السبت، 20 يوليو 2013

الصحافة العراقية والتطور السياسي والاقتصادي والثقافي 1869-1958


الصحافة العراقية والتطور السياسي والاقتصادي والثقافي 1869-1958
ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث -العراق
دخل العراق بولاياته الثلاث : بغداد والموصل والبصرة تحت السيطرة العثمانية خلال الفترة من 1515 و 1546 ؛ ففي سنة  دخل العثمانيون الموصل وفي سنة 1934 فتح السلطان سليمان القانوني 1520-1566 بغداد . 1515
ثم امتد النفوذ العثماني إلى البصرة سنة 1546 . وبعد ذلك أصبحت البصرة القاعدة الثانية بعد السويس لارسال الحملات البحرية ضد البرتغاليين في الخليج العربي ، إلاّ أن العثمانيين لم ينجحوا في تخليص الخليج العربي من المستعمرين البرتغاليين لعوامل كثيرة ، منها عدم كفاءة بعض قادتهم البحريين ، وكذلك قيامهم بأعمال تعسفية ازاء السكان العرب ، لذلك تحمل عرب الخليج مسؤولية طرد البرتغاليين . وقد تم لهم ذلك سنة 1695 حين تمكنوا من تدمير آخر معقل للبرتغاليين في الخليج العربي .

لقد عانى العراق ، خلال السيطرة العثمانية ، كثيراً من التدهور في أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، هذا فضلاً عن إصرار العثمانيين على حرمان العراقيين من حكم أنفسهم بأنفسهم .. ولم يجرِ في العراق أي اصلاح ملحوظ
حتى القرن التاسع عشر ، حين عيّن مدحت باشا
  1869 ـ 1872  ، وهو شخص متنور ،
والياً على بغداد سنة 1869 ومُنح صلاحيات ادارية واسعة لتنفيذ سلسلة من الاصلاحات في الولايات العراقية كجزء من حركة الاصلاحات التي شهدتها الدولة العثمانية كلها ابتداءاً من النصف الثاني من القرن الثامن عشر . وقد تجلّت اصلاحاته الادارية والاقتصادية في تطبيق قانوني الأراضي والولايات وهدفهما : العمل على ربط الولايات الثلاث بعضها مع البعض الآخر وتقوية السلطة المركزية عليها .

ويعد نظام الطابو أبرز أعمال مدحت الاقتصادية ، وهدف هذا النظام إيجاد حل لمشكلة العشائر ووضع حد لثوراتها المستمرة ، وتحويل أفرادها إلى مواطنين مستقرين ، وذلك بتوفير سبل العيش وتحسين وسائل الري . وقد أثمرت سياسته في أماكن متعددة ، لكنها أدت إلى تحول شيوخ العشائر إلى ملاكين للأراضي ، ولم تعد العلاقات داخل العشيرة تعتمد على المساواة بين أفرادها ، بل أصبح مقدار ما يملك الشخص المعيار الأساسي للتمييز بينهم .

كما أخذت الحكومة تستعين ببعض رؤساء العشائر لتحصيل الضرائب ، وفرض الجندية بشكل أسهل مما كان قبل ذلك .

أما في الميدان العسكري ، فقد أصبح العراق مقراً للفيلق العثماني السادس . وبالرغم من أن هذا الجيش لم يكن يخلو من المتطوعين المحليين ، فإن أكثرية أفراده كانوا من غير العراقيين . وعليه فقد استهدف مدحت باشا من اصلاحه العسكري تشجيع العراقيين على الانضمام إلى الجيش ، لذلك باشر بتطبيق نظام التجنيد الأجباري ، وحتى يجهز هذا الجيش بالضباط العراقيين ، أسس مدحت مدرستين عسكريتين في بغداد والسليمانية كانتا طليعة معاهد الدراسة الحديثة في البلاد.

وفي حقل المواصلات ، أعاد مدحت تشكيل الشركة الحكومية المعروفة بالادارة العثمانية النهرية وأصلح بواخرها القديمة ، ثم شرع بشراء بواخر جديدة ذات حمولات كبيرة ، وأنشأ مدحت ترامواي بغداد ـ الكاظمية .

وفي عهد مدحت باشا دخل التعليم الرسمي الحديث إلى العراق ، وأنشأت أولى المدارس الحديثة ، وصار الطلبة يتلقون مواداً دراسية عديدة منها : التاريخ والجغرافية والجبر والفيزياء والرسم واللغات ، إنّ اهتمام مدحت باشا بنشر التعليم الحديث في العراق انعكس من خلال تزايد النسبة المئوية للمتعلمين ، ففي سنة 1850 لم تكن نسبتهم تزيد عن نصف في المائة من سكان المدن ، في حين أصبحت نسبتنهم سنة 1900 تتراوح بين الخمسة والعشرة بالمائة .

لقد كان مدحت باشا في طليعة الولاة العثمانيين الذين اهتموا بأمور الطباعة والصحافة ، فقد أسس مطبعة حكومية في بغداد وأصدر جريدة رسمية في 15 حزيران 1869 بأسم
"
الزوراء " وظهرت بعدها جريدة رسمية في الموصل سنة 1885 ، وفي البصرة 1895 .

كذلك تم بنـاء مدينتي الناصرية والرمادي ، ومن أعماله بناء مستشفيات ودور حديثة للحكومة ، وأرسل المهندسون لتنظيم الري ، كما سعى لتأسيس المحاكم الحديثة ، والبلديات ، وتنظيم قوة جديدة للأمن الداخلي باسم ( الضبطية ) ، وأهتم بردم المستنقعات وإنشاء الحدائق والمتنزهات ، وأظهر اهتماماً بإصلاح نظام الضرائب ، وأسس بعض المعامل الصناعية الحديثة .

إنّ مدحت باشا بذل جهوداً كبيرة لتحديث العراق ، وقد نجحت جهوده في تحقيق تقدم شمل مختلف ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ولكن ذلك لم يحل دون توقف بعض اصلاحاته لعدم توفر الأموال ، ولقيام الحكومة العثمانية باستدعائه ونقله بعد احتجاجه على قرار خصم مبلغ كبير من التخصيصات المالية المقررة لولاية بغداد .

إنّ جهود مدحت في تحديـث العراق ، أدت في النتيجـة إلى ظهور تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ميّزت تاريخ العراق الحديث فيما بعد ، فسياسة مدحت ازاء العشائر أدت إلى ازدياد نفوذ الشيوخ الاقتصادي والسياسي ، وظهور فئات ثرية ، والتي كان رفاهها متأتياً من عمق استغلال الفلاحين ، كما تعاون بعض رؤساء العشائر ، وأثرياء المدن في الاستحواذ على كثير من الأراضي الزراعية والقرى .

وإزاء إفساح الدولة العثمانية المجال لرؤوس الأموال الأجنبية بالتغلغل نحو العراق منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، واتجاه التجار الأوربيين إلى جعل العراق كله منتجاً للخامات ، وسوقاً لتصريف بضائعهم المصنوعة ، محاولين ربط اقتصاده باقتصاد السوق العالمية،لذلك ازداد الطلب على المنتوجات الزراعية والحيوانية ، وتحت تأثير ضغط الملاكين الجدد اتجه الاقتصاد على العموم في العراق من ( اقتصاد طبيعي ) يسد الحاجة المحلية إلى ( اقتصاد السوق )  القائم على الربح.وقد أسهمت البنوك في تسهيل عملية التعامل المصرفي، وكانت معظم رؤوس أموال هذه البنوك ، انكليزية ، وأصبح لتجارة العراق فعاليات مهمة في مجال الاستيراد والتصدير ، وكان لهذه النشاطات أثر كبير في نشوء فئات برجوازية تجارية جديدة ، وأصبح لهـذه الفئات وزن لهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، وكان لهذه الفئات كذلـك صلات قويـة بالأوساط الاقطاعية المحلية ، وقد أخـذت هذه الفئات تحاول أن تثبت وجودها ، وتعبر عن واقعها بشكل أو بآخر ، وكان كـل تغير في ذلك التغيير يعتمد إلى حد كبير على مدى تطورها ، خاصةً في امكاناتها لإيجاد مواقع ثابتة بلها في الحياة الاقتصادية .

وبالرغم من المواقع الاقتصادية التي أحرزتها الفئات البرجوازية تلك ، إلاّ أنها لم تستطع أن تتحول إلى قوة مستقلة في الكيان الاجتماعي ، زيـادة على ذلك أن شرائح عديدة من هذه الفئات ، أمثال صغار التجـار وأصحاب الدكاكين الحرفية وغيرهـم كانت تلاقي الكثير من اضطهاد رأس المال الأجنبي والبرجوازية الكبيرة ، إلاّ أنها بحكم واقعها لم تستطع أن تتحرك باتجاه من شأنه فرض رياح التغيير على مجتمع المدينة ، وربما كان المثقفون ، وهم القطاع الديناميكي داخل البرجوازية ، الوحيدين الذين بدأوا يتحركون بمثل ذلك الاتجاه ، والمثقفون أساساً هم من أبناء العوائل الكبيرة ، ومن البيوتات التجارية المعروفة آنذاك ، أو من أبناء علماء الدين .

لقد رافق ظهور تلك التطورات في البنيان التحتي للمجتمع انعكاسات طبيعية في البنيان الفوقي ، وتحددت الظروف الموضوعية الجديدة التي حتمت تغيير المجتمع التقليدي القديم ، وأخذ الناس يفكرون بأسلوب جديد ، وينظرون إلى الأمور والمتغيرات في الحياة نظرةً أكثر واقعية من السابق .

وطبيعي أن تلك القفـزة المهمة حدثت بعد جمـود استمر لقرون عديدة ، بفعل التطور الاقتصادي والاجتماعي ، وقد أسهم الاحتكاك بالفكر الغربي ومكتسبات الحضارة الأوربية العلمية والتقنية في صقلها .

لقد جرى التغيير في العراق ، بصورة عامة ، بوتائر سريعة ، وامتد إلى مجالات عديدة ، منها الأدب والتعليم والصحافة . ففي ميدان الصحافة تم الاهتمام بهذه الأداة الثقافية ، كوسيلة من وسائل التحديث ، وكمرآة تعكـس واقع الحياة . ومن هنـا ، فإن متابعة تاريخ الصحافة العراقية منذ نشأتها وحتى عام 1958 يساعدنا في فهم التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي شهده العراق في تلك الحقبة المهمة من تاريخه الحديث .

ليـس من شك في أن الصحافة وسيلة مهمـة من وسائل الشعب للتعبير عن مطامحه واهتماماته،فمما تسطره من مقالات نستطيع تلمس آراء الناس ومشكلاتهم واتجاهاتهم وسلبيات واقعهـم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي . وفي الحقيقة أن الصحافة العراقية منذ نشأتها عكست ذلك ، ففي المجال قدّمت جريدة الزوراء التي صدر عددها الأول في 15 حزيران 1869 صورة صادقة لمشروع مدحت باشا في مجال تحديث العراق وأشارت في أعدادها الأولى إلى أن صدورها يأتي استجابة لرغبة الوالي في الإصلاح ، وان هدفها تنبيه الشعب إلى حقوقه . وبعد الانقلاب العثماني سنة 1908 دخلت الصحافة العراقية مرحلة مهمة من تاريخها،إذ صدرت بعد اعلان الدستور (25) صحيفة ومجلة منها (19) جريدة ومجلة في بغداد وحدها . وقد رحبت الصحف التي صدرت في بغداد بالدستور ، وسجلت مواقف جريئة في نقد أوضاع العراق ، وأصبح مفهوم الصحافة السائد آنذاك أن الصحيفة من " أقوى الوسائل لبث الصلاح في الأمة " وأنها " المحرك الأولى إلى الارتقاء في سلم النجاح " وأنها يمكن أن " تُعنى بنصرة المظلوم ، والأخذ بيد المحروم " ، وكان لهذا المفهوم أثره في الفنون الكتابية نفسها ، إذ ازدهر المقال الانتقادي والكلمة الاجتماعية الموجهة ، ومن أبرز صفات المقالة الصحفية قبيل الحرب العالمية الأولى وجود العناوين ، وتضمين الشعر والحكم والآيات القرآنية ، وانعدام الترقيم ، وانتشار بعض الكلمات والمفاهيم والمصطلحات الجديدة .

وكان من أبرز الصحف التي صدرت ببغداد قبيل الحرب العالمية الأولى جريدة " الرقيب"  التي صدر عددها الأول في 28 كانون الثاني 1909، وكان لها تأثير كبير في الحياة السياسية في العراق بفضل صراحة ووطنية صاحبها عبد اللطيف ثنيان ، وهو من الأدباء المعروفين . وقد لاقت الجريدة من الاقبال والرواج ما لم تنله أية جريدة أخرى آنذاك ، غير أن والي بغداد ناظم باشا لم يتحمل صراحة هـذه الجريدة ، وهـدد صاحبها بعد إن تعـرض لانتقاد أعمال الحكومة .

أما جريدة صدى بابل التي أصدرها المعلم داؤد صليوا الموصلي في بغداد في 13 آب 1909 فقد كانت في مقالاتها " من العوامل المحفزة للأخذ بأسباب التقدم كما وقفت مواقف مشرفة في مجال إثارة القرّاء والتأكيد على المطالبة بحقوقهم وإصلاح أوضاعهم " .
 وشهدت جريدة النهضة البغدادية التي صدرت في 3 تشرين الأول 1913 على إبراز شخصية الأمة العربية وكيانها السياسي ونادت بحقوق العرب . وفي الموصل أسهمت جريدتي نينوى التي صدرت في 15 تموز 1909، والنجاح التي صدرت في 12 تشرين الثاني 1910 ، في إيقاظ المثقفين الموصليين وتحفيزهم على ممارسة حقوقهم ، وكذلك أكدت الصحيفتين على ضرورة نشر الوعي بأهمية الدستور والتمسك به وعملتا على تكوين وعي دستوري بين القرّاء .

وكانت الصحافة العراقية خلال هذه الفترة ، أداة للتعبير عن الشعور القومي العربي ، فحين وقع الاعتداء الإيطالي على ليبيا في أيلول 1911 ، نشرت مقابلات عديدة دعت فيها ابناء الوطن إلى التطوع ، ومقاومة العدوان ، وجمع الاعانات للمجاهدين الليبيين .

كما أسهمت الصحف كذلك في التوعية الانتخابية ونشرت مقالات حول ضرورة اجراء انتخابات حرة ، وضمان الحرية للمنتخبين ، ودعت إلى انتخاب الشخص الذي ينفع البلد ويعمل على رقيه وتقدمه .

وعكست صحف البصرة ، كالدستور التي صدرت في 22 كانون الثاني 1912 الوضع السياسي في البصرة ، وخاصة حينما أصبحت البصرة مركزاً من مراكز الحركة القومية العربية المعارضة لحكم الاتحاديين ، وقد أثارت مقالات هذه الجريدة قطاعات واسعة من الشعب ، فاشتدت المعارضة بزعامة السيد طالب النقيب الذي ألّف جمعية الاصلاح والتي طرحت سنة 1913 برنامجاً اصلاحياً متطوراً ذات بعد قومي .

لقد أسهم الصحف والمجلات التي صدرت خلال المدةة من 1908 و 1914 في حركة اليقظة التي شهدها العراق ، واتصف بعضها بالجرأة والاخلاص للقضية الوطنية ، مما عرّض الكثير من أصحابها لمشكلات كثيرة ، خاصةً وإنها كانت تعمل تحت ظل حكومة سيطر على تصرفاتها الاستبداد في كثيرٍ من الأحيان.هذا فضلاً عن الصعوبات الفنية للطباعة، وقلّة القرّاء بسبب تأخر الثقافة وانتشار الأمية ، وتعرض الصحف للتعطيل خلال الحرب العالمية الأولى وتشريد أصحابها وقيام السلطات العثمانية بإصدار صحف مؤيدة لسياستها في التحالف مع الدول المركزية ، ومع هذا فقد قامت الصحافة بدور لا يستهان به في تيقظ الأفكار ، وتوسيع أفق القرّاء بخصوص ما يجري في العالم الذي يعيشون فيه ، من حركات سياسية واجتماعية ، وقد صحب ازدياد الوعي الفكري في العراق نتيجة لجهود الصحافة وغيرها من وسائل التثقيف اتساع في دائرة الوعي السياسي في البلاد .

وبعد الاحتلال البريطاني للعراق ( 1914 ـ 1918 ) لجأ المحتلون إلى استخدام الصحافة كوسيلة للدعاية لحكم وإيهام الناس أنهم " أساطين عدل ورواد حرية " ، ومن ناحية أخرى أخذت الصحف التي صدرت خلال هذه الفترة تُلقي مسؤولية تخلف العراق على عاتق العثمانيين . والمتصفح لأعداد الصحف التي صدرت في عهد الاحتلال يجد أنها لا تخرج عن كونها نشرات أصدرها الإنكليز للترويج لسياستهم وحلفائهم ، ومن هذه الصحف الأوقات البصرية وصدى الحقيقة البغدادية والعرب في بغداد .

لقد شهد العراق بعد إعلان الانتداب البريطاني عليه في 26 نيسان 1920 حركة مقاومة سياسية ، ثم تطورت الحركة إلى ثورة كبرى اندلعت في حزيران 1920 . ولم تكن الصحافة غائبة ، إذ بدأت قيادة الثورة تصدر صحفاً ناضلت مع الشعب ، وأصبحت لسان حال الثوار ، تفصح عن آرائهم وتشرح مبادئهم . وغدت مجالاً لنشر فتاوى رجال الدين وخطبهم في حث الناس على مقارعة المحتلين ، وقد اتجهت إلى فضح أساليب البريطانيين الاستعمارية ، ومن أبرز صحف الثورة جريدة الاستقلال التي صدر عددها الأول في 28 أيلول 1920 ، وكانت بمثابة " منشور وطني حر ، يخدم أقطار العرب عامة والعراقيين خاصة ، يدافع عمّا يدافعون ويطلب بما يطلبون ، ولا يبالي إذا انزعج منه الخائنون ولا ينتسب إلاّ إلى الوطنية الصادقة ، ولا يتكلم إلاّ بما يطابق أقوال الشعب وأفكاره " .

وبعد إخفاق ثورة 1920 بدأ الشعب العراقي يتحسس أهمية " التنظيم " وتوحيد الكلمة من أجل التعبير عن أهدافه ومطامحه الوطنية والقومية ، وبعد تتويج فيصل ملكاً في 23 آب 1921 اشتدت المطالبة بنشوء الأحزاب ، وصدرت الصحف التي أصبحت لسان حال هذه الأحزاب ، واتسمت صحافة هذه المرحلة بالجرأة ، وقامت بدور مهم في تكوين " رأي عام وطني " في العراق بما دأبت عليه من نشر مناقشات ومقالات نقدية للحكومة . وتأتي صحافة الحزب الوطني وصحافة حزب النهضة في طليعة الصحف التي أدت واجبها في تنشيط الفكرة الوطنية للوحدة العراقية ، وفوق هذا أسهمت صحف هذين الحزبين في الاهتمام بالقضية الفلسطينية وفضح النوايا الصهيونية وانتقاد السياسة البريطانية في فلسطين .

وخلال الثلاثينات من القرن الماضي صدرت صحف جادة أبرزها جريدتي الأهالي والعالم العربي ، فلقد كانت جريدة الأهالي بحق جريدة سياسيـة متميزة عبّرت عن فكر جماعة من الشباب المثقف الذين اتفقوا سنة 1931 على توحيـد مساعيهم ، والعمل لتطوير المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً بأسلوب جديد يعتمد الديمقراطية ، وكان أولئك الشباب ومنهم : محمد حديد ، وعبد الفتاح ابراهيم ، وحسين جميل ، يجدون من الجريدة وسيلة ناجحة لنشر أفكارهم ويرون أن المطالبة بالاستقـلال يجب أن تستند إلى الشعـب وأن ذلك يقتضي نشر الوعي السياسي بأساليب عصرية تختلف عن أساليب السياسيين القدامى . أما جريدة العالم العربي التي صدر عددها الأول في 27 آذار 1934 فقـد عرفت بمواقفهـا الوطنية والقومية وسعت من خلال مقالاتها الرصينة لنشر المفاهيم الوطنية ، ومحاربة النعرات الطائفية ، وقد ازداد تأثير هذه الجريدة أبان ثورة 1941 حين أخذت " تمجد الثورة " وتعدها " مظهراً من مظاهر حيوية الأمة العربية " .

ولا يمكن أن نغفل الدور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي قامت به صحافة الحزب الشيوعي الذي يعد من أبرز الأحزاب السرية العراقية وأقدمها ، إذ تأسس سنة 1934 / وقد صدر عند ذاك جريدة سرية باسم ( كفاح الشعب ) . وكان في منهاجه الذي أصدره في حينه ، يؤكد مناداته وعمله على استكمال استقلال العراق والنضال ضد الرجعية والاحتكار والاستعمار والاقطاع الذي يعده مبعث فقر الشعب وبؤسه ، ومن صحافة الحزب كذلك جريدة ( الشرارة ) وجريدة القاعدة وجريدة اتحاد الشعب وكلها صحف سرية ، كما كان الحزب وراء إصدار مجلة الثقافة الجديدة منذ سنة 1954 ولا تزال تصدر حتى يومنا هذا . وقد تعرض الحزب خلال المدة موضوعة البحث لكثير من الضربات والنكسات والانشقاقات في جهازه التنظيمي وانعكس ذلك ، بدون شك ، على صحافته . وفي السياق نفسه كان لصحافة الأحزاب الدينية ، كالأخوان المسلمين ، وحزب التحرير ، وحزب الدعوة الاسلامية ، دورها في نهضة الصحافة العراقية ، وإن كان على المستوى السري الذي تعاظم نشاطه بعد ثورة 14 تموز 1958 مما يتطلب ذكره بحث مستقل .

وكان للأحزاب الكوردية نشاط على الساحة السياسية العراقية خلال المرحلة التي سبقت سنة 1958 ، ولعل من أبرز هذه الأحزاب حزب هيوا الذي تأسس بشكل سري سنة 1939 وأصدر جريدة شورش ( الثورة ) والحزب الديموقراطي الكوردستاني الذي تأسس في 16 آب 1947 وأصدر بضعة صحف منها صحيفة خه بات أي النضال ، وكان لتلك الصحف دور وأهمية كبيرة في المنطقة الكوردية .

أما الأحزاب القومية العربية كحركة القوميين العرب ، فقد برز نشاطها في العراق بعد ثورة تموز 1958 .

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، اضطلعت الصحف الوطنية في العراق بمهمة كشف زيف الانتخابات النيابية التي أجرتها الحكومة خلال الفترة من 1947وحتى 1958، وفضحت الأساليب التي استخدمت تزوير ارادة الناخبين ، لذلك نالـت الصحف الوطنية من جراء هذا الموقف الكثير من الاضطهاد والتعسف ، ولكن هذا لم يمنع هذه الصحف من القيام بدورها ، والذي أدى إلى التمهيـد للانتفاضات الشعبية ، ومنهـا انتفاضة تشرين الثاني 1952 ، حين قامت صحافة حـزب الاستقلال وصحافة الحـزب الوطني الديمقراطي بتبني مطالب العمال والفلاحين ودعوة الشعب إلى النضال ضد النظام الملكي . وقد نشرت العديد من المقالات في هذا المجال ، لذلك كله ضاقت السلطة ذرعاً بها بحيث لم يحل خريف 1954 إلاّ وجميع الصحف الوطنية العلنية قد اختفت ، ولعل من أبرز هذه الصحف جريدة لواء الاستقلال لسان حال حزب الاستقلال وجريدة صوت الأهالي لسان حال الحزب الوطني الديمقراطي .

أما صحف الأحزاب السرية ، فقـد قامت بدورها الوطني والقومي ، فلقد ركزت جريدة " العربي الجديد " التي أصدرها حزب البعث العربي الاشتراكي في تشرين الأول 1953 على قضايا النضال القومي والطبقي ، ثم واصلت جريدة الاشتراكي التي أصدرها الحزب في كانون الأول 1953 المهمة ذاتها ، وسعت في سبيل توضيح ونشر أفكار الحزب وأهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية ، أما صحف الحزب الشيوعي العراقي ، ومنها جريدة كفاح الشعب التي كانت تصدر منذ عام 1935 فقد أولت النضال الطبقي أهمية أكبر من النضال الوطني والقومي ، كذلك تفرغت لنشر برامج الحزب ومتابعة فعالياته .

وكان لتأسيس جبهة الاتحاد الوطني في شباط 1957 من حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال والحزب الشيوعي أثر كبير في دفع حركة الصحافة العراقية باتجاه ترويج أهداف الجبهة وفي مقدمتها اسقاط وزارة نوري السعيد والخروج من حلف بغداد ، وانتهاج سياسة عربية ، لذلك فقد كان لها أثرها في نشر الوعي السياسي وتبصير الشعب بحقوقه ودعوته إلى النضال والتخلص من الحكم الملكي ، وقد تحقق ذلك حين أقدم الضباط الأحرار على تفجير ثورة 14 تموز 1958 وإسقاط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق .

أما في مجال التطور الاقتصادي ، فقد أسهمت الصحف العراقية بذلك منذ نشأتها وأولت الصحافة العراقية القضايا الاقتصادية اهتماماً كبيراً . وتعد مقدمة جريدة الزوراء ، التي نشرت في عددها الأول في 15 حزيران 1869 المفتاح الأساس لدراسة توجهات الصحافة العراقية ازاء القضية الاقتصادية، فلقد ركزت على أن هدف مؤسسيها التغيير، ووضع العراق على عتبة العصر الحديث ، واهتمت بنشر أخبار التطورات الاقتصادية في العالم وتوضيح مدى التقدم التكنولوجي الذي وصلت إليه البشرية آنذاك . وشجعت جريدة الموصل التي صدر عددها الأول في 25 حزيران 1885 المواطنين على القيام ببعض النشاطات الاقتصادية ، ومن ذلك حثهم على زراعة أشجار التوت وتربيتهم لدودة القز لما لذلك من أهمية أقتصادية . كما اهتمت بنشر أخبار السكك الحديد وأهميتها للبلاد ،وحثت الحكومة على مد الخطوط الحديد وربط المدن بعضها ببعض ، وحثت الجريدة العشائر علىالاستقرار وممارسة الزراعة .

أما مجلة إكليل الورود التي صدرت في الموصل منذ كانون الأول 1902 فقـد اهتمت بأخبار الاختراعات الحديثة ووجوب اقتناء المواطنين لها لما فيها من فائدة ، ومن هذه الاختراعات الهاتف والسيارة . كما اهتمت بنشر المعلومات والاحصائيات عن النفط وانتاجه وأهميته في الصناعة الحديثة .

وأبدت جريدة صدى بابل البغدادية اهتمامها بالجوانب الاقتصادية للحياة ، وأشارت في ترويستها أنها صحيفة سياسية تجارية ، وكانت في مقالاتها من العوامل المحفزة للسكان للأخذ بكل أسباب التقدم .

وخلال الاحتلال البريطاني ، عكست الصحف الاتجاهات الاقتصادية للسلطة المحتلة ، كما أسهمت في خلق الأجواء التي تساعد على الاستغلال ،وفوق هذا فقد كانت الصحف خلال هذه الفترة ميداناً لمناقشة موجة الغلاء التي أعقبت انتهاء الحرب . واهتمت الصحف كذلك بنشر أخبار المشاريع الاقتصادية التي أقدمت على إنشائها السلطات البريطانية في العراق لأغراض عسكرية .

وبعد قيـام الحكم الوطني ظهر اهتمـام رسمي وشعبي بشؤون الصحافة باعتبارها من الوسائل الفعالة في النهوض بالبلاد ورفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، وعكست صحافة هذه المدة في مقالاتها طموح البرجوازية العراقية التي أخذت تغتنم كل فرصة لتركيز نفوذها وزيادة حجـم فاعليتها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، وتحولـت بعض الصحافة المحلية ، ولا سيّمـا جرائد الأحـزاب الوطنية المعارضة إلى وسيلة إتصـال بين الجمعيات والتنظيمات النقابية والحرفية وأوسـاط مختلفة من الشعب ، واستمر هـذا التقليد بعد انتهاء الانتداب كذلك. فكانت هذه الصحف تنشر أخبار ونشاط هذه الجمعيات وتعرض مشاكل العمال وتدافع عنهم . وحاول بعض قادة تلك الجمعيات ومنها جمعية أصحاب الصنائع التي تأسست في الأول من تموز 1929 إلى الاستفادة من الصحافة لكسب الرأي العام إلى جانب القضايا التي كانوا يثيرونها في الغالب بأسلوب عاطفي .

وكرست بعض الصحف ، نفسها لإيضاح وسائل " إنماء ثروة العراق وتوسيع نطاق تجارته وزراعته " ، فعلى سبيل المثال استخدمت صحافة الحزب الوطني المؤسس في 25 تشرين الثاني 1920 وحزب النهضة المؤسس في 19 آب 1922 كتابة مقالات تنبه إلى أهمية العمل على صيانة حقوق العراق في مرافقه الاقتصادية .

وكان للصحف التي صدرت في الثلاثينات من القرن الماضي ، دورها في هذا المجال ، فلقد أكدت مثلاً جريدة الأهالي في مقالاتها على أن الوطنية تعني فضلاً عن المطالبة بالاستقلال التام ، العناية الوافية بمصالح الشعب وأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية ، وأن المطالبة بالاستقلال يجب أن تستند على الشعب . وقد تولى الأستاذ محمد حديد كتابة معظم المقالات الاقتصادية في الجريدة ، كما ترجم فصولاً عن آراء اقتصاديين أجانب ،كالأقتصادي المعروف هارولد لاسكي ، وروّج للجمعيات التعاونية ، وساندت الجريدة الدعوة إلى إنشاء النقابات ودعت إلى تأسيس بنك أهلي وعارضت بعض القوانين التي تغمط حقوق الفلاحين .

واهتمت الصحافة العمالية بالقضايـا الاقتصادية ، فمنـذ أواخر العشرينـات من القرن الماضي،فكّر قادة الجمعيات الحرفية والعمالية بضرورة اصدار صحف ذات طابع عمالي تأخذ على عاتقها الدفاع عن القضايا والنشاطات العمالية ، ولقد تحولت الصحافة العمالية ، وفي مقدمتها جريدة العمال التي صدرت ببغداد منذ 8 أيلول 1930 إلى إحدى المستلزمات الضرورية للنضال الناجح . ولقد ربطت بعض هذه الصحف في مقالاتها بشكل جيد بين الاستعمار والواقع المزري للفئات الكادحة في المجتمع العراقي آنذاك . كما أنها أسهمت في تنمية الوعي بين العمال والذي تحول بعد ذلك إلى رافد مهم من روافد الحركة الوطنية في العراق كله .

وبعد عودة الحياة الحزبية العلنية في العراق سنة 1946 ، اهتمت صحف المعارضة بالقضايا الاقتصادية ، كما أصدرت القوى الوطنية والقومية التقدمية صحفاً سرية لدعم نضال العمال والفلاحين.ولعل من أبرز الصحف التي صدرت جريدة: " وعي العمال " التي أصدرها حزب البعث العربي الاشتراكي . ولقد أسهمت هذه الجريدة في توعية الجماهير العمالية ، وتعبئتها للدفاع عن حقوقها المشروعة . أما جريدة العربي الجديد التي أصدرها الحزب سنة 1953 ، فقد كرّست صفحاتها لقضايا النضال الوطني والقومي والطبقي ، وقد سمى الحزب جريدته بعد ذلك باسم " الأشتراكي " تأكيداً للصفة الاقتصادية والاجتماعية له ودور الطبقات الشعبية في النضال . كما استفاد الحزب من جريدة ( الحرية ) التي كانت تصدر ببغداد منذ 19 تموز 1954 لنشر برنامجه في قلب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإقامة المجتمع الجديـد . ولقد بثت الجريدة الوعي بيـن الكادحين وأيـدت نضالهم للوقوف بوجه المستغلين ، وفضحت استغلال الشركات الاحتكارية وطالبت باجازة التنظيمات النقابية ونبهت إلى أن أي نجاح جعل لمصالح الكادحين الغرب وفي مقدمتهم العمال لابد أن يكون مدفوعاً بدوافع طبقية يهمها ابقاء الاستغلال واستمرار الجشع . ودعت الجريدة إلى حل مشكلة البطالة ورفع مستوى الأجور ، وهاجمت الاقطاع وطالبت بتطبيق مقولة" الأرض لمن يزرعها" .

ومهما يكن في أمر ، فقد كان لهذه الجريدة وغيرها من الصحف أثر كبير في نشر المقالات ذات الطابع الاقتصادي ، والتي أدت إلى توسيع الاهتمام بهذا الجانب المهم من جوانب الحياة في العراق .


أما في مجال التطور الاجتماعي ، فقد كان للصحافة العراقية أثرها الكبير ، فعندما صدرت أول جريدة رسمية في العراق في 1869 حاول مؤسسها مدحت باشا إيجاد مجتمع عراقي يضاهي المجتمعات المتقدمة آنذاك . لذلك فقد أوعز إلى محرري الجريدة إلى أن يتخذوا من صفحاتها وسيلة لإفهام العراقيين أن هناك أنظمة وقوانين ، مما هيأ الأذهان إلى الاستقرار ، وشجع الناس على نقد الموظفين الإداريين . إلاّ أن هذه الحال لم تدم طويلاً ، فقد عزل مدحت سنة 1872 وأعقبه ولاة كثيرون عمدوا إلى طمس المعالم الإصلاحية التي قام بها فتغيرت خطة الزوراء وفق أهواء الولاة .

ومع هذا فقد نشرت الجريدة مقالات عديدة نبهت القرّاء إلى الاهتمام بالصحة ، واتخاذ الاحتياطات اللازمة أثناء انتشار الأوبئة ، وهاجمت الجريدة في بعض أعدادها المسؤولين عن تنظيف محلات بغداد وأتهمتهم بعدم العناية بالنظافة . أما جريدة الموصل فقد نقلت على صفحاتها ما يتعلق بحياة الناس اليومية وكان لها أثر في توعية الأهالي صحياً واجتماعياً ، وذلك بما كانت تنشره من المقالات الاجتماعية والصحية .

وكرّست مجلة إكليل الورود صفحاتها للعناية بمواد التوجيه والارشاد وبوسائل عديدة منها نشر القصص ذات الطابع الديني الانساني . وحذت مجلة زهيرة بغداد التي صدرت ببغداد في 25 آذار 1905 حذوها، وخاصةً من حيث معالجة القضايا الاجتماعية بأسلوب وعظي ديني .

وكان للحرية النسبية التي تميزت بها المرحلة التي أعقبت صدور الدستور العثماني في 23 تموز 1908 أثر كبير في اهتمام الصحف بالقضية الاجتماعية . وكانت جريدة صدى بابل على سبيل المثال ، من خلال مقالاتها تعبر عن رغبات الشعب العراقي وسعيه للمطالبة بالعدل وإصلاح شؤونه الاقتصادية والاجتماعية . أما جريدة الرقيب فقد أفسحت بعض صفحاتها لمناقشة مسألة " حرية المرأة وسفورها " وتابعت الضجة التي أحدثتها مقالة جميل صدقي الزهاوي الشاعر المعروف والتي نشرها في جريدة المؤيد المصرية سنة 1910 ، ودعا فيها إلى إعطاء المرأة المسلمة حق الطلاق . وقد نشر الزهاوي في جريدة الرقيب مقالاً قال فيه أنه سعى في " كل كتاباته اصلاحاً اجتماعياً للأمة " .

ولقد أسهمت جريدة النجاح الموصلية في الدعوة إلى التمسك بالدستور ، والسعي لإصلاح الأوضاع الاجتماعية . وتعد مجلة خردلة العلوم التي صدر عددها الأول في تشرين الثاني 1910 ، وكان صاحبها رزوق عيسى يطمح لأن تؤكد رغبة العراقيين في بناء مجتمع جديد ، لذلك نـراه يكتب مرة قائلاً " العراق … لم ينتبه أحد لحالته التي يرثى لها ويبكي على ما وصل إليه من التقهقر والانحطاط … وهذا ما جعلني أنهض من سباتي إلى إنشاء مجلة تلتقح بموادها أولي الألباب والذكاء الفطري من أهل البلاد " ، ورغم دعـوة صاحب مجلة خردلة العلوم إلى تبني العلم والانفتاح على الحضارة ، إلاّ أنه كان ضد تحرر المرأة ، فقد كتب مثمناً كتاب " السيف البارق في عُنق المارق " لمحمد سعيد النقشبندي والذي يدعو إلى وجوب تسلط الرجل على المرأة ورضوخها له وفوائد ذلك المجتمع ، وكشف الحجاب وما ينتج عنه من الأضرار الأدبية والمادية . ويقول صاحب المجلة في هذا الصدد : " فنثني على حضرته لما جاء بها من الأفكار السديدة التي تلائم روح العصر والمصر الذي نحن فيه…" .

أما مجلة لغة العرب ، التي صدر عددها الأول في بغداد في تموز 1911 فقد اهتمت بالسِيَرْ الاجتماعية وتتبع اللهجات المحلية ، ودراسة الأمثال الشعبية . ولقد أسهم في تحريرها نخبة من الأدباء والكتّاب العراقيين والعرب منهم : أحمد حامد الصراف ، ويعقوب سركيس ، ومعروف الرصافي ، ومحمود الملاح .

وخلال الاحتلال البريطاني نشطت جريدة دار السلام البغدادية التي صدر عددها الأول في الثالث والعشرين من حزيران 1918 بإظهار المساوئ الاجتماعية للحكم العثماني . واهتمت جريدة الموصل اهتماماً كبيراً بالقضايا الاجتماعية كدور المرأة وقضية التعليم . كما عالجت بعض مشاكل الأهالي الاجتماعية والصحية . فعلى سبيل المثال أصبحت قضية تعليم المرأة وتحريرها تشغل أذهان المثقفين في الموصل ، فهذا مثلاً علي الجميل ، وهو كاتب موصلي معروف يكتب مقالاً بعنوان " المرأة والمعارف " نشر بتاريخ 17 كانون الثاني 1921 جاء فيه أن من " الحكمة أن لا يقتصر الرجل على قسر أبنائه على عاداته ، فإنهم خلقوا لزمان لم يخلق له هو ، وما زال الأقدمون سامحهم الله يقولون أن تعلم البنات باعث لإفسادهنَّ "ويتساءل قائلاً : " وأي امرأة رضعت لبان العلم والحكمة والدين وفسدت أخلاقها؟ " ويجيب " ولا أظن أن تلك الأقوال والتصورات إلاّ منبعثة عن عادات قديمة وخيالات واهية … جاهلين مغزى طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " . وبعد ذلك يتطرق إلى وظيفة المرأة فيقول : إنّ المرأة لم تخلق " لتكون مستقر هوى ومتاعاً حسناً ، إنما خلقت لتكون عاملاً في الهيئة الاجتماعية … " .

أما مجلة النـادي العلمي التي صدرت في الموصـل منذ 15 كانون الثاني 1919 فقد عالجت موضوعات اجتماعية عديدة وعكسـت اهتمام المثقفين الموصليين بالمرأة وضرورة تعليمها . ومن ذلك مقال نشر فيها بعنوان : " فتاة تخاطب قومها " جاء فيه " طال الرقاد فمتى الإفاقة " بقلم فتاة دجلة . وقد تضمن المقال إشارة إلى دور المرأة في بناء المجتمع واستنهض المقال همم النساء ، كما دافع المقال عن حرية المرأة وتحدث عمّا أسمته بقضية المرأة الموصلية ، وحثَّ على ضرورة اكتساب العلوم والآداب والفنون . كما نشرت مقالات أخرى حول أهمية العناية بتربية الأطفال ، وأهمية الزواج ، والتنديد بالعزوبة باعتبارها من أكبر عوامل الفناء .

وسعت مجلة اللسان التي صدرت ببغداد منذ تموز 1919 إلى كتابة المقالات التي تذكر بماضي الأمة العربية وحضارتها . وحيث صدرت جريدة الاستقلال في بغداد في 28 أيلول 1920 دعت إلى التآخي والتكاثف الاجتماعي وحذرت المواطنين من دسائس الأجنبي الذي يستهدف الوحدة الوطنية بثبته الفرقة بينهم .

أما صحافة الأحزاب المعارضة والمتمثلة بصحافة الحزب الوطني وحزب النهضة وحزب الشعب وحزب الأخاء الوطني ، فقد اهتمت بالنواحي الاجتماعية ، وعكست في مقالاتها الافتتاحية بعض الأمور الاجتماعية،ومنها التركيز على أهمية الوحدة الوطنية واصلاح أوضاع العراق الاجتماعية والاقتصادية .

وهنا لابد من الإشارة إلى أن أحزاب المعارضة في العشرينات من القرن الماضي ، لم تولِ القضية الاجتماعية ما تستحقه من اهتمام ، فعلى الرغم من مطالبتها بالحريات الدستورية وتعديل المعاهدات ، إلاّ أنها تجاهلت ، على سبيل المثال مسألة حرية المرأة ومنحها حقوقها السياسية ، وقد يكون ذلك بسبب اهتمامها بالمسألة السياسية وضعف اهتمامها آنذاك بالمسألة الاجتماعية . ويتضح ذلك من خلال مراجعة الصحف التي ارتبطت بتلك الأحزاب،فعلى الرغم من أن جريدة الاستقلال ، وكانت على صلة بالحزب الوطني قد اهتمت بالتأكيد على الاستقلال السياسي إلاّ أنها رفعت لواء المعارضة للتيارات التي دعت إلى السفور .

وفي الثلاثينات ، ظهرت صحف أخرى ، اهتمت بالنواحي الاجتماعية ، ولعل من أبرز هذه الصحف ، جريدة الأهالي التي سعت منذ صدورها يوم 2 كانون الثاني 1932 إلى ضرورة العمل على تطوير المجتمع العراقي بأسلوب جديد يعتمد الديمقراطية . وقد نشرت مقالات عديدة عن الجمعيات التعاونية ، وعارضت قانون دعاوي العشائر ودعت إلى إلغائه ودعت إلى حرية الاجتماع والتظاهر ، وكافحت كل المظاهر المخالفة للدستور والديمقراطية .

وخلال هـذه الفترة كذلك ، عكست بعض الصحف همـوم الناس الاجتماعية من خلال الكاريكاتير والنقد الهزلي ، ولعل من أبرز هذه الصحف جريدة كناس الشوارع التي صدر عددها الأول في نيسان 1925 ، وكانت جريدة " هزليـة " انصبَّ نقـدها على شؤون الحياة المختلفة التي أدت إلى تأخر العراق . وقد دارت معظم مقالاتها على مسألة النظافة وإنارة الشوارع وتبليط الطرق وكشف المتلاعبين بقوت الشعب . كما انتقدت الخرافات والبدع ودعت إلى تربية الجيل وتنشأته تنشئة اجتماعية عصرية .

وشهدت الصحافة العراقية ، ظهور الصحافة النسوية ، وأول مجلة نسوية صدرت في العراق كانت مجلة ( ليلى ) التي كرست صفحاتها لنشر المقالات الداعية إلى تحقيق ما أسمته بـ " نهضة المرأة العراقية " . ودور المرأة في نظر المجلة ينبغي أن لا يقتصر على تقديم المرأة أعداداً من ( الأولاد ) الذين سيخدمون الأمة . وأبدت المجلة أسفها لما أسمته بالخسارة العظمى التي تتكبدها بلادنا بحرمان المرأة من التعليم ، وعتبت على النساء اللواتي لم يتكاتفن لإنقاذ أنفسهن من هذه الحالة الكئيبة " المخجلة " التي قالت بأنها ما عادت تطاق . كما انتقدت الرجل في تماديه وإهماله المرأة وتركها في حالة الجمود .

ومع أن مجلة ( ليلى ) لم تحدد هدفاً معيناً من وراء النهضة النسوية التي بشرت بها ، وإنما اكتفت بأهداف عامة غامضة . ولم تجرؤ على الدعوة إلى السفور ، بل بالعكس من ذلك أسرعت في العدد الثالث منها تنفي عن نفسها هذه التهمة فقالت ان مهمتها أرفع من الدعوة
"
إلى رفع الحجاب والتمسك بالسفور والأزياء الغريبة " .

وبعد ثلاث عشر عاماً كاملة برزت مجلة نسوية أخرى ، تلك هي مجلة ( المرأة الحديثة ) سنة 1936 ، وكان صدور هذه المجلة حدثاً بارزاً في تاريخ الصحافة العراقية النسوية ذلك أنها دعت منذ عددها الأول إلى " تحطيم قيود التقاليد البالية والعمل على إعادة المرأة إلى سالف عزها وعدم التفريق بينها وبين الرجل ".وكان أهم ما يميزها طابعها الناقد،ولاستخدامها للكاريكاتير في معالجة الكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية كإجبار الفتيات على الزواج ممن لا يرغبن ، وارتفاع المهور ، والعزوبية ، وقد طالبت بسن قانون للزواج الأجباري .

ودعـت مجلة المرأة الحديثة كذلك إلى بعث روح التجـدد الصالح ونبذ كل ما هو غير مستحسن ومحمود ، وقد التزمت المجلة بنضال المرأة في كل مكان في العالم ولم تغفل المجلة الدعوة لتشجيع المرأة على النزول إلى ميدان العمل جنباً إلى جنب مع الرجل . ومن أجرأ ما تناولته المجلة موضوع القمار الذي كان متفشياً يومذاك في بعض بيوتات الطبقات الخاصة في بغداد ، فقد دعت إلى محاربة تلك الرذيلة دون هوادة . وفي أسلوبها لإصلاح أوضاع المرأة دعت المجلة إلى مقاطعة الدجالين والمشعوذين الذين ينشرون الخرافات في المجتمع .

كما صدرت جريدة نسوية أخرى باسم ( فتـاة العـرب ) ، وقد كرست الجريدة صفحاتها للدعوة الملحة لتعليم المرأة الريفية في وقت لم تكن فيه المتعلمات في المدينة نفسها إلاّ قلّة .

أما الصحافة العمالية التي ظهرت في العراق ، فقد عكست أوضاع العمال ومعاناتهم وأسهمت هذه الصحف في توعية الجماهير العمالية وتعبئتها للدفاع عن حقوقها المشروعة . وقد اهتمت جريدة وعي العمال التي أصدرها بصورة سرية المكتب الثقافي لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق ، وكانت تطبع بالرونيو سنة 1959 بوحدة الطبقة العاملة العربية ، وأدانت كل محاولات انتهاك حرمة العمل النقابي والفصل الكيفي . كما وقفت موقفاً صلباً من قضايا النضال القومي والطبقي على امتداد ساحة الوطن العربي الكبير ، كما أنها وقفت مع عمال العالم في نضالهم من أجل الحريبة والتقدم والسلام .

وكانت الصحافة العراقية منذ أواخر العشرينات ميداناً لمعركة ( السفور والحجاب ) التي شهدتها الحياة الاجتماعية في العراق ، ولقد بدأت هذه المعركة حين خرجت فتيات مدرسة البارودية الابتدائية للبنات مرتديات زي الكشافة لاستقبال الأمير غازي بن الملك فيصل الأول عندما قدم لأول مرة بغداد من الحجاز ، فقامت الأوساط المحافظة وقعدت لهذه البادرة ، فأنبرت إحدى الصحف تهاجم مديرة المدرسة ، وتنحو عليها باللوم وتنتقد هذا العمل الذي أقدمت عليه ، وتعده خروجاًُ عن الفضيلة وثورة على الآداب ، وأسرع كاتب اسمه حسين الرحال ، وكان معروفاً بآرائه التقدمية يرد على هذا الاتهام الذي أثاره شخص محافظ هو جميل المدرس ، وكان أخذ ورد وجدل ونقاش تطور بعد ذلك إلى معركة حامية دارت حول موضوع " السفور والحجاب " .

أما أنصار السفور في هذه المعركة فكانوا قلّة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد بينهم مصطفى علي ، ومحمود أحمد السيد ، وسامي شوكت ، وحسين الرحال ، وسليم فتاح ، وكلهم في سن الشباب . واما أنصار الحجاب فكثيرون يصعب حصرهم ويعسر تعدادهم بينهم محمد بهجة الأثري ، وتوفيق الفكيكي ، ومصطفى القاضي ، ومحمد رشيد المدرس ، وحسين الطريفي ، وغيرهم .

اقتصرت المعركة بادئ بدء في مجال محدود من الصحف ، فاتجهت جريدة العراق بصفة خاصة إلى جانب السفور فانتصرت لدعاته ، وأفسحت صفحاتها لأقلامهم . واتجهت جريدة أخرى ، هي البدائع إلى جانب الحجاب ، وشاركت صحف أخرى في هذه المعركة ، وقد اتهم ( الحجابيون ) دعاة السفور بالخلاعة والمجون والخروج عن الإسلام وأحكام الشريعة ، وردّ ( السفوريون ) على هذه الاتهامات بمثلها وأتهموا الحجابيون بالرجعية والجمود والأنانية .

وحين ظهرت أمام دُعاة السفـور بعض الصعوبات ومنها امتنـاع الصحف عن نشـر ما يريدون نشرع عمدوا إلى إصدار مجلة " الصحيفة " في 28 كانون الأول 1924 ، وقد أخذت هذه المجلة على عاتقها مواصلة الدعوة إلى السفور ، واستطاعت كما يقول الأستاذ خيري العمري ، على صغر حجمها وبساطة إخراجها " أن تهز الأوساط المحافظة وتزعزع بعض القيم القديمة السائدة ، فقد تمكنت أن تعكس على أعمدتها أحدث الآراء في التاريخ والأدب والسياسة والاقتصاد ، وعلى صفحاتها تتبع العراقيون نهضة المرأة المصرية وعلى أعمدتها طالع ما ترجمته لهم عن أحرار الفكر … " ، ولقد أسهم في تحريرها ساطع الحصري ، ومصطفى علي ، وطالب مشتاق ، ومحمود أحمد السيد ، ومحمد بسيم الذويب .

ومع أن العهد لم يطل بالصحيفة إلاّ أن الأثر الذي تركته في الأذهان والتمهيد لخلق مفاهيم جديدة ، ونقل التطورات الاجتماعية في العالم كان عميقاً ، ولا سيما عند الناشئة في شباب العراق ، لذلك لم يمر زمن طويل حتى ارتفعت بعض الأصوات النسائية الناعمة تدعو إلى التحرر والعناية بحقوق المرأة وتلح بسفورها وضرورة إفساح المجال أمامها للدخول إلى معترك الحياة .

وخلال المرحلة من 1941 وحتى 1958 ناضلت الصحافة الوطنية في العراق من أجل تحسين ظروف العراقيين الاجتماعية والاقتصادية والثقافية . ونشرت العديد من المقالات في هذا المجال ، وكثيراً ما كانت السلطة تضيق بها لتمنعها من الصدور .

أما صحافة الأحزاب السرية ، فقد كرّست بعض صفحاتها لتوضيح مواقفها من القضايا الاجتماعية ، كتجربة ( العربي الجديد ) التي أصدرها حزب البعث العربي الاشتراكي مثلاً نشرت على صفحاتها مقالات توضح وجهة نظر الحزب في محركات الواقع العربي المتمثلة بمسألة النضال القومي والنضال الطبقي . كما استفاد الحزب من جريدة ( الحرية ) التي صدرت يوم 19 تموز 1954 في توضيح أهدافه في بناء المجتمع العربي الجديد ، وأوجدت
(
الحرية ) صفحات وأبواباً خاصة استهدفت من ورائها بث الوعي بين الكادحين ، وتأييد نضالهم للوقوف بوجه المستغلين والشركات الأجنبية ، وطالبت بإجازة التنظيم النقابي للعمال ونبهت إلى أن أي تجاهل لمصالح الكادحين العرب وفي مقدمتهم العمال ،لابد أن يكون مدفوعاً بدوافع طبقية يهمها بقاء الاستغلال ،واستمرار الجشع ، ودعت الجريدة إلى حل مشكلة البطالة ورفع مستوى الأجور ، وناقشت حقوق الفلاحين وهاجمت الإقطاع ، ودعت إلى توةزيع الأراضي لأصحابها الحقيقيين .

أما في مجال التطور الثقافي ، فكان للصحافة العراقية دورها المتميز ، فمنذ صدور الزوراء ، فإن الجريدة أفسحت المجال لفريق من الكتّاب والأدباء العراقيين لكي يعبروا عن أنفسهم من خلال صفحاتها ، وكان من أبرز هؤلاء أحمد عزت باشا الفاروقي الموصلي ، وعبد الحميد الشاوي ، ومحمود شكري الآلوسي .

وحفلت مجلة " إكليل الورود " الموصلية التي صدرت سنة 1902 بمواد التثقيف وبوسائل عديدة منها نشر القصص القصيرة ذات الطابع الإنساني .
  وعالجت مجلة"  زهيرة بغداد"  كذلك بعض المباحث الأدبية .

وحرصت الصف التي صدرت بعد الانقلاب العثماني سنة 1908 على اللغة العربية وآدابها . فعلى سبيل المثال كرّست جريدة الرقيب (البغدادية) التي صدر عددها الأول في 28 كانون الثاني 1909 صفحاتها للدفاع عن اللغة العربية " بعدما أراد الأتراك القضاء عليها ليسهل عليهم تتريك العناصر العربية ، وقد عكست مقالات صاحبها دعوة الناس الحكومة الجديدة لإنصاف اللغة العربية وإدخالها في المدارس . أما جريدة النهضة التي صدرت ببغداد في 3 تشرين الأول سنة 1913 لتكون لساناً للنادي الأدبي الذي أسسه جماعة من المثقفين أمثال : بهجت زينل ، والشيخ محمد رضا الشبيبي ، فقد اشتدت مطالبتها بإبراز شخصية الأمة العربية وكيانها ، وفي الموصل انصرفت جريدة النجاح التي صدر عددها الأول في 12 تشرين الثاني 1911 إلى نشر مقالات متسلسلة بتوقيع ( عربي )  وهو اسم مستعار لخير الدين العمري تحث فيها على ضرورة تدريس اللغة العربية في المدارس ، وكذلك إلى توجيه الأنظار إلى التاريخ العربي ودعت الشباب إلى قراءته والنظر فيه نظرة تدقيق وإمعان وأخذت تشير إشارات صريحة إلى ما تشهده مصر وسوريا من نهضة فكرية . كما حاولت الجريدة أن تلفت أنظار الحكومة إلى أهمية التعليم والثقافة ، ووجهت نقداً قاسياً إلى حملة الأقلام من الموصليين الذين يكتبون مقالاتهم باللغة التركية على صفحات الجرائد ، وحمّلت الحكومة مسؤولية عدم الاهتمام باللغة العربية .

ونددت جريـدة الدستور البصرية التي صدرت منذ 22 كانون الثاني 1912 بالحكومة لإهمالها لغة السكان أي اللغة العربية ، واهتمت مجلة العلم التي صدرت في النجف الأشرف في 29 آذار 1910 بالنقد الأدبي وخصصت مجلة خردلة العلوم التي صدر عددها الأول في تشرين الثاني 1910 باباً لعرض الكتب ونقدها ، كما اهتمت بالقصة والرواية . وتعد الرواية التي نشرتها بعنوان " فتـاة بغـداد " أول رواية عراقية تنشر في العصر الحديث .

أما مجلة لغة العرب التي صدر عددها الأول في بغداد في تموز 1911 فكانت مجلة شهرية أدبية علمية تاريخية ، وقد رأس تحريرها انستاس ماري الكرملي ، وتعد المجلة من أشهر المجلات الأدبية الرصينة ، وقد أدت المجلة خدمة كبيرة للغة العربية والثقافة العربية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...