من شعر معين بسيسو
بقلم: رائد الحواري
يمثل معين بسيسو حالة الشعراء أصحاب القضايا الوطنية والقومية، فهو منسجم في شعره مع الحالة الوطنية والقومية، حتى ولو كان ذلك على حساب الهم الشخصي، فهو دائما يضع المصلحة القومية والوطنية أولا، فلا شيء يعلو عليهما، من هنا كان هذا الشاعر يمثل الحالة الفلسطينية بكل تجلياتها، أحيانا يرفع الهمم، وأحيانا يتمجد بالحدث العربي القومي، أحيانا نجده حزينا، وأخرى يشد على وجعه دون أن يستسلم للواقع. فنجده يكاد يكون انعكاسا للحالة العربية، إن كانت إيجابا أم سلبا، لكن في الحالة الثانية لم يفقد البوصلة أو الأمل، فهو كشخص ينتمي للجماهير لا بد أن يكون بالضرورة متفائل، ويدعوها للعمل والصبر، هكذا تعلم معين بسيسو في المدرسة الوطنية والقومية.
المختارات من منشورات وزارة الثقافة في رام الله، سلسلة القراءة لجميع/ 2، الديوان يضم قصيدة "المعركة" المشهورة، والتي تعتبر من أهم أغاني الثورة الفلسطينية،
"أنا إن سقت فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح
فحمل سلاحك يا رفيقي واتجه نحو القنال" ص14، فهنا نجد الانخراط في الهم القومي العربي وتقديمه على الهم الشخصي، فحين كتب معين بسبسو هذه القصيدة كان قد تعرض للاعتقال أكثر من مرة على يد النظام المصري، ومع هذا لم يتوانى عن تقديم المصلحة القومية على المصلحة الشخصية، ويقدم للجماهير العربية دفعة إلى الأمام، من خلال هذه القصيدة.
السجن كان حاضرا وبقوة في قصائد المناضل الفلسطيني، فهو يعد حالة تواكب المناضل، فما بالنا إن كان هذا المناضل شاعرا!، قصيدة "تحدي" تمثل أدب السجون بكل تجلياته،
"أنا لا أخاف السلاسل فاربطوني بالسلاسل
لن تطفئوا مهما نفختم في الدجى هذى المشاعل
قد اقسموا والشمس ترخى فوقهم حمر الضفائر
أن يطردوا من أرضنا الخضراء حمر الضفائر
ويحرروا الإنسان من قيد المذابح والمجازر" ص18، بهذه المعنويات المرتفعة واجه معين بسيسو الجلاد، فهو يستمد روح المقاومة من الرفاق الأمميين، الذين يعملون بكل عزيمة وقوة لتحقيق الحرية والعدالة الإنسانية، في كل مكان في العالم، فالشاعر رغم خصوصية القضية الفلسطينية إلا انه ينخرط في الهم ألأممي الذي يشكل رافدا حيويا للثورة الفلسطينية.ففي قصيدة "إلى بوشكين" يقول:
"الشاعر يحشو بالحبر الأبيض غليونه
ويدخن في وجه القيصر، يا بوشكين،
قصائد
ويقلم في وجه الرقباء أظافره
... لكني يا بوشكين وجدتك،
ما بين مسدس دتنتس ومسدس مارتينوف
تنهض وتعود إلينا" ص121،
الجغرافيا أيضا كانت حاضرة في شعر معين بسيسو، فهي تعد احد أهم أركان الأدب الوطني، وبدونها يشعر الفلسطيني بأنه يفقد أهم الأشياء، وذلك يعود إلى أن الصراع مع الاحتلال تأخذ الجغرافيا فيه مسألة أساسية، من هنا كانت الجغرافيا الفلسطينية حاضرة وبقوة في الأدب الوطني الفلسطيني، بالإضافة إلى تناول المكان في المنطقة العربية، قصيدة "الأرض" تحمل العديد من أسماء المدن الفلسطينية ""تفاجئني الأرض، أن الشجر
يخبئ أسلحة، والقمر
يقوم طبع الماشير،
يا نجمة في الجليل،
ويا تينة في الخليل
... يا شجر السرو في القدس
... وبين بيتي وبين أريحا قصيدة
ونابلس تطبع كفي جريدة" ص150، إذن كانت الجغرافيا الفلسطينية احد أهم الهواجس عند الشاعر، بحيث جعل من قصيدة "الأرض" تضم العديد من الأماكن العزيزة على قلب الفلسطيني.
وإذا عدنا إلى قصيدة "القصيدة" نجدها تلتقي مع قصيدة "بيروت" لمحمود درويش في العيد من المسائل، وسنحاول لاحقا تناول القصيدتين بتفاصيلهما، لكن هنا يستحضرني بعض المقاطع مثل "وأنت قربان من حطوا
ومن رحلوا
لا شارع لك فيه
شباك
ولا وطن
لك فيه ولا بطل
ولا وثن
عطشان لا عود ماء
أنت تملكه
لكن لخطفك يمشي البحر"ص182، كأن حالة الحصار فرضت على الشاعرين أن يتناولان ذات القضية، ويستخدمان ذات الألفاظ، وبلغة متقاربة نوعا ما.
أخيرا تقول بان المختارات يتناولها القارئ بكل سلاسة وإمتاع وإقناع، فالقائمين على اختيار القصائد كانوا موفقين تماما، بحيث قدموا لنا أشكالا متنوعة من شعر معين بسيسو.
رائد الحواري
المزيد على دنيا الوطن .. http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2014/08/22/339492.html#ixzz3BDY1b05T
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق