الدكتور رياض
الاسدي مؤرخا
ا.د.إبراهيم
خليل العلاف
أستاذ
التاريخ الحديث –جامعة الموصل
من المؤرخين العراقيين المعاصرين الذي
تعاملوا مع الثقافة الرقمية منذ بواكير دخولها العراق. وقد قرأت له العديد من
الدراسات والبحوث والمقالات، وأتابع مقالاته الجميلة التي ينشرها في موقع الحوار
المتمدن وهو الموقع نفسه الذي لي فيه منذ سنوات موقعا فرعيا بلغ قرائه الالاف وهذا
ما افخر به دائما .
الدكتور رياض جاسم محمد الاسدي ليس مؤرخا فحسب ، بل كاتبا متميزا وروائيا وقاصا مبدعا ،وصحفيا جيدا كثيرا ما يعود إلى التاريخ والتاريخ الحديث خاصة،
لترصين كتاباته وإعطاءها عمقا زمنيا وله طريقة خاصة في الكتابة تعتمد أحيانا"
السخرية المرة " في إيصال الفكرة . وتظهر لديه هذه الميزة عندما يتناول في
مقالاته شأنا سياسيا .وفوق هذا فهو يضع أطروحاته في إطارها التاريخي المناسب .
ولد في البصرة سنة 1954
ودخل مدارسها الابتدائية والمتوسطة والإعدادية وبعد نيله الشهادة الثانوية دخل قسم
التاريخ بكلية التربية –جامعة بغداد وحصل على البكالوريوس في التاريخ سنة 1978 ولم
يقف عند هذا الحد بل واصل دراسته العليا وحصل على الماجستير في التاريخ الحديث من
كلية الآداب –جامعة بغداد سنة 1988 وكان
عنوان رسالته : "
تطورات عمان الداخلية وعلاقاتها
الخارجية 1857-1888
".
في
مطلع سنوات السبعينات من القرن الماضي كان يكتب العديد من المقالات في
الصحف والمجلات، لكنه أضطر للتوقف عن النشر بين 1979و1984وكذلك بين 1989-1997 بسبب نشاطه السياسي المناوئ للنظام السابق
ونقله من عمله مدرسا في معهد إعداد المعلمين في البصرة إلى التعليم الثانوي المسائي واعتقاله سنة 1991
.وبعد إطلاق سراحه حاول الهرب خارج العراق إلا أن السلطات ألقت القبض عليه مع أسرته
في تشرين الأول سنة 1996 وحكم عليه بالسجن للسنتين 1996-1997 ، وحرم من البطاقة التموينية
المعتادة وصودرت أمواله المنقولة وغير المنقولة وتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي لفترة طويلة وكان رفضه لما كان يجري في البلاد ،
سببا فيما تعرض له ومع هذا حاول ان يغذ السير باتجاه إكمال دراسته والحصول على
الدكتوراه وقد تم له ذلك سنة 2002 وكان عنوان أطروحته للدكتوراه : "سياسة
التحديث في سلطنة عمان 1970-1981 " وقد نوقشت الأطروحة ونالت تقدير جيد جدا .
نقل للعمل مدرسا في كلية الآداب –جامعة
البصرة ورقي إلى مرتبة أستاذ مساعد سنة 2001 لكن سرعان ما فصل من الجامعة واتجه
للعمل الحر. وقد أعيد إلى الجامعة وعمل
للمدة من 2003-2006 رئيسا لقسم الدراسات السياسية والإستراتيجية في مركز دراسات
الخليج العربي .ويعمل عند كتابة هذه السطور رئيسا لقسم الدراسات السياسية
والإستراتيجية في مركز الدراسات الإيرانية . نشر العديد من البحوث العلمية في
مجلات أكاديمية معروفة كما كانت له مقالاته ودراساته . ولما كان الرجل أديبا وروائيا فقد نشر جانبا
من أعماله منها على سبيل المثال روايته :"بوابة البحر "
التي صدرت عن دار الشؤون الثقافية ببغداد والتابعة لوزارة الثقافة والإعلام سنة 1985 وحازت الجائزة الأولى لمسابقة الرواية
العراقية لسنة 1984 .كما نشرت له دار الشؤون الثقافية سنة 1988 مجموعة قصصية بعنوان : " اليوم
السابع للريح " .وفي سنة 2003 صدرت له عن دار الشؤون الثقافية روايته الثانية : "
لغات عائشة " .وللدكتور الاسدي بضع أعمال روائية وقصصية تنتظر النشر منها سبع
روايات وخمس مجموعات قصصية نشرت أجزاء منها على الشبكة العالمية للمعلومات وفي بعض
الصحف والمجلات الأدبية العراقية المعروفة .
الدكتور الاسدي عضو في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق وعضو
في اتحاد كتاب الانترنت العرب وعضو في
منظمة كتاب بلا حدود وناشط في حقوق الانسان .. وهو ينشر مقالاته ودراساته في كثير من المواقع الالكترونية ويحتفظ حاليا
ببعض الأعمال التاريخية ودراسات ومخطوطات في قضايا التاريخ والفكر السياسي .
كتب عن الجامعات والتعليم العالي في العراق ودعا الى استقلالية الجامعات وأبعادها
عن كل تأثير سياسي وله رأي واضح في الديمقراطية فهو يقول أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات وتعددية وبرلمان وأحزاب وتداول سلمي للسلطة، هذه
مظاهر وآليات ضرورية للديمقراطية، لكن الديمقراطية في مضمونها النهائي تربية
وثقافة اجتماعية وسياسية قبل أي شيء آخر، مثلما هي احترام للرأي المغاير واستبعاد
دائم للعنف بكل صوره وأشكاله .وقد كتب مرة مقالة امتدح فيها تجربة حزب الوفد
المصري المؤسس منذ سنة 1919 وقال إن هذا الحزب الليبرالي القديم كان قد حلّ في عام 1953 في إثر الانقلاب العسكري في 23يوليو/تموز1952 وتلك كانت البداية
البائسة للعسكرتاريا العربية المعاصرة. لكن الوفد عاد إلى العمل السياسي في منتصف
الثمانينات من القرن الماضي. ورغم إن هذا الحزب لم يحقق نجاحا واضحا كما هو الحال
في معظم الأحزاب التاريخية في العالم العربي، لكنه واصل العمل السياسي الجاد في
هذه الأيام وقام بتجربة سياسية مهمة تتعلق بحياته الداخلية حيث جرت انتخابات ساخنة
بين شخصيتين سياسيتين فيه هما الدكتور محمود أباظة رئيس الحزب ومنافسه الدكتور
السيد البدوي فنتج عن تلك الانتخابات الجمعية العمومية للوفد والبالغ أعضاؤها 2200
شخصا -اشترك 1500 منهم - حيث فاز السيد البدوي برئاسة الحزب بفارق أكثر من
ثلاثمائة صوت. وكونت هذه التجربة بداية مهمة لضرورة الديمقراطية في حياة الأحزاب
الداخلية، فلا يمكننا أن نتصور حزبا لا يمارس الديمقراطية في داخله يمكنه أن يكون
ديمقراطيا بعد فوزه بالسلطة لأن فاقد الشيء لا يعطيه أبدا.ويقف الدكتور الاسدي
عند الدكتور علي شريعتي ويصفه بأنه "
منظر الثورة الإسلامية الإيرانية المعاصرة " ، ويقول في مقالة كتبها : "كان
الدكتور علي شريعتي مجسدا حقيقيا للفكرة
القديمة الجديدة التي قال بها سقراط : وهي أن المعرفة أساس كلّ فضيلة... فالعالم
لا يكون عالما ما لم يكن فاضلا في تصوراته وسلوكه. ولذلك كانت الروح الفلسفية
العالية والمنظمة أخلاقيا هي التي تتحكم بفكر وسلوك علي شريعتي. ومن هنا فإن
شريعتي كان متأثرا جدا بشخصية سقراط وطريقة حياته الشخصية ومن ثم الدفاع عما يعتقد
به حتى وإن كلفه ذلك ....
هاجر دكتور شريعتي من إيران وعاش في المنفى سنوات طويلة ثم عاد طواعية إلى إيران متحملا كلّ النتائج المترتبة على ذلك؛ وهذا ما لم يقم به منفيا سياسيا من قبل، إذ كان شريعتي يرى دائما إن الجهاد الحقيقي يكون في داخل البلاد وليس في خارجها مما حمله على العودة إلى بلاده مخاطرا بحياته.
عاصر شريعتي حركات التحرر العربية والعالمية في عقد الستينات من القرن الماضي. وتأثر بقوى اليسار وخاصة فيلسوف الطلبة (فرانتز فانون) الأفريقي المولد وصاحب الكتاب الشهير "المعذبون في الأرض " . لكن شريعتي ، على الأغلب ، لم يغير ثوابته المتعلقة بتجديد الفكر الإسلامي من خلال نظريته الأساسية وعمله السياسي. وبعد عودته إلى إيران وبقرار شخصي منه كون شريعتي من جديد معلما معارضا للنظام الملكي المستبد . وقد .
كوّن اغتيال دكتور علي شريعتي سنة 1977 في لندن من (السافاك) الإيراني – في مؤامرة مخابراتية على الأرجح- سببا مهما في اندلاع الاضطرابات الكبرى التي اجتاحت إيران عشية الثورة والتي نتج عنها قيام الثورة الإيرانية.
هاجر دكتور شريعتي من إيران وعاش في المنفى سنوات طويلة ثم عاد طواعية إلى إيران متحملا كلّ النتائج المترتبة على ذلك؛ وهذا ما لم يقم به منفيا سياسيا من قبل، إذ كان شريعتي يرى دائما إن الجهاد الحقيقي يكون في داخل البلاد وليس في خارجها مما حمله على العودة إلى بلاده مخاطرا بحياته.
عاصر شريعتي حركات التحرر العربية والعالمية في عقد الستينات من القرن الماضي. وتأثر بقوى اليسار وخاصة فيلسوف الطلبة (فرانتز فانون) الأفريقي المولد وصاحب الكتاب الشهير "المعذبون في الأرض " . لكن شريعتي ، على الأغلب ، لم يغير ثوابته المتعلقة بتجديد الفكر الإسلامي من خلال نظريته الأساسية وعمله السياسي. وبعد عودته إلى إيران وبقرار شخصي منه كون شريعتي من جديد معلما معارضا للنظام الملكي المستبد . وقد .
كوّن اغتيال دكتور علي شريعتي سنة 1977 في لندن من (السافاك) الإيراني – في مؤامرة مخابراتية على الأرجح- سببا مهما في اندلاع الاضطرابات الكبرى التي اجتاحت إيران عشية الثورة والتي نتج عنها قيام الثورة الإيرانية.
وتأسيس الجمهورية الإسلامية سنة 1979
ورغم أن شريعتي لم يشهد أحداث الثورة في إيران إلا إن أسمه يبقى محفورا
بقوة في الذاكرة الإنسانية .
والدكتور الاسدي –كأي مؤرخ
عراقي –يحرص على إتباع المنهج العلمي ويرجع في كتاباته الى المصادر الأصيلة ويحلل
ويناقش الروايات ويقارنها مع بعضها البعض للوصول إلى الحقيقة التاريخية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق