الاثنين، 4 أغسطس 2014

حكمة الشامي يعفو عن قتلته

حكمة الشامي يعفو عن قتلته
****************************************
كتب الصديق الاديب الاريب والقاص والروائي الكبير الاستاذ جمعة اللامي أسعده الله يقول :" بعد نيلي جائزة السلطان قابوس ـ القصة والرواية ".. فقلت له : " هل لك في فتى يواسي بلا من عليك ولا بخل "(النجاشي الحارثي)
الاثنين : 22 ــ 1 ــ 2007
اليوم ، من مسقط العمانية ، بعدما تم دفنه حياً في " نقرة السلمان " وحديقة " اتحاد الأدباء العراقيين " و " والجامعة العربية " في بيروت و " مقهى الهافانا " في دمشق يكسر حكمة الشامي تابوته الذي تمّ تقييده فيه منذ خمس وأربعين سنة ، ليعلن أنه غفر لقتلته كلهم ، الأحياء منهم والأموات.
إنه ، مثل صاحبه ، النجاشي الحارثي ، الذي يتكتّر ، كما اختارت مريم المقدسة ركنها الشرفي ، وهو عطش تماماً ، ممهداً الطريق للذئاب العطشى ، لكي تشرب ، وترتوي ، ثم تروح تبحث عن طريدة.
بل هو ، إذا رجعنا به إلى تراثه الشخصي ، يمسك بطريق الإمام العباس بن علي بن أبي طالب ، قمر بني هاشم ، الفتى الجميل ، الصبوح ، من بقية البقية من بني هاشم ، في تلك الواقعة التي لا يمتحن فيها إلا ذوو النفوس السامية ، أي حين يكون الماء بين يديك ، وانت في هجير الصحراء ، وذروة العطش ، ويقف بجانبك رجل يشكو العطش ، وهو الذي قتلك ذاك يوم عطش ، فتقول له : دونك الماء يا أخي ، فإرتوي !
يستغرب الذئب من حديث البشري القتيل ، ويحاول أن يقول لحكمة الشامي ، إنه يعجب كيف لرجل يشارك الذئاب طعامه وشرابه ، فكان الجواب بلسان حكمة الشامي :
فقلت : عليك الحوض ، إني تركته
وفي صفوه فضل القلوص من السجل
فطرب يستدعي ذئاباً كثيرة
وعديت ، كل من هواه على شغل
بل إنه يقول للذئب ــ وللذئاب ــ تفضل ، والزم الحوض ، وأهنأ بمائه ، وسوف أروي إبلي من بقية في السجل ، أي في الدلو العظيم.
واليوم هاهنا ، يرى حكمة الشامي ، بعضاَ من وجوه قتلته ، كما شاهد أصحابها في بيروت ، ودمشق والكويت ، والجزائر ، وباريس ، وقبرص ، ليفتح أمامهم ابواب الرحمة ، وشبابيك المغفرة ، وإيوانات التسامح ، فهو غير حقود ، وهو غير منتقم ، وإنما خلقه الغفران.
إنه يستيقظ الآن من رقاده الطويل ، الأبيد ، وينهض رويداً رويداً ، ويري إلى هذا الجمع الذي بين يديه ، فيعرف الجسوم بأسماء اصحابها ، والكلمات الجارحة بألسنة حامليها ، وبيانات الحقد والنميمة بأقلام كاتبيها وصحائفهم ، فيهيل التراب على ماض من الكفران والقتل العمد ، والتغييب العمد ، والضغينة العمد.
تماماً ، كما هو في " حفل التأبين " ، في " من قتل حكمة الشامي " ، بعد أيام على قتله بتلك الطريقة البشعة : لقد ارتدى ثيابه العربية ، بعدما أحرق ثياب الكهنوت ، وأخذ بأيدي قتلته ، يدا بعد يد ، وهو في الطريق إلى فردوسه الذي لم ــ ولن ــ يغادره

* ذاكرة المستقبل ـ جريدة الخليج

صورة: ‏حكمة الشامي يعفو عن قتلته 
****************************************
كتب الصديق الاديب الاريب والقاص والروائي الكبير الاستاذ جمعة اللامي أسعده الله يقول :" بعد نيلي جائزة السلطان قابوس ـ القصة والرواية ".. فقلت له : " هل لك في فتى يواسي بلا من عليك ولا بخل "(النجاشي الحارثي)
الاثنين : 22 ــ 1 ــ 2007
اليوم ، من مسقط العمانية ، بعدما تم دفنه حياً في " نقرة السلمان " وحديقة " اتحاد الأدباء العراقيين " و " والجامعة العربية " في بيروت و " مقهى الهافانا " في دمشق يكسر حكمة الشامي تابوته الذي تمّ تقييده فيه منذ خمس وأربعين سنة ، ليعلن أنه غفر لقتلته كلهم ، الأحياء منهم والأموات.
إنه ، مثل صاحبه ، النجاشي الحارثي ، الذي يتكتّر ، كما اختارت مريم المقدسة ركنها الشرفي ، وهو عطش تماماً ، ممهداً الطريق للذئاب العطشى ، لكي تشرب ، وترتوي ، ثم تروح تبحث عن طريدة.
بل هو ، إذا رجعنا به إلى تراثه الشخصي ، يمسك بطريق الإمام العباس بن علي بن أبي طالب ، قمر بني هاشم ، الفتى الجميل ، الصبوح ، من بقية البقية من بني هاشم ، في تلك الواقعة التي لا يمتحن فيها إلا ذوو النفوس السامية ، أي حين يكون الماء بين يديك ، وانت في هجير الصحراء ، وذروة العطش ، ويقف بجانبك رجل يشكو العطش ، وهو الذي قتلك ذاك يوم عطش ، فتقول له : دونك الماء يا أخي ، فإرتوي !
يستغرب الذئب من حديث البشري القتيل ، ويحاول أن يقول لحكمة الشامي ، إنه يعجب كيف لرجل يشارك الذئاب طعامه وشرابه ، فكان الجواب بلسان حكمة الشامي :
فقلت : عليك الحوض ، إني تركته
وفي صفوه فضل القلوص من السجل
فطرب يستدعي ذئاباً كثيرة
وعديت ، كل من هواه على شغل
بل إنه يقول للذئب ــ وللذئاب ــ تفضل ، والزم الحوض ، وأهنأ بمائه ، وسوف أروي إبلي من بقية في السجل ، أي في الدلو العظيم.
واليوم هاهنا ، يرى حكمة الشامي ، بعضاَ من وجوه قتلته ، كما شاهد أصحابها في بيروت ، ودمشق والكويت ، والجزائر ، وباريس ، وقبرص ، ليفتح أمامهم ابواب الرحمة ، وشبابيك المغفرة ، وإيوانات التسامح ، فهو غير حقود ، وهو غير منتقم ، وإنما خلقه الغفران.
إنه يستيقظ الآن من رقاده الطويل ، الأبيد ، وينهض رويداً رويداً ، ويري إلى هذا الجمع الذي بين يديه ، فيعرف الجسوم بأسماء اصحابها ، والكلمات الجارحة بألسنة حامليها ، وبيانات الحقد والنميمة بأقلام كاتبيها وصحائفهم ، فيهيل التراب على ماض من الكفران والقتل العمد ، والتغييب العمد ، والضغينة العمد.
تماماً ، كما هو في " حفل التأبين " ، في " من قتل حكمة الشامي " ، بعد أيام على قتله بتلك الطريقة البشعة : لقد ارتدى ثيابه العربية ، بعدما أحرق ثياب الكهنوت ، وأخذ بأيدي قتلته ، يدا بعد يد ، وهو في الطريق إلى فردوسه الذي لم ــ ولن ــ يغادره

* ذاكرة المستقبل ـ جريدة الخليج‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هويتي في مكتبة المتحف البريطاني 1979 ...............ابراهيم العلاف

  هويتي في مكتبة المتحف البريطاني 1979 ومما اعتز به هويتي هذه الهوية التي منحت لي قبل (45) سنة أي في سنة 1979 ، وانا ارتاد مكتبة المتحف الب...