الجمعة، 29 نوفمبر 2024

جامعة الأنبار وسط مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار (العراقية)


                                                        جامعة الانبار العراقية تأسست سنة 1987



جامعة الأنبار وسط مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار (العراقية)
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
من الجامعات العراقية الرائدة ، لها تاريخها الثر ؛ واسهاماتها الفاعلة في الحركة الاكاديمية العلمية معروفة . والجامعة جامعة الانبار تأسست في مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار سنة 1987 بموجب المرسوم رقم (51) بتاريخ 23/12/1987) .
في تاريخها محطات مهمة منها انها ابتدأت بكليتين فقط : هما كلية التربية للبنات ، وكلية التربية للعلوم الإنسانية. ونتيجة للتوسع الذي حصل في المحافظة ، وزيادة اعداد الطلبة والرغبة في تقديم الحدمات الجامعة لبيئة توطن جامعة الانبار ..محافظة الانبار تم إستحداث تسع كليات أخرى في الحرم الجامعي وهي : كلية الهندسة ، و كلية الإدارة والاقتصاد وكلية الحاسبات وتقنية المعلومات فضلا عن كلية الآداب ،وكلية التربية البدنية وعلوم الرياضة ، وكلية العلوم الإسلامية ، وكلية التربية للعلوم الصرفة) . بالإضافة إلى كليات المجموعة الطبية ومنها كلية الطب و كلية الصيدلة و كلية طب الأسنان) التي موقعها بالقرب من مستشفى الرمادي التعليمي في مدينة الرمادي ، وكلية الزراعة. كلية العلوم التطبيقية بهيت. ويبلغ إجمالي عدد الكليات (18) كلية وفيها (66) قسمًا علميا مختلفًا و( 6) مراكز للبحث العلمي منها مركز الدراسات الاستراتيجية ولهذا المركز انجازات مهمة منها على سبيل المثال عقد الندوات وتقديم الاستشارات لصناع القرار واصدار الكتب ومن الكتب التي اصدرها مؤخرا كتاب بعنوان ( بناء استراتيجيات الريادة الاكاديمية في الجامعات العراقية ..جامعة الانبار انموذجا ) وكتاب (دراسة اقتصادية لبعض آثار تخفيض سعر صرف الدينار العراقي على الواقع التنوي والمستقبلي للعراق) وكتاب (واقع العمل البرلماني في العراق بعد عام 2005 وآليات ترشيده واصلاحه ) وكتاب ( ظاهرة الارهاب وأمن الطاقة في الشرق الاوسط) .
فيما يتعلق بالدراسات العليا فإنها تشمل ( 33 ) تخصصًا لدرجة الماجستير و (13) تخصصًا لشهادات الدكتوراه ، حيث شملت الدبلوم العالي برنامجين أثنين والماجستير بواقع خمسين برنامجاً و الدكتوراه سبعة وعشرين برنامجاً فيما ليكون عددها الإجمالي تسع وسبعون برنامجاً.
وتتبع الجامعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي و نظام الدراسة فيها سنوي و فصلي ولغة التدريس فيه العربية فضلا عن الانكليزية في بعض التخصصات العلمية وتمنح الجامعة شهادات البكالوريوس ، الماجستير ، الدكتوراه.
رئيس الجامعة اليوم هو الاخ والصديق الاستاذ الدكتور مشتاق طالب صالح الندا .وللجامعة موقع على الانترنت رابطه التالي :https://www.uoanbar.edu.iq/CMS.php?ID=106
تحياتي لكل العاملين في جامعة الانبار ، وبوركت جهودها العلمية الاكاديمية والثقافية والاجتماعية ..

وجمعتكم طيبة ومباركة وصورة ل(جامع عمار بن ياسر ) في داخل جامعة الانبار

                                                     جامع عمار بن ياسر داخل جامعة الانبار - العراق



وجمعتكم طيبة ومباركة
واهلا بك- أحبتي الكرام ونعود لنتواصل
*وصورة ل(جامع عمار بن ياسر ) في داخل جامعة الانبار وقرب بيوت سكن الاساتذة والضيوف ..........................التقطتها لكم ...............ابراهيم العلاف


الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024

هويتي في مكتبة المتحف البريطاني 1979 ...............ابراهيم العلاف


 


هويتي في مكتبة المتحف البريطاني 1979
ومما اعتز به هويتي هذه الهوية التي منحت لي قبل (45) سنة أي في سنة 1979 ، وانا ارتاد مكتبة المتحف البريطاني حين كنت أعمل على إنجاز أُطروحتي للدكتوراه عن (تطور السياسة التعليمية في العراق خلال عهدي الاحتلال والانتداب البريطانيين 1914-1932) . قال لي موظف في المكتبة انك تجلس في مقعدك هذا بقرب مقعد المفكر والفيلسوف الالماني كارل ماركس وهو يؤلف كتابه ( رأس المال) ، وقدصدر الجزء الاول من (رأس المال) سنة 1867 ، وعرض فيه قوانين الاستغلال الرأسمالي...ابراهيم العلاف

ما الذي يحتاجه العالم بعد كورونا؟!

                                                               الدكتورة سناء عبدالله عزيزالطائي 



   ما الذي يحتاجه العالم بعد كورونا؟!

الدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

قسم التاريخ – كلية التربية للعلوم الإنسانية – جامعة الموصل – العراق

               مع انتشار فايروس كورونا المسبب لمرض ( كوفيد – 19 )في ووهان احدى مدن جمهورية الصين الشعبية ،وتحوله الى وباء عالمي او جائحة عالمية ، كان على العالم اخذ التدابير والحيطة والحذر من هذا الوباء قبل وصوله اليهم ومن ضمنها العراق حيث تم تسجيل اول اصابة في 25 شباط في محافظة النجف الاشرف، في الوقت الذي يعاني فيه القطاع الصحي ضعف الموارد والفساد والاهمال لفترة طويلة تمتد لقبل عام 2003، وكذلك الحال بالنسبة للعالم حتى ان رئيس الولايات المتحدة الامريكية  دونالد ترامب بنفسه قال " اننا ورثنا قطاع صحي متهرئ"، فهناك نقص هائل في عدد المستشفيات، وحتى الموجود منها يعاني من نقص في المعدات والمستلزمات الطبية وعدد الاسرة حيث ينتظر المرضى المحتاجين لجراحة عاجلة لأشهر طويلة ليصل الدور لهم، مع نقص هائل في عدد الاطباء الاختصاص والاجهزة الطبية، مما يعرض حياة الناس الى الخطر نتيجة خروج مستشفيات عن الخدمة كما حصل في محافظة المثنى عندما حصل حريق هائل في احدى مستشفياتها، خصوصا وان النظام الصحي في العراق يعتمد على اساس الخدمات منخفضة الكلفة التي تقدمها الدولة للمواطنين، اي ان مؤسساتنا الصحية في العراق غير مستعدة لأزمة كبيرة كالتي تواجه العالم وي ازمة كورونا، مع اعتصامات مستمرة من فترة طويلة وحكومة لتصريف الاعمال فقط ووضع سياسي مرتبك، الا انه مع هذا كله والحق يقال تم على وجه السرعة والعجالة تشكيل خلية أزمة برئاسة وزير الصحة العراقي وعضوية جهات ذات علاقة (مؤسسات امنية وخدمية)، اتخذت عدة قرارات مهمة من اجل السيطرة على الوضع الصحي ومنع انتشار الوباء، ومنها منع السفر الى عدة دول انتشر فيها الوباء ومنع التبادل التجاري معها، كذلك اعلان منع التجول في المدن العراقية.

ومن الصعوبات التي واجهتها المؤسسة الصحية في العراق هي المعلومات المغلوطة  بمخاطر المرض والاشاعات والتي  قللت من خطورة الوضع المرض مما ادى الى عدم استجابة البعض لما توجه به خلية الازمة، ومع التزام الناس البقاء في المنازل والذي اثر بشكل سلبي على الكسبة واصحاب الدخل اليومي، حيث وجدو انفسهم بدون قوت يومي يسد حاجتهم، كل هذه الصعوبات واجهت مجتمعنا والمجتمعات كافة والتي تضررت بسبب قرار منع التجوال الذي تم تطبيقه في العراق والعالم، مع انخفاض في اسعار النفط عالميا وتاثير ذلك على الحالة المعاشية لاغلب الناس.

وهنا بدورنا كمثقفين واكاديميين لابد لنا من طرح عدد من  الاسئلة ومن اهمها.

 

-        هل الكورونا مؤامرة سياسية ام خطأ بشري مقصود ام غضب الهي

-        من الخاسر من هذا الوباء السياسة ام العلم ام الدين

-        من كان انجح في الحياة العملية النظام الرأسمالي ام النظام الشيوعي

كل هذه التساؤلات واكثر نطرحها من اجل جعل عجلة الحياة تدور من جديد، وما لذي يحتاجه العالم بعد كورونا.

والجواب هو ان العالم كله سيتغير نحو الافضل لانه سوف يتجه نحو التعاون والتكاتف فسياسة الانعزال لا تجدي نفعا ولابد من العمل الجاد والتفاهم الدولي والتصارح بين القادة والمفكرين في كل العالم والسعي باتجاه التقليل من الحروب، ووضع سياسات جديدة تخدم الاقتصاد والسياسة وقطاع النفط والسياحة والتجارة ...........

وعلى زعماء العالم ان يستعينوا بالعلماء والمفكرين والاكاديميين والمؤرخين من اجل وضع ستراتيجية تعالج العالم صحيا واقتصاديا واجتماعيا، واتوجه نحو مزيد من البحوث في مجالات صحة الانسان وسعادته.

وهذه الجائحة اقصد جائحة كورونا لا بد وان تعمل على تيقظ الافكار والنظر في ايجاد ما يساعد على التقليل من الفقر، والتقليل من الجهل والتقليل من المرض .

وعندما نقول ان العالم اصبح قرية كونية فأننا نقصد العمل من اجل رفاهية هذه القرية ليس بالقول واثارة التنافس والصراعات بل بالعمل والسعي وايجاد الحلول لوقف عدد من الحروب العبثية والتي من اسباب نشوبها هي اطماع اقليمية ودولية غير مبررة وغير ذات فائدة ومنها الحرب في سوريا واليمن وليبيا ......

ان على بعض الدول ومن اهمها ايران وتركيا ان اعادة تأسيس امبراطوريات تاريخية قد مضى وانتهى، وان يعودوا الى دراسة التاريخ جيدا ويتوقفوا عن التدخل في شؤون الدول الاخرى ،وكذلك الحال بالنسبة لروسيا وامريكيا وعدم نقل صراعاتهم الى دول اخرى، وعلى زعماء الدول العربية ان يجتمعوا ويعملوا سوية من اجل بلدانهم وامتهم العربية، ويجب على العالم ان يتغير نحو الافضل بسياسات اقتصادية افضل واجتماعية ارقى وتعليمية وتربوية اجدى من اجل امتنا وبلدنا الحبيب العراق، ويجب على زعماء الكتل السياسية ان يدركوا ان ما فعلوه منذ 2003 دمر البلاد والعباد واورث البلد المرض والفقر والجهل وعليهم ان يعوا مسؤولياتهم وعلى رؤساء الكتل النظر الى مصالح الشعب وان يلتفتوا الى التنمية ووضع  استراتيجيات لكافة نواحي الحياة والتي تجعل من عراقنا الحبيب وطنا قويا ودرس كورونا كان درسا قاسيا لجميع الدول من دون إسثناء.

وعلى الولايات المتحدة الامريكية ان تلتزم بعدد من الامور اهمها دعم الهيئات الصحية العالمية تجاه الامراض المعدية والسعي للملمة جلراتح الاقتصاد العالمي، كما يجب ان يكون لدينا حكومة فعالة وبعيدة النظر من اجل التغلب على العقبات الغير مسبوقة في الحجم والنطاق العالمي، كما يجب على الحكومات ان تنال ثقة الشعب، وان على الامم ان تتماسك في اوقات الازمات، وضبط النفس في جميع الجوانب الداخلية والدبلوماسية الدولية، ويجب تحديد الاولويات لاننا نعيش فترة تاريخية حرجة توجب علينا ادارة الازمة ادارة ناجحة تجنبنا وتجنب العالم الفشل ومن اجل بناء مستقبل زاهر، لان فشلنا وفشل الاخرين في احتواء الازمة يمكن ان يحرق العالم ويدمره.

التوصيات:

-        يجب على الحكومة والجهات المسؤولة زيادة الانفاق على القطاع الصحي في العراق، ودعم العلاج الصحي ذات النفقة المنخفضة، لانه الخيار الوحيد لشريحة كبيرة من الناس

-        اعادة ودعم تأهيل الكوادر الطبية بالاعتماد على الطرق الحديثة ومواكبة التطور العلمي من خلال البعثات العلمية واستيراد الاجهزة الطبية الحديثة والمتطورة عالميا.ِ

-        العمل على توفير معدات الوقاية الفاعلة للكوادر الطبية وتوفير الاجهزة اللازمة للعمل على تأهيل المصابين

-        توفير اجهزة فحص كورونا في جميع المحافظات.

-        اعطاء موقف يومي عن الحالات المصابة بوباء كورونا وتعديل الخطط في ضوء ما يستجد من احداث.

-        مراعاة الحالة النفسية للمواطنين من جراء حظر التجوال

-        دعوة المواطنين الى تحمل جزء من المسؤولية والتعاون من الجهات الامنية والصحية والخدمية من تقليل ضرر هذا الوباء ومواجهته .

-        العمل على دعم شريحة الطلبة من خلال اعتماد تطبيقات اكثر تداولا في التعلم، مع توفير انترنيت مجاني ليتيح للطلبة الالتزام بالمحاضرات .

-        التنسيق والتعاون بين منظمات المجتمع المدني العاملة على القطاع الصحي لزيادة جهوزيتها وتطوير خبراتها .

 

 

 

 

الأحد، 24 نوفمبر 2024

مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي




 





مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي
عرض ومراجعة : الدكتور زياد عبد الوهاب النعيمي
كلية الحقوق-جامعة الموصل
مدينة عتيقة تعبق بتراث أنساني ، معالمها تحكي عن قصص علمها ،وسماؤها تحكي عن صمودها وبطولتها ،وترابها يتذكر كل انتصاراتها و كذلك الظلم الواقع عليها حتى سقوطها .
التاريخ حين يبدأ بالكتابة عنها يقف طويلا ليتأمل عظمتها وروحها وإنسانها ، تلك هي طرسوس مسقط رأس بولس الرسول ، المعلم الذي درس اللاهوت ،وعلمه في طرسوس وكان من مضطهدي الكنيسة، لكنه اعتنق المسحية وتم تعميده في نهر بردى على أيدي حنانيا،وراح يبشر بها في دمشق وانتقل يعلم حتى سنة 67 حين انتقل إلى روما فاعتقل واعدم هناك ، ومدينة طرسوس كما يذهب بعض أصحاب الرأي أنها مدينة الفتية أصحاب الكهف، باعتبارها احد الفرضيتين في وجودهم فيها على رأي بعض العلماء ، المكان الذي عاش فيه أصحاب الكهف أولئك الفتية الذين ذكرهم الله عز وجل في سورة الكهف في الآية(18) بقوله "أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ والرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً * إِذْ أَوَى الفِتْيَةُ إِلَى الكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً "
إنها مدينة الزهاد والعباد ومدينة الثغور ،مدينة كان لها دور عسكري واقتصادي وسياسي مشرف بسبب موقعها وجهادها ودورها المتميز الذي حظيت به من خلال تاريخ اتسم بالمواقف البطولية لأهلها ، طرسوس هذه المدينة المضمخة بعبق الحضارة والتراث، لم يتناولها إلا قلة من الباحثين العرب وحتى في تناولهم لها لم يعطوا هذه المدينة ماتستحق ، لذلك نجد أن هذه المدينة تتعطش لمن يكتب عنها وعن بطولاتها ويؤرخ لمرحلة تاريخية مهمة عاشتها ، فأثرت في التاريخ الإسلامي وتأثرت بايجابيته وتطوره ،كان لابد من وجود نهج تاريخي أكاديمي تنطلق منه هذه المدينة لتبقى شاخصة في الإبصار ناظرة للوجوه حين يكتب عنها أستاذا أو باحثا عربيا ، عن تاريخها نقف عند انجازاتها،وتاريخها الطويل،وحين تبدع سطور الباحثين في الكتابة عنها نجد أن هذا المنجز التاريخي بدا واضحا أكثر فأكثر للاستعانة به والتا كيد على أهمية طرسوس .
من هذه الأهمية وعند هذه النقطة بالتحديد كان الانجاز واضحا في تناول تاريخ هذه المدية الإسلامية لفترة تاريخية مهمة من حياتها، وهذا الانجاز العلمي والأكاديمي تحقق من خلال الكتاب الموسوم مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي للباحثة الدكتورة سناء عبدالله عزيز الطائي التدريسية في مركز الدراسات الإقليمية في جامعة الموصل التي كتبت فأبدعت ،ووثقت فأنجزت تاريخا مهما لمدينة أسلامية اسمها طرسوس،مدينة الفكر والعلم والجهاد .
تضمن الكتاب أربعة فصول و تقديم وخاتمة إضافة إلى الملاحق.
أشارت الباحثة في الفصل الاول من الكتاب الى مدينة طرسوس بوصفها مدينة الثغور الشامية وذكرت أن اسم طرسوس قد تم ذكره في الكتب السماوية مثل التوراة التي ورد ذكرها فيه باسم اسبوس وذكرت في الإنجيل باسم ارسوس، وتفيد الباحثة الى أن اسم طرسوس هي من الأسماء المتداولة والأكثر شيوعا لدى جمهور المؤرخين ، و أن مدينة طرسوس تختلف عن مدينة طرطوس التي تقع في بلاد الشام وتشرف على البحر المتوسط قرب المرقب وعكا.
تقع مدينة طرسوس في قيليقيا وتبعد حوالي 12 ميلا عن البحر المتوسط وعن جبال طوروس ، وتذكر الباحثة أن مدينة طرسوس كان لها أهمية قبل الإسلام ، جدد عمارتها الإمبراطور الأشوري سنحاريب سنة 704-861 ق.م ، وفي الزمن الروماني انشىء إقليم قيليقيا فاتخذت طرسوس مقرا للحاكم أوغسطين ، وتذكر الباحثة أن المدينة ظلت تحت الحكم الروماني حتى الفتح العربي الإسلامي لبلاد الشام ، اما اهميتها في الزمنين الراشدي والأموي ، فتذكر الباحثةة إنها كانت خط الدفاع الأول وكان المسلمون يمرون بها عند حملاتهم الى بلاد الروم البيزنطينيين، وعندما قام معاوية بن أبي سفيان سنة 645 ميلادية بفتح عمورية وجد الحصون بين أنطاكية وطرسوس خالية من الناس لذلك قام بإبقاء نفر من أهل الشام والجزيرة وقنسرين كحامية إلى حين عودته.
وتضيف الباحثة أن طيلة حكم الخلافة الأموية كانت طرسوس من المواقع المهمة لاسيما أن المسلمين كانوا يمرون بها ، بهدف إبقاء هذا الدرب تحت إشراف قواتهم وحمايتهم .
في المبحث الثاني من الفصل الأول تحدثت الباحثة عن طرسوس مدينة الثغور الشامية وعرفت الثغور بأنها كل موضع قريب من ارض العدو ، و باتفاق البلدانيين فان الثغور تنقسم الى عدة اقسام منها الثغور الشامية والثغور الجزرية والثغور البكرية ، وتؤكد أن هذا التقسيم المعمول به إنما هو تقسيم جغرافي استحدث لإغراض عسكرية وإدارية في أن واحد ، وتشير الى أن الثغور الجزرية هي ثغور أموية اما الثغور الشامية فهي عباسية
في الفقرة اللاحقة عرفت العواصم بأنها في الخط الثاني للدفاع عن الثغور التي يعتصم بها المسلمون ، فقد نشأت لتعصم الثغور وتمدهم بوسائل القوة والمنعة ، و أن استحداثها كان لضرورة عكسرية وإدارية ،وتشير الباحثةالى أن المسلمين أدركوا أهمية العواصم والثغور عامة وطرسوس بخاصة ، و أن مدينة طرسوس في الإسلام عرفت باهميتها السوقية والعسكرية والاقتصادية لكونها تتمتع بموقع جغرافي متميز ، واستمرت في تلك الأهمية حتى سقوطها بيد الروم البيزنطينين ، فعلى مضيقها سالت الدماء وعلى وجهها سجل التاريخ إحداثه المهمة ، كما اشارت الباحثة الى الانهار القريبة من طرسوس كنهر البردان ونهر اللامس ونهر سيحان ونهر البذنون وبحيرة بغراس ، كما بينت أهم المدن والثغور المجاورة لها مثل اذنة والمصيصة .
بناء طرسوس : في المبحث الثالث من الفصل الأول أشارت الباحثة إلى بناء مدينة طرسوس حيت أكدت على أن التفكير بالبناء كان في عصر الخليفة المهدي والدليل على ذلك كما تشير الباحثة هو تجهيز المواد والميرة ألا أن عملية البناء لم تتم إلا في عهد الخليفة هارون الرشيد 170-193 هـ ) (678-809) ميلادية ، حيث كانت للرشيد الخبرة الكبيرة في دحر الروم والانتصار عليهم ، وتشير الباحثة الى أن البناء كان بالمواد المحلية وكان الحجر في مقدمة تلك المواد ، ما يعني أن المدينة بنيت لتستمر أكثر ، أما بالنسبة لتخطيط المدينة فقد أشارت إلى الأسوار التي أقيمت فيها وهي نوع من التحصينات والاستحكامات الدفاعية البشرية ولقد مدت مدينة طرسوس على سورين من الحجارة هما السور المحيط والسور المتصل ، و أن جميع ابوابها كانت تفتح في وقت السلم اما في الحرب فالضروة الحربية تستلزم فتح عدد معين منها ، و أن عدد ابواب مدينة طرسوس هي 5 ابواب، تتمتع بحصانة لكونها صنعت من مادة الحديد ، كما تضم المدينة الشوارع والسكك والأسواق والقناطر والدور والمنازل ،أما ويتمتع سكانها بدرجة عالية من الأخلاق الحميدة والنفوس السمحة فضلا عن محبتهم للغريب ، واهم سكانها هم العرب والجراجمة وهم ينتمون إلى مدينة جرجومة الواقعة على جبل اللكام ويعودون إلى أصول فارسية حيث قدموا مع سيف بن ذي يزن ، كذلك الكرج جيب من النصارى و الفرس واليونان واليهود.
تشير المؤلفة في الفصل الثاني من الكتاب إلى الدور الجهادي الحربي لمدينة طرسوس ، حيث بدا العرب المسلمون في الفتوحات في منطقة الثغور الشامية في العهد الراشدي وكان ذلك بالتحديد في زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب والخليفة عثمان بن عفان ، وعندما ألت الخلافة إلى بني أمية قاموا بنقل مركز الخلافة من الحجاز الى الشام ، وتذكر المؤلفة أن الثغور الشامية شهدت نصرا مهما هو فتح طرسوس بقيادة جنادة بن ابي امية وقد عد هذا تطورا مهما على صعيد تامين الثغور ، وعن الدور الجهادي لمدينة طرسوس فتذكر المؤلفة الى أن دور المدينة ظهر بعد بنائها واستقرار الناس فيها من كل اقاليم الخلافة ، و طرسوس نفرت في احوال كثيرة لنجدة اخواتها من المدن المجاورة وتحقق لهم النصر فيها ، و تشير المؤلفة الى أن طرسوس كانت قاعدة للحملات الصليبية وهي حملة الصوائف التي تكون في فصل الصيف والشواتي التي تكون في الشتاء ، و أن اغلب الحملات التي كان العرب يقومون بها هي من الصوائف ولم يقم العرب بشن الشواتي إلا في الحالات الضرورية جدا ، كما غلب عليها أن كانت حملات برية وذلك نتيجة الضعف الذي لحق بالأسطول الإسلامي .
في المبحث الثاني من الفصل الثاني أشارت الباحثة الى الدور البحري لطرسوس ، حيث كان لها دورا لا يقل أهمية عن الدور البري مما يدل على أن العرب ركبوا البحر وعرفوا فنون القتال ونشبت الكثير من المعارك الحربية منذ عهد الراشدين بالبحر، وتشير المؤلفة ألى أن طرسوس كان لها دورا في العصر العباسي في الدفاع عن سواحل مصر من غارات الفاطميين. ، وبذلك فأن أسطول طرسوس حقق انتصارا مهما واخذ على عاتقه حماية سواحل مصر،وقد توالت انتصارات الأسطول البحري في طرسوس بعد أن واجه نكبات، وبقيت طرسوس قاعدة بحرية مهمة مثلما هي قاعدة برية حتى سقطت بيد نقفور سنة 965 م-453 هجرية .
تناولت الباحثة في الفصل الثالث من الكتاب الحياة العلمية في مدينة طرسوس، حيث اشارت إلى أن الموقع الجغرافي للمدينة كان له أهمية في تكوينها الحضاري والثقافي وذلك لوقوعها في نهاية الجزيرة وبلاد الشام وعلى مجمع خطوط مدن الثغور حيث كان هذا العامل كفيلا بتنوع معارفها وعلومها ،كذلك فان عامل الاستقرار السياسي من اهم العوامل التي ادت الى ازدهار الحياة العلمية فيها ، اذ استطاعت الخلافة العباسية أن تحافظ على وحدة البلاد التي كانت تابعة لها بصورة عامةفقصدها الكثير من المثقفين والقراء والمحدثين والفقهاء وطلاب العلم ولم يضعف دورها الابعد أن دب الضعف في الدول العباسية ، وفي فقرة لاحقة تشير الباحثةة الى عدد من العوامل الاقتصادية ،التي ساعدت على ازدهار الحياة الاقتصادية و العلمية في طرسوس وكذلك العوامل الدينية والزراعة والصناعة والتجارة ، اما المبحث الثاني من الفصل الثالث فتشير الباحثة فيه الى أن طرسوس كان لها مراكز علمية مثل جامع طرسوس الذي لا يقتصر على الصلاة ، بل هو مركز لدراسة العلوم الدينية وقراءة القران
ومن المراكز العلمية أيضا، الربط التي كانت في البداية مجرد حصون تقام في الجهات الأكثر تعرضا لغارات العدو ، فضلا عن الحلقات الدراسية مثل حلقة أبو بكر الأصفهاني في جامع طرسوس ، وأخيرا الكتاب والمؤذنون.
في المبحث الثالث تتناول الباحثة العلوم التي درست في طرسوس والتي اشتملت على العلوم، الدينية كالقران الكريم وعلوم الحديث ، والفقه والقضاء ، إما بالنسبة للعلوم الإنسانية فيأتي في مقدمتها اللغة العربية ، الشعر والخطبة .
ظهرت بوادر التدوين التاريخي في طرسوس مع قيام الأمصار العربية الإسلامية الأولى ، ثم تطورت في أعقاب قيام الكيانات السياسية العربية ، حيث تحمس الحكام على تعزيز مكانة دولتهم وإبراز نشاط سكانها .
الفصل الرابع والأخير من الكتاب جاء ليلسط الضوء على نهاية مدينة الثغور الشامية ، وسقوطها في اشارة واضحة الى أن هناك عوامل ساعدت ودفعت الى مثل هذا السقوط ،في المبحث الاول من الفصل الرابع تناولت الباحثة اسباب السقوط، من خلال الوضع السياسي المتردي للخلافة العباسية ،من خلال تسلط العنصر الاجنبي ، ومن ثم تفكك الدولة و ظهور الامارات المحلية كالامارة الطولونية والحمدانية والهجمات المتكررة على المدينة نفسها ،وهذه العوامل ادت الى ضعف الدولة وسقوط هيبتها شيئا فشيئا .
في المبحث الثاني من الفصل الرابع تناولت الباحثة الاسباب التي يمكن أن نصفها بالمباشرة في سقوط طرسوس والعوامل التي ادت الى سقوطها ، فالموقع السوقي لها ياتي في مقدمة الاسباب ، ومن ثم الدوافع التاريخية، والدور الحربي والجهادي للمدينة ، ومن ثم التوغل الاجنبي في بلاد الشام ،وتحقيق المكاسب الثقافية والاقتصادية ، ونهوض الدولة البيزنطية .
في المبحث الثالث من الفصل الرابع تشير الباحثة الى كيفية السيطرة على طرسوس من خلال السيطرة على اذنة والمصيصة .
في المبحث الرابع من الفصل الرابع تشير الباحثة الى النتائج التي ترتبت على هذا السقوط من خلال الخذلان الذي اصاب الثغور الاخرى حيث سقطت هي الاخرى واحد تلو الاخرى ، اما النتيجةي الثانية فهي التوغل البيزنطي في الاراضي العربية والاسلامية والوصول الى امد ومحاصرتها حتى قاربوا الوصول إلى نصيبين ، وهذا ماجعل طرسوس من أهم القواعد العسكرية للدولة البيزنطية ، وهذه النتيجة رتبت تسللا منطقيا من خلال حرمان العرب من أهم القواعد البحرية في طرسوس .
انتهى الكتاب بالخاتمة ، وملاحق تحوي خرائط للمدينة محل البحث ،وقائمة مصادر ومراجع
الكتاب غني بالمعلومة التاريخية ، وغزير بالإحداث التي وقعت في مدينة إسلامية كان لها الدور العلمي والحربي في إرساء الدعوة والدولة الإسلامية ،وكانت محط لاهتمام المسلمين ، يمثل هذا الكتاب إضافة نوعية ونادرة لمدينة مقدسة وجهادية ، وظفتها الباحثة بأسلوب رشيق وعلمي وبطريقة أكاديمية واضحة بموضوعية وحياد، دون إسهاب.
الكتاب اختزال تاريخي لفترة طويلة من تاريخ العرب والمسلمين ، وان تناول هذه المدينة لدليل على جهد متميز تندر إليه جهود كثيرة في هذا الاختصاص الواسع.
الكتاب إضافة متميزة للمكتبة العراقية والعربية والإسلامية ، وهو وثيقة تاريخية وعميقة وذات اثر
وهو جهد متميز للباحثة الدكتورة سناء عبدالله عزيز الطائي ، ولمركز الدراسات الإقليمية في جامعة الموصل ،جهدان متميزان قدما لنا كتابا تاريخيا متميزا باحداثة ومعلوماته التاريخية.

السبت، 23 نوفمبر 2024

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف



الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964
أ.د إبراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
-1-
عرف العراق الطبقة البرجوازية او القطاع الخاص كما سميت فيما بعد بمفهومها الحديث منذ اواخر القرن التاسع عشر ، ففي أعقاب انتهاج الدولة العثمانية سياسة الإصلاح لمؤسساتها العسكرية والاقتصادية و الإدارية استفاد العراق من تلك الإصلاحات ، خاصة عندما تولى مدحت باشا 1869-1872 ولاية بغداد ، ومنح صلاحيات واسعة لتنفيذ الإصلاحات في كل من ولايتي الموصل والبصرة . وقد تجلت إجراءاته في حل مشاكل الأراضي الزراعية ، وتأسيس إدارة حديثة و إقامة مدارس ومستشفيات ومطابع وصحافة حديثة وتزامن ذلك مع بعض المتغيرات العالمية و أبرزها افتتاح قناة السويس سنة 1869 ، ونمو واتساع تجارة التصدير الى أوروبا بعد ان اصبح في مقدور الملاكين العراقيين زيادة الإنتاج الزراعي . وتحت تأثير هذا التحول اتجه الاقتصاد العراقي لكي يصبح اقتصاد السوق بعد ان كان اقتصاداً طبيعياً ومهد هذا التطور لتراكم رأس المال بأيدي التجار وبالتالي كان ذلك إيذانا بمولد ( الطبقة البرجوازية العراقية ) الذي كان لها دورها في ربط الاقتصاد العراقي بالاقتصاد العالمي ، وساعد على ذلك إنشاء مجموعة من البنوك برؤوس أموال أجنبية .
وقد اتسعت حركة التصدير والاستيراد وتأسست شركات أجنبية في العراق ، وانتظم التجار في غرف خاصة ، وفي المجال الصناعي أصدرت الحكومة العثمانية قانون تشجيع ( تشويق) الصنائع سنة 1913 .
-2-
في عهد الاحتلال البريطاني و أوائل عهد الانتداب 1914-1920 ، انتهجت سياسة مزدوجة يتجه محورها الأول نحو دعم شيوخ العشائر والملاكين في حين اتجه المحور الثاني نحو تنمية فئات اقتصادية داخل المجتمع العراقي والارتكاز عليها لمنع قيام صناعة حقيقية و إبقاء سوق العراق مفتوحاً أمام البضائع الإنكليزية.
ومع هذا فقد شهد العراق مشاريع استثمارية في الزراعة فتأسست شركة مزارع الموصل المحدودة (Mosul Farms Limited) سنة 1920 ومشروع الاستثمار الزراعي الحديث الذي أسسه نجيب اصفر في بغداد سنة 1924 .
😚
بعد تشكيل الدولة العراقية سنة 1921 اتجهت جهود الوطنيين الاقتصاديين أمثال مصطفى الصابونجي في الموصل وفتاح باشا في بغداد ، لإنشاء صناعة وطنية حديثة ، وصدر قانون تشجيع المشاريع الصناعية لسنة 1929 ، وأخذ العراق يشهد تأسيس قطاع خاص في صناعات المنسوجات الصوفية والسيكاير والشخاط والجلود والأحذية والصابون والمشروبات الكحولية والصناعات الغذائية والإنشائية .
-4-
وخلال الثلاثينات من القرن العشرين تأسست مشاريع صناعية خاصة جديدة وجاء ذلك انسجاماً مع تنامي الوعي القومي وتعاظم التيار الليبرالي واتساع المبادرات الفردية واهتمام الملك فيصل الأول 1921 –1933 والوزارات التي تشكلت آنذاك بالاقتصاد وتنمية الصناعات الأساسية وابرز المشاريع معمل الطابوق 1931 ، وشركة الدخان الشرقية 1932 ، ومعمل الأحذية العراقي 1933 ، ومعمل البيرة 1935 ، ومعمل الحلويات 1937 .
-5-
وما ان بدأت الحرب العالمية الثانية 1939 –1945 حتى كانت البرجوازية الوطنية في العراق قد أصبحت قوة اجتماعية ذات وزن اقتصادي ملموس وازداد عدد المشاريع الصناعية المتمتعة بامتيازات قانون تشجيع المشاريع الصناعية ليصبح سنة 1945 ( 96) مشروعاً بعد ان كان سنة 1939 لا يزيد عن (71) مشروعاً واقبل المستثمرون العراقيون على إنشاء شركات ومشاريع مختلطة كان للمصرف الصناعي حصة في رأس مالها ومنها على سبيل المثال شركة الزيوت النباتية التي تأسست سنة 1939 ومن مؤسسيها محمد حديد ومصطفى الصابونجي وكامل الخضيري وعبد الهادي الجلبي.
-6-
وقام المصرف الزراعي الصناعي الذي تأسس سنة 1940 ، ومجلس الاعمار الذي تأسس سنة 1953 بدور كبير في دفع حركة النشاط الخاص في العراق إلى أمام . وساعد على ذلك تأسيس اتحاد الصناعات العراقي بموجب القانون رقم 52 لسنة 1956 الذي قام بدور ملموس في حماية وتشجيع المشاريع الصناعية .
-7-
وخلال الخمسينات من القرن العشرين اضطربت الأحوال السياسية وعجز البرجوازيون العراقيون عن فهم محركات الواقع السياسي الأمر الذي أفسح المجال أمام الضباط الأحرار لتغيير النظام السياسي باعلان قيام جمهورية العراق وسقوط النظام الملكي يوم 14 تموز 1958 والبدء باتخاذ إجراءات القصد منها تقييد حركة القطاع الخاص وتوجيه مسار الاقتصاد العراقي نحو الاشتراكية وابتدأت تلك الإجراءات بإصدار قانون الإصلاح الزراعي في أيلول 1959 ، وتأسيس مصلحة المبايعات الحكومية في كانون الأول 1959 ، وانتهت بصدور قرارات التأميم في 14 تموز 1964.
ومنذ ذلك الوقت وحتى ألان ( 2004 )يعاني القطاع الخاص من محنة حقيقية وهو بحاجة لمن يمد إليه يده ليأخذ دوره في إعادة بناء الاقتصاد العراقي .
*2004


 



أهمية الوسطية ومنهج الاستقرار في عالم متغير أ.د. إبراهيم خليل العلاف


                                                           الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف


أهمية الوسطية ومنهج الاستقرار في عالم متغير

أ.د. إبراهيم خليل العلاف

أستاذ التاريخ الحديث  المتمرس ومدير مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل السابق 

 

مستخلص البحث:

الوسطية التي نقصد في البحث، ليست تسليما بالواقع، وإنما هي القدرة على التعامل مع الواقع لتغييره وليست القدرة على التكيف مع الواقع دون تغييره. ومما يعطي الوسطية، والدعوة إلى منهج الاستقرار أهمية، أن الوسطية ترفض الخضوع للأجنبي. كما أنها ترفض واقع التخلف، والتجزئة لان ذلك تضييع للحقوق وتفريطا بها. كما أن الوسطية  تؤمن بالتدرج، واقتراح البدائل، وعدم الاكتفاء بالنوايا الصادقة في الإصلاح، وإنما العمل المتواصل على تقديم النماذج الصالحة. إنها حالة من التوازن بين التشدد والشذوذ من جهة، والتهاون والتقصير من جهة ثانية. وهي منهج في الحياة، وفي العمل السياسي وفي التعامل مع الآخرين، والوسطية كتيار، ممتد عبر التاريخ، ليس وليد حالة تاريخية واجتماعية راهنة، وإنما هو نتاج لحركة التجديد. والوسطية بهكذا مفهوم لاتلجأ إلى طريق العنف في التغيير الداخلي، لكنها تبرر المقاومة لقوى الاحتلال والهيمنة الخارجية.

ويقينا إن الوسطية، إذا ما انتهجت، فأنها ستؤدي إلى الاستقرار السياسي، والاجتماعي، فلا تنمية بدون استقرار، ولا استقرار بدون وسطية. وكما هو معروف فأن من معايير الاستقرار السياسي والاجتماعي ازدياد فرص الانفتاح السياسي، والديموقراطية المقترنين بالاعتدال في المواقف والسلوكيات، فالفكر الوسطي يؤمن بالآخر ولا يرفضه ويسعى من اجل تأمين نقاط التقاء مع الآخرين. ومن ثمار الوسطية زرع الثقة بين أبناء البلد الواحد وهذا مما يشيع حالة من المودة، وبناء علاقات اجتماعية ايجابية، والابتعاد عن التعصب والحقد وهذه تساعد في بناء المجتمع وتحقيق حالة من الاستقرار التي تهيئ المجال للتفاعل الاجتماعي الصحيح وإحراز اكبر قدر من المنجزات المفيدة.

ويتساءل البحث عن، من هم المؤهلين في مجتمعنا لقيادة منهج الوسطية، والسعي باتجاه تحقيق الاستقرار، والسلم الاجتماعي، والتنمية المستدامة؟ ونقول– وبكل صراحة إنهم أبناء الطبقة الوسطى.. هذه الطبقة التي باتت تواجه في عالمنا العربي الذوبان، والانهيار، والتفكك نتيجة استقطاب المجتمع إلى(قلة يملكون كل شيء)، و(كثرة لاتملك شيئا).

مقدمة:

لم يكن الأستاذ نبيه أمين فارس، المؤرخ والأستاذ في الجامعة الأميركية في كتابه الشهير "من الزاوية العربية"، والمنشور في مطلع الخمسينات من القرن الماضي، مبالغا، عندما قال أن النصف الأول من القرن العشرين، كان سخيا جدا بالنسبة إلى العرب، أو قل سخيا أكثر مما يستحقون إذا ما نظرنا إلى جهادهم القومي طوال هذه الفترة من الزمن، وإذا كان العرب قد قاسوا بعض الويلات، فان النعم التي أتمت عليهم الأكثر والأعظم، فما من محنة إلا وكان في طيها منحة، فما عبس في وجههم يوم إلا وابتسم لهم أخر، فنالوا استقلالهم السياسي في أكثر أقطارهم على أهون سبب، وعلى حساب حرب عالمية أنهكت العالم بأسره  تقريبا إلا هم، وواكبت ظروف أخرى مؤاتية لا تأتي في حياة الشعوب إلا مرة في كل ألف سنة(1).

واليوم، يقف العرب اليوم على عتبة النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، وقفة جديدة ليست كالوقفة السابقة التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، حينما نال بعضهم استقلالهم، إنها وقفة الحيرة، والارتباك، والعجز، في مواجهة التحديات الجديدة، وان (الدولة العربية الحديثة) وحتى (الجهاز الاتحادي) المتمثل بجامعة الدول العربية، عانت وتعاني من ضعف في بنيتها الأساسية، وقد انتقلت من تجربة سياسية إلى تجربة سياسية أخرى اتسم الكثير منها بالحروب والنكسات والمحن.. فما الذي جرى؟ والى أي حد يمكن لهم ولنظامهم السياسي والإقليمي الصمود؟  وهل تتيسر للعطار فرصة إصلاح ما أفسده الدهر، وبمعنى آخر هل يستطيع نظامهم السياسي والإقليمي التكيف مع متغيرات العالم الهائلة وعلى كل المستويات؟ يقينا أنها أسئلة مشروعة وللإجابة عليها لابد من معرفة أمرين مهمين: أولهما يتعلق بطبيعة المتغيرات التي يشهدها العالم اليوم وخاصة على صعيد المعلومات والاقتصاد والإدارة. وثانيهما مدى انعكاس هذه المتغيرات على مستقبلهم. وأخيرا ما الذي يحتاجونه من مناهج لإصلاح أحوالهم، وخاصة بنيتهم التي تعاني من اختلالات في كل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية(2).

لقد تأسس النظام العربي والإقليمي في سنوات ما بعد الحرب العالمية الأولى في أجواء الاحتلال الأجنبي، فأصبح لايعبر عن إرادة شعبية حقيقية

فضلا انه صار يوما بعد آخر، فاقدا للشرعية. كما أن السلطة، في معظم الدول العربية، لم تشهد تداولا سلميا ديمقراطيا طبيعيا بل اعتراها الكثير من التخبط فمن توريث إلى قتل إلى عزل إلى انقلاب تلو انقلاب(3). وحتى الجهاز الاتحادي المتمثل بجامعة الدول العربية – ولمّا يمض على أيام تأسيسها الأول- سوى نصف قرن من الزمان، عانت ما عانت، وانتقلت من تجربة سياسية إلى تجربة سياسية أخرى، وان الانتقال تم في أوضاع ليست طبيعية، ففي ظل القوى الاستعمارية، نمت هذه الدول، وفي ظروف تحدي إسرائيل، انتعشت حروب، ومواجهات، ونكسات، ومحن، وهزائم، وقليل من الانتصارات لم تسمن ولم تغن من جوع. وللأسف فان دعوات الإصلاح، واغلبها جاءت من الخارج، لم تعد تجد لها صدى، وحتى النخب المثقفة العربية أصبحت تعاني إما من مرض السكوت أو العزلة والسلبية أو من التدجين والسير في ركاب السلطة، والسعي باستمرار لتلميع صورتها، مع المعرفة التامة بما تعانيه من ترهل، وضعف، وتفكك، وفساد، أخذت رائحته تزكم الأنوف(4).

أما النظام الإقليمي العربي، فقد وصل إلى نهايته، ودخل العمل العربي المشترك في نفق مسدود، فجهازه المؤسسي مشلول، وقاعدته الأيدلوجية منهارة، وقدراته التعبوية ضعيفة، خاصة بعد أن فشل في مواجهة وحل الأزمات الإقليمية التي تعصف اليوم بالساحة العربية(5).

مفاهيم جديدة:

في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كنا نتلمس بسهولة حالات من الاستقطاب الحاد الذي عرفها (النظام العربي) بجناحيه المحافظ، والثوري كما كانت تسمى، والتي عكست إلى حد ما الصراع الأيدلوجي بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، ويجب أن نتذكر جميعا كيف ان الأمة خسرت لعقود عديدة الكثير بسبب الصدع الكبير بيت التيارين القومي من جهة واليساري من جهة ثانية وبين القومي واليساري من جهة والإسلامي من جهة أخرى ويقينا أن السبب هو النظرة الحدية الأحادية للأحزاب التي شهدتها الساحة العربية.. لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وتفككه، بدأت الصراعات والأزمات تتزايد بسرعة وشدة إلى أن أصبحت المنطقة اليوم، تغلي بالصراعات المحلية والقومية والإقليمية. ومما زاد في حدة هذه الصراعات، سيادة مفاهيم جديدة تختلف عن المفاهيم الدولية التي استقرت منذ عشرات السنين، ومن هذه المفاهيم مفهوم السيادة(6).

وكما هو معروف، فان سعي الولايات المتحدة الأميركية، بعد استقرت قطبا أوحدا لإعادة تشكيل العالم- وفق منظورها البراغماتي- كان وراء ذلك كله والولايات المتحدة الأميركية، لم تعد تخفي أنها تحاول خلق شرق أوسط جديد وكبير يتسم بالاستقرار والسلام والرخاء، ذلك أن افتقارها لأي عنصر من هذه العناصر يخلق- من وجهة نظرها -تهديدا لمصالحها وأمنها القومي. وأول هذه التهديدات هي التي اصطلح عليها بـ "مشكلة الإرهاب". هذا فضلا عن أن اضطراب أسعار النفط في المنطقة، يشكل تهديدا كبيرا للمصالح الحيوية الأميركية، حيث أن الشرق الأوسط يسهم بالشريحة الكبرى من الإنتاج العالمي من النفط، بامتلاكه غالبية احتياطات العالم(7).

ومما يؤسف له أن مشكلة الإرهاب، ارتبطت بتنامي التوجهات (الأصولية الإسلامية)، التي ازدهرت بعد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، والسعي لانتهاج طريق المقاومة والجهاد، وتشجيع الشباب على الذهاب إلى أفغانستان بحجة محاربة الكفار. ولا ننسى الحملات الواسعة النطاق لجمع الشباب، وتوفير الأموال في مناطق مختلفة من العالم العربي وخاصة في دول الخليج والمملكة العربية السعودية لهذا الغرض. ومما نجم عن ذلك من عودة أولئك الشباب، بعد انسحاب السوفييت، وانتشار مشاعر الغضب، واليأس، وتفاقم البطالة، وسوء التعليم، بسبب ضعف الأنظمة الحاكمة، واستبدادها، وافتقارها للشرعية(8).

لقد فتحت الحرب في أفغانستان، والثورة الإسلامية في إيران 1979، والحرب العراقية الإيرانية 1980-1988، وانهيار الاتحاد السوفيتي، الباب أمام سيادة نوع من الأطروحات السياسية والفكرية في الغرب وأبرزها: (أطروحة نهاية التاريخ لفرنسيس فوكوياما)(9)، و(أطروحة صراع الحضارات لصموئيل هنتنغتون(10). وتتلخص الأطروحة الأولى في أن الغرب، بانهيار المنظومة الشيوعية أواخر الثمانينات من القرن الماضي، كسب المعركة، وان السبيل الوحيد لمستقبل البشرية هو اختيار الأنموذج الليبرالي الديمقراطي الغربي باعتباره الشكل النهائي لأي حكم أنساني. أما الأطروحة الثانية فتذهب إلى أن العامل الديني والثقافي أصبح هو المحرك الرئيسي للصراع بين الحضارات. وكلتا الأطروحتين تؤكدان تفوق الحضارة الغربية على الحضارة الإسلامية، وان المسلمين يكرهون الغرب بسبب ديمقراطيتهم، وانفتاحهم. وكان من نتائج شيوع هاتين الأطروحتين في الفكر السياسي العالمي، أن الولايات المتحدة الأميركية راحت تركز جهودها على وضع حركة التفاعلات الدولية تحت هيمنتها، فبشرت بنظام دولي جديد، وشرق أوسط موسع وكبير. ومما زاد من قيمة هاتين الأطروحتين ما حدث في 11 أيلول – سبتمبر 2001، والاتهامات التي وجهت للأصوليين الإسلاميين المتمثلين بتنظيم القاعدة وزعيمهم أسامة بن لادن وأبرزها- كما قال الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش- أن من سماهم الإرهابيين يأملون في إنشاء إمبراطورية إسلامية توتاليتارية يسمونها الخلافة يحكم فيها الجميع وفقا لعقيدة الكراهية. وشدد بان الإدارة الأميركية تحمل كلام أولئك محمل الجد وعلى الولايات المتحدة الأميركية أن تعمل بتصميم لمنعهم من التوصل إلى أهدافهم(11).

 

الحاجة إلى الإصلاح والتغيير

في العاشر من تموز سنة 2002 وضع لوران مورافيتش(12). المحلل الاستراتيجي في مؤسسة راند للدراسات تقريرا قدمه إلى هيئة السياسات الدفاعية في البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية)، يتكون من (24) نقطة تلخص ما وصفه التقرير بأنه "الإستراتيجية الكبرى للشرق الأوسط". ويقول التقرير بالحرف مايلي: أن العراق يجب أن يكون المحطة الأولى التي ينبغي أن يحدث فيها التغيير، ومن بعد ذلك تأتي السعودية ومصر وهكذا بالنسبة لبقية البلدان.. وقد رسم التقرير صورة قاتمة للأوضاع في العالم العربي تدل، بما لا يدع مجالاً للشك، على أن الولايات المتحدة عازمة على إجراء تغييرات جوهرية في هذه البلدان. ويضم التقرير وهو بعنوان: "ماذا أنتج العالم العربي؟!" مجموعة من النقاط أبرزها:

1.     أن هناك مشكلات اقتصادية وديموغرافية باتت مستعصية على الحل بسبب الفشل في تأسيس سياسات تضع الازدهار والرفاء هدفاً لها.. وفي كانون الثاني 2003 أطلق كولن باول وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية – آنذاك - أمام مؤسسة التراث (هيرتيج فاونديشن Heritage Foundition) مبادرة أسماها (مبادرة الشراكة الأميركية مع الشرق الأوسط" Us – Middle East Partnership Initiative، وتتضمن المبادرة إعلان قيام الولايات المتحدة الأميركية بالمساعدة على إقرار إصلاحات سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية في بلدان الشرق الأوسط. وتتركز المبادرة على ثلاثة أسس وهي:

  1. الإصلاحات الاقتصادية
  2. الانفتاح السياسي والاجتماعي
  3. التربية والتعليم

وفي السابع من آب 2003 تحدثت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، وكانت في وقتها مستشارة للأمن القومي، عن المشروع الأميركي الخاص بالتغيير في الشرق الأوسط وذلك عبر مقالها المنشور في صحيفة واشنطن بوست بعنوان: "تأملات في التحول المنتظر بالشرق الأوسط" وأكدت بأن المنطقة العربية المكونة من 22 بلداً مع سكان يبلغ عددهم 300 مليون نسمة، متخلفة، وتفتقر إلى الحرية السياسية والاقتصادية، والناس فيها يعانون من الإحباط واليأس والوضع أصبح يشكل "تهديداً متواصلاً لأمن الولايات المتحدة الأميركية" نفسها.

المهم، ودون الدخول في التفاصيل وردود الأفعال، فان الولايات المتحدة عرضت المشروع على قمة الدول ألثمان الصناعية الذي انعقد في سي آيلاند بالولايات المتحدة في حزيران 2004، وجاء في نص مشروع الشرق الأوسط الكبير والذي سمي لاحقاً بـ "مشروع الشرق الأوسط الموسع" ما يشير إلى أن الشرق الأوسط الكبير "يمثل تحدياً وفرصة فريدة للمجتمع الدولي، فالمنطقة تعاني من نواقص ثلاثة حددها المثقفون والكتاب والخبراء العرب أنفسهم في (تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية للسنتين 2002 و2003 والنواقص هي (الحرية و(المعرفة) و(تمكين النساء) والنواقص هذه تخلق الظروف التي تهدد المصالح الوطنية لكل أعضاء مجموعة الدول الصناعية الثمان، و"طالما تزايد عدد الأفراد المحرومين من حقوقهم السياسية، والاقتصادية في المنطقة، سنشهد زيادة في التطرف، والإرهاب، والجريمة الدولية، والهجرة غير الشرعية" على حد قول واضعي المشروع.

ويصف المشروع صورة الشرق الأوسط الموسع، بوضعه الحالي، ويؤكد بأنها قاتمة و"مروعة" وتتضح القتامة في الظواهر التالية:

* إن مجموع إجمالي الدخل المحلي لبلدان جامعة الدول العربية الـ (22) هو أقل من نظيره في إسبانيا.

* حوالي 40% من العرب البالغين 65 مليون شخص اميّون، وتشكل النساء ثلثي هذا العدد.

* هناك حاجة لخلق مالايقل عن 6 ملايين وظيفة جديدة لامتصاص الشباب.

* يعيش ثلث المنطقة على أقل من دولارين في اليوم.

* لاتشغل النساء سوى 3.5% فقط من المقاعد البرلمانية العربية.

* في امكان 1.6% فقط من السكان استخدام (الانترنيت).

* يرغب 51% من الشبان العرب الهجرة إلى بلدان أخرى.

* هناك أقل من 53 صحيفة لكل 1000 مواطن عربي، بالمقارنة مع 285 صحيفة لكل ألف شخص في البلدان المتقدمة.

* إن ما تنتجه كل البلدان العربية من الكتب لا يمثل سوى 1.1% من الإجمالي العالمي.

* التعليم الأساسي في المنطقة يعاني من نواقص وتراجع.

* إن العالم العربي يترجم سنويا 330 كتابا أجنبيا أي ما يعادل خمس ما تترجمه دولة مثل اليونان.

* وان هناك 70 مليونا  لايحسنون القراءة والكتابة.

* وان الإنسان العربي لايقرأ في المعدل سوى نصف ساعة في السنة.

* وان البطالة بلغت مستويات عالية تصل إلى 60%.

* وان حصة الدول العربية كلها من الصادرات العالمية- إذا ما استثنينا النفط لاتمثل حاليا سوى واحد بالمائة من حجم التجارة الخارجية .

* وان نسبة طالب إلى مدرس، ونسبة مريض  إلى طبيب، ونسبة ما يستهلكه الإنسان العربي من الورق والصابون ومساحيق التنظيف متدنية جدا بل ومخجلة . هذا فضلا عن سيادة استبداد الحكام، وتعسفهم، وتنوع وسائل القسوة والعنف تجاه سجناء الفكر والرأي، واستخدام التعذيب في السجون (13).

لاننكر أن ثمة استجابات متعددة للإصلاح، ظهرت داخل العالم العربي على المستوين الرسمي والشعبي، وكلها تؤكد أهمية الإصلاح والتغيير، خاصة بعد أن شاع التشدد، وانشر العنف، وتعاظم الفساد، واختلفت أنماطه. وقد اقر الجميع بحقيقة تاريخية وهي أن الغرب، مع انه يرفع دعوات الإصلاح والتغيير منذ القرن التاسع عشر، لكنه سرعان ما يقف ضد كل حركة نهضة وإصلاح يشهدها العالم العربي. وتقف دعوات الإصلاح الغربية للدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، ونتائجها، وأبرزها انهيار الدولة العثمانية، وخروجها من ساحة التاريخ، مثالا بارزا على أن الإصلاح لابد وان يبدأ من الداخل: "لنحلق رؤوسنا قبل أن يحلقها لنا الآخرون"، إن هذا هو الشعار السائد في عالمنا العربي اليوم(14).

 

الوسطية التي نريد:

 ولكن ما هو نوع الإصلاح الذي نريد؟ وما هو المنهج الذي ينبغي أن يتبع؟ وهل نحن بحاجة لان تكون لنا رؤانا الخاصة إزاء الإصلاح؟ وأية تجارب يجب أن نحتذي؟. 

إن أية مراجعة لما قدمه المفكرون، والمثقفون، والأكاديميون، وغير الأكاديميين في عالمنا العربي، حول دعوات التغيير والإصلاح- سواء كانوا من ذوي السياسة أو الاجتماع أو التاريخ أو الاقتصاد أو الإعلام أو القانون - تثبت أنهم يقرون بان دعوات الإصلاح والتغيير الجديدة، ببعدها العولمي، أخذت طابعا سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا واستندت إلى سلسلة من تقارير التنمية البشرية حول الشرق الأوسط. كما أن الإصلاح والتغيير بات ضروريا في ضوء التحديات التي نواجهها، وان أي مشروع للنهضة والتغيير بحاجة إلى دراسة تجارب التحديث الناجحة في العالم شرقا وغربا ومنها  مثلا التجربة الماليزية.

إن الأهم من ذلك كله، أن لدينا في تراثنا العربي والإسلامي، الكثير من مقومات النهضة، فالوسطية، ومنهج الاستقرار، والاعتراف بالآخر، والحكم الراشد، مفاهيم ليست جديدة، وإنما هي مفاهيم عرفتها حضارتنا، وان لم نفعل شيئا في هذا الإطار أي إننا إذا لم نبدأ بالتغيير والنهضة والإصلاح، فلنأذن بقرب خروجنا من التاريخ، والله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

والآن ما الوسطية ؟وما الاعتدال؟ وما منهج  الاستقرار الذي نحن اليوم أحوج  ما نكون إليه من أي وقت مضى؟

إن مما يسود عالمنا العربي اليوم، من سلبيات وإشكالات وعقد واحباطات، ينبغي أن لايفقدنا القدرة على رؤية الهدف، وتعلم الوسائل، وصولا إلى النتائج المتوخاة، ولعل من أبرز ما يجب أن نعمل من اجله هو: (توفر الهمة) و(قوة العزم) (وصدق الإرادة) فالغلو، والتطرف، وعدم الاعتراف بالآخر والتشدد بالغلظة، والخشونة، وسوء الظن، والسقوط في هاوية التكفير، ورفض الرأي الآخر ليس من المفاهيم التي عرفها العرب والمسلمون خاصة في عصور الازدهار والنهوض .فالفكر العربي والإسلامي، خاصة في جانبه السياسي، فكر منفتح، متوازن، عملي، معتدل، متسامح، عقلاني، وعملي وواقعي(15)، والإسلام كدين وثقافة، ثورة على الظلم، والاستبداد، ودعوة إلى العدل، والمساواة، والصراط المستقيم في كل ميادين الحياة، والتوازن والاعتدال يتجسد ليس في جانب العقيدة، وحسب بل وحتى في جوانب العبادات، والمعاملات، والتشريعات. وعلى هذا الأساس فالوسطية، ليست أسلوبا في الحياة، بل طريق ومنهج للتغيير والاستقرار. إنها تعني التوسط أو التعادل بين طرفين متقابلين أو متضادين؛ بحيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير، ويطرد الطرف المقابل، وبحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه، ويطغى على مقابله ويحيف عليه(16). وفي هذا الصدد يمكن القول بان الوسطية كمنهج في الحياة، تمثل اتجاها يفضي إلى النهضة، والتغيير، ومراعاة الواقع، والزمن، فإذا كان التطرف الذي يميل إلى الانعزال عن الواقع أو المواجهة العنيفة معه، ليس طريقا للنهضة، وإذا كان التفريط هو نوع من التكيف مع الواقع والخنوع له، والالتحاق بالقوى المهيمنة، والتسليم بالهزيمة، فان الوسطية هي التي تحمل مشروعا للتغيير بهدف تحقيق النهوض الحضاري(17).

والوسطية هنا ليست تسليما بالواقع، وإنما هي القدرة على التعامل مع الواقع لتغييره وليست القدرة على التكيف مع الواقع دون تغييره. ومما يعطي الوسطية، والدعوة إلى منهج الاستقرار أهمية، أن الوسطية ترفض الخضوع للأجنبي. كما أنها ترفض واقع التخلف، والتجزئة لان ذلك  تضييع للحقوق وتفريطا بها. كما أن الوسطية  تؤمن بالتدرج، واقتراح البدائل، وعدم الاكتفاء بالنوايا الصادقة في الإصلاح، وإنما العمل المتواصل على تقديم النماذج الصالحة. إنها حالة من التوازن بين التشدد والشذوذ من جهة، والتهاون والتقصير من جهة  ثانية. وهي منهج في الحياة، وفي العمل السياسي وفي التعامل مع الآخرين، والوسطية كتيار، ممتد عبر التاريخ، ليس وليد حالة تاريخية واجتماعية راهنة، وإنما هو نتاج لحركة التجديد والوسطية بهكذا مفهوم لاتلجأ إلى طريق العنف في التغيير الداخلي، لكنها تبرر المقاومة لقوى الاحتلال والهيمنة الخارجية. ويقينا إن الوسطية، إذا ما انتهجت، فأنها ستؤدي إلى الاستقرار السياسي، والاجتماعي، فلا تنمية بدون استقرار، ولا استقرار بدون وسطية. وكما هو معروف فأن من معايير الاستقرار السياسي والاجتماعي ازدياد فرص الانفتاح السياسي، والديموقراطية المقترنين بالاعتدال في المواقف والسلوكيات، فالفكر الوسطي يؤمن بالآخر ولا يرفضه ويسعى من اجل تأمين نقاط التقاء مع الآخرين. ومن ثمار الوسطية زرع الثقة بين أبناء البلد الواحد وهذا مما يشيع حالة من المودة، وبناء علاقات اجتماعية ايجابية، والابتعاد عن التعصب والحقد وهذه تساعد في بناء المجتمع وتحقيق حالة من الاستقرار التي تهيئ المجال للتفاعل الاجتماعي الصحيح وإحراز اكبر قدر من المنجزات المفيدة(18).

 

الطبقة الوسطى والتغيير:

لنتساءل هنا، من هم المؤهلين في مجتمعنا لقيادة منهج الوسطية، والسعي باتجاه تحقيق الاستقرار، والسلم الاجتماعي، والتنمية المستدامة؟ ونقول – وبكل صراحة – إنهم أبناء الطبقة الوسطى ..هذه الطبقة التي باتت تواجه في عالمنا العربي الذوبان، والانهيار، والتفكك نتيجة استقطاب المجتمع إلى( قلة يملكون كل شيئ)، و(كثرة لاتملك شيئا)(19).

لقد تعرضت الطبقة الوسطى العربية إلى الكثير من التحديات، وانحسر دورها مع أنها قامت بدور مهم في تبني الدعوة إلى الاستقلال، والعمل من اجله.لم تكن الطبقة الوسطى العربية طبقة رأسمالية بالمفهوم الغربي، وإنما كانت طبقة اجتماعية احتل فيها المثقفون جزءا ديناميكيا، وخاصة في دعوتها إلى التحرر السياسي، والتحرر الاجتماعي، ونشاطها في إقامة قاعدة صناعية وطنية بعيدا عن قيود الحكومات وتدخلاتها(20). وإذا ما أردنا لمنهج الوسطية، ولدعوة الاستقرار النجاح لابد من توسيع قاعدة الطبقة الوسطى في المجتمع، وإفساح المجال لها في أداء دورها في إحداث الإصلاحات الاقتصادية، وزيادة حجم مشاركتها في التجارة العالمية الحرة .وإذا ما تحقق لها ذلك فإنها سوف تكون ليس محركا للتغيير في العالم العربي والشرق الأوسط، وحسب، بل ومؤثرا على الاستقرار كذلك(21).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 Moderation And Stability Approach

In A changing World

Prof. Dr. Ibrahim Khalil Al – Alaff

Professor of Modern History, Mosul University

Abstract

Moderation does not mean to be with reality, but it is the capability in dealing with reality to change it and not accommodate with reality without changing it. This gives moderation, the call for stability method an importance. It refuses to be Subject to foreigner, and rejects backwardness, secession for this means losing rights.

Moderation belives in gradualism, suggesting alternatives and not to keep only by faithful intentions in reform.

There should be a continous work in providing good examples. It is the state of balance between extremism and upnormality from one side, negligence and default from another. Moderation is a method in life, politics and dealing with others. Moderation as a trend, extends a cross history, not being a historical and social state, but it is the product of a renewal movement. Moderation does not take the road of Violence to change things, but it justifies resistance against powers of occupation and foreign dominance.

Really, moderation, if it is being applied, it will lead to political and social stability, There is no development without stability and no stability without moderation. It is well – Known that standards of political and social stability may increase the chances of political openness and democracy linked with moderation in attitudes and behaviours.

Moderation in thought recognizes the other and doesnot refuse it trying to secure points of understanding with others. One of these fruits of moderation is to plant confidence among People of the country and this will spread the state of mercy, building Positive social relations and to be far from extremism and dislike and this helps in building society and a achieving a state of stability which prepares the scope of  right social interaction.

The paper asks: who are qualified in our society to lead the approach of moderation to achieve stability, social safety, sustainable development?

We say, frankly, that they are the people of the Middle class. This class in our Arab world is facing deterioration and disjoining due to society attracting the few (Who holds every thing) and the majority (who have nothing).       

 

الهوامش والمصادر:

(1) نشر ببيروت سنة 1953.

(2) انظر: إبراهيم خليل العلاف، "النظام السياسي العربي والإقليمي من التاريخ الى المستقبل "في: إبراهيم خليل العلاف (تحرير)، النظام السياسي العربي والإقليمي: التغيير والاستمرارية، أصدره مركز الدراسات الإقليمية، جامعة الموصل، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، (الموصل، 2009)، ص7.

(3) انظر: عبدالرحمن خيزران، "النظام السياسي العربي والمعالجات المطلوبة"، مقال منشور على الشبكة العالمية للمعلومات، موقع الكاتب نفسه.

 (4) انظر: السيد ولد أباه، "هل انتهى النظام الإقليمي العربي"، جريدة الشرق الأوسط (اللندنية)، العدد 10285 في 25 كانون الثاني –يناير 2007.

(5) وابرز تلك الأزمات ما يسمى بعملية السلام في فلسطين، والصراعات  الداخلية في اليمن والصومال ..

(6) خطاب الرئيس المصري حسني مبارك في الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشورى، 16 تشرين الثاني –نوفمبر 2002 في موقع الهيئة العامة للاستعلامات (الالكتروني).

 http://www2.sis.gov.eg/Ar/Politics/PInstitution/President/Speeshes/00

0001/0401010200000000000471.htm وانظر كذلك: مروان الفاعوري، "المدرسة الوسطية.. مدرسة الابتكار والبدائل"، مجلة الوسطية، عمان، السنة1، العدد4، تشرين الثاني – نوفمبر 2008، ص ص 3-4.

(7) احمد جلال محمود، "العوامل الجيوإستراتيجية للصراعات الإقليمية في الشرق الاوسط"، موقع كتاب من اجل الحرية (الالكتروني)، 14 آذار – مارس 2010.

(8) انظر: إبراهيم خليل العلاف، نحن وتركيا: دراسات وبحوث، أصدره مركز الدراسات الإقليمية، جامعة الموصل، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، (الموصل، 2008)،
ص 429
.

(9) انظر : فرنسيس فوكوياما، نهاية التاريخ وخاتم البشر، ترجمة حسين احمد أمين، مركز الأهرام للترجمة والنشر، (القاهرة، 1993).

(10) انظر: صموئيل هنتنغتون، صراع الحضارات.. إعادة صنع النظام العالمي، ترجمة طلعت الشايب، (بيروت، 1998 ).

(11) حول تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن انظر: ستيفن بليتير "الأصولية الإسلامية في الشرق الأوسط.. النشأة، التطور، المستقبل. في كتاب: مستقبل الإسلام السياسي.. وجهات نظر أميركية، المركز الثقافي العربي، (الدار البيضاء، 2001 ). وكذلك :

Abdel   Bari  Atwan ,The Secret History Of Al Qaeda, University Of California Press , (Berkley ,2006 ) .

(12) انظر:  فاروق البربير، "عن أزمة العالم العربي وتقرير راند كوربوريشن"، مجلة تاريخ العرب والعالم، السنة (22)، تشرين الثاني – نوفمبر، كانون الأول – ديسمبر 2002، ص ص 3-5 وكذلك: إبراهيم خليل العلاف، "الإصلاح والتغيير.. الحاجة والحل، في حنا عزو بهنان (الإصلاح والتغيير في العراق ودول الجوار، أصدره مركز الدراسات الإقليمية، جامعة الموصل، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، (الموصل، 2009)،
ص ص 5-6 وكذلك انظر: إبراهيم خليل العلاف، "الشرق الأوسط.. الشرق الأوسط الجديد.. والشرق الأوسط الكبير: رؤية تاريخية – سياسية،
مجلة (دراسات إقليمية)، التي يصدرها مركز الدراسات الإقليمية بجامعة الموصل، السنة 1، العدد2، كانون الأول – ديسمبر 2004 ص ص 13-37.

(13) للتفاصيل انظر: جلال احمد أمين، المشرق العربي والغرب، مركز دراسات الوحدة العربية، (بيروت، 1988 ).

(14) انظر : إبراهيم خليل العلاف، "الإصلاح والغرب.. تجارب من التاريخ العربي الحديث" في حنا عزو بهنان، المصدر السابق، ص ص 9-12.

(15) للتفاصيل انظر: فاضل زكي محمد، الفكر العربي في ماضيه وحاضره، دار الحرية للطباعة، (بغداد، 1978 )، ص ص 23-33.

(16) انظر: رفيق حبيب، "الوسطية والتغيير وتعديل مفهوم الاعتدال، موقع إسلام اون لاين (الالكتروني )18 أيار – مايو، 2008. ومما ينبغي الإشارة إليه إن الوسطية- كطريق ومنهج- حظيت بالاهتمام من لدن المثقفين والمفكرين العرب. وقد صدرت في عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية مجلة بأسم: "الوسطية" يصدرها المنتدى العالمي للوسطية ولها موقع على شبكة المعلومات العالمية رابطه التالي:          www.wasatyea.org

كما أنجزت أطروحات حول الوسطية منها أطروحة الدكتوراه التي تقدم بها الدكتور أبو أمامة نوار بن الشلي إلى جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة في جمادى الثاني 1426 هجرية (2005 )، وأجيزت وكانت بعنوان : "نظرية الوسطية وتطبيقاتها في الفقه الإسلامي".

(17) المصدر نفسه .

(18) للتفاصيل انظر:يوسف القرضاوي، "الوسطية والاعتدال "، في الموقع التالي:

 http://ascooor.maktoobblog.com / وكذلك :يوسف القرضاوي، "مفهوم الوسطية في الإسلام" موقع القرضاوي (الالكتروني)، 8 آب- أغسطس 2007 والرابط هو:

http://www.qaradawi.net، وانظر لتفاصيل أخرى :محمد عمارة، "سنة التدرج في الاصلاح"، مجلة الوسطية مارة الذكر، ص ص 5-8، سعد الدين العثماني، "دور الوسطية في الاستقرار السياسي "، مجلة الوسطية مارة الذكر، ص ص 67-72.

(19) رامون شاك، حوار مع الخبير في الشؤون الإيرانية والي نصر، ترجمة رائد الباش، موقع قنطرة ( الالكتروني )، 2010

(20) انظر: إبراهيم خليل العلاف، تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني، دار ابن الأثير للطباعة والنشر، (الموصل، 1982 ) .

(21) شاك، المصدر السابق.


صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...