ذكريات (43) ..من قعر الذاكرة
بقلم :الاستاذ سامي مهدي
في صيف عام 1981 قام وفد ثقافي عراقي بزيارة هلسنكي عاصمة جمهورية فنلندا ، بناء على بند من بنود اتفاقية معقودة بين البلدين ، وكان الوفد يتكون من الدكتور فوزي رشيد عالم الآثار المعروف ، والناقد عبد الجبار داود البصري ، وكاتب هذه السطور .
كانت فنلندا تسعى يومئذ إلى تنشيط علاقاتها مع العراق التي بدأت عام 1959 ، غير أن هذه العلاقات مرت بعد ذلك بسنوات طويلة من التذبذب والركود ، وكانت مساعي فنلندا الجديدة تتفق مع رغبة العراق في توسيع علاقاته الدولية وتنشيطها .
فنلندا بلد صغير في مساحته ، ومعزول في موقعه الجغرافي ، وعدد سكانه حتى اليوم لا يزيد عن ستة ملايين نسمة ، وتغطي الغابات مساحات شاسعة من أراضيه ، ولذا أصبح أكبر بلد منتج للأخشاب في أوربا . وفي فنلندا عشرات الآلاف من البحيرات ، ولها عشرات الآلاف من الجزر الصغيرة . ويوم زرناها بدا لي أنها في بدايات نهوضها وتقدمها .
لا أتذكر جيداً تفاصيل هذه الزيارة ، فهي غائرة في أعماق الذاكرة لا أتبيّن منها سوى بعض الصور الشبحية ، وهذا أمر غريب علي . أتذكر أن المرحوم صالح مهدي عماش كان يومئذ سفير العراق في هلسنكي ، وكان سفيراً نشيطاً بحق ، أما أنا فكنت على رأس المديرية العامة للثقافة في وزارة الثقافة والإعلام .
أتذكر أن السفير كان يفخر بمبنى السفارة الذي تم إنشاؤه على طراز شرقي عام 1980 ، ولكن صورة هذا المبنى في ذاكرتي شديدة الشحوب .
أتذكر أننا زرنا " البيت الثقافي الفنلندي " والتقينا فيه بعدد قليل من المثقفين الفنلنديين ، ولكنني لا أتذكر شيئاً آخر من زيارة هذا البيت ، ولو لم يذكرني صديق عراقي مقيم هناك بأنني ألقيت في هذا البيت شيئاً من شعري ، ويرسل إلي صورة فوتغرافية أظهر فيها حين الإلقاء ، لما تذكرت هذه الواقعة . ولذا سأفترض ، حسب المتوقع المنطقي ، أن الدكتور فوزي رشيد ألقى ورقة عن تاريخ العراق الحضاري ، وأن البصري ألقى ورقة أخرى عن الأدب العراقي الحديث .
أتذكر أننا تجولنا في المدينة ، وزرنا بعض معالمها ، وأخذنا مضيفونا إلى بيت إحدى الشخصيات في إحدى الغابات القريبة ، ورأينا في حديقة هذا البيت وفضائها الواسع حماماً تقليدياً من حمامات " الساونا " التي يتحدث عنها الفنلنديون بما يشبه الفخر . وسهرنا ذات ليلة في مشرب من المشارب وراقصنا نساء فنلنديات ، وكان البصري رحمه الله بطلنا المغوار في هذه السهرة . أتذكر أيضاً أنني أُخذت ، بناء على طلبي ، إلى محل لبيع الكتب وبحثت فيه عن أنطلوجيا للشعر الفنلندي الحديث بإحدى اللغتين الإنكليزية والفرنسية ، ولكنني لم أعثر على بغيتي .
أمضينا في مدينة هلسنكي مدة أسبوع ، ولكن لم يبق في ذاكرتي من معالمها إلا بعض الصور الضبابية . وكان علينا ، بعد عودتنا إلى بغداد ، تعجيل تنفيذ بند آخر من بنود الإتفاقية يتعلق بنشر مؤلفات مختارة من أدب الطرفين ، فقمنا نحن بترجمة عمل ملحمي من التراث الفنلندي إلى اللغة العربية ونشره ، في مقابل ترجمة رواية عراقية وأنطلوجيا من الشعر العراقي الحديث . وقد نفذنا نحن ما علينا دون إبطاء ، ولكنني لا أدري ما إذا كان الفنلنديون قد نفذوا ما عليهم أم لم ينفذوه ، لأنني ألحقت بعد العودة من فنلندا بمعسكر من معسكرات تدريب الجيش الشعبي ، ثم جندت في قاطع من قواطع هذا الجيش في جبهات القتال ، ونقلت بعد عودتي من الجبهة مباشرة إلى عمل آخر هو : رئاسة تحرير جريدة الجمهورية ، ولم يتسنّ لي حينها أن أتابع هذا الموضوع ولم أعد أعرف شيئاً عنه حتى اليوم .
كانت فنلندا تسعى يومئذ إلى تنشيط علاقاتها مع العراق التي بدأت عام 1959 ، غير أن هذه العلاقات مرت بعد ذلك بسنوات طويلة من التذبذب والركود ، وكانت مساعي فنلندا الجديدة تتفق مع رغبة العراق في توسيع علاقاته الدولية وتنشيطها .
فنلندا بلد صغير في مساحته ، ومعزول في موقعه الجغرافي ، وعدد سكانه حتى اليوم لا يزيد عن ستة ملايين نسمة ، وتغطي الغابات مساحات شاسعة من أراضيه ، ولذا أصبح أكبر بلد منتج للأخشاب في أوربا . وفي فنلندا عشرات الآلاف من البحيرات ، ولها عشرات الآلاف من الجزر الصغيرة . ويوم زرناها بدا لي أنها في بدايات نهوضها وتقدمها .
لا أتذكر جيداً تفاصيل هذه الزيارة ، فهي غائرة في أعماق الذاكرة لا أتبيّن منها سوى بعض الصور الشبحية ، وهذا أمر غريب علي . أتذكر أن المرحوم صالح مهدي عماش كان يومئذ سفير العراق في هلسنكي ، وكان سفيراً نشيطاً بحق ، أما أنا فكنت على رأس المديرية العامة للثقافة في وزارة الثقافة والإعلام .
أتذكر أن السفير كان يفخر بمبنى السفارة الذي تم إنشاؤه على طراز شرقي عام 1980 ، ولكن صورة هذا المبنى في ذاكرتي شديدة الشحوب .
أتذكر أننا زرنا " البيت الثقافي الفنلندي " والتقينا فيه بعدد قليل من المثقفين الفنلنديين ، ولكنني لا أتذكر شيئاً آخر من زيارة هذا البيت ، ولو لم يذكرني صديق عراقي مقيم هناك بأنني ألقيت في هذا البيت شيئاً من شعري ، ويرسل إلي صورة فوتغرافية أظهر فيها حين الإلقاء ، لما تذكرت هذه الواقعة . ولذا سأفترض ، حسب المتوقع المنطقي ، أن الدكتور فوزي رشيد ألقى ورقة عن تاريخ العراق الحضاري ، وأن البصري ألقى ورقة أخرى عن الأدب العراقي الحديث .
أتذكر أننا تجولنا في المدينة ، وزرنا بعض معالمها ، وأخذنا مضيفونا إلى بيت إحدى الشخصيات في إحدى الغابات القريبة ، ورأينا في حديقة هذا البيت وفضائها الواسع حماماً تقليدياً من حمامات " الساونا " التي يتحدث عنها الفنلنديون بما يشبه الفخر . وسهرنا ذات ليلة في مشرب من المشارب وراقصنا نساء فنلنديات ، وكان البصري رحمه الله بطلنا المغوار في هذه السهرة . أتذكر أيضاً أنني أُخذت ، بناء على طلبي ، إلى محل لبيع الكتب وبحثت فيه عن أنطلوجيا للشعر الفنلندي الحديث بإحدى اللغتين الإنكليزية والفرنسية ، ولكنني لم أعثر على بغيتي .
أمضينا في مدينة هلسنكي مدة أسبوع ، ولكن لم يبق في ذاكرتي من معالمها إلا بعض الصور الضبابية . وكان علينا ، بعد عودتنا إلى بغداد ، تعجيل تنفيذ بند آخر من بنود الإتفاقية يتعلق بنشر مؤلفات مختارة من أدب الطرفين ، فقمنا نحن بترجمة عمل ملحمي من التراث الفنلندي إلى اللغة العربية ونشره ، في مقابل ترجمة رواية عراقية وأنطلوجيا من الشعر العراقي الحديث . وقد نفذنا نحن ما علينا دون إبطاء ، ولكنني لا أدري ما إذا كان الفنلنديون قد نفذوا ما عليهم أم لم ينفذوه ، لأنني ألحقت بعد العودة من فنلندا بمعسكر من معسكرات تدريب الجيش الشعبي ، ثم جندت في قاطع من قواطع هذا الجيش في جبهات القتال ، ونقلت بعد عودتي من الجبهة مباشرة إلى عمل آخر هو : رئاسة تحرير جريدة الجمهورية ، ولم يتسنّ لي حينها أن أتابع هذا الموضوع ولم أعد أعرف شيئاً عنه حتى اليوم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق