافة بطبع حوالي خمسين عنوانا ادبيا وفكريا بمناسبة اختيار بغداد عاصمة للثقافة عام 203.
هذا البغدادي المثقف في رؤاه ونشاطه يمثل العافية التي نتمناها لجسد الثقافة في ظل هذا الحجب الذي يفصل الدولة عن الثقافة وفي ظل نعاس المؤسسة الرسمية الثقافية وعدم تواجدها المفترض في شارع الثقافة (المتنبي).
هو يعمل بمفرده لكني اراه عقلا تنويريا لمؤسسة طباعية وثقافية لهذا نجح تماما في ترسيخ مشروعه الثقافي وصار مساهما فعالا في الحياة الثقافية لبلاده ليس من خلال نشر الكتب وبيعها ولكن من خلال مشاركته في المحاضرات والندوات والاماسي.
مازن خبرته اليفاً ومثقفاً وواعياً في طريقة تعامله مع مفردات حياته اليومية ويمارس توجها ثقافيا صعبا من خلال تبنيه مشاريع ثقافية وحضارية قبل عام 2003 كانت تعتبر تابوهاً وتوجها جرمياً وعلى اكثر من عشرين عاما توزعت روح شارع المتنبي وابنيته على جسد وذاكرة مازن لطيف، وصارت الكتب وبيعها وأصدارها وتبني المواهب الابداعية الشابة جزءاً من هوايته الثقافية وجزءاً من عشقه لهوايته التي طورت فيه رؤية البحث والتقصي واقام بسببها علاقات انسانية وثقافية مع مختلف الشرائح الثقافية في داخل العراق وخارجه.
علاقتي بمازن لطيف تتعدى علاقة الكاتب بناشره، لي معه علاقة عائلية وصداقة وتبني لمجمل ما نطرحه لافكار مشتركة ويعجبني فيه تلك المشاريع والطموحات الرائعة التي تسكنه ويحتاج فيها الى دعم مؤسسة ما وكذلك حرصه على الخروج بالكتاب العراقي الى ابعد من شارع المتنبي والمبيعات الخجولة في مكتبات المحافظات ليوزع عناوين كتبه الرصينة والجادة والمميزة في الاقطار العربية وكذلك دعمه وتسهيل مهمة مشاركة عناوين كتبه في المعارض العربية والدولية للكتاب فأنا مثلا ازور كل عام معرض فرانكفورت الدولي للكتاب وفي جناح خجول وفقير للعراق وكم كنت اتمنى لعناوين كتب صديقي الناشر مازن لطيف أن تشارك لاسيما ان الكثير من عناوين كتبه لكتاب عراقيين مشهورين على نطاق الثقافة العراقية في اوربا. كما ان الكتب التي تصدرها دار ميزوبوتاميا تتصدى لمواضيع تهم العولمة والتقارب الحضاري ورؤى الحداثة الجديدة في قراءة التاريخ والثقافة بمختلف مذاهبها .
مازن لطيف انموذج رائع لثقافة العراق الجديدة وجهد استثنائي ومتفرد في نشر ثقافة عراقية تنويرية وورصينة ونوعية.
بقلم : نعيم عبد مهلهل
دوسلدورف في 28 كانون الثاني 2013
يمتلك الناشر العراقي مازن لطيف دار نشر بغدادية رصينة اسمها ( ميزوبوتاميا ) وهو الاسم الاغريقي القديم لبلاد الرافدين ، ويمارس عملا وظيفيا في شبكة الاعلام العراقي مسوؤلا لمركز الدراسات والنشر ، وعدا ذلك فهو يمتلك مساحة صغيرة من رصيف في شارع المتنبي لبيع الكتب ، ويحرص كثيرا ليتواجد فيه كل يوم جمعة فهو يعتقد ان هذا اليوم بالنسبة لديه واحد من أجمل طقوس حياته.
الذي يعرف مازن لطيف ويقترب منه سيكتشف معدنه الذي يتميز بنقائه وطيبته وهدوئه وثقافته والمساحة الواعية التي تسكن قلبه وهو يبشر بمشروعه الثقافي ونكتشف هذا من خلال جدية ورصانة وتميز العناوين الابداعية التي يطبعها في دار النشر التي يمتلكها ، ومنذ عام 2003 تصدى لموضوعة نشر ثقافة التسامح وتبيان الخفايا التاريخية لدور الاقليات العرقية والدينية في تطور الحياة الحضارية في العراق، وأعتقد أنه اول من هدم جدار التابوه الذي فرضته الانظمة الحاكمة في تناول التاريخ السياسي والثقافي ليهود العراق وغيرهم من الطوائف وربما هو صاحب دار النشر الوحيدة في العراق واحدث تواصلا حقيقيا بين مثقفي الخارج وقراء الداخل عندما نشر العشرات من العناوين لاكاديمين ومثقفين يعيشون في خارج العراق عدا العشرات ايضا من مبدعي الداخل. وآخرها تكليفه من قبل وزارة الثقافة بطبع حوالي خمسين عنوانا ادبيا وفكريا بمناسبة اختيار بغداد عاصمة للثقافة عام 203.
هذا البغدادي المثقف في رؤاه ونشاطه يمثل العافية التي نتمناها لجسد الثقافة في ظل هذا الحجب الذي يفصل الدولة عن الثقافة وفي ظل نعاس المؤسسة الرسمية الثقافية وعدم تواجدها المفترض في شارع الثقافة (المتنبي).
هو يعمل بمفرده لكني اراه عقلا تنويريا لمؤسسة طباعية وثقافية لهذا نجح تماما في ترسيخ مشروعه الثقافي وصار مساهما فعالا في الحياة الثقافية لبلاده ليس من خلال نشر الكتب وبيعها ولكن من خلال مشاركته في المحاضرات والندوات والاماسي.
مازن خبرته اليفاً ومثقفاً وواعياً في طريقة تعامله مع مفردات حياته اليومية ويمارس توجها ثقافيا صعبا من خلال تبنيه مشاريع ثقافية وحضارية قبل عام 2003 كانت تعتبر تابوهاً وتوجها جرمياً وعلى اكثر من عشرين عاما توزعت روح شارع المتنبي وابنيته على جسد وذاكرة مازن لطيف، وصارت الكتب وبيعها وأصدارها وتبني المواهب الابداعية الشابة جزءاً من هوايته الثقافية وجزءاً من عشقه لهوايته التي طورت فيه رؤية البحث والتقصي واقام بسببها علاقات انسانية وثقافية مع مختلف الشرائح الثقافية في داخل العراق وخارجه.
علاقتي بمازن لطيف تتعدى علاقة الكاتب بناشره، لي معه علاقة عائلية وصداقة وتبني لمجمل ما نطرحه لافكار مشتركة ويعجبني فيه تلك المشاريع والطموحات الرائعة التي تسكنه ويحتاج فيها الى دعم مؤسسة ما وكذلك حرصه على الخروج بالكتاب العراقي الى ابعد من شارع المتنبي والمبيعات الخجولة في مكتبات المحافظات ليوزع عناوين كتبه الرصينة والجادة والمميزة في الاقطار العربية وكذلك دعمه وتسهيل مهمة مشاركة عناوين كتبه في المعارض العربية والدولية للكتاب فأنا مثلا ازور كل عام معرض فرانكفورت الدولي للكتاب وفي جناح خجول وفقير للعراق وكم كنت اتمنى لعناوين كتب صديقي الناشر مازن لطيف أن تشارك لاسيما ان الكثير من عناوين كتبه لكتاب عراقيين مشهورين على نطاق الثقافة العراقية في اوربا. كما ان الكتب التي تصدرها دار ميزوبوتاميا تتصدى لمواضيع تهم العولمة والتقارب الحضاري ورؤى الحداثة الجديدة في قراءة التاريخ والثقافة بمختلف مذاهبها .
مازن لطيف انموذج رائع لثقافة العراق الجديدة وجهد استثنائي ومتفرد في نشر ثقافة عراقية تنويرية وورصينة ونوعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق