الثلاثاء، 28 فبراير 2017

دراسات في عمى الألوان شعر : محمود البريكان





كتب  الشاعر الاستاذ علي نوير في صفحته الفيسبوكية يقول :" في مثل هذا اليوم من عام ٢٠٠٢رحل عنّا شاعرنا الكبير محمود البريكان 1931 - 2002   مُثخناً بالطعنات ، وبقيت روحه حاضرةً في قصائده الخالدة " .
 وللمناسبة هذه اخترت لكم هنا إحدى قصائده :
دراسات في عمى الألوان
شعر : محمود البريكان 

أوبئةٌ مجهولةٌ
تفترسُ الأرواح
نحن هنا أشباح
تنحتُ أحلاماً من الحجر .
.
سافرْ الى قرارةِ المُحيط
إنْ شِئتَ ، أو فارحلْ الى القمر
هيهات أن تسحركَ الصوَر
ما أنتَ بالبسيط
وسوف لن تفهمَ شيئاً من فم القدر .
.
يوقظكَ الصباح
لتسبرَ الليلَ ورؤياه
وأنتَ لا تذكر مسراه !
.
تروي لكَ الرياح
ما دفنَ التاريخُ من أسرارِ موتاه
وأنتَ لا تسمع إلّا قصّةَ السفّاح
.
صلّيتَ آلافاً من المرّات
ولم ترَ اللهَ ؟
أما أتعبكَ الأموات
بالنومِ في دارك ؟
ولم يعلّقْ بعد طفلٌ ما على عارك ؟
.
وعندما تختصر البحار
وترسم النجومَ في النهار
وتقلب الأرضَ ، ألا تحب أنْ تلقي
أنتَ سؤالاً ما على جارك ؟
.
ألا تحب أنْ تحسّ مرّةً إيقاعَ أفكارك ؟
روح الخفافيش .
لكَ القدرةُ ؛ تستطيع
أن تستضيفَ الموتَ في حديقةِ الربيع .
.
وجهُكَ تجريدُ المباءات .
ولا جحيم
أقبحُ من بكائكَ القديم
.
تنحرفُ السماء
عن لونها ، ينقسم الضياء
في بؤرةِ الوهمِ ، وينحلُّ الى سديم .
.
وتُصلبُ المياه
على مجاري الروح .
وعالمُ المنظورِ باتّساعهِ المفتوح
يسقطُ في صداه .
.
دموع
كاذبةٌ . حرارةُ الدموع
كاذبةّ . مُلوحةُ الدموع
كاذبةّ . ما هي إلّا عطشٌ وجوع .
.
جثث
من لُغةِ الوحي .
وأشكالٌ من العبث
تنقصها شرارة النزوع .
.
أشرعةٌ ولا مُغامرة
لوالبٌ في داخل الأَرضِ - ولا كنوز
قلاع
ليست مُحاصرَة
تعيشُ في كابوسِها العجوز .
.
ليست هنا حقيقةٌ ، ليست هنا رموز
ليسَ هنا نفيٌ ولا قبول
ليسَ هنا صراع .
.
هنا مهبُّ الريح
ومعرضُ الذبول
 ومدفنُ الشمسِ المُسافرة .

.
.
محمود البريكان ..... ١٩٦٩
نُشرَتْ أوّل مرّة في مجلة المثقف العربي
العدد الأول ، شباط ،  ١٩٧٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المؤرخ العراقي الدكتور صلاح الدين أمين طه ...........مؤرخ الحياة في ارمينيا

  المؤرخ العراقي الدكتور صلاح الدين أمين طه ...........مؤرخ الحياة في ارمينيا ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ...