الجمعة، 25 أكتوبر 2013

هواية جمع الطوابع ...هواية متعددة الفؤائد

 هواية جمع الطوابع ...هواية متعددة الفؤائد
  بقلم : محمود كريم الموسوي
لقد كان لاهتمام السيد (رولايز هيل) المدرس بمدرسة (بيرمنكهام) ، ومسعاه لتطوير البريد ، وظهور كتابه ( إصلاح نظام البريد ) في نهاية العقد الرابع من القرن التاسع عشر الأثر الكبير ، والسبب الرئيس في إصدار أول طابع بريدي في انكلترا عام 1840م ليكون أول طابع بريدي في العالم ، بعد أن كان البريد وعلى طول امتداد تاريخه الطويل دون طوابع .
حمل الطابع الأول في العالم صورة الملكة ( فكتوريا ) ملكة انكلترا دون ذكر اسم انكلترا عليه اعتمادا على صورة الملكة للتعرف على جهة إصدار الطابع ، وذكرت كلمة ( بريد ) باللغة الانكليزية في أعلى الطابع ، في حين ضرب السعر في أسفله ، وكان الإقبال على شراء الطابع واسعا أكثر بكثير من الحاجة الفعلية لحركة البريد لاقتنائه تذكارا لصدور أول طابع بريدي في العالم .
ولم تمض سنة على صدور أول طابع بريدي ، حتى ظهرت هواية جمع الطوابع ، اذ قامت فتاة انكليزية بنشر إعلان في صحيفة التايمز اللندنية تعلن فيه عن حاجتها للحصول على أكبر عدد من ( الطوابع المستخدمة لتغطية جدران غرفتها التي نشرت على جزء منها ما يقرب من ستة عشر ألف طابع استطاعت جمعها بمعونة الأهل والأقارب والأصدقاء ) .
والطابع البريدي المستخدم هو ذلك الطابع الذي لا يمكن وضعه على مظروف رسالة مرة ثانية لختمه بختم المكتب البريدي الذي أرسلت بوساطته الرسالة التي كان ملصقا عليها ، وبذلك تسقط قيمته المالية الرسمية ، لتظهر له قيمة مالية تذكارية ، تتحدد بأهمية الطابع وندرته ، وتاريخه ، والأخطاء الفنية والطباعية فيه ، وكثيرا ما تزيد القيمة التذكارية على القيمة المالية الرسمية لتصل في بعض الأحيان إلى آلاف الأضعاف .
أخذت الجهات المعنية والمؤسسات المختصة تتسابق باصداراتها ، مظهرة مهاراتها وخبراتها في شكل الطابع ، ومساحته ، وتصميمه ، وألوانه ، وطباعته ، ومضمونه ، فصدرت طوابع مستطيلة ، ومربعة ، ومثلثة ، وبمساحات مختلفة ومتعددة معتمدة بتصاميمها على أشهر الفنانين ، وأمهر المصممين ، لإظهار الطابع لوحة فنية راقية مستخدمة أفضل ما توصل له العلم في عالم الأحبار الطباعية الثابتة ، والفسفورية ، التي لا تتأثر بالحرارة والماء والتقادم أما في الطباعة فقد استخدم أفضل أنواع الورق وأحدث المكائن الطباعية الاعتيادية ، والبارزة.
أما مضامين الطوابع فكثرت وتعددت ، فشملت إضافة إلى المناسبات الوطنية والقومية والدينية ، صور الرؤساء والملوك والحكام ، واهتمت بالعلماء والفلاسفة والأدباء ، وكذلك الرياضة والفن والرسم والآثار والتراث والأساطير ، كما اهتمت بالطفولة والأمومة والشيخوخة ، واذ اهتمت بالطبيعة ظهرت فيها صورا للزهور ، والنباتات ، والبلابل ، والطيور، والحيوانات ، وغيرها الكثير .
بتقادم الزمن ، وتكاثر الإصدارات ، وتنوعها ، وانتشارها في أنحاء العالم كافة ، تزايد عدد الهواة ، فأنشأت جمعيات ، وشكلت اتحادات ، وأقيمت معارض ، وكتبت دراسات ، وصدرت مجلات ، وانتشرت محال متخصصة في بيعها وشرائها ، كما ظهر خبراء في تقييم مجاميع الطوابع ، وكشف المزور منها باستخدام أحدث الطرق ، ومنها أشعة أكس 0
ولاستحالة جمع كل إصدارات الطوابع في العالم من قبل الهاوي ، ظهرت هواية متخصصة إلى جانب الهواية العامة ، بل وتقدمت عليها ، وهي تخصص الهاوي لجمع طوابع ذات المضمون الواحد ، مثل جمع طوابع فيها صور للزهور ، أو طوابع فيها صور للطيور ، أو صور للملوك والرؤساء ، وغيرها ، وهنالك من الهواة من يختار أكثر من موضوع في أساس اختيار الطوابع التي يريد جمعها .
لم تقتصر هواية جمع الطوابع على شرائها والاحتفاظ بها ، والتمتع بها وعرضها لزائر أو صديق ، بل ان لهذه الهواية فوائد كثيرة نذكر منها الآتي :
1 .توسيع مدارك الهاوي الثقافية ، فالطوابع عبارة عن موسوعة معرفية لأسماء الدول ومختصرات أسمائها ، وملوكها ورؤسائها ، ومناسباتها الوطنية والقومية والدينية ، وعلمائها وفلاسفتها وأدبائها ، وآثارها وتراثها وفنها وفنانيها ، وعمرانها ، وأزهارها ونباتاتها ، وطيورها وحيواناتها ، وعملتها ، وأخر كثيرة .
2 .تنمية الذوق الفني للهاوي إذ إن الطابع البريدي هو لوحة مصغرة اشترك فيها أمهر الفنانين ليتمتع بجمالها الهاوي ، ويفك رموزها ، ويحلل اسلونها ، ويقيّم فنها .
3 .تنمية دقة الملاحظة من خلال التدقيق في الطابع للتمتع بجماليته ، أو لاكتشاف عيوب فيه من خلال استخدام عدسات تكبير في كثير من الأحيان .
4 .توسيع مساحة التعارف والعلاقات من خلال مراسلة الهواة داخل القطر ، وخارجه ، وبناء صداقات يمكن أن تكون عونا عند السفر .
5 .يعد جمع الطوابع عملية ادخار ، فالطوابع البريدية غير المستخدمة تحافظ على قيمتها الرسمية ، والمستخدمة تزداد قيمتها بتقادم الزمن عليها ، فهي ثروة نامية وعلى الأخص عندما تكون في مجاميع الهاوي طوابع نادرة .
وتأسيسا على ذلك فان هواية جمع الطوابع هواية حضارية تدر على الهاوي ربحا ثقافيا وفنيا واجتماعيا وماليا مطلوب رعايتها وتنميتها والتوسع فيها ، وعلى مكاتب البريد تقع مهمة تذليل المعوقات التي تواجه الهاوي في الحصول على اصدارتها الجديدة .

* نشرالمقال في جريدة المدى ( 69 ) في 9 / 3 / 2004م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...