حزب الاستقلال العراقي في الموصل
1924-1926
ا.د. ابراهيم العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
جوابا على سؤال أحد طلبة الدراسات
العليا ، والذي يكتب رسالة ماجستير عن :"حزب الاستقلال العراقي في الموصل
" ، اقول : ان هذا الحزب تأسس بهدف محدد وهو الدفاع عن حقوق الموصل ، وانضمامها للدولة العراقية الحديثة في وجه
مطالب تركيا بها في اعقاب انتهاء الحرب العالمية الاولى . وقد تأسس هذا الحزب في الاول
من ايلول –سبتمبر سنة 1924 . وقد كتب عن الحزب عدد من المؤرخين منهم الاستاذ الدكتور
فاضل حسين في كتابه عن "مشكلة الموصل " ، والاستاذ الدكتور فاروق صالح العمر
في كتابه عن :"الاحزاب السياسية في العراق " لكن كتاباتهم كانت مقتضبة
.كما كتب السيد عبد الرزاق الحسني في الجزء الثالث من كتابه
:"تاريخ العراق السياسي الحديث " عن حزب الاستقلال العراقي وسماه مرة
"حزب الاستقلال الوطني " ومرة " حزب الاستقلال العراقي " وقال
انه تشكل في الموصل في الاول من ايلول 1924 وقام "بخدمات جلى للعراق في قضية الحدود
العراقية –التركية ، وكان دفاعه عن الوطن مجيدا " .. "كما انه تألفت في الموصل
في كانون الثاني سنة 1925 جمعية سياسية بإسم (جمعية الدفاع الوطني ) ساندت (حزب الاستقلال
الوطني ) في الدفاع عن الموصل " . وقد اورد نص "النظام الاساسي لحزب الاستقلال
العراقي " والمؤلف من 16 مادة وقال ان وزارة الداخلية وافقت على هذا النظام وعلى
تأسيس الحزب في الموصل وذلك بكتابها المرقم 12617 والمؤرخ في 1 ايلول سنة 1924 المعنون
الى متصرفية لواء الموصل .
ومما جاء في النظام الاساسي :"ان الحزب
الذي يؤلف بمقتضى هذا النظام يسمى "حزب الاستقلال العراقي " وهو حزب سياسي
(المادة 1 ).وشعار الحزب :" ليس للانسان الا ماسعى " وهو الشعار نفسه الذي
رفعته جمعية العهد العسكرية المؤلفة سنة 1913 (المادة 2 ) وان غاية الحزب ومقاصده السياسية
هي (المادة 3 ) :
أ. الاستقلال
التام للقطر العراقي بحدوده الطبيعية على ان تكون حكومته ملكية دستورية ديموقراطية
تستمد سلطتها من الشعب العراقي نفسه ،وتسير في انظمتها الداخلية على احسن واقصر الطرق
المؤدية الى اسعاد الامة ورقيها وايصالها الى السوية التي تليق بماضيها المجيد ،لتتبوأ
مركزا خاصا بين شعوب العالم المتمدن الحرة ومن اهم الدعائم التي يضعها الحزب لسياسته
الداخلية والخارجية قاعدة (العراق المستقل لايتجزأ ).
ب. يستهدف الحزب تنشيط حركة الوحدة العربية
في الخارج على قدر ما تسمح به وضعية العراق السياسية ،ومنافعه الخاصة .(وهذا اول حزب
عراقي يشير في نظامه الاساسي الى هدف الوحدة العربية وفي هذا الزمن المبكر 1924 )
ت. يعتمد الحزب في سياسته الخارجية على
عطف العالم المتمدن وعلى الاخص على عطف الشعب البريطاني النبيل الحر ،ويسعى لتقوية
المناسبات الودية بين الحكومتين العراقية والبريطانية وجعل هذه المناسبات صالحة لتنمية
صداقة حقيقية وطيدة بين الشعبين العراقي والبريطاني مع النظر بعين الاعتبار الى قاعدة
( تبادل المنفعة بصورة متساوية بين الشعبين الكريمين ) .
ث. يسير الحزب في سياسته الداخلية على
قاعدة ( ربط الشعب بحكومته بروابط الثقة ) مع مراقبة اعمال الحكومة والدفاع عن مصالح
الشعب وايجاد التفاهم التام بين الامة والحكومة ،وبين كافة افراد الشعب ومقاومة كل
فكرة تضر بالوحدة العراقية وبالمصالح العراقية والسعي للقضاء على اية فكرة او دعاية
أجنبية . ويهتم الحزب بصورة خاصة في السعي لاسناد الوظائف في الحكومة الى الاكفاء المخلصين
من ابناء البلاد واصلاح الحالة الادارية الداخلية بشكل يؤول الى راحة الشعب وحفظ حقوقه
.وكذلك فإن الحزب يضع نصب عينيه الاهتمام التام في جعل التربية والتعليم في البلاد
العراقية بحالة صالحة ومتناسبة مع الرقي الحاضر ،وكافلة لتطمين آمال الامة ورغباتها
،مع تنشيط المدارس الاهلية ،وحض الامة على الاكثار منها ،وحث الامة والحكومة معا على
ارسال البعثات العلمية الى الممالك الراقية بمقادير متناسبة مع حاجة البلاد الشديدة
لهذا الامر الحيوي ، وتعضيد كل ما يؤول لتزييد قوى الامة المادية والمعنوية .
ومما أكد عليه النظام الاساسي للحزب ايضا
انه يسعى لتأمين التعاون التام بين جميع اعضائه بصورة خاصة ،ويدافع بكل مالديه من الوسائل
عن حقوق المنتمين اليه ومنافعهم المشروعة .(المادة 4 ) .
وفي المادة (5 ) اكد الحزب على ان لايستعمل
الحزب لاجل الوصول الى مقاصده سوى الوسائل السلمية المشروعة . وفي المادة (6 ) اشار
الحزب الى انه يتألف من مركز عام وفروع ،وتكون مدينة الموصل مقرا لمركزه العام على
ان لايجوز نقل المركز الى محل آخ بقرار خاص من (لجنة المركز الادارية ) . ويتألف كل
من المركز العام والفروع من ( الهيئة العامة ) التي تضم جميع اعضاء الحزب ومن (لجنة
ادارية ) تتألف من تسعة اعضاء في المركز العام زمن ثلاثة الى السبعة في الفروع ،على
ان ( تؤلف اللجنة الادارية في المركز العام لاول مرة من مؤسسي الحزب السبعة ). (المادة
7 ) .
ونصت المادة (8 ) انه ف خلال شهر واحد من
صدور الرخصة من الحكومة بتشيل الحزب رسميا ،يجب على ( الهيئة المؤسسة ) ان تدعو
اعضاء الحزب لاجتماع عام تنتخب فيه (لجنة ادارية مؤلفة من تسعة اعضاء) وفقا للمادة
ال (7 ) على ان تدخل فيها لاول مرة فقط خمسة اعضاء من الهيئة التأسيسية .كما يجب تجديد
انتخاب ثلثي اعضاء اللجنة الادارية في كل ستة اشهر على الطريقة التي يعينها نظام الحزب
الداخلي . "ولايشترك في انتخابات اللجنة الادارية الا الذين يعرفون القراءة والكتابة
من اعضاء الحزب " (المادة 9 ) . ويكون للحزب في مركزه العام (معتمد ) و(أمين صندوق
) و(كاتم اسرار عام (سكرتير او أمين للسر ) و(كاتب ) تنتخبهم اللجنة الادارية من بين
اعضائها ويكون لكل من لجان الفروع معتمد وكاتب وأمين صندوق (المادة 10 ) .
ونصت المادة (11 ) على ان يقبل الحزب لعضويته
بقرار من لجنة الادارة كل عراقي قد اكمل العشرين من العمر وغير ساقط من الحقوق المدنية
وغير ملوث السمعة والاخلاق وهو لايقبا الاجانب عن الجنسية العراقية.
وفي المادة (12 ) تأكيد على ان المأذونين
(المخولين ) بتعاطي المعاملات الرسمية بإسم الحزب هم : كاتم اسرار الحزب العام
والمعتمد منفردا ومجتمعا وهم السكرتير (مكي بك الشربتي ) والمعتمد ( المحامي محمد صدقي
سليمان افندي ) .
وتجمع دراهم الحزب من الاعانات ، والتبرعات
، والحصص النقدية التي يتقاضاها من اعضائه ،وريع المشاريع الادبية والاقتصادية التي
يقوم بها الحزب وما يماثلها من جميع وسائل المال التي يبيحها القانون ( المادة 13
) .
وكل عضو يدخل على الحزب ان يدفع دخوليةلاتقل
عن (آنتين والآنة 4 فلوس ) وكذ لك يجب عليه ان لصندوق الحزب شهرية لاتقل
ايضا عن آنتين ولاتزيد على الثلاثمائة روبية في السنة (الروبية 75 فلسا عراقيا ) وللهيئة
الادارية ان تستثني المعسرين من دفع الراتب والدخولية .(المادة 14 ) .
ونصت المادة (15 ) يجب ان يكون للحزب نظاما
داخليا خاصا لايتعارضهذا النظام .وجاء في المادة الاخيرة (المادة 16 ) :"يمكن
تعديل هذا النظام أو تبديله من قبل هيئة الحزب العامة في مركزه العام ،ويشترط لذلك
حضور ممثلين من قبل جميع فروع الحزب،وثلاثة اعضاءعلى الاقل من أول هيئة مؤسسة للحزب
في الاجتماع العام الذي يعقد لهذا الغرض " .
ترأس حزب الاستقلال العراقي احد وجوه الموصل
وهو" آصف وفائي " وكان ، كما يقول الدكتور غانم محمد الحفو في بحثه عن
"الحركة الوطنية في الموصل منذ 1921 حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية
" المنشور في "موسوعة الموصل الحضارية " الجزء 5 الموصل 1992واعتمادا
على ما كتبه الدكتور فاروق صالح العمر في كتابه عن "الاحزاب السياسية في العراق
1921-1933 " وما كتبه الدكتور عبد الامير العكام في كتابه :الحركة الوطمية
في العراق 192-1933 " ، ان معظم المنتمين الى حزب الاستقلال العراقي
هم من المنتمين السابقين في جمعية العهد (العراقي ) فرع الموصل وهم :مكي الشربتي
، وعبد الله العمري الفاروقي ، وسعيد الحاج ثابت، ومحمد صدقي سليمان ،وجميل دلالي
. وقد دعا هذا الحزب الى الاستقلال التام ، والوحدة العربية .وقد اصدر الحزب
جريدته :" العهد " لتكون لسان حاله وقد ظهر العدد الاول منها في 20 كانون
الثاني 1925 ونشط الحزب بين الطلاب والمثقفين .
وقد حاول "حزب الاستقلال العراقي في
الموصل " ان يكسب عطف العالم المتقدم ، ولاسيما الشعب البريطاني على قاعدة المصلحة
المتبادلة والمساواة بين الشعبين العراقي والبريطاني ، ومعنى هذا ان" حزب الاستقلال"
، كان يدرك ان بريطانيا التي احتلت العراق بين سنتي 1914-1918 وتولت الانتداب
عليه منذ نيسان 1920 بموجب قرارات مجلس عصبة الامم لابد لها ان تدرك ان الموصليين والعراقيين
عموما لايمكن ان يقبلوا ان تثلم سيادتهم على بلادهم وان الاوان قد حان لان تتخلى بريطانيا
عن اطماعها في الارض والمياه العراقية وان تسارع لمنح العراق استقلاله وان تقف الى
جانب السكان في ولاية الموصل والتي كانت تضم ألوية الموصل واربيل وكركوك والسليمانية
لتأكيد صيرورتها جزءا لايتجزأ من العراق .
كان من اسباب تشكيل "حزب الاستقلال
العراقي " في مدينة الموصل ، وجود جماعة موالية للاتراك لاسباب مختلفة ، فقد كان
البعض من الموظفين السابقين والضباط المتقاعدين .وكان البعض الاخر مندفعا بتأثير
ديني وبعضهم الاخر بسبب كرهم لجماعات موصلية ايدت الانكليز والحكومة العراقية وخاصة
من بين المسيحيين واليزيدية وبعض الاثرياء .وقد ذكر الدكتور جميل دلالي سكرتير
حزب الاستقلال العراقي للدكتور فاضل حسين ان الاتراك حاولوا في اواخر ايامهم القضاء
على اقتصاديات الموصل فكان بعض الموصليين ينتظر من الانكليز الذين إدعوا أنهم جاؤوا
محررين لافاتحين أن يحسنوا الوضع، فلما خاب أملهم فيهم ويئسوا من تحسن الوضع
، عادوا الى تأييد الاتراك إخوانهم في الدين . وهنا لابد ان لاننسى بأن مدينة الموصل
مدينة متدينة مسلمة ، وانها عروبية اسلامية في توجهاتها السياسية .
وقال الدكتور جميل دلالي : ان مؤيدي الاتراك
كانوا ضعفاء بسبب موقف الحكومتين العراقية والبريطانية إزاءهم فضلا عن الدور الكبير
والمؤثر لحزب الاستقلال العراقي ونشاطاته بين الاهالي وقدراته في كسب المؤيدين لهم
وضرب مثلا على ذلك وهو انه اذا وزع مؤيدو تركيا نشرات في صالحهم، صادرها القوميون
العرب واتلفوها . ورجح الدكتور دلالي ان بعض المؤيدين للاتراك كانت لهم اتصالات مع
تركيا ، وانهم تسلموا منهم مساعدات مالية ونزيد على ذلك ان الاتراك كانوا يمتلكون قوات
تتحرك لصالحهم في بعض مناطق الولاية الشمالية وهي قوة العقيد اوزدمير فضلا عن دعم احمد
السنوسي لصالحهم واستخدامهم الورقة الدينية في كسب الانصار ومنذ السنوات الاولى من
عشرينات القرن العشرين وقد فصلتُ في ذلك في رسالتي للماجستير عن "ولاية الموصل
:دراسة في تطوراتها السياسية 1908-1922 " المقدمة الى جامعة بغداد سنة 1975 وهي
غير منشورة .
كما ذكر الدكتور جميل دلالي سكرتير حزب
الاستقلال العراقي : ان مصطفى الصابونجي وجماعته ، وهو من وجهاء الموصل العرب
واثريائها ، كتبوا مضبطة ارسلوها الى الاتراك يطالبون بعودتهم . وقد حصل
الانكليز على تلك المضبطة وقدموها الى الملك فيصل .ويقسر الدكتور دلالي موقف مصطفى
الصابونجي بأنه كان هو وطبقة التجار في الموصل ضد آل العمري وضد (السادة اي آل النقيب
وآل المفتي وآل الفخري ) الذين أيدوا الحكومة العراقية ووقفوا الى جانبها
.
اما تأييد آل النجيفي وهم عرب وآل كشمولة
وهم عرب للاتراك فيفسره الدكتور دلالي بخصومتهم مع آل توحلة الذين أيدوا الحكومة العراقية
.وفسر تأييد آل النقيب وآل سليمان بك للاتراك ، بثقافتهم التركية وعواطفهم الاسلامية
، وأما تأييد اغوات باب البيض للاتراك فنسبه الى رد الفعل ضد الانكليز .
ونشرت جريدة المانجستر غارديان
The
Manchester Guardien
في عددها الصادر في 3 كانون الثاني 1925
مقالة عن مؤيدي تركيا في الموصل جاء
فيها انهم " أقلية ضعيفة التأثير" ، لكنها تطرقت الى تجدد الاشاعات
التي تذكر في المقاهي عن هجمات الاتراك وانتصاراتهم وعن قرب إحتلالهم للموصل وقالت
ان تأثير تلك الاشاعات كان ضعيفا بسبب سياسة الحكومة العراقية تجاه الصحافة .
ثم فصلت الجريدة في طبيعة العناصر المؤيدة
لتركيا في الموصل والعراق وقالت انها اي هذه العناصر مؤلفة من جماعتين :الجماعة الاولى
مؤلفة من الموظفين السابقين في العهد العثماني الذين فقدوا وظائفهم في العهد الجديد
. والجماعة الثانية مؤلفة من مؤيدي الاتراك لاسباب سياسية ودينية .وقالت ان الحكومة
العراقية حلت مشكلة الجماعة الاولى فأعادت توظيف بعضهم .اما الجماعة الثانية فأكثرهم
من الجيل القديم الذين يحنون الى ايام الدولة العثمانية .وقد حكم على ثلاثة من العملاء
الاتراك لبثهم الدعوة الى ارجاع الحكم التركي او لكونهم من حزب العودة وقد نشر اثنان
منهم كتبا بإسم الجمهورية التركية وحكم عليهما بالحبس الشديد لمدة ثمانية اشهر ونفي
احدهما الى تركيا بعد انتهاء مدة محكوميته ووضع الاخر تحت مراقبة الشرطة لمدة حكمه
نفسها وحكم على الثالث بالحبس الشديد لمدة سنة بتهمة اقلاقه الامن العام بنشره الدعوة
بأن مصطفى كمال سيحتل العراق ويقتل جميع الموظفين .
أصدر حزب الاستقلال العراقي جريدة
"العهد " لتكون لسان حاله وذلك في 20 كتنون الثاني –يناير سنة 1925 . وفي
العدد الثاني من الجريدة الذي صدر بعد اسبوع ، كما يقول الدكتور فاضل حسين
نشر الحزب بيانه السياسي .
قال الحزب في ( البيان السياسي)
ان الاتراك تجاهلوا ، حين حكموا العراق عدة أجيال ، حقوق العراقيين وقتلوا رجالهم
الاعزاء واحتقروا اشرافهم واذلوا رؤسائهم وصادروا اموالهم " . واعاد البيان الى
الاذهان نفي فريق كبير من ابناء الحلة الى الاناضول مشاة حفاة عراة وقتل احد الضباط
الاتراك لما يزيد على الثلاثمائة منهم وكيف اخذ الاتراك العراقيين الى اليمن والرومللي
والدردنيل وغاليسيا للدفاع عن الاتراك وكيف قتلوا الكثيرين منهم قبل وصولهم نصيبين
" .
كما جاء في البيان ان الاتراك جمعوا الغلال
والذخائر وارسلوها الى الالمان فسبب ذلك مجاعة الموصل في شتاء سنة 1917 وكوكان من اذر
تلك المجاعة ان خطف احدهم (عبود واصله من كفري وزوجته عمشة ) الاطفال وذبحهم
وباع لحمهم للناس بشكل قلية في السوق الى ان كتشف امره واعدم مع زوجته
"
واعاد البيان الى الاذهان حسبما ورد في
جريدة العهد ( الموصلية ) العدد الصادر في 27 كانون الثاني 1925 وجريدة العراق (البغدادية
) العدد الصادر في 2 شباط 1925 كيف رفض الاتراك اعتبار اللغة العربية :لغة القرآن
الكريم لسانا رسميا في المدارس والمحاكم وذكر :"ان العراقيين يتذكرون كيف
كانوا يدعون الله للخلاص من تركيا وموظفيها القساة وذكر الالفاظ البذيئة والكلمات المحقرة
التي كانوا يقذفون بها العرب من قبيل :"خائن عرب ..بيس عرب " .كما اشار البيان
الى الكتاب الذي نشره الاتراك بعنوان :" قوم جديد " وقال البيان ان الكتاب
كان الحاديا وان تركيا مصطفى كمال التورك ضد الدين وانها الغت الخلافة والمحاكم الشرعية
والمدارس الدينية وصادرت الاوقاف الاسلامية ".
كما حث البيان العراقيين ان يعلنوا امام
لجنة التحقيق التي شكلتها عصبة الامم للنظر في أمر عائدية ولاية الموصل انهم
عراقيون وانهم عرب وانهم مستعدين للتضحية بحياتهم وما يملكون ليكونوا تحت الراية العراقية
وانهم يعملون من اجل الاستقلال التام ".
وفيما يتعلق بمؤيدي تركيا في الموصل ومنهم
آل كشمولة ، وآل النجيفي وأغوات باب البيض وغيرهم من مؤيدي الاتراك فإن البيان وصمهم
ب" الخيانة" ووصف الخبراء الاتراك الذين انضموا الى المساعد التركي
الملحق بلجنة التحقيق الاممية ب"عدم الشرف " .
وقد تعرض احد انصار الاتراك والداعين
الى عودتهم ، وهو الحاج محمد النجيفي للضرب المبرح في أحد شوارع الموصل
من قبل احد العروبيين وهو ابراهيم كمال الغضنفري وهو يمت بصلة مصاهرة مع آل توحلة حتى
ان بعض المصادر اشارت ايه خطأ على انه ابراهيم كمال توحلة . وختم الحزب بيانه
السياسي بالعبارات التالية :" فلتحيى الموصل عراقية عربية ،ولتحيى عصبة الامم
العادلة ولتسقط مطاليب الاتراك الغاشمة وليعش العراق مستقلا استقلالا تاما "
.
ومما نشرته "جريدة العهد
" الموصلية لسان حزب الاستقلال العراقي في أعدادها التالية مقالات تناولت فيه
مسائل عديدة من قبيل جهل العراقيين بقضية تدعى قضية الموصل واكدت ضرورة السعي بإتجاه
التوعية بأهمية ان تظل الموصل ولاية عراقية عربية وان ترد مطاليب الاتراك وقد جاء ذلك
في افتتاحيتها المعنونة :" الى لجنة الحدود الاممية " نشرتها في العدد الصادر
عددها الصادر في 27 كانون الثاني سنة 1925 .
كما وزع حزب الاستقلال العراقي منشورا على
الطلاب العراقيين نشرت نصه جريدة "العهد " في عددها الصادر في 27 كانون الثاني
1925 وقالت انه " يحثهم على اجابة أي سؤال عن الموصل بالقول ان الموصل هي (رأس
العراق ) وانها عربية ومن يفكر في فصلها عن العراق خائن لوطنه وعنصره وقومه ويستحق
الموت ولعنة الشعب " .
وفي 29 كانون الثاني 1925 نشرت جريدة
"العهد " مقالا إفتتاحيا يتناول رغبة الاتراك في الحصول على نفط الموصل
. وذكرت في زاوية عنوانها :"لاتصدق " إذا قيل لك ان العراقيين عامة والموصليين
خاصة يستبدلون ملكية إبن بنت رسول الله فيصل برئاسة جمهورية الرئيس مصطفى كمال اللاديني
لاتصدق ! " .
ومما يتعلق بموقف الموصليين العروبيين من
العناصر المؤيدة للاتراك في الموصل اشار الدكتور فاضل حسين في كتابه :"مشكلة الموصل
" والذي هو بالاصل اطروحة دكتوراه قدمها الى جامعة انديانا في الولايات المتحدة
الاميركية سنة 1952 ، الى حادثة وقعت في شارع النجفي في الموصل وهو شارع يضم المكتبات
وملخصها أن جواد باشا المساعد التركي للجنة الاممية لم يحضر يوم الجمعة للصلاة فكتبت
جريدة "العهد " مقالا قالت فيه ان جواد باشا لاديني وان تصرفه يشير الى نبذ
الاتراك للدين .
كما نشرت مقالا اخرى في العدد نفسه الصادر
في 3 شباط 1952 بعنوان :"النساء التركيات والرجال الافرنج ..لادينية الحكومة التركية
" اشارت فيه الى ان تركيا قد اصبحت لادينية .
وفي العدد الصادر في 19 شباط 1925 نشرت
كاريكاتيرا لشاب رمزت فيه الى ( تركيا ) يريد تقييد فتاة (الموصل ) ، وهي تحاول
الافلات من يده لانها تعتبره وحشا يريد ان ينقض عليها .
وفي 26 من كانون الثاني 1925 وكما
جاء في جريدة " العهد " العدد الصادر في 27 كانون الثاني 1925 ، ألف بعض
الموصليين :"لجنة الدفاع الوطني " او "جمعية الدفاع الوطني " لتأييد
حزب الاستقلال العراقي في الدفاع عن حقوق العراق في الموصل . وكانت الجمعية مكونة من
اكثر من مائة وخمسين شخصا من المسلمين والمسيحيين وفيهم رجال الدين والاعيان والوجوه
والاشراف والرؤساء الروحانيون والادباء والخطباء والمفكرون وعلية القوم وغيرهم وكان
منهاجها الاحتفاظ بولاية الموصل جزءا لايتجزأ من العراق ثم شرعت في تأسيس فروع لها
في جميع المدن المجاورة .
دافعت ( جريدة العهد ) عن الموصليين ومواقفهم
، وهاجمت كل من يسيئ الى سمعتهم أمام العالم، وكذبت ما يقوله الاتراك بإن اهالي
الموصل ، لايزالون يكاتبونهم ويخابرونهم ونقلت في عددها الصادر في 29 كانون الثاني
1925 عن احد اعضاء " جمعية الدفاع الوطني " قوله ان الموصليين يأبون أن يروا
من الاتراك شخصا واحدا حتى ولو في المنام " .
وقد زار أعضاء من جمعية الدفاع الوطني لجنة
التحقيق الاممية ، واكد أحد اعضاءها :"ان مدينة الموصل عربية وان اقضية الموصل
كردية وعربية وان الشعب يؤيد العراق . وقد جاهد الموصليون في السابق من اجله ونقلت
جريدة "العهد " وقائع هذه الزيارة في عددها الصادر في في 8 شباط 1925 .
نظم "حزب الاستقلال العراقي
" بالتعاون مع " جمعية الدفاع الوطني " تظاهرات بين الطلاب والجمعيات
مع ان وزير الداخلية في بغداد قد منع التظاهرات يوم 27 كانون الثاني 1925 ، لكن جريدة
العهد في عددها الصادر في 5 شباط 1925 اشارت الى تظاهرات الموصليين ، وقالت في عددها
الاخر الصادر في في 29 كانون الثاني 1925 ان تظاهرات الموصليين نالت تأييد الاحزاب
السياسية والجمعيات الاخرى في مختلف انحاء العراق .
كان الملك فيصل الاول 1921-1933 في مقدمة
الذين دعموا نشاطات حزب الاستقلال العراقي في الموصل ، وكانت له علاقات مع عدد من قياداته
وقد زار الموصل في اواخر مايس 1923 والقى خطابا تساءل فيه هل نسي الاتراك ان
ديار بكر واورفة وماردين عربية في جوهرها ؟ وانه يحق للعراق والحالة هذه ان يطالب بتلك
المنطقة اذا طالب الاتراك بولاية الموصل بسبب وجود قليل من التركمان في اربيل وكركوك
، ولكن العراق لن يقدم هذا الطلب بل يرجو ان يمنح الاتراك عرب الاناضول الحريات الشخصية
التامة التي يتمتع بها اتراك العراق " وقد نقلت جريدة "العراق " البغدادية
العدد الصادر في 30 مايس 1923 اخبار هذه الزيارة .
وفي كانون الاول 1924
زار الملك فيصل الاول الموصل ثانية والقى خطابا نشر نصه في جريدة
"الموصل العدد 18 كانون الاول 1924 قال فيه :" ان ولاية الموصل جزء لايتجزأ
من العراق ،ولن تستطيع حكومة بغداد ان تعيش يوما واحدا بدونها " . كما أكد
"بأن لمشكلة الموصل علاقة بالسلام في الشرق الاوسط وفي الشرق كله " . واعرب
عن إعتقاده بطمع الاتراك بنفط الولاية ومعادنها ، ورجا ان يكافح سكان الموصل لاستقلال
العراق التام ومن ضمنه الموصل .
وفي لندن واثناء زيارته لاوربا القى الملك
فيصل الاول خطابا في 29 تشرين الاول 1925 اكد فيه ضرورة احتفاظ العراق بولاية الموصل
وقال انه اذا جرد العراق من الموصل فسيكون مستقبل البلاد الاقتصدادي في اسوأ حال ،
ويكون الدفاع عنها غالي التكاليف وشاقا ونقل الدكتور فاضل حسين في كتابه :"مشكلة
الموصل " عن ال Current History
جانب من خطابه الذي جاء فيه أنه "
إذا انفصلت الولاية عن العراق فان ذلك يوجه ضربة شديدة ، وربما قاتلة لبلاده ويعرقل
التقدم الملحوظ في ادارة الدولة عرقلة تامة أو ينقلب الى ضده ويؤدي هذا الانفصال الى
زيادة المصاريف العسكرية ومصاريف المحافظة على النظام والامن في القسم الباقي من العراق
" .
كما اكد المجلس التأسيسي العراقي الذي اجتمع
في ربيع سنة 1924 لمناقشة المعاهدة العراقية –البريطانية لسنة 1922 "ان ولاية
الموصل عراقية وعربية ومهمة للعراق " .وكان نواب الموصل كما جاء في "مذاكرات
المجلس التأسيس العراقي " متحمسين في التأكيد على هذه النقطة وقال بعض النواب
:"ان الموصل هي العراق والعراق هو الموصل " .واكد نائب كردي بأن الاكراد
لايريدون الانفصال من العراق لانهم لايستطيعون العيش من دون العراق " .
وقد نشر احد الموصليين كراسا صغيرا بأسم
مستعار هو : ب. ط. سعد وبعنوان :"قضية الموصل في مؤتمر لوزان " واعتقد
ان من كتبه هو المربي والمفكر العربي الاستاذ ساطع الحصري وكان انذاك يشغل منصب
"مدير المعارف العام في بغداد " جاء فيه ان اكثرية العراقيين غاضبين على
الاتراك جيرانهم واخوانهم في الدين ، وأنهم يتذكرون حكم العثمانيين الغاشم واستبدادهم
ومحاولتهم اتباع سياسة التتريك .كما هاجم الانكليز وقال:" انهم فرقوا بين النصارى
العرب واخوانهم المسلمين العرب " ولام الاتراك الذين تنكروا للشرق واداروا له
ظهرهم .
ومهما يكم من أمر ؛فإن حزب الاستقلال العراقي
قد قام بواجبه التعبوي على أحسن مايكون ، وما ان انتهت مشكلة الموصل بعد صدور قرار
عصبة الامم بتأكيد بقاءها كولاية ضمن الدولة العراقية الحديثة وعقد اتفاقية 1926 مع
تركيا ، حتى انفرط عقد الحزب وتوقفت جريدته وتناثر اعضاؤه بين الاحزاب التي تشكلت فيما
بعد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق