الاستاذ سامي طه الحافظ ورحلته مع الصحافة الموصلية
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
سامي طه الحافظ ( 1933-1994 )، رحمه الله، صحفي وكاتب وقاص، كانت له بصمات واضحة في بنيان الصحافة الموصلية والعراقية من آثاره : قطار الظلام 1955 (قصص)، ألما عنده فلس 1963 (مسرحية)، صورة المرحوم 1971 (مسرحية)، 4-1=3، 1974 (مسرحية)، الحمام 1972 (مسرحية)،أتاحت له فرصة مرور (100) سنة على نشأة الصحافة الموصلية ليكتب مقالاً مهما بعنوان :( تجربة صحفي بلا هوية.. جوانب مضيئة في الصحافة الموصلية 1953_1988)، في جريدة الحدباء (الموصلية) بعددها الصادر في 6 حزيران 1989 ولأهمية المقال_الوثيقة، يسعدنا اليوم أن تقف عنده مبتغين إلقاء الضوء على واحدة من التجارب الصحفية الثرية.
ومما قاله في المقال إن الصحافة الموصلية خلال مسيرتها الطويلة منذ صدور جريدة الموصل في 25 حزيران 1885 تميزت بتنوعها ، وكثرة أعدادها إلى جانب مواضيعها الجادة والمتنوعة. وقد ظهر منذ ذلك الوقت صحفيون وكتاب يشار أليهم بالبنان أمثال الأساتذة إبراهيم ألجلبي وولديه محمود واحمد سامي، وعبدالباسط يونس وغربي الحاج احمد ومحي الدين أبو الخطاب ومحمود مفتي الشافعية .. ويضيف أن بداية عمله الصحفي كان في مطلع الخمسينات من القرن الماضي، وفي المدرسة الثانوية الشرقية حيث قام وأعضاء لجنة الخطابة بإصدار نشرة مدرسية بعنوان : (النبراس) وبأشراف مدرس اللغة العربية آنذاك الأستاذ محمود نوري. كما أسهم في الكتابة لمجلة (الإلهام) التي أصدرتها الإعدادية المركزية. وقد نظمت المجلة مسابقة للقصة القصيرة بأشراف الأستاذ شاذل طاقة، وشارك الحافظ بالمسابقة بقصته (بقايا رماد) التي فازت بالجائزة الأولى، ومنذئذ اخذ يطرق باب النشر في صحف الموصل وأهمها صحف عبدالباسط يونس (الهدف) و(الفجر) و(المثال) و(العاصفة) و(الراية) و(وحي القلم) و(النضال) للأستاذ غربي الحاج احمد و(فتى العراق) لصاحبها إبراهيم ألجلبي،و(الأديب) للأستاذ محي الدين أبو الخطاب و( الهدى) للأستاذ سامي الخطيب و(صدى الاشتراكيين) للأستاذ جار الله أيوب العلاف و(البرهان) للأستاذ عبدالله محمد الصوفي و(الأساس) للأستاذ أمين عبدالله اغا و(الذكرى) للأستاذ احمد الحاج إسماعيل و(الفنار) للأستاذ عدنان النقيب و(الحقيقة) للأستاذ لطفي العبيدي و(صوت الأمة) للأستاذ نجيب ادمون و(الوميض) للأستاذ رمزي العمري و(الواقع) للأستاذ محمود النعيمي و(الأهالي) للأستاذ يوسف الحاج اليأس و(الشبيبة) للأستاذ بشير مصطفى و(الحقيقة) جرجيس فتح الله و(مجلة الثقافة) للأستاذ عبدالله احمد الدبوني.
قدم الأستاذ سامي طه الحافظ مجموعة من قصصه للنشر في جريدة نصير الحق، والطريف إن اسمه الحقيقي كان يظهر إلى جانب عبارة (الأديب الناشئ) وكان يغتاظ من ذلك لكنه كان مضطرا لقبول ذلك على مضض!! .
وعن علاقته بجريدة فتى العراق يقول انه انتقل بعد (نصير الحق) و(الراية) إلى جريدة فتى العراق، واختار موضوعا غريبا وملفتا للنظر لنشره في جريدة فتى العراق لأول مرة، فلقد أصدر الشاعر محمود المحروق ديوانه الشعري(قيثارة الريح)، فكتب له نقدا قال فيه أن زمن تغريد البلابل قد ولى ولابد أن يكون شعرنا معبرا عن الحالة المأسوية التي تعيشها الأمة العربية بعد ضياع فلسطين وكان موضوعه :(البلبل في القفص). وقد أثار الموضوع بعد نشره جدلاً لدى الأوساط الأدبية، ونشر الشاعر هاشم الطعان رداً أيد فيه وجهة نظر المحروق.. واشترك في الحوار حول الموضوع شعراء آخرين منهم: احمد محمد المختار وعبد الغفار الصائغ وبعد انتقل الأستاذ سامي طه الحافظ لتحرير صحيفة الأسرة في جريدة فتى العراق، كما حرر عمود (صور وألوان) بالمشاركة مع محمود ألجلبي، وعبد الغفار الصائغ و عبد الحميد التحافي واحمد سامي ألجلبي، وذو النون شهاب وعدنان محمد شيت وعدنان الأمام،وافرد له سكرتير التحرير آنذاك تحرير صفحة كاملة بعنوان : ( حصاد الأسبوع)، ينشر فيها مواضيع أدبية واجتماعية ومن الذين نشر لهم في صفحته الأستاذ باسم عبد الحميد حمودي، والأستاذ احمد فياض ألمفرجي.
سافر الأستاذ سامي طه الحافظ إلى بغداد، ودخل كلية الآداب_جامعة بغداد، وهناك التقى عددا من الأدباء والشعراء والكتاب منهم موفق خضر وسامي مهدي وغازي ألعبادي وإبراهيم الزبيدي وخضر الولي.. لكن ظروفه العائلية لم تكن على مايرام فقطع دراسته وعاد إلى الموصل والتحقق بالدورة التربوية. وعندئذ خصص له سكرتير تحرير جريدة فتى العراق الأستاذ احمد سامي ألجلبي، رحمه الله، صفحة كاملة للقصة القصيرة وقد وضع الحافظ خطة واضحة وهي انه كان يختار ثلاث قصص لنشرها. كما نظم مسابقة للقصة القصيرة وتقدم قرابة (50) من كتاب القصة للمشاركة وبعد إعلان النتائج فاز بالجائزة الأولى (معن عبد القادر آل زكر) وبالجائزة الثانية (خير الدين سلطان محمد) وبالجائزة الثالثة (طلال حسن عبد الرحمن) كما منحت لجنة التحكيم جوائز تقديرية لعشر قصص أخرى ومن جملة من فاز بها (حسب الله يحيى) و(طلال مجيد) و(تغريد ألجلبي) . كما أفسح الحافظ المجال لكتاب جدد اغنوا صفحته بنتاجاتهم منهم (أنور عبد العزيز) و (سالم العزاوي) و(عبد الوهاب ألنعيمي) رحمه الله، و(سالم حسين).
وقد تشكلت خلال هذه المرحلة رابطة ثقافية أطلق عليها (رابطة الفتى) ضمت كتاب جريدة فتى العراق الدائميين من الذين تفرغوا لمناسبة حركة الثقافة العراقية والعربية المعاصرة وكان من ابرز من انتمى الى هذه الرابطة (احمد سامي ألجلبي) و(عبد الغفار الصائغ) و(عبد الحميد اللاوند) و(احمد محمد المختار) و(عبد الحميد التحافي)، وتخصص كل واحد من هؤلاء في متابعة لون من ألوان الثقافة ، فالحلبي والصائغ تخصصا بمتابعة المقالات التي ترد الى الجريدة وتحديد مدى صلاحيتها للنشر في حين تخصص اللاوند والتحافي بقراءة القصص القصيرة, وقد استمرت الرابطة في عملها حتى توقفت الجريدة عن الصدور أواخر الستينات من القرن الماضي.
ويتحدث الحافظ عن جماعة (رواد الأدب والحياة) ويسميهم (رواد الأدب والحياة) فيقول ان مجموعة من الأدباء شكلوا تجمعاً أدبيا أسموه (رواد الأدب والحياة) وهم شاذل طاقة وغانم الدباغ ومحمود المحروق وهاشم الطعان ثم انضم إليهم فيما بعد عبد الواحد لؤلؤة وعبد الحليم اللاوند وهدفهم تقديم كتابات أدبية ذات قيمة فنية عالية واتخذوا من جريدة الراية لصاحبها الصحفي الرائد عبدالباسط يونس منبرا لنشر كتاباتهم وآرائهم.
ومما يذكره الحافظ أن الأدباء والكتاب في الموصل كانوا يتواجدون في إدارات الصحف وفي المقاهي، ومنها مقهى رأس الجسر القديم، ومقهى عبد هبرايا، ومقهى احمد باري، ومقهى طاهرو.
وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، تعاظم التيار القومي، وأخذت الصحف الموصلية تدعو إلى الوحدة وجمع الشمل العربي، وظهرت صفحات خاصة تعبر عن وجهة نظر قومية، كان من كتابها عبد الغفار الصائغ وحكمت البزاز وارشد توفيق وقحطان محجوب وادهام هادي وذنون الاطرقجي وبشرى البستاني واحمد محمد المختار وعبد الحليم اللاوند. كما أخذت أفكار رواد الأدب والحياة تأخذ طابعا آخرا لمناهضة السلطة الملكية.
وبعد حدوث ثورة 14 تموز 1958 وسقوط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق سافر الحافظ إلى بغداد لإجراء بعض التحقيقات الصحفية التي نشرتها فيما بعد جريدة فتى العراق. ومنذ أوائل الستينات من القرن الماضي، صدرت صحف جديدة منها: نداء الجماهير لسعدالله الحسيني، والفكر العربي لأحمد عبد الله الحسو، وقد برز كتاب جدد تعمقت تجربتهم منهم محمود جنداري ونجمان ياسين وسيف الدين الجراح وحازم شيت وبشير يحيى ومحمود فوزي الصراف وعبد الوهاب ألنعيمي و محمد نوري عبد القادر وسالم حسين وصالح العارف وإبراهيم الجبوري وذو النون الاطرقجي وموفق الكاتب وصلاح الدين احمد وسالم العزاوي ومعن عبد القادر وعبد الحميد التكريتي .كما احتوت جريدة الفكر العربي عددا من الكتاب الذين اهتموا بالتراث والفكر العربي والإسلامي منهم احمد عبد الله الحسو وشقيقه محمد وعماد الدين خليل ومحمد علي الياس العدواني وسالم عبد الرزاق.
وتفردت جريدة فتى العراق بتخصيص صفحة جديدة بعنوان (الفكر الحر) واحتوت الصفحة كتابات (تدعو للغد المرتقب) ومن ابرز كتابها واحمد المختار وقحطان محجوب وادهام هادي وعبد الحليم اللاوند وحكمت البزاز . وبين صيف 1963 وصيف 1967 كتب الحافظ عدة تحقيقات عن سفرته إلى لبنان نشرها في جريدة فتى العراق وتحت تأثير نكسة حزيران 1967 نشر الحافظ سلسلة مقالات عن مااسماه معاول الهدم وعد أم كلثوم واحدة من هذه المعاول،لكن الشعراء سرعان مااعربوا عن سخطهم، واتهموا كاتب المقالات بالجهل.
وبعد تموز 1968 صدرت في الموصل جريدة الرسالة، وكان صاحب امتيازها سالم محمد غزال الطائي، وقد استهدفت الجريدة إحياء الحركة الثقافية في الموصل ومن كتابها نجمان ياسين وعبد الوهاب إسماعيل وحيدر محمود عبد الرزاق وامجد محمد سعيد وذوالنون الاطرقجي وبشرى البستاني وارشد توفيق وقحطان محجوب وثامر معيو ف وسالم الخباز. كما صدرت مجلة (الموصل اليوم)، لبلدية الموصل وانضم إلى تحريرها مجموعة من الكتاب منهم فوزي الغريري وعبد الرحمن الصراف ولؤي الزهيري ومؤيد الياس بكر.. كما صدرت جريدة (التعاون) لسان حال جمعية بناء المساكن للموظفين الصحيين ومديرها محمد سعيد ذنون ، وكتب فيها الحافظ.. وصدرت جريدة (نصير العمال) لسان حال نقابات العمال ومديرها فيصل الطائي واهتمت بقضايا العمال وتشريعاتهم، ومن الصحف والمجلات التي صدرت في السبعينات مجلتين الفكر المسيحي وبين النهرين وكان لجامعة الموصل مجلاتها الأكاديمية منها آداب الرافدين وهندسة الرافدين والتربية والعلم والجامعة.. كما أصدرت الجامعة مجلة ثقافية عامة هي مجلة الجامعة وكان هدفها تعميق الوعي وإقامة حوار بناء بين الجامعة والمجتمع .. وقدمت المجلة دراسات علمية وثقافية وكان من ابرز كتابها الدكتور عمر الطالب والدكتور إبراهيم خليل العلاف والدكتور هاشم يحيى الملاح والدكتور نجمان ياسين والدكتور عوني عبد الرحمن السبعاوي . كما انفتحت الجامعة على كتاب من خارجها منهم عبد الحليم اللاوند واحمد محمد المختار وامجد محمد سعيد وحيدر محمود عبد الرزاق ومعد الجبوري وغيرهم .
وفي سنة 1976 دعا عبد الوهاب ألنعيمي (رحمة الله) سكرتير مجلة غرفة تجارة الموصل، الحافظ للإسهام في الكتابة في المجلة وفعلا أسهم في التحرير حتى سنة 1979 وكان من كتابها الدكتور محمد أزهر السماك وزهير المفتي وربيع ألنعيمي. كما أسهم الحافظ في مجلة النبراس التي أصدرتها المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى.
وبعد صدور جريدة الحدباء في 27 مايس 1979 دعا رئيس التحرير الأستاذ الدكتور محي الدين توفيق ،الحافظ للكتابة وباشر بعملة في زاوية (مع الناس) وباسم مستعار.. وأخيرا استقرت اغلب موضوعاته في الصفحة الأخيرة، حيث كتب في زوايا (محطات مضيئة)و( نظرة من الماضي القريب) و(فنار). ويرى الحافظ في جريدة الحدباء أنها تعد: (مدرسة أدبية تخرج منها وبصورة مستمرة عدد طيب من الأدباء والكتاب، خاصة، وأنها فتحت أمام الكتابات الشابة مجالا واسعاً).
لقد وفق الحافظ، حقا، في إضاءة بعض الجوانب المهمة عن الصحافة الموصلية ومشاركاته الرائعة فيها خلال أكثر من (30) سنة..ويقينا انه استند الى وثائق وقصاصات ،احتفظ بها في مكتبته ، فضلا عن بعض المعلومات التي استقاها من عدد من زملائه الصحفيين أمثال الأساتذة غربي الحاج احمد، واحمد سامي ألجلبي، وعبد الباسط يونس،كما اعتمد على ذاكرته "وبذلك قدم لنا الحافظ إضافة نوعية لما كنا نعرفه عن التاريخ الطويل للصحافة الموصلية المعاصرة.
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
سامي طه الحافظ ( 1933-1994 )، رحمه الله، صحفي وكاتب وقاص، كانت له بصمات واضحة في بنيان الصحافة الموصلية والعراقية من آثاره : قطار الظلام 1955 (قصص)، ألما عنده فلس 1963 (مسرحية)، صورة المرحوم 1971 (مسرحية)، 4-1=3، 1974 (مسرحية)، الحمام 1972 (مسرحية)،أتاحت له فرصة مرور (100) سنة على نشأة الصحافة الموصلية ليكتب مقالاً مهما بعنوان :( تجربة صحفي بلا هوية.. جوانب مضيئة في الصحافة الموصلية 1953_1988)، في جريدة الحدباء (الموصلية) بعددها الصادر في 6 حزيران 1989 ولأهمية المقال_الوثيقة، يسعدنا اليوم أن تقف عنده مبتغين إلقاء الضوء على واحدة من التجارب الصحفية الثرية.
ومما قاله في المقال إن الصحافة الموصلية خلال مسيرتها الطويلة منذ صدور جريدة الموصل في 25 حزيران 1885 تميزت بتنوعها ، وكثرة أعدادها إلى جانب مواضيعها الجادة والمتنوعة. وقد ظهر منذ ذلك الوقت صحفيون وكتاب يشار أليهم بالبنان أمثال الأساتذة إبراهيم ألجلبي وولديه محمود واحمد سامي، وعبدالباسط يونس وغربي الحاج احمد ومحي الدين أبو الخطاب ومحمود مفتي الشافعية .. ويضيف أن بداية عمله الصحفي كان في مطلع الخمسينات من القرن الماضي، وفي المدرسة الثانوية الشرقية حيث قام وأعضاء لجنة الخطابة بإصدار نشرة مدرسية بعنوان : (النبراس) وبأشراف مدرس اللغة العربية آنذاك الأستاذ محمود نوري. كما أسهم في الكتابة لمجلة (الإلهام) التي أصدرتها الإعدادية المركزية. وقد نظمت المجلة مسابقة للقصة القصيرة بأشراف الأستاذ شاذل طاقة، وشارك الحافظ بالمسابقة بقصته (بقايا رماد) التي فازت بالجائزة الأولى، ومنذئذ اخذ يطرق باب النشر في صحف الموصل وأهمها صحف عبدالباسط يونس (الهدف) و(الفجر) و(المثال) و(العاصفة) و(الراية) و(وحي القلم) و(النضال) للأستاذ غربي الحاج احمد و(فتى العراق) لصاحبها إبراهيم ألجلبي،و(الأديب) للأستاذ محي الدين أبو الخطاب و( الهدى) للأستاذ سامي الخطيب و(صدى الاشتراكيين) للأستاذ جار الله أيوب العلاف و(البرهان) للأستاذ عبدالله محمد الصوفي و(الأساس) للأستاذ أمين عبدالله اغا و(الذكرى) للأستاذ احمد الحاج إسماعيل و(الفنار) للأستاذ عدنان النقيب و(الحقيقة) للأستاذ لطفي العبيدي و(صوت الأمة) للأستاذ نجيب ادمون و(الوميض) للأستاذ رمزي العمري و(الواقع) للأستاذ محمود النعيمي و(الأهالي) للأستاذ يوسف الحاج اليأس و(الشبيبة) للأستاذ بشير مصطفى و(الحقيقة) جرجيس فتح الله و(مجلة الثقافة) للأستاذ عبدالله احمد الدبوني.
قدم الأستاذ سامي طه الحافظ مجموعة من قصصه للنشر في جريدة نصير الحق، والطريف إن اسمه الحقيقي كان يظهر إلى جانب عبارة (الأديب الناشئ) وكان يغتاظ من ذلك لكنه كان مضطرا لقبول ذلك على مضض!! .
وعن علاقته بجريدة فتى العراق يقول انه انتقل بعد (نصير الحق) و(الراية) إلى جريدة فتى العراق، واختار موضوعا غريبا وملفتا للنظر لنشره في جريدة فتى العراق لأول مرة، فلقد أصدر الشاعر محمود المحروق ديوانه الشعري(قيثارة الريح)، فكتب له نقدا قال فيه أن زمن تغريد البلابل قد ولى ولابد أن يكون شعرنا معبرا عن الحالة المأسوية التي تعيشها الأمة العربية بعد ضياع فلسطين وكان موضوعه :(البلبل في القفص). وقد أثار الموضوع بعد نشره جدلاً لدى الأوساط الأدبية، ونشر الشاعر هاشم الطعان رداً أيد فيه وجهة نظر المحروق.. واشترك في الحوار حول الموضوع شعراء آخرين منهم: احمد محمد المختار وعبد الغفار الصائغ وبعد انتقل الأستاذ سامي طه الحافظ لتحرير صحيفة الأسرة في جريدة فتى العراق، كما حرر عمود (صور وألوان) بالمشاركة مع محمود ألجلبي، وعبد الغفار الصائغ و عبد الحميد التحافي واحمد سامي ألجلبي، وذو النون شهاب وعدنان محمد شيت وعدنان الأمام،وافرد له سكرتير التحرير آنذاك تحرير صفحة كاملة بعنوان : ( حصاد الأسبوع)، ينشر فيها مواضيع أدبية واجتماعية ومن الذين نشر لهم في صفحته الأستاذ باسم عبد الحميد حمودي، والأستاذ احمد فياض ألمفرجي.
سافر الأستاذ سامي طه الحافظ إلى بغداد، ودخل كلية الآداب_جامعة بغداد، وهناك التقى عددا من الأدباء والشعراء والكتاب منهم موفق خضر وسامي مهدي وغازي ألعبادي وإبراهيم الزبيدي وخضر الولي.. لكن ظروفه العائلية لم تكن على مايرام فقطع دراسته وعاد إلى الموصل والتحقق بالدورة التربوية. وعندئذ خصص له سكرتير تحرير جريدة فتى العراق الأستاذ احمد سامي ألجلبي، رحمه الله، صفحة كاملة للقصة القصيرة وقد وضع الحافظ خطة واضحة وهي انه كان يختار ثلاث قصص لنشرها. كما نظم مسابقة للقصة القصيرة وتقدم قرابة (50) من كتاب القصة للمشاركة وبعد إعلان النتائج فاز بالجائزة الأولى (معن عبد القادر آل زكر) وبالجائزة الثانية (خير الدين سلطان محمد) وبالجائزة الثالثة (طلال حسن عبد الرحمن) كما منحت لجنة التحكيم جوائز تقديرية لعشر قصص أخرى ومن جملة من فاز بها (حسب الله يحيى) و(طلال مجيد) و(تغريد ألجلبي) . كما أفسح الحافظ المجال لكتاب جدد اغنوا صفحته بنتاجاتهم منهم (أنور عبد العزيز) و (سالم العزاوي) و(عبد الوهاب ألنعيمي) رحمه الله، و(سالم حسين).
وقد تشكلت خلال هذه المرحلة رابطة ثقافية أطلق عليها (رابطة الفتى) ضمت كتاب جريدة فتى العراق الدائميين من الذين تفرغوا لمناسبة حركة الثقافة العراقية والعربية المعاصرة وكان من ابرز من انتمى الى هذه الرابطة (احمد سامي ألجلبي) و(عبد الغفار الصائغ) و(عبد الحميد اللاوند) و(احمد محمد المختار) و(عبد الحميد التحافي)، وتخصص كل واحد من هؤلاء في متابعة لون من ألوان الثقافة ، فالحلبي والصائغ تخصصا بمتابعة المقالات التي ترد الى الجريدة وتحديد مدى صلاحيتها للنشر في حين تخصص اللاوند والتحافي بقراءة القصص القصيرة, وقد استمرت الرابطة في عملها حتى توقفت الجريدة عن الصدور أواخر الستينات من القرن الماضي.
ويتحدث الحافظ عن جماعة (رواد الأدب والحياة) ويسميهم (رواد الأدب والحياة) فيقول ان مجموعة من الأدباء شكلوا تجمعاً أدبيا أسموه (رواد الأدب والحياة) وهم شاذل طاقة وغانم الدباغ ومحمود المحروق وهاشم الطعان ثم انضم إليهم فيما بعد عبد الواحد لؤلؤة وعبد الحليم اللاوند وهدفهم تقديم كتابات أدبية ذات قيمة فنية عالية واتخذوا من جريدة الراية لصاحبها الصحفي الرائد عبدالباسط يونس منبرا لنشر كتاباتهم وآرائهم.
ومما يذكره الحافظ أن الأدباء والكتاب في الموصل كانوا يتواجدون في إدارات الصحف وفي المقاهي، ومنها مقهى رأس الجسر القديم، ومقهى عبد هبرايا، ومقهى احمد باري، ومقهى طاهرو.
وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، تعاظم التيار القومي، وأخذت الصحف الموصلية تدعو إلى الوحدة وجمع الشمل العربي، وظهرت صفحات خاصة تعبر عن وجهة نظر قومية، كان من كتابها عبد الغفار الصائغ وحكمت البزاز وارشد توفيق وقحطان محجوب وادهام هادي وذنون الاطرقجي وبشرى البستاني واحمد محمد المختار وعبد الحليم اللاوند. كما أخذت أفكار رواد الأدب والحياة تأخذ طابعا آخرا لمناهضة السلطة الملكية.
وبعد حدوث ثورة 14 تموز 1958 وسقوط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق سافر الحافظ إلى بغداد لإجراء بعض التحقيقات الصحفية التي نشرتها فيما بعد جريدة فتى العراق. ومنذ أوائل الستينات من القرن الماضي، صدرت صحف جديدة منها: نداء الجماهير لسعدالله الحسيني، والفكر العربي لأحمد عبد الله الحسو، وقد برز كتاب جدد تعمقت تجربتهم منهم محمود جنداري ونجمان ياسين وسيف الدين الجراح وحازم شيت وبشير يحيى ومحمود فوزي الصراف وعبد الوهاب ألنعيمي و محمد نوري عبد القادر وسالم حسين وصالح العارف وإبراهيم الجبوري وذو النون الاطرقجي وموفق الكاتب وصلاح الدين احمد وسالم العزاوي ومعن عبد القادر وعبد الحميد التكريتي .كما احتوت جريدة الفكر العربي عددا من الكتاب الذين اهتموا بالتراث والفكر العربي والإسلامي منهم احمد عبد الله الحسو وشقيقه محمد وعماد الدين خليل ومحمد علي الياس العدواني وسالم عبد الرزاق.
وتفردت جريدة فتى العراق بتخصيص صفحة جديدة بعنوان (الفكر الحر) واحتوت الصفحة كتابات (تدعو للغد المرتقب) ومن ابرز كتابها واحمد المختار وقحطان محجوب وادهام هادي وعبد الحليم اللاوند وحكمت البزاز . وبين صيف 1963 وصيف 1967 كتب الحافظ عدة تحقيقات عن سفرته إلى لبنان نشرها في جريدة فتى العراق وتحت تأثير نكسة حزيران 1967 نشر الحافظ سلسلة مقالات عن مااسماه معاول الهدم وعد أم كلثوم واحدة من هذه المعاول،لكن الشعراء سرعان مااعربوا عن سخطهم، واتهموا كاتب المقالات بالجهل.
وبعد تموز 1968 صدرت في الموصل جريدة الرسالة، وكان صاحب امتيازها سالم محمد غزال الطائي، وقد استهدفت الجريدة إحياء الحركة الثقافية في الموصل ومن كتابها نجمان ياسين وعبد الوهاب إسماعيل وحيدر محمود عبد الرزاق وامجد محمد سعيد وذوالنون الاطرقجي وبشرى البستاني وارشد توفيق وقحطان محجوب وثامر معيو ف وسالم الخباز. كما صدرت مجلة (الموصل اليوم)، لبلدية الموصل وانضم إلى تحريرها مجموعة من الكتاب منهم فوزي الغريري وعبد الرحمن الصراف ولؤي الزهيري ومؤيد الياس بكر.. كما صدرت جريدة (التعاون) لسان حال جمعية بناء المساكن للموظفين الصحيين ومديرها محمد سعيد ذنون ، وكتب فيها الحافظ.. وصدرت جريدة (نصير العمال) لسان حال نقابات العمال ومديرها فيصل الطائي واهتمت بقضايا العمال وتشريعاتهم، ومن الصحف والمجلات التي صدرت في السبعينات مجلتين الفكر المسيحي وبين النهرين وكان لجامعة الموصل مجلاتها الأكاديمية منها آداب الرافدين وهندسة الرافدين والتربية والعلم والجامعة.. كما أصدرت الجامعة مجلة ثقافية عامة هي مجلة الجامعة وكان هدفها تعميق الوعي وإقامة حوار بناء بين الجامعة والمجتمع .. وقدمت المجلة دراسات علمية وثقافية وكان من ابرز كتابها الدكتور عمر الطالب والدكتور إبراهيم خليل العلاف والدكتور هاشم يحيى الملاح والدكتور نجمان ياسين والدكتور عوني عبد الرحمن السبعاوي . كما انفتحت الجامعة على كتاب من خارجها منهم عبد الحليم اللاوند واحمد محمد المختار وامجد محمد سعيد وحيدر محمود عبد الرزاق ومعد الجبوري وغيرهم .
وفي سنة 1976 دعا عبد الوهاب ألنعيمي (رحمة الله) سكرتير مجلة غرفة تجارة الموصل، الحافظ للإسهام في الكتابة في المجلة وفعلا أسهم في التحرير حتى سنة 1979 وكان من كتابها الدكتور محمد أزهر السماك وزهير المفتي وربيع ألنعيمي. كما أسهم الحافظ في مجلة النبراس التي أصدرتها المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى.
وبعد صدور جريدة الحدباء في 27 مايس 1979 دعا رئيس التحرير الأستاذ الدكتور محي الدين توفيق ،الحافظ للكتابة وباشر بعملة في زاوية (مع الناس) وباسم مستعار.. وأخيرا استقرت اغلب موضوعاته في الصفحة الأخيرة، حيث كتب في زوايا (محطات مضيئة)و( نظرة من الماضي القريب) و(فنار). ويرى الحافظ في جريدة الحدباء أنها تعد: (مدرسة أدبية تخرج منها وبصورة مستمرة عدد طيب من الأدباء والكتاب، خاصة، وأنها فتحت أمام الكتابات الشابة مجالا واسعاً).
لقد وفق الحافظ، حقا، في إضاءة بعض الجوانب المهمة عن الصحافة الموصلية ومشاركاته الرائعة فيها خلال أكثر من (30) سنة..ويقينا انه استند الى وثائق وقصاصات ،احتفظ بها في مكتبته ، فضلا عن بعض المعلومات التي استقاها من عدد من زملائه الصحفيين أمثال الأساتذة غربي الحاج احمد، واحمد سامي ألجلبي، وعبد الباسط يونس،كما اعتمد على ذاكرته "وبذلك قدم لنا الحافظ إضافة نوعية لما كنا نعرفه عن التاريخ الطويل للصحافة الموصلية المعاصرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق