الخميس، 18 يوليو 2013

شهادة وفاء بحق عراقي كردي شهم هو الاستاذ طه محيي الدين معروف بقلم : د. حازم طالب مشتاق


شهادة وفاء بحق عراقي كردي شهم هو الاستاذ طه محيي الدين معروف
بقلم : د. حازم طالب مشتاق
توفي مؤخرا في احد المستشفيات الاردنية بالعاصمة عمان طه محي الدين معروف الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية العراقية قبل الاحتلال الامريكي.
لا يعنيني في هذا المقام ان اكتب عن طه محي الدين معروف الدبلوماسي المحترف والموظف الرسمي, فهذا مضى وانقضى وذهب الى الابد. بل يعنيني ان اكتب عن طه محي الدين معروف المواطن والانسان, فهذا يبقى ماثلا في الذهن, حاضرا في الوعي, حيا في الضمير.
كان طه محي الدين معروف عراقيا صميما وكرديا اصيلا في وقت واحد. لكنه كان عراقيا قبل ان يكون كرديا, وكان عراقيا اولا وكرديا ثانيا. كانت عراقيته تحتضن كرديته وتحتويها وتستوعبها. ولم يكن لديه اي فرق على الاطلاق بين العراقي الكردي والعراقي العربي.
من هنا, اختار ان يكون مرافقه العسكري عربيا يحمل رتبة نقيب في الجيش العراقي السابق, وليس كرديا, واستبقاه حتى النهاية, هذه الحقيقة تنطوي على رسالة واضحة, مفادها ضرورة مبدأ المواطنة العراقية المشتركة والهوية الوطنية الموحدة.
وكان طه محي الدين معروف انسانا هائا مهذبا, وديعا مسالما, متواضعا طيب القلب, لم يؤذ احدا ابدا كائنا من كان ولاي سبب من الاسباب. ومن هنا, لم يتعرض الى الاذى عندما تهاوى عالمه وتداعى وتحول الى اكوام من الخرائب والانقاض, وهذه الحقيقة الثانية تنطوي على رسالة واضحة اخرى, مفادها: من لا يؤذي لا يؤذى. وبقي الى النهاية محتفظا بسيرة حميدة وسمعة طيبة وشخصية محترمة, كثر شاكروه, وقل شاكوه.
ومع انني خرجت من العراق الحبيب مهاجرا اضطرارا في سنة 1993 إلا ان فضله المشهود الذي اعانني شخصيا في وقت الحاجة ويوم الشدة, لم يبرح خاطري, ولم يفارق فكري. ولكن هذا المقال يستدعي شرح الحال.
كانت العائلة مجتمعة في دار شقيقتي في بغداد وزوجها نسيبي الكردي الدبلوماسي العراقي القديم صلاح طيب, ذات يوم من شتاء سنة .1977 رن جرس التلفون وجاء صوت والدتي من اسطنبول تخبرنا ان الوالد مريض ويطلب من ولديه حازم وباسم ان يحضرا فورا على جناح السرعة, حاولنا دون جدوى ان نفعل ما طلبه الوالد, ولم نفلح في الحجز على اية طائرة إلا بعد اسبوع. اقترحت شقيقتي ان نلجأ الى صديق زوجها السيد طه محي الدين معروف. اتصلنا واوضحنا له صعوبة الوضع وحراجة الموقف, فوافق فورا على مساعدتنا بلا حرج او تردد. ولم يعهد الى وزارة الخارجية ان تقوم باللازم, بل اخذ الموضوع على عاتقه شخصيا.
كانت هناك طائرة تابعة للخطوط الجوية الهولندية تمر في الاجواء العراقية مجرد مرور عابر, ففتح قنوات الاتصال مع قائد الطائرة ورجاه ان يهبط في مطار بغداد لاسباب انسانية وان ينقل راكبين الى اسطنبول. لم يكن الهبوط في بغداد واسطنبول واردا في خط تحليق الطائرة, لكن قائد الطائرة استجاب الى هذا الرجاء الرسمي العالي المستوى وهبط في بغداد ونقلنا انا وشقيقي باسم الى اسطنبول.
لم تسنح الفرص ولم تساعد الظروف ان اعرب عن شكري الجم وامتناني الفائق شخصيا للسيد طه محي الدين معروف في حياته. لعل هذا الرثاء ينطوي على بعض العزاء وشيء من الوفاء. رحمه الله.
أ. د. حازم مشتاق - العرب اليوم
19-8-2009 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...