باب الطوب 1907
باب الطوب في
الموصل
ا.د. ابراهيم خليل
العلاف
استاذ التاريخ
الحديث المتمرس جامعة الموصل
كانت الموصل عبر تاريخها
الطويل مسورة بسور عظيم .. وكان في السور أبواب عدة منها :"باب الطوب "
والطوب كلمة تركية تعني "المدفع " وباب الطوب بالتركية "توب-كابي " عمره
بطل الموصل ايام حصار نادر شاه الحاج حسين باشا الجليلي 1743 .
باب الطوب هو احد ابواب مدينة الموصل المهمة ويعتبر بابا مستحدثا خلال
العهد الجليلي 1726-1834 ميلادية فتحه الحاج حسين باشا الجليلي والي الموصل الكبير
وبطل مقاومة الموصليين لحصار نادرشاه 1743 ميلادية (تولى ولاية الموصل ثمان مرات آخرها
1757-1758 ميلادية ) وقد فتحه بناء على
تعليمات من السلطان العثماني مصطفى خان وموقع الباب( باب الطوب ) بالضبط هو في
"الساحة التي بين جامع باب الطوب عند سوق الصوافة وسوق القصابين الذي ادركته
انا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي .
ومصطفى خان المقصود هو السلطان مصطفى
الثالث وكان مهتما بالأدب والشعر والخط والفلك وهو نفسه كان شاعرا وقد تولى الحكم
سنة 1757 وتوفي سنة 1774 ميلادية .
ومن الطريف ، كما يشير الى ذلك نيقولا سيوفي القنصل الفرنسي
في الموصل والمولع بالآثار الاسلامية ومنها الاثار العثمانية وقد عمل في الموصل
بين 1878 -1893 ميلادية في كتابه ( مجموع
الكتابات المحررة في أبنية مدينة الموصل ) والذي حققه ونشره الاستاذ سعيد الديوه
جي سنة 1956 ، أنه
كان مكتوبا على الباب ، اقصد على باب الطوب (أمر بعمارة الباب ، السلطان بن
السلطان الغازي مصطفى خان بمباشرة الوزير المكرم الحاج حسين باشا الجليلي ) ، وفي الركن الايمن من الباب الآية
الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم ( سلام عليكم ، طبتم فادخلوها خالدين ) ، وفي
الركن الايسر منه ايضا الآية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم : (الذين آمنوا لهم
البشرى ) .
وللأسف لا توجد لدينا صورة لباب الطوب
ويقال ان الباب سمي كذلك لأنه كان هناك مدفعان احدهما في ركنه الايمن والاخر في
ركنه الايسر ، والمدفع كما كان يسمى آنذاك في الموصل وغير الموصل (الطوب) وكلنا
يتذكر اهزوجة العراقيين وهم يقاتلون المحتلين الانكليز في ثورة العشرين الكبرى (
الطوب أحسن لو مكواري) .
كان هناك قرب الباب اقصد (باب الطوب) مركز
للشرطة في اواخر العهد العثماني يُسمى ( قوللق باب الطوب ) او (قولغ باب الطوب ) واهل الموصل وخاصة كبار
السن من الشياب لايزالون يقولون (القلغ)
ويقصدون مركز الشرطة ومن الطريف ان هذا
المركز كان قريبا من سوق الملاحين وهو السوق الذي يباع فيه الملح وما كان يحتاج
اليه ابناء القرى والارياف المحيطة بمدينة الموصل من حبال ودباغ وخيوط وغير ذلك ، وكان
مكتوبا في صدر القلغ ، قلغ باب الطوب من
جهة القبلة ( قد رُسم هذا القره غول بإنشاء مهندس قائمقام مير عبد القادر ) سنة
1262 هجرية – 1845 ميلادية . وهناك ستة ابيات مكتوبة باللغة التركية –الحروف
العربية تؤرخ هذه الابيات الى أن من اسس
هذا القلغ هو المهندس القائمقام مير عبد
القادر (يعني مهندس عسكري رتبته عقيد )
واسمه مير عبد القادر .
يذكر المرحوم الاستاذ قصي حسين ال فرج في
كتابه (محلة باب الطوب ) الطبعة الثانية ،الموصل ،2010 ان خارطة الجغرافي الالماني
هرزفيلد للسنة 1907 والمنشورة سنة 1917 تبين موقع الباب باب الطوب وانه كان يُفتح
على الساحة التي بين سوق القصابين وجامع باب الطوب وانه كان يسمى (باب القصابين ) ولايبعد عن جامع باب الطوب سوى عشرات الامتار
وكان يقابله خان عبو التوتونجي وان المرحوم جاسم محمد الخلف السبعاوي وهو من مواليد
سنة 1901 ويعرف بين الناس (ابو دكة) حدثه عن باب الطوب وقال له انه كان بابا كبيرا
والى جانب هذا الباب باب صغير لدخول الناس بمعنى ان الباب الرئيس الكبير ما كان
يفتح الا في ظروف محددة من قبيل دخول المواشي والحيوانات المحملة بالامتعة
والبضائع .اما الاهالي واصحاب المهن خاصة في المنطقة فكانوا يدخلون ويخرجون من باب
صغير ضمن صفاقة احد الجوانب للباب الرئيسي الكبير الذي يواجه منطقة سوق القصابين
وسوق اللحم الذي ادركته انا كاتب هذه السطور والقريب من سينما الفردوس والمركز
العام للشرطة وكان هناك باب قبل باب الطوب يسمى في العهد الاتابكي خلال القرن 12
الميلادي (باب القصابين ) ومن الطريف ان الاهالي كانوا يبلغون حراس الباب في حالة
تأخر ابنائهم او ازواجهم في العودة الى داخل المدينة وذلك بإعطاء اسمائهم للحراس
حتى عودتهم ليلا على ان لا تكون العودة من باب آخر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق