الخميس، 18 يوليو 2013

أنا والتاريخ مقال بقلم :الأستاذ أنور عبد العزيز



أنا والتاريخ*
                                       
       بقلم :الأستاذ أنور عبد العزيز
     أقول لأخي المبدع الكبير  الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف : أنني بالإضافة إلى (العرض) أو (القراءة) لكتابه المهم : " موسوعة المؤرخين العراقيين" ، فقد استمتعت واستأنست به شخصياً وبخصوصية مسألة حيوية مهمة جداً: هي هذا الوفاء للراحلين وبأسلوب قصصي جميل بعيد عن الرقابة والجحود يعنى فقط بسرد "المعلومة "  وبجفاف.. أحيي في أخي جهده الكبير الرائع .. هذا في الموسوعة " وفي كل بحوثه ودراساته وطروحاته الأكاديمية والثقافية عموماً..
    أود أن أُعلم أخي العزيز أنني من محبي قراءة التاريخ الذي يراه البعض علماً وآخرون "فناً" ومنهم من جمع فيه الصنفين، وغالى بعضهم برفضه كعلم لأن من أولى الشروط العلمية خضوعه (للمختبر العلمي) وتطورات هذا المختبر علمياً وعالمياً..
  منذ فترة الإعدادية الشرقية 1957 وأنا مولع بالتاريخ، وقد قرأت الكثير فيه: التاريخ العربي الإسلامي وعبر كل عصوره وبخصوصية تاريخ الخلفاء: راشدين وأمويين وعباسيين وعثمانيين وحتى الفترة المظلمة .. وأكثر ما أحببتُ : كتب (المذكرات) و (الاعترافات) و(السير الذاتية) لرجال الدين والسياسية والتاريخ والأدب وبغالبية أخرى لفروع وألوان الثقافات المختلفة: شرقية وغربية...وأضف أيضا ًأنني كنت على معرفة ومودة بعديد من أساتذة التاريخ في (دار المعلمين العالية) بين سنوات 1957-1961 وحتى لبعض أساتذة التاريخ ودكاترة الفروع العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة (البايولوجي) .. أساتذة التاريخ نادراً ماكانوا يرتادون النادي، ولكنني كنت أقف معهم في (الفرص) في الحديقة، وعندما يمشون هرباً من برد الشتاء والقاعات والصفوف العارية.. أسألهم بعض الأسئلة وأسمع نوادرهم وقفشاتهم وتعليقاتهم الأليفة على بعضهم البعض ، خصوصاً ذلك الرائع الفذ الكبير مصطفى جواد.. وأستطيع القول الآن بعد أكثر من 50 سنة أن أولئك الرائعين المتواضعين لم يكونوا يتثاقلون من وجودي معهم وسماعي لهم - وكان سمعي حاداً في تلك السنين وبحمد الله-  ورغم أنني كنت في الصف الأول أو الثاني، وهم ماهم عليه من أسماء شهيرة عراقياً وعربياً وحتى عالمياً..
   أيه لتلك السنين الطيبة الكريمة المنداة والمحلاة بمجد وإنسانية وأخلاقية أولئك الميامين .. وهذا ما جعلني أنشد (لموسوعتك) لتأكيدك وترسيخك لنبلهم وبساطتهم مع علومهم الأكاديمية الغزيرة والفاحصة لشؤون الدنيا والبشر...وأضيف لأخي – وهو يعرف ذلك – أننا في (قسم اللغة العربية) ، كنا ندرس التاريخ (كمادة ثانوية) لسنتين، وكذا الانكليزية أو الفرنسية (كمادة ثانوية) لسنتين .. أنا اخترت الانكليزية ،لأنهم في الفرنسية يبدأون (بالحروف الهجائية)تعطيها لهم (مدام البصير) زوجة الدكتور محمد مهدي البصير، أما نحن قسم الانكليزي فقد بدأ معنا أمجد حسين وبعده سهيلة اسعد نيازي بأعلى ما في الانكليزية من (نصوص) وروايات أدبية... أمجد حسين وكان يحمل (ماجستير) بدأ معنا بمسرحية: ((الأسلحة والرجل)) لجورج برناردشو وبلغتها الصعبة، وكان يحاورنا طيلة زمن الدرس بالانكليزية حتى انه – بتقديري- قد بالغ وغالى بطلبه منا أن نفكر بالانكليزية خشية منه أن ما نفعله هو فقط ترجمة (جمل وعبارات)في أذهاننا هي عربية ليس غير وهذا مخالف للتعبير الانكليزي.. ربما كان على حق ،ولكنها لم تكن سهلة علينا ابداً وعانينا فيها كثيراً وكان ما يخفف معاناتنا هو تواضع الرجل وبساطته.. أمجد حسين الآن صار دكتوراً وأقرأ له (ترجمات)رائعة لروايات انكليزية..
 تعاقب على تدريسنا (التاريخ الإسلامي) أربعة أساتذة أجلاء :أولهم محمد الهاشمي ، جاء بعده فيصل السامر، ثم أستقر بنا الحال مع سليم النعيمي .. هذا الراحل العزيز ورغم محبتي له واعتزازي بذكراه، فلم نستفد منه إلا القليل القليل... غالبية أشهر تدريسه  لنا توقفت عند العبارة الشهيرة :" البحر من ورائكم والعدو من أمامكم وليس لكم الاالنصر" حتى انه لم يستخرج منها أية عبر بليغة.. سرد وتكرار لما قاله الأولون ليس غير .. وفي الامتحان هي تلك المقولة... وأعترف الآن لأخي أننا جميعا كنا مرتاحين له فهو طيب القلب رغم عصبيته أحيانا ، ثم هو لم يرهقنا بمادة صعبة وبضمان نتائج طيبة في الامتحان أقلها 80% ... بقينا معه ولم ننته من حكاية (البحر من ورائكم ) الأبعد أن كلفوا العالم الكبير المؤرخ جواد علي بتكملة المشوار...

هذا ماأردت أن أبوح به لأخي الكريم
مع تمنياتي له على الله بعافية الروح والجسد
ومع اعتزازي وتقديري.. ومحبتي
*رسالة شخصية كتبها الأستاذ القاص المبدع أنور عبد العزيز مؤرخة في 12-12-2011 الى الدكتور ابراهيم خليل العلاف وقد وددت –بعد الاعتذار للأستاذ أنورحيث لم اخذ رأيه في النشر  –نشرها لأهميتها الوثائقية  ووضعت لها عنوانا هو "أنا والتاريخ " شكرا لصديقي الغالي  وأدعو الله أن يمتعه بالسعادة ويزيد من همته ليقدم المزيد والمزيد .إبراهيم خليل العلاف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...