الجمعة، 1 ديسمبر 2017

الموصل كما رآها الروائي والكاتب المصري جمال الغيطاني


الموصل كما  رآها الروائي والكاتب المصري جمال الغيطاني  

من مدونة  الاستاذ وسيم الشريف *


زار الموصل الروائي المصري جمال الغيطاني في فترة السبعينيات من القرن الماضي وتجول في جنبات المدينة وتكلم عنها في كتابه قال عنها :
(... الموصل في الليل يبدو وجه المدينة الحديثة الشوارع المضاءة بالنيون والإعلانات الملونة ونظام المرور الدقيق والسهر الممتد حتى منتصف الليل ودكاكين السندويتشات السريعة ودور السينما العديدة مدينة حية عصرية شابة ومن الضفة الأخرى لنهر دجلة يبدو غارقة في الأضواء تتصاعد منها باقات أصوات وضجيج خافت ويسري دجلة على مهل .
مع ضوء النهار تبدو المدينة متشحة بعباءة التاريخ طابعها القديم يغلب على منظرها العام الذي يبدو من الضفة الأخرى وينتابني إحساس غامض بأنني جئت إلى المدينة من قبل رأيت هذه البيوت المتجاورة والمئذنة المائلة التي يتوارى أمامها برج بيزا خجلا نحيلة سامقة كنخلة سامقة كنخلة مالت بها السنين تعلو فوق كل البيوت إنها مئذنة الجامع الكبير المعروف بالنوري نسبة إلى نور الدين زنكي الذي أقامه حوالي عام 569هجري \1169م تحتفظ الموصل بالعديد من مساجدها إلى الخلف منا وفوق هضبة مرتفعة تقوم مئذنة نحيلة تشبه مآذن العصر العثماني في القاهرة (مآذن القلم الرصاص) وتحتها يستقر مسجد النبي يونس ويقال انه مدفون فيه والمسجد مقام فوق معبد أشوري قديم حوله وعلى مسافات متفاوتة تنتشر مدينة نينوى عاصمة الأشوريين وفي الموصل مدافن أنبياء الله شيت ودانيال وجرجيس وفيه قبر الشاعر المشهور أبو تمام الطائي المتوفى سنة 231هجري\845م وابن شداد المتوفى سنة 632هجري \1232م وعز الدين ابن الأثير المؤرخ المشهور صاحب كتاب الكامل في التاريخ وعاش بها أيضا ابن خلكان صاحب كتاب (وفيات الأعيان)ثم إبراهيم الموصلي وابنه إسحاق نديما هارون الرشيد الشهيران بفن الموسيقى والغناء .
وعندما نقطع الجسر الحديدي الذي يصل ضفتي دجلة ندخل شوارع الموصل لا يتبدد الإحساس بالجو التاريخي إن عمارات شاهقة تقوم هنا وهناك تكسبها طابع الحداثة غير أن عتاقة التاريخ أمر لا تخطئه العين, الحركة في الشوارع كثيفة لا عجب فهي ثاني مدن العراق من حيث الحجم قرب الطريق المؤدي إلى بغداد يقوم مصنع كبير للنسيج إن شهرة الموصل في صناعة النسيج تعود إلى قرون عديدة وهذا النوع المشهور من القماش (الموسلين)تخصصت فيه الموصل واسمه مشتق منها قبل إنشاء قناة السويس كانت المدينة مركزا هاما تعبره القوافل إلى أوربا والى الهند ولكن الكساد طرأ عليها بعد حفر القناة وقد وصف ويكرام القسيس الانجليزي الموصل في كتابة مهد البشرية وصفا دقيقا نتبين من خلاله مدينة ضيقة (زارها في بدايات هذا القرن )متسخة الأزقة والحواري لا ينفذ أليها النور أو التهوية الصحية والمدينة التي رآها (ويكرام)لا علاقة لها بالمدينة التي نراها ألان المزدحمة الطلقة والتي تذكرنا إلى حد ما بمدينة دمياط في مصر أحيانا تتشابه المدن في بعض السمات لكن يبقى لكل مدينة شخصيتها حتى لو قامت في كل منها العمارات الحديثة تلك العمارات المتشابهة إن المدن كالإنسان تختلف ملامحه من شخص إلى آخر وبالمعايشة الدقيقة تجد أن لكل مدينة حياتها الداخلية وأسرارها وعاداتها وسلوكها الخفي والعلني واضح أن الموصل مدينة عملية لا تضيع وقتا كل شيء فيها محسوب ودقيق حتى السوق القديم يختلف عن باقي الأسواق في العراق فسوقها تغمره الشمس فهو يفقد الظلال ويقترب بهذا من العصرية كل شيء فيه محدد يدل على عصرية المدينة وحداثتها...)
__________________________________________________
_________________________________________________
* المصدر : مدونة الاستاذ وسيم الشريف والرابط : http://tarekhuna.blogspot.com/2013/05/blog-post_18.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...