بشير اللوس 1905- 1967 والطيور في العراق
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
بشير الياس اللوس، يعد من رواد علم الحيوان في العراق واتذكر، منذ أن كنا اطفالا، أن بشير اللوس ارتبط ذكره بمتحف التاريخ الطبيعي، فهو الذ ي أسس سنة 1946 أول متحف للتاريخ الطبيعي في العراق وأصبح أول مدير له وقد تعهد بان يجعله في مصاف المتاحف العالمية وهكذا فعل.. وجدير بنا ونحن نكتب عن اولئك الرجال الرواد الذين كان لهم فضل في وضع أسس العراق الحديث ان نضع بشير اللوس في رأس القائمة، فهو يستحق ذلك نظرا لنشاطاته المتعددة في مجال ترسيخ الأسس العلمية والبحثية لكثير من المؤسسات المهمة في العراق.
ولد في الموصل سنة 1905، وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها. دخل دار المعلمين العالية (كلية التربية) ببغداد سنة 1925، وتخرج فيها، ثم حصل على بعثة علمية الى الولايات المتحدة الامريكية فدخل جامعة ميشغان ونال الماجستير سنة 1952في علم الحيوان zoology)). وبعد تخرجه عاد إلى وطنه، وعمل في سلك التعليم الثانوي قرابة (30) سنة، استفادت منه كلية العلوم بجامعة بغداد عندما عينته محاضرا فيها ثم أستاذا.. كتب عنه صديقنا الأستاذ حميد المطبعي في موسوعته (أعلام العراق في القرن العشرين) ووصفه بالرجل العصامي أي الرجل الذي يعتمد على نفسه في تكوين نفسه منذ الصغر.. وكان يرى أن (العصامية تولد القلب الطيب) وهكذا كان معروفا بين زملائه وطلبته وكل العاملين معه..
ألف بشير اللوس كتبا كثيرة لعل من اولها كتاب (مبادىء الفلسفة الحيوانية) وقد طبعته مطبعة دجلة في الموصل سنة 1934 ويقع في (129) صفحة و (طيور العراق سنة 1953) والطيور العراقيـة في (3) اجزاء سنة 1962 و (قائمة الطيور العراقية مع ملاحظات قصيرة عن وضعياتها في البلاد سنة 1950)، و (علم الحيوان العملي) سنة 1954.. وقد قرر لطلبة الصفوف العلمية من جامعة بغداد بين سنتي 1954-1964 (والبراغيث والطاعون في العراق والعالم العربي) بجزءين 1958-1960. وقد طبعت بعض كتبه ومنها كتاب (الطيور في العراق) باللغة الانكليزية.. كما أسهم في تأليف كتب دراسية عديدة في اختصاص العلوم والطبيعيات.. ومن كتبه المطبوعة كذلك:(تقرير عن ري العراق ومقدمة عن مستقبل العراق للسير وليام ويلكوكس) (ترجمة) سنة 1937 وقال المطبعي: ان الكتاب طبع لاول مرة غفلا من اسم المترجم، لكن الاستاذ كوركيس عواد في معجم المؤلفين العراقيين اشار الى ان اللوس هو مترجم الكتاب. كما ترجم كتاب امرام شاينفلد الموسوم: (أنت والوراثة) سنة 1950 ويقع الكتاب في 400 صفحة. حينما تشكلت لجنة لوضع (دليل الجمهورية العراقية) بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 بسنتين، كان بشير اللوس واحدا من المساهمين في تأليف هذا الدليل الى جانب نخبة من الأساتذة الكبار أمثال الأستاذ الدكتور مصطفى جواد والأستاذ الدكتور باقر كاشف الغطاء والأستاذ الدكتور صفاء خلوصي والأستاذ الدكتور عبد الرزاق محي الدين والأستاذ والدكتور عبد الصاحب العلوان والأستاذ كوركيس عواد والأستاذ حافظ جميل والأستاذ الدكتور خالد الجادر..
وقد كتب في الدليل مبحثا مهما عنوانه:(الطيور في العراق) استغرق الصفحات من 711-712. ومما قاله في هذا المبحث ان العراق يتمتع بمزايا طبيعية، جغرافية ومناخية، تجذب اليه الكثير من انواع الطيور القاطعة (المهاجرة). فقد اجتمعت في ارضه الجبال والسهول والانهر والمستنقعات والصحاري، وتؤلف كل منها بيئة مفضلة لجماعة من الطيور. وهكذا تجد في العراق انواعا كثيرة من الطيور المائية والجبلية والصحراوية وطيور السهول، بعضها آبدة، وبعضها مهاجرة، والمهاجرة منها أما ان تأتي في الخريف وتمكث طوال الشتاء، ثم تترك في الربيع عائدة الى مواطن التفريخ الاصلية وتدعى زوار الشتاء، أو تأتي في الربيع وتمكث في الصيف لتفرخ في الاماكن الملائمة ثم تترك في الخريف وتدعى بزوار الصيف، أو انها تمر بالعراق اثناء هجرتها من مواطن التفريخ الى المواطن الشتوية (في الخريف)، أو من المواطن الشتوية الى مواطن التفريخ (في الربيع) وتدعى بطيور المرور.. وثمة طيور تأتي الى العراق عرضا حيث تسوقها اليه الرياح العاتية أو تضل طريق الهجرة وتدعى بالطيور الشاردة..
وأشار الأستاذ اللوس إلى ان قائمة الطيور العراقية، نيفا و370 نوعا.. وتقسم الطيور العراقية على اساس الذي سبق بيانه الى خمسة اقسام هي طيور الابدة كانواع القطا والحبارى وتؤلف قرابة 21٪ من طيور العراق وزوار الشتاء ومنها انواع البط والطيطوات وبعض الجوارح والطيور المغردة كالهوازج والزرزور والزاغ وتؤلف 45٪ من طيور العراق، وزوار الصيف ومنها الوروار (ابو الخضير) واللقلق والسند والهند والقمري وتؤلف نحو 6٪ من طيور العراق وطيور المرور كالسلوى والصغير والابلق والحمراء وخاطف الذباب واللواء وتؤلف نحو 25٪ من طيور العراق واخيرا الشوارد كالوروار الهندي وتؤلف نحو 3٪.. وقد ذكر الأستاذ اللوس الكثير من التفاصيل عن الطيور في العراق في كتابه (الطيور العراقية) والذي يقع في ثلاثة اجزاء وقد تضمن الكتاب اوصافا كاملة للطيور ومفاتيح لتشخيصها فضلا عن كثير من اللوحات التي تصور الطيور بالوانها الطبيعية.
لقد خدم الأستاذ بشير اللوس العراق خدمة جليلة، ونذر نفسه لتعميق الوعي بأهمية تخصصه، وقمين بنا أن نعطيه حقه، ونذكر بفضله.. فلقد خدم الرجل العراق وكان يحب بلده وذكرت ابنته السيدة سناء بشير اللوس لي في 21 -3-2010 بعد كتابتي لهذا المقال أن والدها:" توفي سنة 1967 وهو في قمة عطاءه وقد ميزه إخلاصه وتواضعه وحبه الشديد للوطن والعلم وقد تفانى في خدمتهما وكان فوق ذلك أبا عظيما علمنا الإخلاص، والصدق، وحب الوطن، والعمل ،والأخلاق وعمل - طيلة حياته بسلك التدريس الجامعي وقد درس في المدارس الثانوية في بداياته فضلا عن إدارته لمتحف التاريخ الطبيعي الذي كما ذكرتم كان المبادر إلى إنشائه ومن الكليات التي درس فيها كلية البنات التحرير سابقا وكلية العلوم وكلية طب الأسنان..." . رحم الله الأستاذ بشير اللوس وجزاه خيرا على ما قدم لوطنه .
* المقال منشور في كتاب( شخصيات موصلية) للأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف ،دار ابن الاثير للطباعة والنشر ،جامعة الموصل ،(الموصل ،2007 ) .
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
بشير الياس اللوس، يعد من رواد علم الحيوان في العراق واتذكر، منذ أن كنا اطفالا، أن بشير اللوس ارتبط ذكره بمتحف التاريخ الطبيعي، فهو الذ ي أسس سنة 1946 أول متحف للتاريخ الطبيعي في العراق وأصبح أول مدير له وقد تعهد بان يجعله في مصاف المتاحف العالمية وهكذا فعل.. وجدير بنا ونحن نكتب عن اولئك الرجال الرواد الذين كان لهم فضل في وضع أسس العراق الحديث ان نضع بشير اللوس في رأس القائمة، فهو يستحق ذلك نظرا لنشاطاته المتعددة في مجال ترسيخ الأسس العلمية والبحثية لكثير من المؤسسات المهمة في العراق.
ولد في الموصل سنة 1905، وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها. دخل دار المعلمين العالية (كلية التربية) ببغداد سنة 1925، وتخرج فيها، ثم حصل على بعثة علمية الى الولايات المتحدة الامريكية فدخل جامعة ميشغان ونال الماجستير سنة 1952في علم الحيوان zoology)). وبعد تخرجه عاد إلى وطنه، وعمل في سلك التعليم الثانوي قرابة (30) سنة، استفادت منه كلية العلوم بجامعة بغداد عندما عينته محاضرا فيها ثم أستاذا.. كتب عنه صديقنا الأستاذ حميد المطبعي في موسوعته (أعلام العراق في القرن العشرين) ووصفه بالرجل العصامي أي الرجل الذي يعتمد على نفسه في تكوين نفسه منذ الصغر.. وكان يرى أن (العصامية تولد القلب الطيب) وهكذا كان معروفا بين زملائه وطلبته وكل العاملين معه..
ألف بشير اللوس كتبا كثيرة لعل من اولها كتاب (مبادىء الفلسفة الحيوانية) وقد طبعته مطبعة دجلة في الموصل سنة 1934 ويقع في (129) صفحة و (طيور العراق سنة 1953) والطيور العراقيـة في (3) اجزاء سنة 1962 و (قائمة الطيور العراقية مع ملاحظات قصيرة عن وضعياتها في البلاد سنة 1950)، و (علم الحيوان العملي) سنة 1954.. وقد قرر لطلبة الصفوف العلمية من جامعة بغداد بين سنتي 1954-1964 (والبراغيث والطاعون في العراق والعالم العربي) بجزءين 1958-1960. وقد طبعت بعض كتبه ومنها كتاب (الطيور في العراق) باللغة الانكليزية.. كما أسهم في تأليف كتب دراسية عديدة في اختصاص العلوم والطبيعيات.. ومن كتبه المطبوعة كذلك:(تقرير عن ري العراق ومقدمة عن مستقبل العراق للسير وليام ويلكوكس) (ترجمة) سنة 1937 وقال المطبعي: ان الكتاب طبع لاول مرة غفلا من اسم المترجم، لكن الاستاذ كوركيس عواد في معجم المؤلفين العراقيين اشار الى ان اللوس هو مترجم الكتاب. كما ترجم كتاب امرام شاينفلد الموسوم: (أنت والوراثة) سنة 1950 ويقع الكتاب في 400 صفحة. حينما تشكلت لجنة لوضع (دليل الجمهورية العراقية) بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 بسنتين، كان بشير اللوس واحدا من المساهمين في تأليف هذا الدليل الى جانب نخبة من الأساتذة الكبار أمثال الأستاذ الدكتور مصطفى جواد والأستاذ الدكتور باقر كاشف الغطاء والأستاذ الدكتور صفاء خلوصي والأستاذ الدكتور عبد الرزاق محي الدين والأستاذ والدكتور عبد الصاحب العلوان والأستاذ كوركيس عواد والأستاذ حافظ جميل والأستاذ الدكتور خالد الجادر..
وقد كتب في الدليل مبحثا مهما عنوانه:(الطيور في العراق) استغرق الصفحات من 711-712. ومما قاله في هذا المبحث ان العراق يتمتع بمزايا طبيعية، جغرافية ومناخية، تجذب اليه الكثير من انواع الطيور القاطعة (المهاجرة). فقد اجتمعت في ارضه الجبال والسهول والانهر والمستنقعات والصحاري، وتؤلف كل منها بيئة مفضلة لجماعة من الطيور. وهكذا تجد في العراق انواعا كثيرة من الطيور المائية والجبلية والصحراوية وطيور السهول، بعضها آبدة، وبعضها مهاجرة، والمهاجرة منها أما ان تأتي في الخريف وتمكث طوال الشتاء، ثم تترك في الربيع عائدة الى مواطن التفريخ الاصلية وتدعى زوار الشتاء، أو تأتي في الربيع وتمكث في الصيف لتفرخ في الاماكن الملائمة ثم تترك في الخريف وتدعى بزوار الصيف، أو انها تمر بالعراق اثناء هجرتها من مواطن التفريخ الى المواطن الشتوية (في الخريف)، أو من المواطن الشتوية الى مواطن التفريخ (في الربيع) وتدعى بطيور المرور.. وثمة طيور تأتي الى العراق عرضا حيث تسوقها اليه الرياح العاتية أو تضل طريق الهجرة وتدعى بالطيور الشاردة..
وأشار الأستاذ اللوس إلى ان قائمة الطيور العراقية، نيفا و370 نوعا.. وتقسم الطيور العراقية على اساس الذي سبق بيانه الى خمسة اقسام هي طيور الابدة كانواع القطا والحبارى وتؤلف قرابة 21٪ من طيور العراق وزوار الشتاء ومنها انواع البط والطيطوات وبعض الجوارح والطيور المغردة كالهوازج والزرزور والزاغ وتؤلف 45٪ من طيور العراق، وزوار الصيف ومنها الوروار (ابو الخضير) واللقلق والسند والهند والقمري وتؤلف نحو 6٪ من طيور العراق وطيور المرور كالسلوى والصغير والابلق والحمراء وخاطف الذباب واللواء وتؤلف نحو 25٪ من طيور العراق واخيرا الشوارد كالوروار الهندي وتؤلف نحو 3٪.. وقد ذكر الأستاذ اللوس الكثير من التفاصيل عن الطيور في العراق في كتابه (الطيور العراقية) والذي يقع في ثلاثة اجزاء وقد تضمن الكتاب اوصافا كاملة للطيور ومفاتيح لتشخيصها فضلا عن كثير من اللوحات التي تصور الطيور بالوانها الطبيعية.
لقد خدم الأستاذ بشير اللوس العراق خدمة جليلة، ونذر نفسه لتعميق الوعي بأهمية تخصصه، وقمين بنا أن نعطيه حقه، ونذكر بفضله.. فلقد خدم الرجل العراق وكان يحب بلده وذكرت ابنته السيدة سناء بشير اللوس لي في 21 -3-2010 بعد كتابتي لهذا المقال أن والدها:" توفي سنة 1967 وهو في قمة عطاءه وقد ميزه إخلاصه وتواضعه وحبه الشديد للوطن والعلم وقد تفانى في خدمتهما وكان فوق ذلك أبا عظيما علمنا الإخلاص، والصدق، وحب الوطن، والعمل ،والأخلاق وعمل - طيلة حياته بسلك التدريس الجامعي وقد درس في المدارس الثانوية في بداياته فضلا عن إدارته لمتحف التاريخ الطبيعي الذي كما ذكرتم كان المبادر إلى إنشائه ومن الكليات التي درس فيها كلية البنات التحرير سابقا وكلية العلوم وكلية طب الأسنان..." . رحم الله الأستاذ بشير اللوس وجزاه خيرا على ما قدم لوطنه .
* المقال منشور في كتاب( شخصيات موصلية) للأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف ،دار ابن الاثير للطباعة والنشر ،جامعة الموصل ،(الموصل ،2007 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق