السبت، 11 فبراير 2017

السياسة البريطانية في ولاية الموصل 1918 ــ 1922* ا.د.ابراهيم خليل العلاف


السياسة البريطانية   في ولاية الموصل
1918 ــ 1922*
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل

     شـهدت ولاية الموصل خلال الفتـرة بين 1918 أ 1922 العديد من الاجراءات السـياسية والعسكرية البريطانية   ، وتنحصر السياسة الانكليزية قي أربعة مجالات هي :
(1)  مدرستا الهند والقاهرة .
(2)  الاستفتاءان الأول والثاني في 1918 ـ 1919 و 1921 .
(3)  مواقف الانكليز من القضية الكردية .
(4)  الاستيطان الآثوري .

   

أولاً ــ  السياسة البريطانية :

1 ـ  مدرستا الهند والقاهرة ([i]) :

       أشرنا في الفصل الرابع إلى أنّ إدارة ولاية الموصل أسست بصورة منفصلة عن بغداد والبصرة . والسبب في ذلك يرجع إلى عدم تحديد مستقبل الولاية السياسي ([ii]) ، حيث أنّ ذلك كان موضع اهتمـام اللجنة الشرقية التي تألفت قبيل انتهاء الحرب العالمية الأولى بقليل وذلك برئاسة اللورد كرزن . وقد شـهدت اجتماعات اللجنة مقترحات عديـدة فيما يخـص الموصل ففي 28 تشرين الأول سـنة 1918 قدّم مدير المخـابرات العسكرية البريطانية الميجر جنرال( الفريق ) ماكدونالد مذكرة اقترح فيها إنشاء دولتين عربيتين ، الأولى في منطقة الجزيرة بين أنهار الفرات ودجلة والخابور تحت حكم زيد ابن الحسـين على أن تخضع للنفـوذ البريطاني ، والثانيـة في العراق من الموصل حتى خليج البصرة تحت حكـم عبد الله بن الحسين على أن تخضع للحكم المباشر ([iii]) .

    هذا وقد قدّم لورنس في 4 تشرين الثاني سـنة 1918 مذكرة إلى اللجنة الشرقية تتضمن خطة تنص على التخلي عن اتفاقية سايكس ـ بيكو وتقسيم البلاد العربية باستثناء الحجاز إلى دول ثلاث وهي العراق الجنوبي ( ولايتي البصرة وبغداد ) تحت حكم عبد الله بن الحسين، والعراق الشمالي ( الموصل ودير الـزور والمناطق المحيطة بها ) تحت حكم زيـد بن الحسين وسوريا تحت حكم فيصـل ، وتكون كِـلا الدولتين العراقيتيـن ضمن منطقة النفوذ البريطاني، على أن يدخل العراق الجنوبي فعلياً تحت السيطرة البريطانية ([iv]). وأن يبقى الحسـين ملكاً على الحجاز من دون أن يتمتع بأية سـلطة سياسية على الدول الثلاث ،وليس له فيها سوى الدعاء باسمه في صلاة الجمعة كأمير المؤمنين ([v]) . وأن يكون زيد حاكماً اسمياً لمنطقة الموصل التي كان كلٌ من العرب وفرنسا يريدانها ([vi]) . وقال لورنس في مذكرته أنّ سكان الموصل لا يريدون حكم فرنسا ([vii]) .

     قُوبلت مقترحات لورنـس بمعارضـة وزارة الهنـد التي أبرقـت في 19 تشرين الثاني سنة 1918 إلى آرنولد ولسن وكيل الحاكم الملكي العام في العراق تخبره بمقترحات لورنس التي تتضمن الفصل العام بين الموصل وبغداد . وقد طلبت البرقية وجهة نظر ولسن بالمقترحات المذكورة ([viii]) .
       كما ذهـب هوكارث مدير المكتب العربي في القاهـرة في مذكرته إلى اللجنة الشرقية مذهب لورنـس فأوصى كذلك بفصل العـراق الشمالي عن ولايتي البصرة وبغداد ([ix]) .

     وجد ولسـن في مقترحات لورنس أنها ليست عاجزة بصورة تامة عن تلافي الوضـع في العراق فحسـب ، ولكنها أيضاً كانت تبـرر مخاوفه في انسياق الحكومة البريطانية لمشورة مدرسة القاهرة غير العلمية في نظره . كما وجد ولسن أنّ المقترحات ( اللورنسية ) غير قابلة للتطبيق وأنّ الإتيان بأبناء الشريف حسـين ليس في مصلحة البريطانيين ولا من مصلحة أهالي البلاد وأنّ تقسـيم العراق إلى شمالي وجنوبي لا تبـرره الأحوال السياسية والاقتصادية ، حيث أنّ ولايات البصرة وبغـداد والموصل كانـت كلها في الأساس وحدة واحدة ويجب أن تُدار تحت السيطرة البريطانية المباشرة ([x]) . ومما قاله أيضاً في برقيته المؤرخة 20 تشرين الثاني سنة 1918 " أنّ الخطة المقترحة ... لا تلائم أوضاع العراق ... أنها ، كما يبدو لي ، تتجاهل التاريخ الاسـلامي والتقسـيمات الجغرافية ... " ([xi]) ، وختم برقيته بِحَث حكومته على اسـتبعاد أي شخص شريفي إذا كانـت ترغب في رفاه سكان العراق وتقـدر الروحية التي ينطوي عليها التصريح البريطاني ـ الفرنسي المشترك ([xii]) . وبعد أيام قليلة أرسل ولسن برقية إلى وزارة الهند ذكر فيها أنّ تأسيس حكومة عربية تضم البصرة وبغداد والموصل يرأسها أمير عربي يعتبره الجميع حلاًّ مثاليـاً وأنّ تعيين مندوب سـام بريطاني ومستشارين بريطانيين في جميع وزارات الحكومة العربية وفي جميع أنحاء البلاد سيقابل برغبة عامة مطلقة ، واقترح أن يسند المنصب إلى السر برسي كوكس الذي يحظى باحترام الجميع ، كما لاقترح فكرة إجراء اسـتفتاء عام لمعرفة رأي البلاد وأعلن استعداده لاتخاذ التدابير اللازمة لذلك ([xiii]) .
2 ـ  الاستفتاءات الأول والثاني 1918ـ1910و1921:

       أ ـ  الاستفتاء الأول ونتائجه :
      
            على الرغم مما كتبه ولسن عن عدم وجحود اتفاق على الأمير الذي يجب انتخابه ، فقد قدّم أربعة أسماء مرتبة بحسب الأهمية وهم :
         1 ـ  هادي باشا العمري .
         2 ـ  أحد أعضاء الأسرة الحاكمة في مصر .
         3 ـ  أحد أبناء الشريف حسين .
         4 ـ  نقيب أشراف بغداد .

واعتقد أن المرشح الأول أنسب المرشحين، وأنّ الناس سيرحبون به، لا سيّما في الموصل منشأ الأسرة العمرية ([xiv]). وقد نفى إمكان نجاح المرشح الأخير، وهو السيد عبد الرحمن الكيلاني ، وذلك لتقدمه في السـن ولاعتلال صحته وانعدام نفوذه بين الناس ، بالإضافة إلى أنّ النقيب لم يكن معروفاً في البصرة والموصل مما قد يؤثر على انتخابه فيما لـو ضمّت الموصل وكردستان إلى الدولة المقترحة . أما بالنسبة للمرشح الثالث وهو أحد أبناء الشريف حسين ، فقد أعـرب ولسن عن معارضته لهـذا الترشيح على الرغم من أنّ المرشح الثالث سيلاقي قبولاً عاماً في بغداد وخارجها . وتعزى هـذه المعارضة إلى انتماء ولسن إلى مدرسة الهند ([xv]) .

     بحثت اللجنة الشرقية فيس 27 تشرين الثاني 1918 مستقبل العراق ، وقد استعرض اللورد كرزن مراسلات الحسين ومكماهون فيما يتعلق بالعراق وأبدى سـخطه على اتفاقية سايكس ـ بيكو ، وأشـار إلى تمسك فرنسا بها وتطرق إلى مقترحات لورنس السالفة الذكر وناقش رأي وزارة الهند ومعها آرنولد ولسن الذي تطور من القول بجعل العراق محمية بريطانية إلى القول بإنشاء إدارة بريطانية وراء واجهة محلية . وقد بحثت اللجنة ترشيح عبد الله ابن الحسين أو نقيب بغـداد أو هادي العمري لعرش العراق ([xvi]) . وقررت وضع بيان عام يسترشد به ولسن وطلبت منه ضرورة استطلاع الرأي العام في الموضوع ([xvii]) . ووجهت وزارة الهنـد برقية إلى ولسن في 30 تشرين الثاني 1918 وضّحت فيها أنّ مؤتمر الصلح بباريس هو الذي سيبث نهائياً في مسـتقبل البلاد العربية كلها وأكـدت ما جاء في التصريح البريطاني ـ الفرنسي المشـترك وخاصةً فيما يتعلق بتأسيـس حكومة وطنية في المنطقة المحررة ([xviii]) . وأعلنت البرقية أنّ حكومة صاحب الجلالة مهمته في مسألة إقامة أفضل نوع من أنواع الحكم في العراق ([xix]) . وقد ورد في البرقية كذلك تعليمات إلى ولسن بخصوص التأكد من معرفة آراء العراقيين حول الأسئلة المحددة التالية :

1 ـ  هل يفضلون دولـة عربية واحدة تقوم بإرشـادها بريطانيا تمتـد من الحدود الشمالية لولاية الموصل حتى الخليج الفارسي ( العربي ) ؟ .
2 ـ  وفي هذه الحالة هل يرون أنّ الدولة الجديدة يجـب أن تكون برئاسة رئيس عربي ؟ .
3 ـ  وإذا كان ذلك كذلك ، من هو الذي يريدونه ؟ ([xx]) .

وقد أشارت البرقية إلى أنّ من المهم جداً ـ في نظر الحكومة البريطانية ـ أن يكون التعبير عن الرأي العام بصدد النقاط الثلاث المذكورة حقيقياً، بحيث أنّ إعلانه للعالم يكون تعبيراً نزيهاً ومخلصاً عن رأي العراقيين ([xxi]) .
     استدعى المستر آرنولـد وكيل الحاكم الملكي العام الحكام السياسيين في الألوية وزوّدهم بالأسئلة الثلاث وطلب إليهم الحصول على مضابط بالأجوبة المؤيدة لسياسته ([xxii]) . أمّا عن الطريقة التي كان يجب على الحكّام السياسيين أن يسلكوها في استفتاء الأهالـي فيلخصها التقرير الذي رفعته البعثة المؤلفة وفقاً لقرار مجلس عصبة الأمم في 30 أيلول 1924 بقوله : أنّ الطريقة التي تمَّ بها الاستفتاء بصورة عامة هي عبارة عن جمع الأشراف وشيوخ العشائر وممثلي الطوائف واستطلاع آرائهم.ولم يستفسر عن رأي فردي أو سري([xxiii]). وأكد في تعليماته إلى الحكّام السياسيين وجـوب الاهتمام بالنقطة الأولى وإلاّ فإنّ الإجابة السلبية عنها تعني تأسيس دولة منفردة تتألف من ولاية الموصل ولا تخضع إلى الحماية البريطانية . كما طلب ولسـن من الحكام السياسيين بحث النقاط الثلاثة بصورة سرية مع الشخصيات البارزة في مناطقهم للتأكد فيما يكون عليه اتجاه الرأي العام . وخوّلهم عقد مجلس يضم جميع الوجهاء والشيوخ البارزين لعرض القضايا المشار إليها وإبلاغهم أنّ أجوبتهم ستحول إليه لتقديمها إلى الحكومة ، أما إذا بدا بأن الـرأي العام سيكون منقسماً على نفسه بشكل غير مرغوب فيه فينبغي تأجيل عقد الاجتماع والاتصال به ريثما تصل تعليمات جديدة . أما في حالة كون الرأي العام مرضياً فمن المستحسن أن يدوّن ما يقتضي عنه ويوقع بأكثر ما يمكن من التواقيع ([xxiv]) . وقد أعربت المس بل عن شكوكها في فائدة استجواب كهذا بقولها : أنها تشك فيما إذا كان مثل هذا الاسـتجواب الذي تشـرف عليه السـلطات الحكومية سوف يمكن بواسطته الحصول على أجوبة قد تكون مفيدة لتدل المستجوب على شيء([xxv]). وكان ولسن نفسه يدرك طبيعة المصاعب التي تواجه الاستفتاء بسبب وجود الدعاة الوطنيين والأتراك والبلاشفة الذين نشطوا للعمل في ولايـة الموصل آنذاك ([xxvi]) .

    حصلت السلطات البريطانية من لواء الموصل على عشر مضابط ، ومن لواء كركوك على مضبطتين . أما لـواء السليمانية فتقرر عـدم إشراكه في الاستفتاء . وقد بررت الحكومة البريطانية هذا الاستثناء فيما بعد بقولها أنّ الإدارة الحكومية في لواء السـليمانية في فترة ما بعد الهدنـة لم تكن منظمة تنظيماً يجعلها قادرة على القيام بواجباتها بالشكل المناسـب ، ومن المعروف أنه حتى في هذه الفترة فإنّ أهالي السليمانية أرسلوا وفداً يطلبون فيه أن يُدار اللواء من بغـداد وأنّ وكيـل الحاكم الملكي العـام انتدب أو فوّض ضابطاً لتأسيس الإدارة هناك ([xxvii]) .

    أوعز الحاكم العسكري في الموصل الكولونيل إلى جماعـة من المقربين عرف فيهم الطاعة والانقياد بأن ينظموا ويختموا مضبطة ([xxviii])يكون مضمونها " بيـان رغبة الشعب في بقـاء إدارة حكومة الاحتلال ... وفي قول حماية انكلترا " ([xxix]). وقال العمري أنّ الأهالي أخذوا " يفكرون في الأسباب الموجبة وفي حكمة هذا الطلب " ([xxx]) وقد انزعجوا من ذلك وواصل قوله :

(( رفض أشراف الموصل ووجوهها التوقيع على المضبطة التي طلبها الحاكم بادئ بدء ، غير أنّ البعض من المقربين كانوا يشتغلون سراً لإقناع ذوي المكانة من أهل البلد تارةً بالمواعيد وأخرى بالتهديد ... )) ([xxxi]) .


 وتكمن هؤلاء من إقنـاع 23 شخصاً ( وربما كانوا أكثـر من ذلك ) فعقد اجتمـاع في دار نامق أفنـدي آل قاسـم أغا السعردي في 10 كانون الثاني 1919 " وبعد الرد والبدل وقّعوا على المضبطة ([xxxii]). ولم يكن عدد الموقعين على المضبطة غير (20) شخصاً . أما نصّ المضبطة التي حررها القاضي أحمد الفخري وجرى تقديمها إلى الحاكم السياسي فهو كما يلي :

   (( نعرض الشكر لدولة بريطانيـا العظمى على إنقاذنا من الأتراك وتخليصنا من الهلاك وإعطائنا الحرية والعدالة والسعي فغي ترقية ولايتنا بالتجارة والزراعة والمعارف ونشر الأمن في جميع الأطراف ، ونؤمل من الدولة المشار إليها أن تحسن علينا بحمايتنا وإدارة شؤون ولايتنا إلى زمن يمكن فيه الفوز بالنجاح ويحصل لنا الترقي والصلاح ونترحم إبلاغ معروضاتنا هذه من سعادتكم إلى عرش الملك جورج الأعظم والأمر لمن له الأمر )) ([xxxiii]) .


      أما الموقعون على تلك المضبطة فهم : آصف أغـا آل قاسـم أغـا ، عبد الرحمن النوري، نامق أغا آل قاسم أغا، محمد أسعد بن سليمان العمري، مصطفى زكريا حسين أغا الديـوه جي ، عبد الرحمن الرمضاني ، محمود العمري ، محمد أمين المفتي ، اسماعيل الجليلي ، السيد عبد الغني النقيب ، السيد أحمد الفخري ، رشيد الخطيب ، أحمـد صديق آل عبد الحافظ ، السيد محمد الفخري ، أسعد آل بكر أفندي ، قاسـم الصابونجي ، عبد الباقي حمو القدو ، أحمد آل السعدي ، ناظم العمري ([xxxiv]) .
    وذكر العمري ما نصّه : " رفض باقي الوجوه والمنورون التوقيع ( على المضبطة ) وثبّتـوا باتفاقهم الذي تخالفوا فيه أن يتمنعوا من إعطاء مضبطة كهذه " ([xxxv]) . ولم يذكر أسـماء الذين رفضوا التوقيع . وقد حدث خلاف بين المؤرخين حول الأشخاص الذين حضروا الاجتماع ووقّعوا على المضبطة . فالعمري يذكر أسـماء أشخاصاً لم يوقعوا على المضبطة وهم : أحمد عزت آل قاسم أغا ، الحاج أحمـد الجوادي ، الحاج حسين حديد ، أمجد العمري ، أكرم العمري ، جميل آل سليم بك الفخري ، رشيد العمري . في حين يهمل أسماء أشخاص وقّعوا على المضبطة وهم : محمود العمـري ، أحمد صديق آل عبد الحافظ ، محمد الفخري ، أسعد آل بكر أفندي ([xxxvi]). أمّا الغلامي فيتفق مع العمري في ذكره الأسماء مستثنياً منها الحاج أحمد الجوادي ومضيفاً إليها أسعد آل بكر أفندي وصديق آل عبد الحافـظ ([xxxvii]) . وربما يكون الأشخاص الذين رفضوا التوقيع على المضبطة هم من بين الأسماء التي لم يرد ذكرها في نص الوثيقة التي أصدرتها السلطات البريطانية والتي أشرنا إليهعا آنفاً .

     نظّمت الطوائف المسيحية مضابط عديـدة ، فكان للسـريان الكاثوليك مضبطتان حـررت الأولى في 6 كانون الثاني سـنة 1919 . وقـد نصّت المضبطة الأولى على ما يلي :

(( بعد تقديم واجبات الشكر لدولة بريطانيا العظمى على تخليصها الناس من عبودية الأتراك وتأمينها لحياتنا ولأموالنا ولوطننا نعرض لسعادتكم بالأصالة عنّا وبالوكالة عن سائر أبناء ملتنا وبكمال حريتنا ؛ نطلب قلباً ولساناً أن تكون إدارتنا بيد الحكومة الانكليزية ، ونلتمس من سعادتكم أن ترفعوا طلبنا هذا لأعتاب صاحب الجلالة والعظمة الأمبراطور والملك جورج أطال الله أيامه الثمينة )) ([xxxviii]) .


      وكانت أبـرز التواقيع في هذه المضبطة للأشـخاص الآتية أسماؤهم : الخوري سـليمان تبوني ، الخـوري داوُدْ بني ، الخـوري بهنام بدرية ، كوريكوريوس بطرس هبرا رئيس أسـاقفة الموصل وتوابعها على السريان القس بولس قندلا ، الدكتور حنا خياط ، بهجت عبد الأحد قليان ، راجز داوُدْ پيـو ([xxxix]) .

    أما المضبطة الثانية والتي اقتصرت على سـريان خورنة مار توما فقد أشارت إلى " مظالـم وتعديات وشـقاوات حكومة الترك " وكيف أنّ حياتهم وأموالهم كانت مهـددة " وإذا بعسـاكر دولة انكلترا المظفرة فاجأتنا وأمّنت حياتنا وأموالنا ومستقبلنا " وقد التمس موقعـوا المضبطة " أن لا تملك علينا أبداً دولة عربية بـل ... تملك علينا دولة انكلتـرا الفخيمة " . وأعلنوا أنهم يخضعون " بكمال الشـرف والممنونية لجلالة ملكنا صاحب الشوكة جورج الخامس " . وقد وقّع على المضبطة قرابة (150) شخصاً ([xl]) .

    أما طائفة السريان القديم ( اليعاقبة ) والبروتستانت و " المنسوبين للعرق الآثوري " فقد نظّموا مضبطة مشتركة في 5 كانون الثاني سنة 1919 أعلنوا فيها أنهم ليسوا أهلاً في الوقت الحاضر لكي يحكموا أنفسهم بأنفسهم ، ولذلك " نطلب ونسترحم من دولـة بريطانيا العظمى تتنـازل وتقبل أن تكون هي الحكومة الحاكمة في عنصرنا الآثوري الساكن ولاية الموصل " حتى يتيسر " لنا أن نكون حاكمين أنفسنا بأنفسنا ".ومن أبرز الموقعين على هذه المضبطة: مجيد عبد النور خضوري عبد النور ، عزيز عبد النور ، قس يوسف لكنيسة مار توما ، رئيس أبرشية الموصل وتوابعها اثتنا سيوسي ، نعوم سـرسم ، فتح الله سرسم ، داوُدْ ساعاتي ([xli]) .

    نظّم الأرمـن مضبطة مماثلة للمضابط السابقة في 6 كانون الثاني سنة 1919 عرضوا فيها مطلبهم الوحيد كما يلي : " نحن ملّة الأرمن الذين من أهل الموصل والمستوطنين بها نريد من حكومة انكلترا أن تدير شؤوننا " . ومن أبرز الموقعين على المضبطة:آكوب القس طاويديان، داود حقيرقجيان ، ومختار ملّة أرمن الموصل سركيس جقماقجيان ([xlii]) .

     أمّا يهود مدينـة الموصل فقد نظّمـوا مضبطة في 6 كانون الثاني سنة 1919 التمسـوا فيها من الحاكم السـياسي أن يعتبرهم مـن " رعية " دولة بريطانيا وذلك لما شـاهدوه من " عدالة وشـفقة دولة بريطانيا العظمى على الأهالي والرعية " . وقد تضمنت التواقيع أسماء رؤساء الطائفة اليهودية ومن أبرزهم الحاخام الياهـو بارزاني ، صالح هـرون ، صبيح سلمان شوبي ، صالح شاؤول ، ناحوم إسحاق ، موسى روبيل ، يحيى رحموم ([xliii]) .

   أعطى ممثلو طائفة الكلدان أن الكاثوليك في الموصل مضبطة إلى الحاكم مؤرخة في 6 كانون الثاني سـنة 1919 جاء مضمونها كمضمون المضابط المذكورة آنفاً ([xliv]) .

    أمّا اليزيديون فقد حرروا مضبطة في 2 كانون الثاني سـنة 1919 قالوا فيها " ...نطلب قلباً ولساناً أن نكون رعية لحكومة بريطانيا العظمى ولا نقبل قطعاً أن تحكم علينا دولة عربية ... " . وكانت أبرز التواقيع على مضبطة اليزيديين للأشخاص التالية أسماؤهم: اؤد الداؤد من رؤساء الطائفة اليزيدية، حمو شيرو الرئيس الروحاني والجسماني للطائفة اليزيدية في جبل سنجار ، الشيخ علي الرئـيس الروحاني للطائفة اليزيدية في الشيخان ، اسماعيل بن عبدي أمير الطائفة اليزيدية ([xlv]) .

    حصلت السلطات البريطانية على مضبطة حملت تواقيع عدد من أغوات ورؤساء عشائر الحسنيان والشرابيين والرشكان والكركرية في لواء الموصل  وحملت المضبطة تاريخ الرابع من كانون الثاني سنة 1919 ومما جاء فيها :

(( نحن الواضعين أختامنا أدناه أغوات وأشراف عشيرة الحسنيان والشرابيين والرشكان والكركرية . اننا بكمال حريتنا ورضانا ولأجل تأمين وجودنا نطلب من كل قلبنا أن نكون رعية لحكومة بريطانيا العظمى ، ولا نقبل قطعاً أن تحكم علينا دولة عربية ... )) ([xlvi]) .


ومن أبرز الذين وقّعوا على المضبطة : سليمان أغا بن أحمد أغا بن سعدون أغا رئيس عشيرة الكركريـة ، ومحمد بن الحاج عبد القـادر ، من أغوات الكركرية ، ابراهيم بن علّو نمن رؤساء العشائر المذكورة إبراهيم بن مصطو أعا ، والحاج عبد العزيز بن عمر مصطفى أغا رئيس الحسنيان والشرابيين والرشـكان في زمـار ، خلف بن بيـرم من أشراف عشـيرة البابوات في
سنجار
([xlvii]) .

     كما نظّم رؤسـاء عشائر سـينا وهي إحدى عشائر فروع قبيلة سليفاني الكردية في قضاء زاخو مضبطة في4 كانون الثاني جاء مضمونها كمضمون المضبطة المذكورة أعلاه . ومن أبرز الموقعين على هـذه المضبطة حاجي رمضان بن حسن أفندي ، ملا طيّب زادة ، عبد الله بن عبـدي أغا غزالة ، محمود بن عبد العزيز أغا ([xlviii]) .

    استطاعت السلطات البريطانية الحصول على مضبطتين من لواء كركوك، الأولى ضمّت تواقيع عدد من رؤساء القبائل العربية والكردية ومن أشراف ووجهاء منطقة كفري، والثانية ضمّت (17) توقيعاً لعدد من أشراف ووجهاء منطقة كركوك ، وقد أشارت مضبطة المقدمة إلى حاكم كركوك السياسي إلى ما يأتي :

(( ... نريد أن يصير العراق مُشَّكَلاً من ثلاث ولايات بصرة ، وبغداد ، وموصل، ولاية واحدة ، ويحسب فيه جميع الساكنين في الولاية المذكورة تحت محافظة ، ومع مساعدة الحكومة البريطانية العظمى ... ( وقد ) عملنا هذه المضبطة من دون خوف ومن دون جبر ... )) .


ومن ابرز الموقعين على المضبطة حميـد الطالباني ، عز الدين الطالباني ، قاضي كركوك أحمد حمدي ، رئيس عشيرة قره حسن محمد فهمي ، رئيس البلدية ، محمد حمدي ، اسطيفان جبري وكيل بطريرك الكلدان ([xlix]) .

      أما مضبطة كفري فقد نصّت على ما يأتي :

(( أولاً ـ نطلب تشكيل الدولة العراقية من شمال ولاية
           الموصل إلى الفاو ، وتكون في حماية الدولة
           الانكليزية .
   ثانياً ـ نطلب أميراً لائقاً ومتديناً يكون ساكناً في بغداد .
   ثالثاً ـ ... الآن لا نعلم أحداً يصلح للأمارة ، ونطالب من
           الدولة البريطانية تأخير تعيين هذا الأمير ... حتى
           يستقر فكرنا على شخص ... لائق للأمارة
           المذكورة ))
([l]) .


وكانت أبرز التواقيع في هذه المضبطة للأشخاص التالية أسماؤهم: علي ماجد رئيس بلدية طوزخرماتو ، محمد رفعت رئيـس عشيرة الداود ، عبد فارس رئيس عشيرة بيات ، عثمان فائق رئيس بلدية كفري ، محمـد عبد الكريم ، من رؤساء عشيرة الجاف ، مجيد باشا زاده من أشراف قضاء كفري ، ويس بك رئيس عشيرة دلو ، خلف بن جاسم رئيس عشيرة كروي ([li]) .

ردود الفعل المحلية للمضابط :

       هنـاك جملة أمور تسترعي الانتباه في شأن المضابط الموالية للسلطات الاحتلالية والتي أدّت إلى ردود فعـل في الجهات الموصلية ، فقد تبين أنّ خمسة مضابط من بين عشـرة مضابط أخذت من ممثلي الطوائف المختلفة كانت تعود إلى الطوائف المسيحية التي طلبت فيها استمرار الحكم البريطاني أو الحماية البريطانية ، وكذلك طالب اليهود وأشـراف الموصل المسلمين . كما أنّ جماعتين من الجماعات المسلمة وهم من أكراد الموصل قد أبدتا عدم رغبتهما في حكومة عربية ، وطلب مثل ذلك يزيديو جبل سنجار والشيخان . أما مضبطتا لـواء كركوك فقد أجمع الموقعون عليهمـا على ضرورة ضم ولاية الموصل إلى ولايتي بغداد والبصرة وقيام الدولة العراقية ضمن حدود ولاية الموصل الشـمالية حتى الفاو على أن تكون تحـت حماية بريطانيا . ويقول إيرلنـد بهذا الصـدد : " أنّ التدابير المتخـذة لضمان الحصول على المضابط المرضية لم تكن جميعها غير مباشرة " . لذا لا يمكن اعتبار الاستفتاء تعبيراً حقيقياً عن آراء السكان ، فإنّ مضبطة واحدة مثلاً وقّع عليها عشرون من المسـلمين فقط ممثلة لـ ( 160.000 ) عربي مسلم في مدينة الموصل ([lii]) . كما اقتصر الاسـتفتاء على الرؤساء والأشراف دون محاولة معرفة آراء الجمهـور في هذا الموضوع المهم . فقد نحيـت جانباً العناصر الوطنية المؤلفـة من أولئـك الذين كانوا قـد عملوا من أجل التخلـص من
النير التركي قبل الحـرب والذين كانوا يعتبرون أنفسـهم الطبقة المثقفة في العراق
([liii]) . كما رؤساء عدد كثير من العشائر العربية والكردية التي تزخر بها ولايـة الموصل أمثال : رؤساء شـمّر والجبور من العرب ، والهركي والسورجي من الأكـراد ( وكان للتشـابه الملحوظ في كثيـر من المضابط المطابقة لرغبـات البريطانيين يدلّ على مبلغ العناية والاهتمام الذي كرّسته السلطات الاحتلاليـة للحصول على النتائج التي تريـدها ) ([liv]) . وإذا كان الانكليز قد نجحوا في الحصول على مضابط تؤيد وجهة نظرهم في الموصل وكركوك فإنّ ذلك أدّى ، كما يقول العمري ، إلى قيام ضجّة عظيمة " حول تلك المضابط استوجبت القيل والقال، فأخذ الجمهور يلوم الذوات الذين وقّعوا عليها من دون أن يأخذوا رأي الشعب في القضية " ([lv]) . ويذكر الحسني أنّ مضبطة الموصل ويقصد بها المضبطة المؤرخة في 10 كانون الثاني 1919



" بقيت موضع سخط المخلصين الغيارى عامةً وأبناء الموصل خاصةً " ([lvi]).


    نظّم رجال جمعية العلم السرية في الموصل مضبطة ضد المضابط التي حصل عليها الانكليز . وقـد استحصلوا على تواقيع كثيـرة فيها جانب كبير من العلماء والتجـار ورؤسـاء الحُرَفْ وغيرهـم يشرحون فيهـا الموقف ويعرضون فيها مطالبهم . وقد بعثـوا بالمضبطة إلى اخوانهم العراقيين في الشام لإيصالها إلى مؤتمـر الصلح بباريـس وحملها مرخص الجمعية مكي الشربتي الذي غادر الموصل إلى دمشق في أواخر كانون الثاني 1919 ([lvii])، ومما جاء في المضبطة :

(( نعرض باسم الموصل، نحن الواضعين أسماءنا أدناه فنقول الموصل هي بلدة عربية محضة ... وأنّ الجمعيات الحقيقية التي يتحسس بها سكان الموصل إنما هو استقلال الملة العربية وإلحاق الموصل بالحكومة العربية. إنّ جميع المضابط التي أخذتها الحكومة الانكليزية العسـكرية المحلية من بعض الأشخاص من الأهلين إنما هي مخالفة ومضادة لأفكار أكثرية الأهالي ، وقد أُعطيت تلك المضابط تحت تأثيرات مختلفة. هذا وأنّ جميع أهالي الموصل لا يقـدرون أن يعلنوا عن أفكارهم بحرية وصراحة تامة ما زالوا محكومين من قبل حكومة عسكرية ... )) ([lviii]) .

وطلب واضعو المضبطة تشكيل لجنة مختلطة تشـترك بها كل من حكومات فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والحكومة العربية لإفساح المجال للأهالي

 بالتعبير عن آرائهم بحرية ([lix]) . والملاحظ أنّ تاريخ تنظيم هذه المضبطة هو 20 كانون الثاني 1919 أي بعد مرور(10) أيام من تقديم مضبطة الأشراف والوجهاء في الموصل في 10 كانون الثاني .

    لقد تسـاءل المؤرخون عن الأسـباب التي دعت الانكليز في العراق إلى استحصال تلك المضابط . وقد ذهبوا في الإجابة على ذلك سُبُلاً شتى . يرى ايرلند أن آرنولـد ولسـن وكيل الحاكم الملكي العام ـ ربما ـ أراد مجابهة أنصار مدرسة القاهـرة الذين كانوا يحبذون فكرة اسـتقلال العراق بالحقيقة الثابتة الدّالـة على أنّ جميع طبقـات السكان قد أرادت اسـتمرار السيطرة البريطانية،وبذلك يأمن خطرهم الذي كان يهدد مقترحاته في اجتماعات هيئات ولجان حكومة صاحب الجلالـة ([lx]) . أمّا العمري فيـرى " أنّ السبب لأخذ المضابط المذكورة هو لإبرازها أمام الحلفاء في المؤتمرات الدولية المصممة آنذاك على تقرير حماية بريطانيا على العراق وحماية فرنسا على سوريا " ولما كانـت منطقة الموصل الغنية بالنفـط من ضمن منطقة للنفوذ الفرنسي المقرر في اتفاقية سـايكس ـ بيكـو فإنها أرادت نقـل الموصل إلى منطقة نفوذها فطلبت تلك المضابط " لتجعلها كمستند لها لإجراء معاملة النقل " ([lxi]). ويشير حنا خيـاط إلى مثل هذا فيقول : " إنّ رغبة الأهالي المتمثلة في تلك المضابط قد تكـون المستند المشروع لتشبث الحكومة البريطانية عند طلبها إلحاق الموصل بالعراق " ([lxii]).ويذهب ممدوح عارف الروسان مذهب العمري والخياط في قوله : " إنّ بريطانيـا أرادت من الاستفتاء قطـع الطريق على فرنسا في المطالبة بالموصل . وإذا كـان وعد بلفور سـنة 1917 قد أخرج فلسطين من دائرة النفوذ الفرنسي ـ البريطاني بحجة أهميتها لليهـود ، فإنّ لاستفتاء ولسن يعتبر إخراجاً للموصل من دائرة النفوذ الفرنسي بحجة مطالبة العراقييـن بها . وبذلك تبـدو مطالبة فرنسا بالموصـل بعد هـذا الاستفتاء بإصرارها على تنفيذ اتفاقية سايكس ـ بيكو يعتبر :
1 ـ  مناقضاً لالتزامها الصريح الوارد في التصريح البريطاني ـ الفرنسي
  المشترك .
2 ـ  إثارة العراقيين خاصةً والعرب عامةً .
3 ـ  والأهم من ذلك إحراج موقفها أمام الولايات المتحدة التي كانت تطالب
  آنذاك بمنح الشعوب حق تقريـر المصير . وبالفعل تم إعداد ترجمات
  للمضابط العديدة المتصلة بالاستفتاء وطبعت على هيئة كتاب لإرسالها
  إلى باريس ولندن
([lxiii]) .

إنّ أهميـة استفتاء ولسـن لا تتمثل في كونه تعبيراً نزيهـاً عن آراء سكان العراق ولا في استعداد بريطانيا وتعهدها لتنفيذه ، وإنّما لاعتباره أداة ضغط على فرنسا([lxiv]).ويتضمن تقرير الكولونيل ليجمن الحاكم السياسي في الموصل والمؤرخ في 22 كانـون الأول 1918 المتعلـق باتجاهات الرأي العام في ولاية الموصل شيء مما ذكرناه آنفاً . وقد جاء فيه ما يلي :

1 ـ  تحبذ جميع الطوائف المسيحية السيطرة البريطانية المباشرة ومن بينها الكلدان والكاثوليك وهم على ميلهم إلى فرنسا سابقاً قد غيّروا رأيهم الآن خوفاً من الحكم العربي .
2 ـ  لاحظتُ عنـد تجوالي في منطقة سـنجار شعور الفزع الذي يسود اليزيديين هناك بسبب وجود مندوب الحكومة الفيصلية في دير الزور ، وقد قـدّم اليزيديون طلباً بأن لا يعهد أي منصب حكومي في منطقتهم إلى شخص مسلم .
3 ـ  أنّ نصف السـكان على الأقل ، هم أكـراد ويشغل هؤلاء ثلثي لواء الموصل وهم ضد العرب بقوة .
4 ـ  أمّا رأي سكان الأرياف فهو أنّ الانكليز أنقذوهم من الترك ، فعليهم أن يحرروهم من الملاّك وطغيانهم .
5 ـ  إنّ الملاّك هم الطبقة الوحيدة التي تميل إلى حكومة عربية ([lxv]) .

     غادر ولسن العراق في 25 شباط 1919 إلى باريس بعد أن تسلم برقية من مونتاكو وزير الهند يطلب فيها إليه الذهاب إلى باريس ليكون على مقربة من مؤتمر الصلح . وكانـت وزارة الهند قد طلبت من ولسـن الإبراق إليه بمجمل دستور يضعه لدولة عربية أو عدة دول بحسب ما يقترحه مستنداً إلى رغبات السكان من جهة واسـتمرار الوجود البريطاني من جهة أخرى ([lxvi]) . وقد وصل ولسن باريس في 20 آيار 1919 والتقى بعدد من رجال السياسة والمال البريطانيين والفرنسيين . ثم توجه إلى لنـدن حيث عرض مقترحاته الدستورية المبنية على فرضيات ، يهمنا منها ما يلي :
1 ـ  سوف لا يكون هناك أمير عربي ، وإنما مندوب سامٍ بريطاني .
2 ـ  يضم العراق ، ولاية الموصل ودير الزور كما تلحق به تلك المناطق الكردية التي تدخل الآن ضمن ولاية الموصل ولا تدخل ضمن الدولة الأرمنية المقترحة أي حوض الزاب الكبير كله ، وهذا ضروري لضم الآثوريين ([lxvii]) .
       أمّا مقترحات ولسن ، كما عرضها على اللجنـة الشرقية ، فتتلخص بما يلي : أن يحكـم العراق مندوب سـامٍ يتبعه أربعة من الحكام المدنيين الذين يحكمون الولايـات التالية : البصرة ، بغـداد ، الموصل ، الفرات . وتشمل منطقة الموصل ولاية الموصل القديمة كلها والمناطق الواقعة شمالي الولاية التي لا تدخل ضمن الدولـة الأرمنية المقترحة على أن يكـون الحد الشمالي لهذه الولاية بصورة تقريبية مقسماً للمياه Watershed بين بحيرة وان والزاب الكبير ، وهذا يجعل الآثوريين في العراق على ما هم يرغبون فيه . أمّا بشأن كردستان ، فقد تضمنت المقترحات ما يلي : أنّ منح الأكراد شكلاً من الحكم الذاتي أمر يجب تركه إلى البريطانيين ، ومن الأفضـل أن لا يوضع ضمن جدول أعمال مؤتمر الصلح ، وفي حالة منح كردستان وضعاً مستقلاً فينبغي عندئذٍ أن يكون في العراق خمس ولايات ويكون عدد الحكام خمسة ([lxviii]) .

  نُوقشت مقترحات ولسن من قبل اللجنة الوزارة المختصة بالشؤون الشرقية في 6 نيسان . وقد قبلت المقترحات المتعلقة بتشكيل خمـس ولايات بدلاً من الأربع المقترحة في العراق الأصلي مع مقترحاته حول تشكيل مجلس ولاية في كل منها . وتقـرر كذلك وجوب إبقاء التمييـز ما بين الموصل والعراق الأصلي نافذاً على أن تؤسـس إدارة عربيـة منفصلة في الموصل . وتسلم ولسن في 10 آيـار 1919 برقية من وزارة الهند تنص على إحداث ولاية الموصل العربية المحاطة بدويلات كردية مستقلة بزعامة الرؤسـاء الأكراد الذين يعين لكل منهم حاكم سياسي بريطاني للاستشارة ([lxix]) . وقد وقّع ولسن في حيرة أما الإشارة إلى العراق الأصلي وولايـة الموصل العربية . وكان ولسن منذ زمن بعيد ـ كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ـ يعتبر أنّ إدخال الموصل ضمن العراق أمـر ضروري من جميـع النواحي السياسية والاقتصادية والستراتيجية . ولم يجد ولسن ، بعد أن فهم من لويد جورج رئيس الوزارة البريطانية آنذاك بأنّ مطالبة فرنسا قد حسم أمرها ، مبرراً لعدم شمول نظام الحكم الجديـد المقترح على الولايـة المذكورة . وكان يعتقد بأنّ أية محاولة جدية قد تُبذل في إقامة إدارة عربية منفصلة في الموصل ستواجه احتجاجات قوية من قبل المواطنين العرب في بغداد والمناطق العراقية الجنوبية ، حيث لم يمنح العـرب إلاّ قليلاً من الحكم الذاتي . وقد شعر أيضاً بأن الموصل لو اسـتقام الحكم المنفصل فيها فإنّ أية جهـود تبذل في سبيل جعـل حكومتها العربية على منوال الحكومة الموجودة في سائر العراق سـتقابل بالمعارضة ليـس من سـكان الموصل فقط ، بـل من عرب العـراق والبلاد العربية
بأجمعها
([lxx]) . لذلك استأنف بعد أيام قلائل محاولاته في إقناع حكومته لتأييد وجهة نظره خاصةً بعد أن استلم برقية من وزارة الهند في 6حزيران 1919 تنص على أنّ الاجراءات المقترحة من قبله وقتية ، ومع هذا ينبغي أن تترك الآن ريثما يتم عقد معاهدة الصلح مع تركيا ويختتم مؤتمر الصلح أعماله([lxxi]). لذال أجاب على برقية حكومته في 7 حزيران بأنه كان من الصعب عليه أن يشرع في تشكيل مؤسـسة دستورية إذا لم تُحسـم قضية مسـتقبل الموصل وطلـب أن يسمح له بأن يعلن شيئاً عن هذه القضية في 21 حزيران ([lxxii]) . ولكن حكومته أرسلت إليه في 5 تموز 1919 برقية تطلب فيها ترك أي عمل يثيـر في ولاية الموصل وغيرهـا انطباعاً بأن وضع العراق السياسي المقبل قد حُسـم . لم يثبط ذلك من همة ولسـن ، بل اتبع ذلك بسلسلة من برقيات الاحتجاج ، وأخيراً وجد في تصريح لويد جورج أمام مجلس العموم في 25 آذار 1920 نهايـة لمساعيه الطويلـة في سـبيل ضم الموصل إلى العراق ([lxxiii]) . إذ صرّح الأخير قائلاً أنّ حكومته لن تتنازل عن الموصل حتى ولو كان احتلالها مكلفاً وذلك " لإمكاناتها الكبرى وحقولها الغنية بالنفط ، هذا بالإضـافة إلى أنها تضم بعض الثروات التي تفوق ما يوجـد في أي بلد من بلاد العالم ([lxxiv]) . ومنذ ذلك التاريخ أخذ لويـد جورج يطالب أن تكون بلاده الدولة المنتدبة على بلاد ما بين النهرين بما فيها الموصل . ولذلك فإنّ ولسن طلب في برقيته إلى وزارة الهنـد في 28 آذار 1920 بأنّ عبارة " بما فيها الموصل " الـواردة في تصريح لويد جورج يجـب أن تعنى ولاية الموصل التي كانت تحت إدارة الأتراك ([lxxv]) .

    ب ـ  الاستفتاء الثاني ونتائجه :

        أمّا تجربة الاسـتفتاء الثانية والتي عرفت بالتصويت العام سنة 1921 لتأييد ترشيح فيصل بن الحسين ملكاً على العراق ([lxxvi]) ، فقد جرت أثر سلسلة من الأحداث أهمها ؛ إعلان الانتـداب البريطاني على العراق في 26 نيسان 1920 وثورة العراقييـن في حزيران من السـنة ذاتها ، وتأسيس الحكومة العراقية المؤقتة في بغداد في 11 تشرسين الثاني 1920 .

    عقد مؤتمر الدبلوماسيين البريطانيين في القاهرة قي 12 آذار سنة 1921 برئاسة المستر ونستن تشرشل وزير المستعمرات ،وكان من مقرراته ترشيح فيصل بن الحسين ملكاً على العراق ([lxxvii]) . وقد وصل فيصل بغداد فقي 29 حزيران ، وفي الموصل سارع الأشراف وكبار وجوه البلد إلى عقد اجتماع في مقر البلديـة منذ 22 حزيران سنة 1921 أسفر عن تشـكيل وفد كبير للسلام على فيصل ([lxxviii]) . ومن أبرز أعضاء الوفد : عثمان الديوه جي ، داود الجلبي ، محمد حبيب العبيدي، خير الدين العمري، عبد الله النعمة ، مصطفى الصابونجي ، علي خيري الإمـام ، عزيز عبد النـور ، ناظم المفتي ([lxxix]) . ونشـرت جريدة الموصل مقـالاً نفت فيه أن يكون الوفـد المذكور قد تألف بإيعاز من بغداد ونشر أحـد أعضاء جمعية العهد العراقي في الموصل وهو داؤد الجلبي مقالاً في جريدة الموصل بعنـوان " احساساتي في بغداد " قال فيـه :

((... ولذا يسرني اتحاد كلمة الأمة في الموصل كما في سائر البلاد العراقية على أن تكـون حكومة بلادنا ملوكية يرأسها فرع سلالة النبي العظيم ... كما يسرني نبذ ذلك الخيال البعيد غير ممكن التحقيق ( يقصد عودة الأتراك ) والتمسك بالحقيقة التي نصب أعيننا )) ([lxxx]) .


     اجتمع مجلس الوزراء في11 تموز1921 وقرر بناءً على اقتراح الرئيس المناداة بفيصل ملكـاً على العراق على أن تكون حكومته " دستورية نيابية دمقراطية مقيدة بالقانون " . وقرر المجلس كذلك إبلاغ قراره إلى وزارة الداخلية لنشره واتخاذ الخطوات اللازمة لإجراء عملية الاستفتاء  . كما قرر مجلس الـوزراء كذلك أنّ للمناطـق الكردية الحرية التامـة للاشتراك في الاسـتفتاء أو عدمه على أن لا يعتبر اشـتراكهم أو عدمه " حجة عليهم في المسـتقبل " ولكن " الحكومة العراقية تـود اشتراك المناطق الكرديـة معها وترغب في عـدم انفصالها عن جسـم المملكة العراقية " ([lxxxi]) . وقد نظمت وزارة الداخلية شكل المضبطة التي يجري التصويت بموجبها ([lxxxii]) . وطلبت وزارة الداخلية تسجيل الآراء في هـذه المضابط بواسطة لجان ممثلة لسكان جميع النواحـي والملحقات وأناطت بمتصرفي الألوية تقديـم المضابط إلى اللجان وإرسـالها إلى بغداد فور إكمالهـا ([lxxxiii]) . ففي الموصل تقرر أن يبدأ تسجيل الآراء ففي 26 تموز 1921 . وقام الكولونيل نولدر مشاور اللواء بتشكيل لجنة من السيد أحمد الفخـري قاضي الموصل ، وأمين المفتي نائب رئيس البلدية ، ونامق آل قاسم أغـا ، وفتح الله سرسم العضوين في مجلس الادارة وذلك لإدارة " مسألة التصويت العام وتدقيق المضابط وفقـاً لتعليمات وزارة الداخلية " . وقامـت اللجنة بتوزيع المضـابط على أهالي المحالات وتوقعت أن يتم إنجاز المضابط خلال (5) أيام ([lxxxiv]) .
وقالت جريدة العراق أنّ مشاور اللواء طلب من دائرة البلدية منذ 19 تموز انتخاب (12) رجلاً من كل محلة لأجل القيام بالتصويت العـام . وقد اجتمع نائب رئيس البلدية مع مختاري المحلات وأبلغهم التعليمات ولم " يمضِ وقت قليل من الزمن حتى عـادت الهيئة الانتخابية حاملة مضـابط تحوي أسماء زعماء محلاتهم النافذي الكلمة والذين يلتف حولهم الباقون " وقـد قدمت هذه المضابط لدائرة البلدية وعند ذاك نظم " دفتر عام بأسـماء أولئك الزعماء " ورفع بعد ظهـر يوم 20 تموز إلى مشـاور اللواء الذي قام في اليوم التالي باتخاذ الخطوات الأخرى المتعلقة بالتصويت ([lxxxv]) . وقد بشّر نامق أغا آل قاسم أغا في برقية أرسلها إلى جريدة لسان العرب نشرتها في عددها الصادر في 6 آب سنة 1920 بأنّ التصويت العام في الموصل يجري بإتفاق الكلمة على ملوكية فيصل " ([lxxxvi]) . وأورد مراسل جريدة العراق في الموصل في رسالته المؤرخة في 21 تموز خبراً يتعلق بوصول الكولونيل كورونواليس مستشار فيصل الخاص الموصـل واجتماعه مع أحمد الفخـري وبطريرك الكلدان ونامق آل قاسـم أغا وفتح الله سرسم وساسـون يسمح وغيرهم من وجوه الموصل . وقال المراسل أنّ حديثه معهم كان حول مبايعة فيصل وفقاً لتعليمات وزارة الداخلية ([lxxxvii]) . وقد نشرت جريدة العراق في عددها الصادر في 15 آب سـنة 1921 مقالاً بعنوان " ماذا في الموصل الآن ؟ " وبتوقيع مستعار هو " الموصلي " تحدث فيه عن ملابسات عملية التصويت في الموصل ونفى ما يُشاع من أنّ " الملة الفلانية أضافت عبارة كذا وكذا ... ". وقال أنّ البعض وهم يعدون على الأصابع ، على حـد تعبيره ، رغبوا في وضع شروط وهو أن يعقد المجلس التأسيسي بعد ثلاثة شهور تبدأ من تاريخ إبرام البيعة " ثم ما لبث هذا البعض أن انصاع لحكم الأكثرية فترك ما رغب فيه " ([lxxxviii]) . كما كشف كاتب المقـال عن وجود تيـار تركي كمالي مناهض لدعاة الحكومة العربية ولترشيح فيصل عندما قال :

(( ... لا يمكنني إلاّ أن ألقم الحجر لكل من يتشدق بما خبرته بنفسي وهو أنّ الموصل بأجمعها تكره الأتراك ... يستثنى من ذلك نفر قليل ممن تربوا بنعمتهم وهؤلاء لا أهمية لهم ولا كلمة وليس هم من الرجال المعدودين في البلد ... )) ([lxxxix]) .


    أمّا في كركوك فقد عقد مشاور اللواء اجتماعاً مع مجلس الادارة وقرأ في  الاجتماع تعليمـات وزارة الداخلية . وقـد ظهر أنّ أعضاء المجلس ليسوا متفقين على التصويـت لفيصل . وفي الاجتماعات الخاصة التي كانت نعقد في بيروت سرية في كركوك ظهر أنّ ممثلي الرأي العام آنذاك يتخذون من ترشيح فيصل موقفاً سلبياً . ففي 23 تموز عقد اجتماع في دار المفتي تقرر فيه إصدار فتوى ضد فيصل ، وإذا ما أصبح ملكاً فهم سوف يطلبون الاتحاد مع كردستان.أما بعض زعماء العرب والأكراد هناك فقد صرّحوا في اجتماع سري مع المشاور ، بأنهم سوف يصوتون طبقاً لرغبـة الحكومة البريطانية ولكنهم لا يريدون فيصلاً ولا حكومة عربية . أما التركمان فقد ظهر بأنهم يميلون إلى تركيا، وأعربت " محلتان " من محلات مدينة كركوك عن رغبتها في أمير تركي ([xc]) . وقد نشرت جريدة العراق خبراً لمراسـلها في كركوك جاء فيه :

(( إنّ الأهالي هناك أبو التصويت في بيعة الأمير بالملوكية ، ولم يظهر منهم دلائل تنطق بما يقصدون ، بل غاية ما هنالك أنّ بعضهم يطلب الاستقلال الكردي . ولكن هذا البعض لا يريد أن يجتمع مع السليمانية في الغاية )) ([xci]) .


     أما لواء السـليمانية فقرر عدم الاشـتراك في انتخاب فيصل ملكاً على العـراق ، وأعرب عن رغبته في البقـاء تحت إشراف الإدارة البريطانية مباشرةً ([xcii]) . وقد بررت الحكومة البريطانية موقف السليمانية بقولها : أنّ الوضع هناك كان خاضعاً آنذاك إلى المادة (64) من معاهدة سيفر التي تنص على إنشاء دولة كردية مستقلة ، وفي هذه الظروف كان الرأي السائد يقضي باستثناء اللواء الكردي المحض في العراق(أكراد100./.) من الاستفتاء ([xciii]).

      أما نتائج التصويت في لواء الموصل فكانت كما يلي : بلغ عدد المضابط المؤيدة لفيصل (68) مضبطة . ولم تعطِ في الموصل مضبطة ضده ([xciv]) . وقد اشترطت (6) مضابط المحافظة على حقوق الأكـراد والأقليات الأخرى وحمايتها ، وحبذت (7) مضابط اسـتمرار الانتداب البريطاني بالإضافة إلى المحافظة على حقوق الأكراد ، واشترطت (10) مضابط ما يلي :

1 ـ  استمرار الانتداب البريطاني،ويتبع ذلك استشارة الموظفين البريطانيين في القضايا المدنية والعسكرية .
2 ـ  إقرار اللغة الكردية في دوائر الدولة والمدارس الابتدائية .
3 ـ  حماية حقوق الشعب الكردي المدنية والسياسية .
4 ـ  الحفاظ على حق أكراد العراق في الالتحاق بكردستان تركيا أو بطريقة أخرى ، عندما تؤخذ مسـألة ضمان الاسـتقلال المنصوص عليها في المادة (64) من معاهدة سيفر بنظر الاعتبار فيما بعد ([xcv]) .

     أما نتائج التصويت في لواء كركوك فكانت كما يلي : بلغ عدد المضابط المؤيـدة لفيصل (20) مضبطة ، في حين بلـغ عدد المضابط غير المؤيدة (21) مضبطة ([xcvi]) . وقد عبّرت بعض المضابط المعارضة عن الرغبة بأنّ أهالي كركوك ليسوا عرباً ، وهم يفضلون الانتظار ريثما يرون ما إذا كان استقلال كردستان ملائماً لهـم أم لا ؟ كما رغبـت بعض المضابط في أمير تركي . أما المضابط المؤيدة فقد أتت من لواء أربيل الثانوي Sub - Liwa حيث طلـب فريق من الأكـراد حكومة كردية على أن لا تضـم إلى لواء السليمانية ([xcvii]) . وقد علّق الكاتب البريطاني ادموندز على هـذا بقوله : " لقد نجـم وضع غريب محـرج هو هل أنّ نائب متصرف اربيل سـيرفع العلم العراقي فوق دوائـره ، وهو العلـم الذي لم يرفعه رئيسـه في كركوك ولا مرؤسوه في راوندوز ([xcviii]) ورانية ([xcix]) .

    أسـفرت نتيجة التصويت العام في العراق عن 96./. من المشتركين في الاستفتاء انتخبوا فيصلاً و 4./. من المشتركين عارضوه . وقد جاءت النسبة الأخيرة في الدرجة الأولى من السكان الأتراك والأكراد في كركوك ([c]) . لذا قاطع اللـواء المذكور احتفالات التتويـج التي تحددت بيوم 23 آب سنة 1921 . أما لـواء الموصل فقد أرسـل وفداً كبيراً ضمـَّ عدداً من وجهاء الموصل ورؤسـاء الطوائف المختلفة ورؤسـاء العشائـر العربية والكردية واليزيدية . ومن أبرز أعضاء الوفد : مصطفى الصابونجي ، ضياء بك آل شـريف بك ، ناظم العمـري ، عبد الغني النقيب ، ومن رؤسـاء الطوائف المسيحية مار شـمعون بطريرك الآثوريين ، ومـار يعقوب اوجين مطران الكلدان ، والدكتور يحيى سـميكة رئيس الصحة في الموصل ممثلاً للطائفة الموسوية . ومن أقضية الموصل كلٌ من الشيخ نوري البريفكاني عن رؤساء دهوك ، ومحمد أغا بن شمدين أغا رئيس عشيرة سليفاني ، والسيد عبد الله من رؤساء تلعفر ، وسليمان أغا رئيس عشيرة الكركية ، وسـعيد بك رئيس طائفة اليزيدية ([ci]) ، وقد ساهمت العناصر العاملة في الحركة الوطنية آنذاك بوفد أطلق عليه أسم " وفد الشبيبة " مؤلف من أمين الجليلي رئيساً وعضوية ثلاثة من الموصليين الموجودين في بغداد آنذاك وهم مولود مخلص وسليمان فيضي ومصطفى العمري . وكان مؤسس مقهى الحمراء ([cii]) محمد رؤوف الغلامي قد أبرق إلى الأشخاص الثلاثة في 20 آب 1920 يخبرهم بانتخاب
" المقهى " لهم لعضوية " وفد الشبيبة " في عيد التتويج
([ciii]) . وقـد احتفلت الموصل كذلك بيوم التتويـج ، حيث رفعت الأعلام العربية وعقدت الاجتماعات العامة والخاصة ، ولعلّ من أشهرها الاجتماعان اللّذان أشرفت بلدية الموصل على أولهما والشبيبة الموصلية على ثانيهما . فقد أقامت بلدية الموصل احتفالاً ألقى فيه الكولونيل نولدر كلمة ختمها بالهتاف للملك فيصل والعراق . وقُوبل خطابه بالهتاف " بحياة الأمة البريطانية والملك جورج " ، ونهض علي خيري الإمام فأجابه بكلمة شـكر فيها الأمة البريطانية ووفائها بالوعود " ([civ]) . أما الاجتماع الثاني فعقد في باب السـراي حيث هيأ مكاناً خاصاً . وقد دعت الشبيبة " الحكام والأعيان ورؤساء النقابات على اختلاف طبقاتهم " وألقيت في هذا الاحتفال كلمات تأييدية لفيصل . ومن الذين تكلموا في الاجتماع محمد رؤوف الغلامي معتمد العهد في الموصل ، ومحمد سعيد الجليلي ، ويحيى ق الشيخ عبدا الواحـد ([cv]) ، وهما مـن أعضاء الجمعية المذكورة .

      لم يكن نشاط العهد في الموصل مقتصراً على ذلك بل أنّ أعضاء الجمعية أوعزوا إلى إبراهيم عطار باشي ([cvi]) لتقديم تقرير سـري بتاريخ 19 تموز 1921إلى فيصل يتضمن معلومات مفصلة عن أوضاع ولاية الموصل آنذاك ومواقف السكان من تتويجه ([cvii]) . وقـد ورد في مقدمة التقرير أنّ اتجاهات السكان مرضية ولكن الكولونيل نولدر مشاور الموصل يبث بواسطة أعوانه " أفكاراً فاسدة يقصد بها تضليل الأفكار العامة ، وهو المانع الوحيد للأكراد من أن يلتحقـوا بالموصل ، حيث أنّ جميع زعماء الأكراد يفضلون الموت على الانفصـال "  ([cviii]) . أمّا نص التقرير فيتألف من قسمين ، يتضمن الأول عرضاً للتيارات السياسية السـائدة في الولاية آنذاك . ويتناول الثاني عرضاً للأوضاع العامة في الولاية في غربي دجلـة وشرقيها ، ويشير التقرير إلى وجود عدة تيارات هي كما يلي :

1 ـ  التيار الاستعماري : ويقول التقرير بصدد هذا الاتجاه :

    (( لو خلا بعض أفراد الشعب وعددهم لا يذكر من ترغيب مفرط وترهيب تحت ستار لكانت فكرة الاستعمار في أنحاء اللواء أشبه بوجود العنقاء . هي في الجانب الغربي مفقودة ونقول لمن يزعم وجـودنا في الجانب الشرقي إذا لما أشتعلت غير ان الثورة هناك وصبغت قمم الجبال بالدماء ؟ ...)) ([cix]) .


2 ـ  أمّا التيار الثاني فيطلق عليه التقريـر " فكرة الاستقلال الكردية " : ويقول عن هذا الاتجـاه أنه على الرغم مما بـذره الاستعماريون في أقضية لواء الموصل الكردية فإنّ من السهل " تصحيح الأفكار بالتفاهم مع القوم إذا عهد بذلك إلى ذوي فضل واقتدار بعد جـس النبض تحت الستار واليد على وشك العمل إن شاء الله ".أما في كركوك والسليمانية فالعواطف في الأولى تركية وفي الثانية " اسـتقلالية " . ولواء اربيل الثانوي " غير ثابت اللون " ، ولكن متى بدأت بالأقرب وفاقا وتبعثرت الكتلة الكردية باتنضمام أقضية الموصل إلى الحكومة انحلّـت عرى القوم وفقـد العنصر الكردي ثقته بنفسه فتنقاد البقيـة الباقية بسلاسل الترغيب من غير عناء " ([cx]) .

      أما بصدد التيار الثالث وهو التيار التركي : فيذكـر التقرير بأن الذي
" أوجد الفكرة التركية مظالم الاستعمار وأمارات اليأس من القضية العربية " ويرى التقرير أنّ من الأحرى أن يسمى هذا التيار بالاسلامي ([cxi])
. أما التيار الرابع فهو التيار القومي العربي ، ويقول عنه أنمه كامن في " الأفئدة كمون النار في الزناد لا يعوزها إلاّ يد القادح لتطير شراراً " . وبعد هـذا العرض ينظـر التقرير إلى المسـتقبل بتفاؤل مشوب بالحـذر وذلـك " لأنّ الحكام استعماريون والدسائس غير مقطوعة والشعب منزوع الثقة ".ويعرض التقرير صورة لِما كان يجري في غربي دجلة ، ويؤكد على مدينة الموصل وقضائي سنجار وتلعفر والعشائر البدوية . أما عن مدينة الموصل فيرى أنه :

(( لم يبقَ ( فيها ) من يجـرأ على النطق بمعاكسة الجمهور بعدما قام أعضاء الوفد ([cxii]) ، لا سيّما المنسوبين منهم إلى حزب العهد بتفهيم الحقائق بالرغم عمّا كان قـد دسته أيدي المستعمرين من السموم بتزوير الأقاويل وتزويق الأباطيل مما ساء تأثيره على ثقة المخلص وزاد الخائن عُتُواً )) .


     وعن الموقف في تلعفر فقد جاء في التقرير أنّ سكان هذا القضاء ثابتون على رأيهم السابق ، ولولا خوفهم من الانكليز ومن تكرر المآسي التي نزلت بهم في السابق " لتظاهروا بعواطفهم منذ الآن " ([cxiii]) .

   أمّا في قضاء سنجار ، فقد أكّد " الرواة " أنّ نولدر قد استحصل " مضبطة استعمارية " من هذا القضاء أثنـاء وجود الوفد في العاصمـة . مع أنّ أهل الشمال منهم كانت عواطفهم " عربية في الدرجة الأولى تركيـة في الدرجة الثانية " استياءاً من حمو شيرو أحد رؤساء الجنوب الموالي للانكليز. ويذكر التقرير أنه من الممكن " تعديل أفكارهم إذا لم يقترن بمعاكسة الحكومة " .   

    تطرق التقرير إلى أوضاع شرقي دجلة أي المناطق الكردية ، فأكّد على أنّ من السهولة جذب الأكراد بالنعرة الدينية خاصةً إذا يئسـوا من الارتباط بالأتراك . وقال عن أهالي عقرة أنهم من الموالين للحكومة العربية .

    أما قضاء الزيبـار فذكر التقرير أنه خارج نطاق سلطة الاحتلال آنذاك وأنّ هنـاك تنسيقاً تاماً بين نهـاد باشا قائد الجيـش التركي في ديـار بكر وفارس أغا الزيباري حاكم القضاء الفعلي .

      أمّا عن قضاء دهوك فذكر التقرير أن فيلبي مسـتشار وزارة الداخلية حصل قبل ثلاثة أشـهر على مضبطة من مجلس إدارة دهوك تحتوي على أربعة بنود هي :

1 ـ  أن يصبح قضاء دهوك لواء ترتبط به أقضية زاخو وعقرة والعمادية .
2 ـ  أن تبقى دهوك مربوطة بالموصل ([cxiv]) .
3 ـ  إذا لم ينخـرط الأهـالي في سـلك الجيش الوطني طـوعاً فإنّ على الحكومة أن تطبق بشأنهم التجنيد الإجباري .
4 ـ  إذا وجد بين أهالي هذه الأقضية من يصلح أن يكون حاكماً فإنما يعين في غير محله في الأقضية الأخرى .

     أشار التقرير إلى قضاء زاخو فذكر أنّ مشاور لواء الموصل ذهب أثر تشكيل الحكومة الموقتة إلى زاخو وأوعز إلى رئيس البلدية محمد أغا بن شمدين أغا بالتفاهم مع رؤساء الأكراد لطلب الاستقلال . ثم قـام بشيء من ذلك الشيخ نوري البريفكاني في دهوك ، ويقال أنّ ابن عمه الشيخ عبيد الله منعه من ذلك .

    أمّا بصدد قضاء العمـادية فذكـر التقريـر بأنّ حاكـم القضاء الآن هو عبد اللطيف الموالي للانكليـز وأنّ النفـوذ الحقيقي في العمادية لمشايخ النقشبندية ولرشيد بك برواري ، وأضاف بأن مشاور اللواء استحصل من العمادية على مضبطة استعمارية ، ويؤكد بعض الرواة " أنه اصطحب عند ذهابه صندوقين من الدراهم " فرّقها على الموالين .

    أما راوندوز التي تتبع لواء اربيـل الثانوي فهي الآن خارجة عن نطاق سيطرة الاحتلال وحاكمها الشيخ رقيب السورجي يعتبرها منطقة تركية .

     وختم التقرير باقتـراح مفاده وجوب سحب الموظفين البريطانيين وفي مقدمتهم نولدر  ([cxv]) .












3 ـ  مواقف الانكليز من القضية الكردية :

                مرّت المواقف الانكليزية حيال القضية الكردية بمرحلتين أساسيتين كانت الأولى بين 1919 ـ 1920 ، والثانية منذ 1920 ـ 1922 .

    أ ـ  المرحلة الأولى 1919 ـ 1920 :

                  جرت مراسلات عديدة بين ولسن وكيل الحاكم الملكي العام في العراق ووزارة الهند حول مستقبل الأكراد منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى. وفي خلال زيارة ولسـن إلى باريس ولندن في ربيع 1919 ولقائه مع لويد جورج والمستر مونتاكو وزير الهند وغيرهما وضعت المسألة الكردية على بساط البحث . وكان رأي ولسـن يقوم على تأسيس دويلات كردية مستقلة في كردسـتان الجنوبية برئاسـة زعماء أكـراد بارزين وتحـت الإشراف البريطاني ([cxvi]) . وكان من شأن هذه الخطة أن تحقق بعض رغبات الأكراد والزعماء المتنفذيـن خاصةً وتمنـع وحدة كردسـتان ، وبذلك يسهل على بريطانيا تحقيق أهدافها وضمـان مصالحها . كما أنّ ذلك يمكنها ، على حد قول بعض الكتّاب ، من الاستفادة من هذه الدويلات لتخفيف الحركة القومية العربية في العراق من جهة والحركة القومية في تركيا من جهة أخرى ([cxvii]). وكان ولسـن يفضل أن تلحق المنـاطق الكردية من ولايـة الموصل بالعراق ([cxviii]).

     حاول البريطانيون الاستفادة من الزعامات الكردية المختلفة للوصل إلى صيغة موحدة لمستقبل كردستان ، ففي آيار 1919 وصل بغـداد السيد طه الشمديناني . وقد زار ولسـن وحثّه على إنشاء كردستان موحدة بشرط أن تضم جميع الأكراد بما فيهم أكراد فارس ([cxix]) . وقد أرسل برقية مؤرخة في 12 آيار إلى وزارة الهند لخّص فيها وقائع مقابلته مع السيد طـه . وقال في برقيته أنّ السيد طه أظهر خيبة أمل كبيرة عندما علـم بأنه لا يتوقع مساعدة بريطانيـا فيها يتعلق بأكـراد فارس ([cxx]) . واقترح ولسـن على حكومتـه
بعدم التعهـد بقبول الحماية البريطانيـة وراء ولايـة الموصل ريثما ينجلي الموقف
([cxxi]) .

     ظهرت في هـذه الفترة عـدة مقترحات حول مسـتقبل الأكراد وتعتبر مقترحات ولسن وخطط الميجر نويل من أبرزها . وقد أشرنا فيما سبق إلى مقترحات ولسن . وأرسلت وزارة الهند برقية إلى ولسن في5 حزيران1919 تطلب إليه أن يرسل وجهة نظره حول حـدود المناطق المعنية وفيما إذا كان لا يزال يدعـو إلى استثناء ديار بكـر وأورفه من دولة العراق ([cxxii]) . وقد أجاب ولسـن ببرقية مؤرخة في 13 حزيران قال فيها أنّ الحدود التركية ـ الفارسـية يجب ، على الأغلب ، أن تكون الحـدود الشرقية " للمقاطعة التي ستعتبر ذات غالبية كردية ولأسباب سـتراتيجية واقتصادية ضمَّ السليمانية ورانية وكويسنجق وأربيل وزاخو وعقرة إلى العراق ولاستثنائها من دولة كردستان المقترحة . ولكنه يستثني العمادية . وبصـدد الحدود الجنوبية كتب يقول : " إنّي أفكر... أن تكون شمال الجزيرة قليلاً ، شمال نصيبين ، جنوب ماردين ، شمال رأس العيـن خلال خط العـرض 37 درجة إلى برجك ، معمورة العزيز وبتليس ووان ، وهكذا تستثنى ارزنجان وأرضروم "  ([cxxiii]) . وافقـت وزارة الهند في برقيتهـا المؤرخة في 22 آب 1919 على اقتراح ولسـن القاضي بتأسيس مجموعة من الدويـلات الكردية ذات الحكم الذاتي يحكمها رؤساء أكراد . ومما جاء في البرقية كذلـك أنّ الحكومة البريطانية بحثت بدقة مسألة السكك الحديد من قزلرباط نحوز كفري وكركوك وأوصت ببنائه حائلاًَ لأسـباب ستراتيجية ([cxxiv]) . وقد علّق ولسـن على هذه البرقية ببرقية جوابية اعتبر فيها أنّ المكاسب الاقتصادية أهم من الفوائد الستراتيجية، لاسيّما وأن السكك الحديد تمر خـلال منابع نفطية وخـلال البقعة الرئيسة لزراعة القمح في العراق ([cxxv]) .

      أمّا الخطـة الثانية فهي التي اقترحها الميجر نويـل وهو من المختصين بالشؤون الكردية ، وقد شغل منصب مستشـار الشيخ محمود السياسي ، ثم أنيط به سنة 1919 واجب تقديـم تقرير عن إمكانية قيام كردستان الكبرى فقضى بقية حياته القصيرة يتجول في بقاع كردستان ([cxxvi]) . وقدّم نويل بعد ذلك تقريراً تناول فيه تاريخ الأكـراد ولغتهم وحركاتهم القومية منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد اقترح نويل أن تكون الحدود الكردية مبنية على أساس تتبع الخـط الأثنولوجي ( القومي ) بين العرب والأكراد ([cxxvii]) . وقد كتب عن الحدود الجنوبية لكردستان يقول : أنّ خط سكة حديد بغداد هو الأساس في الوقت الحاضر. وأنّ الخط الممتد من الفرات حتى الموصل يبين الحدود الجنوبية على وجه التقريب والخط القومي بين العرب والأكراد يمتد من الموصل إلى جنوب شرقي خانقين . أما عن الحدود الشـرقية فذكر أنّها تمتد من فارس لتشمل منطقتي صحنه وساقز ومن هناك تعقب نهـر جلفنتاي إلى بحيرة أورميـه والحدود الروسية قرب أرارات . وعن الحدود الشمالية والغربية قال إنّ الفرصة الم تسنح له لدراسة هذين الحدّين ، ولكن المصادر التي اعتمد عليها تبين أنهما يتوافقان بوجه التقريـب مع الخطوط المتوازية العرض والطول بدرجة (39) . أمّا عن كردستان فأشـار إلى اقتراح ولسن ببرقيته المؤرخة 13 حزيران 1919 قائلاً : أنّ ولسن يقترح إدخال مناطق زاخـو وأربيل وعقـرة وكويسنجق والسـليمانية في العـراق إما لأهميتها الستراتيجية والاقتصادية للعراق ، وإما لأنّ سكانها لا يرغبون في الانضمام إلى حكومة كردية . وعقّب نويـل على ذلك بقوله أنّ الأكراد سيقولون بأن تلك المناطق الموضوعة البحث مأهولة بالسكان الأكراد بصفة أكثرية ، وإنها أغنى قسم في كردستان ، لذتا فإنه يعتقد بأنّ قبول اقتراح ولسن " عمل مشكل وغير مشكور عليه " . ومع هذا يمكن إيجاد قاعدة تضمن المصالح الحربية والاقتصادية للعراق بدون سد الباب تماماً للمطامح الكردية نّ الأكراد سيقولون بأن تلك المناطق الموضوعة البحث مأـهولة ([cxxviii]) .

   
        لخّص وزير الهنـد آراء نويل في برقيته إلى ولسن المؤرخة في 22 تشرين الثاني 1919 بقوله أنّ نويل ينصحنا بأن هناك ثلاثة شروط هي :
1 ـ  يجب إخراج النفوذ التركي من كردستان .
2 ـ  يجب عدم تقسيم كردستان .
3 ـ  يجب أن تتبع الحدود ـ بقدر الإمكان ـ الحد الأثنولوجي بين العرب
       والأكراد .

    ويعتقد نويل أنّ الأكراد إذا تركوا يقررون مصيرهم فسيصبحون موالين لبريطانيا ، وأنّ تقسيم كردستان بإلحاق أغنى أجزائها ( كردستان الجنوبية ) بالعراق سـيقدم الفرصة للدعايـة المعادية لبريطانيا ([cxxix]) . وأعرب الوزير البريطاني عن اعتقاده أن من العملي جداً تشجيع تشكيل دويلات كردية ذوات الحكم الذاتي التي قد تتنازع فيما بينها ، لكنها لن تؤذي العراق  ([cxxx]) . ويعني ذلك أنّ الحكومة البريطانية كانت تؤيد آنذاك مبدأ الحكم الذاتي للأكراد ولوز بصورة غريبة على حد قول أحد الكتّاب . ولم تكن تشجع أية اقتراحات لالحاق كردستان بالـدول المجاورة . ولهـذا فإنّ لحذف المقاطع التالية من برقية وكالة رويتر في 22 تشرين الثاني 1919 مغزاه .

(( أعلن مراسل التايمس ... في الموصل بأنّ إلحاق كردستان الجنوبية ( بالعراق ) هو الطريق الوحيد لتأمين السلام في مقاطعة خانقين ـ السليمانية وهو ضروري بسبب مسؤولياتنا للفرس )) ([cxxxi]) .


واجهت آراء نويـل معارضة شـديدة كذلك من قبل ولسـن الذي أبرق في 26 تشرين الثاني 1919 إلى وزارة الهند يقول : أنه لا يوافق على شروط نويل الثلاثة وأنه لا يزال مصراً على اقتراحه ويعتقد أنّ ذلك أحسن وسيلة لضمان الأمن والسلام على حدود العراق الشمالية .

    عقد مؤتمر في وزارة الهند في لندن في 6 كانون الأول 1919 برئاسة السر أي . إج هرتـزل وبحث مستقبل الأكـراد وتوصل إلـى رأي لخّصه هرتـزل بقوله : يجب أن تكون هناك دولـة في السـليمانية تحت الرعاية البريطانية ، وأن يكـون هناك مجلس ليعالج شـؤون المنطقة الواقعـة بين الزابين ، ولكن يجب استثناء راوندوز إلى أن تطلب الانقسام ([cxxxii]) .




   ب ـ المرحلة الثانية 1920 ـ 1922 :

          أعلن الانتداب البريطاني على العراق في 26 نيسان 1920 ولم تغفل بريطانيا ولا عصبة الأمم مستقبل الأكراد , إذ نصّت المادة (16) من لائحة الانتداب على ما يلي: " لا شيء مما في هذا الانتداب يمنح المنتدب من تأسيس حكومة مستقبل إدارياً في المقاطعات الكردية كما يلوح لهم " ([cxxxiii]) . وقد واصلت بريطانيا سياستها في تأييد سياستها في تأييد الحكم الذاتي للأكراد خاصةً بعد ثورة العشـرين العراقية وبعدما ظهرت الحركة القومية التركية المعادية للانكليز والتي كانت تتقرب من الأتحاد السوفيتي ، لذلك لم تعارض بريطانيا بنـود معاهدة سـيفر في 10 آب 1920 والتي نصّت على ضمان حقوق الشعب الكردي في كردستان تركيا وإمكانيـة انضمام أكراد الموصل إلى دولة كردستان المقترحة ([cxxxiv]) .

     تشكلت الحكومة العراقية المؤقتـة في 25 تشـرين الأول 1920 وقد أوضح لها المندوب السامي الحالة فيما يتعلق بالمناطق الكرديـة التي احتفظ لنفسه بالسـيطرة عليها ([cxxxv]) . وعندما عقد مؤتمر الدبلوماسيين الانكليز في القاهرة في 12 آذار 1921 كانت القضية الكردية هي إحدى القضايا المهمة التي عالجها المؤتمـر ، فقد كان عليه أن يضع صيغة نهائيـة للشمال الذي ستتخذه المناطق الكردية في العراق بعد تكوين الحكومة العراقية الجديدة([cxxxvi]). وقد كرّست اللجنة السياسية الجلسة التي عقدت في 15 آذار لمناقشة مستقبل الأكراد ([cxxxvii]) . وظهرت آنذاك وجهات نظر متعددة ، فكان رأي السر برسي كوكس وتسانده المس بل كذلك يقوم على أنّ المناطق التي يسود الأكراد فيها تؤلف جزءاً متمماً للعراق . وكان كوكس يرى أيضاً أن من الأفضل أن يكون هناك معالجة مستقلة للمناطق الكردية العراقية . وكان يعتقد أنّ أكـراد العراق منقسمون على أنفسـهم ولم يبدُ أنهم كانـوا يملكون استعداداً لإنشاء دولة خاصة بهم  ([cxxxviii]) . أما الميجر يونك فكـان يعارض كوكس ويدعو إلى تأسيـس حكم ذاتي محلي ([cxxxix]) . على أن يوضع تحـت السيطرة المباشرة للمندوب السامي ولا يكون جزءاً أو مسؤولاً أمام الحكومة العراقية ([cxl]) . أمّا الميجر نويل فكان يعتقد أنّ الأكراد يفضلون الحكم الذاتي وإنّ بالإمكان الاستفادة من الدولة الكردية كدولة حاجزة ضد الضغط التركي من الخارج والحركات العراقية ضد البريطانيين من الداخل ([cxli]). أما لورنس فلم يكـن يعتقـد بأنّ الأكـراد يريـدون أن يوضعوا تحـت إدارة الحكومة
العربية
([cxlii]) . وكان تشرشـل يميل إلى اقتراح نويل ([cxliii]) . ومهما يكن من أمر فقد تبنت اللجنة أخيـراً توصيات الميجـر يونك وعي أن يبقى الأكراد منفصلين عن العراق ([cxliv]) . وفي الوقت نفسه استقر رأي أعضاء المؤتمر على القيام بمحاولة لاستطلاع حقيقة آراء الأكراد ومدى رغبتهم في الاندماج بالعراق أو عدمه ([cxlv]) .

     أتخذ المندوب السامي الخطوات اللازمة للتأكد من أماني الأكراد ورغباتهم وذلك طبقاً للقرار المشار إليه آنفاً ، فكان تصريح السادس من آيار 1921 الذي نشره المشاورون البريطانيون في مناطـق الموصل وكركوك والسليمانية ([cxlvi]) . وقد أوضح المندوب السامي في هـذا التصريح أنه ينظر باهتمام في مسألة ما يمكن عمله من الاجراءات الادارية الواجب اتخاذها في المستقبل بحق إدارة المناطق الكرديـة في العراق . وأشـار إلى المخاوف التي قد تنتـاب البعض من أن يصيب منافع الأكـراد أي ضرر من جراء جعلهم تابعين لحكومة بغداد الأمر الذي جعلهم يطالبون بتأسيس إدارة مستقلة, وذكر أنه علم بأن أفكار رؤساء الأكراد مستقرة تماماً على فهم تام للروابط الاقتصادية التي تربط مناطقهم بالعراق . وأعلـن عن رغبته في أن يحصل على ما يظهر رغبات الأكراد الحقيقية وأنه مستعد إن كانوا يرجحون البقاء تحت سلطة الحكومة العراقية أن يقترح على مجلس الوزراء العراقي الجديد بحل المسألة كما يلي :

(( أولاً ـ فيما يتعلق بالمناطق الكردية الكائنة في لواء الموصل الداخلة ضمن دائرة الانتداب البريطاني فينبغي تشكيل لواء ثانوي يشتمل على أقضية زاخو وعقرة ودهوك والعمادية وجعل مركزه في دهوك على أن يكون بإدارة معاون متصرف بريطاني وأن يكون القائممقامون بريطانيين في الوقت الحاضر ولكنهم يستبدلون بأكراد أو عرب يتكلمون اللغة الكردية ومقبولين لدى الأكراد وذلك حالما يظهر رجال قديرون )) .


     ومما جاء في التصريح أنّ هذا اللواء الثانوي سيكون بصورة عامة تابعاً للحكومة الوطنية في بغداد فيما يتعلق بالأمور المالية والعدلية وسوف يرسل ممثلين عنه إلى المجلس التأسيسي ، ولكن القائممقامين يتصـلون فيما يتعلق بالادارة العامة بمعاون المتصرف. كما أنّ التعيينات الادارية يجريها المندوب السامي بعد استشارة السلطات المحلية ([cxlvii]) . وقد ورد التصريح كذلك :


(( ويرغب فخامة المندوب السامي أن يبين أنه يتوقع استئناف العلاقات الودية مع السلطات التركية وفقاً للنوايا المتبادلة التي أعرب عنها ممثلو حكومة جلالة الملك وحكومة أنقرا في المؤتمر الذي عقد حديثاً في لندن وعليه ( يرى ) سحب الحاميات البريطانية من زاخو ودهوك وعقرة حالما تساعد الوضعية على ذلك )) ([cxlviii]) .


       وأشار المندوب السامي إلى قراره القاضي بتأليف قوة درك من الأكراد والآثورييـن بإدارة ضباط أنكليـز للمحافظة على الأمـن الداخلي في هذه الأقضية . وقال المندوب السامي في تصريحه أنه يأمـل أن يقدم سكان هذه الأقضية برهاناً عملياً على أنهم يريدون أن يعاضدوه في هذه الأمور لمنفعتهم وذالك بإحضار عددٍ كافٍٍ من الأنصار لكي يصادف مشروعه النجاح وينبغي أن يكون معروفاً أنّ مسؤولية درء الاعتداء الخارجي تقع على عاتق الحكومة الوطنية ([cxlix]) .

    أما المـادة الثانية من تصريح المندوب السامي فنصّت على أنّ المندوب السامي سـوف يسعى لإجراء الترتيب لإشـراك الضباط البريطانيين بإدارة أربيل مع كويسنجق وراوندوز وسوف يأخذ بنظر الاعتبار مسـألة رغبات الأهالي عند تعيين موظفي الحكومة . وقد نصّت الفقرة الثالثة على أن تعتبر السليمانية متصرفية يدير شؤونها متصرف يسـاعده مجلس ويعينه المندوب السامي ويكون معه مسـتشار بريطاني . وذكـر المندوب السامي أنّ الحاكم السياسي البريطاني سيقوم بهذه الوظيفـة إلى أن يعين متصرف للسليمانية . ويخول المتصرف من السلطات ما يوافق عليها المندوب السامي بعد استشارة المتصرف ومجلس الدولة . وينبغي أن يكون القائممقامون في الوقت الحاضر بريطانيين على أن يستبدلوا بأكراد حينما يتوفر رجال أكفاء لهذه الغاية ([cl]).

    قَبِلَ أكراد لوائي الموصل وأربيل الاقتراحات الواردة في ذلك التصريح فأصبحوا رعايا عراقيين . أمّا أكراد لواء السليمانية فقد رفضوا باتفاق الآراء أي شكل من أشكال الانضمام تحت لواء الحكومة العراقية لذا بقيت السليمانية تحت إشراف الادارة البريطانية المباشرة وقام بإدارتها حاكم سياسي بريطاني مسؤول أمام المندوب السامي يعاونه مجلس منتخب ([cli]) . أما في لواء كركوك فقد باشر المتصرف العراقي مهامه منذ شباط ([clii]) . وتمَّ تشكيل لواء الثانـوي الذي أصبح يشرف عليه نائـب متصرف كـردي ([cliii]) . أمّا لواء الموصل فلم يؤسس ولم يَرَ له لزوماً فيما بعد ([cliv]) . ويقول أحد المطلعين أنّ الخطـط الخاصة بالموصـل لم تطبق وذلك لأنّ المصالح الاقتصادية والزراعية للأسـر المتنفذة في الموصل كانـت دائماً تعمـل على إحباط المشروع ([clv]) .

     كان من المقـرر أن يجتمع المجلس التأسيسي في العـراق قبل ترشيح فيصل ملكاً على العراق ولكن تقرر بعد ذلك أن يؤجل الانتخاب بعد الاستفتاء العام ([clvi]) . وعقب وصول فيصل إلى العراق وجّه سكرتير مجلس الوزراء العراقي حسين أفنان إلى سكرتير المندوب السامي سي . سي . كاربت كتاباً في 8 تموز 1920 سأله فيه عن سبب تأخير أكمال النظام المؤقت لانتخاب المجلس التأسيسي ([clvii]) ، فأجابه سـكرتير المندوب السـامي في اليوم ذاته بكتاب قال فيه أنّ السبب يعود إلى " الإشـكال الحادث في إيجاد حل موافق للمصالح الكردية في مناطق مختلفة بحسب معاهدة سيفر " وأضـاف أنّ مما زاد الأمر تعقيداً هو التباين في آراء الأكراد أنفسهم في موقفهم إزاء الحكومة المركزية ، ومـع هذا فالمندوب السـامي مستعد لتنفيذ مواد قانون الانتخاب يشرط أن تكون المناطق الكردية مخيّرة في الاشتراك في الانتخاب أو عدمه وأن لا يؤثر ذلك في قرارهم النهائي فيما يتعلق بموقفهم تجاه حكومة العراق ومنزلتهم لديها ([clviii]). وسبق أن أشرنا إلى موافقة مجلس الوزراء على اقتراح المندوب السامي في جلسة مجلـس الوزراء في 11 تموز 1921 كما أشرنا إلى موقف المناطق الكردية من فيصل ([clix]) .

      أُثيـرت قضية مسـتقبل الأكـراد في مفاوضات المعاهدة العراقية ـ البريطانية ، وذلك على ضوء المواد 62 ، 63 ، 64 من معاهدة سيفر من جهة وموقف الأكـراد من تتويج فيصل من جهة أخـرى ، ففي 24 تشرين الأول1921 نُوقشت المسألة بين الملك فيصل وبين المندوب السامي والميجر يونك بحضور الكولونيل كورنواليس . وقد لخّص المندوب السامي في كتابه المؤرخ 20 كانـون الأول 1921 إلى الملك فيصل ما دار فيها . وذكر أنّ الملك فيصل بيّن آرائـه في خصوص المسألة الكردية بالتفصيل . وقد وجد الملك أنّ من الصعب الوصـول إلى نتائج نهائية من غير إجابـة الحكومة البريطانية على أربعة أسئلة يتعلق سؤالين منها وهما الثالث والرابع مستقبل الأكراد . وقد نصّ السـؤال الثالث على ما يلي : " الآن وقـد عبّرت بعض الطوائف الكرديـة عن تفضيلها للانضمام إلى العـراق فهل تنوي بريطانيا العظمى إجبار هذه الطوائف على البقاء منفصلة وإذا كان كذلك فإلى أي مدى سيكون ذلك ؟ "  . وكان السـؤال الرابع يتعلق بشكل الحكومـة التي تقترح الحكومة البريطانية تأسيسها في حالة وقوع الانفصال وما هي الغاية القصوى المنشودة من ذلك ؟.وقد ذكر المندوب السامي أنّ وزارة الخارجية البريطانية أجابت على السؤال الثالث بما يلي ([clx]) :

   (( إنّ حكومة جلالة الملك ليس في نيتها إجبار أهالي أي منطقة كردية على الانفصال عن العراق ، ولكنها تعتبر أنه عندما تقرر بصفة نهائية الخطة السياسية الواجب اتباعها فيما يتعلق بكردستان ينبغي إعطاء فرصة لجميع المناطق الكردية لكي تنظر إلى مركزها من جديد مع النظر إلى تلك الخطة )) .


 أما فيما يتعلق بالسؤال الرابع فقد أجابت الوزارة المذكورة  كما يلي :

   (( في حالة ما إذا اختارت إحدى المناطق الكردية الانفصال عن العراق فإنّ حكومة جلالة الملك تقترح تأسيس نوع من الاستقلال المركزي تحت المراقبة ( السيطرة ) البريطانية يرمي إلى إحباط نشر الدعوة التركية والعمل على اتحاد كردستان في آخر الأمر مع الأقلية العربية ليكون من ذلك عراق متحد )) ([clxi]) .


أجاب الملك على كتاب المندوب السامي بكتاب مؤرخ في 22 كانون الأول 1921 ذكـر فيه أنّ مستقبل القسمين الشرقي والشمالي من العراق الآهلين بأكثرية كردية يعتبر من أكبير المسائل أهمية ، لذا فقد رغـب في أن يعود ثانيةً إلى هذه المسألة . وقد أورد فيصل خلاصة الحديث الذي دار بينه وبين المندوب السامي عند وصوله بغداد ، وذكـر المندوب السامي بما قاله خلال ذلك الحديـث من أنّ الأكـراد ربما لا يوافقـون الآن على أن يدخلوا تحت رعايتكم وأنّ الحكومة البريطانية قد أمهلتهم سنة واحدة لينظروا في مصيرهم وفيما هو أنفع لهم ويعتمدوا إما على تشـكيل إدارة منفردة أو على مشاركة أخوانهم العراقيين في مصيرهم . وقد عقّب الملك فيصل على حديث المندوب السامي ذلك بقوله :

(( إنّي لا أود ارغام فرد واحد من سكان البلاد العراقية على الدخول في حكمي كائن من كان عربياً أو كردياً أو تركياً ، فضلاً عن إرغام سكان مقاطعة واسعة )) .


وأردف الملك فيصل عندئذٍ يقول :

(( إنّ الحكومة البريطانية أحسنت صنعاً بإعطائهم هذه الفرصة الطويلة حتى من أراد الآن فليدخل ومن أراد فلينتظر ومن أبى فلا يرغم بالقوة )) .


   وانتقل الملك بعد ذلك للحديث عن مرحلة التصويت العام وإعلان المندوب السامي إلى العراقيين بأنهم أحـرار مخيّرون في تعيين مسـتقبلهم وبصورة خاصة الأكراد والأتـراك وذلك بإعطائهم فرصة سـنة كاملة وأنّ الحكومة البريطانية لا تريد تقييدهم بهذا التصويت ، وعلّق الملك على ذلك بقوله :


   (( إنّ ذلك كان بمثابة تشجيع لهم على الإحجام عن الدخول في التصويت العام . إلاّ أنّ هذا لم يمنعهم من الاشـتراك فيه مع المجمـوع العراقي ، فمنهم من ارتضـاني ملكاً عليهم وأرسلوا وفودهم فبايعتني ، كما بايعني أهل بغداد والموصل والبصرة والعشائر العربية ومنهم من أحجم عن التصويت وهو راغب في الانضمام إلى حكومة العراق فكان إحجامه خشية من عقوبة كمن يتوهم وقوعها عليه فيما لو اشترك في التصويت  )) .


   وأضاف الملك أنه يرى جواب صاحب حكومة صاحب الجلالة البريطانية على السؤال الثالث غير منطبق تمماً على المبدأ السامي القائل : بعدم الإكراه في تقرير المصير . ولذلك بناءاً على ما جاء بكتاب المندوب السامي من أنه عندما تقرر الخطـة السياسية النهائية الواجب اتباعها فيما يتعلق بكردستان ينبغي أن تعطى المناطق الكردية فرصة للنظر في مستقبلها وتسـاءل الملك قائلاً : وهل هنالك خطة سياسية جديدة تريد أن تسير عليها حكومة صاحب الجلالة غير الخطة التي رسمتها من قبل وضحت في سـبيلها مئات الألوف من أبنائها وهي ترك الأمم والجماعات حرّة في تعيين مصيرها بدون إكراه وإجبار ؟ وأجاب الملك على سؤاله بقوله : أنه لا يعتقد بأن حكومة صاحب الجلالة تتصور إكراه من اختـاروا مستقبلهم برضاهم وانضموا إلى مملكته رغبةً منهم في الاشتراك بمصالحها والانضواء تحت طاعة مليكها، وأضاف، وإذا ، لا سمح الله ، أمر هؤلاء بـأن ينظروا في مستقبلهم مرة ثانية فلربما يؤدي ذلك إلى أن ينقضوا بيعتهم التي ارتبطوا بها في المـرة الأولى وعندئذٍ لا يخلو الأمر ، كما قال الملك فيصل في شقين : إنما أن يكونوا كاذبين أو مكرهين في المرة الأولى ، أو أنهم أُرغموا على أن يقولوا مالا يرغبون في المرة الثانية . وعلى تلك الحالتين لا تكون النتائج محمودة العاقبة قطعاً ([clxii]).

     أوضح الملك فيصـل رأيه في ذلك فقـال أنه لا يسمح بتعريض قسم من العراق إلى استفتاء جديد ، لأنـه بذلك يفتح ، على حـد تعبيره " باب فساد وأكون كمن أجبرهم على نكث بيعتي برضاي " . وأضاف أنه لا يشك في أنّ المجال يتسع لمن يريد التشنيع به وببريطانيا نفسها بترويج الإشاعات كقولهم إنّ الأهالي نقضوا بيعتهم أو أنّ الحكومة البريطانية رأت أنّ التصويت الأول كان فاسداً لما يظن من إكـراه الناس عليه فأرادت إعـادة التصويت لإظهار الحقيقة . وقال الملك : إنّ كلا الأمرين أسوأ من الآخر . وختم كتابه بالطلب إلى المنـدوب السامي أن يكتفي بتكليف القسم الذي آثـر الانتظار بأن يبدي رغبته في تقرير مصيره ، فإما أن ينظم إلى العراق أو يخرج عنه . وأعرب عن سروره بنية بريطانيا إقامة " إدارة خصوصية مؤقتة للمقاطعات الكردية التركية التي يـرى المنـدوب السامي أنه يحتمـل أن ترغب الآن في عدم إنضمامها إلى العراق " وذلك لقطع دابر المفاسد والمشاغبات التركية على حد قوله . وأعلن عن رغبته في أن تصبح هذه المناطق عراقية إذ هي في الحقيقة ، كما قال ، جزء من العراق من الناحيتين الاقتصادية والجغرافية وأنـه يعتقد بأن سكانها يرغبون في الانضمام إلى العراق ويودون المبايعة أسـوةً بسائر إخوانهم العراقيين ([clxiii]) .

     كتب السر برسي كوكس كتاباً آخر إلى الملك فيصل الأول في 4 كانون الثاني سنة 1922 أشار فيه إلى حديثـه مع فيصل عند وصوله إلى العراق وقال أنّ السـياسة التي اتبعتها حكومة جلالـة الملك في التمييـز في مسألة المناطـق التي أكثر سـكانها من الأكـراد لم تكن صادرة فقـط عن كراهة إرغامهـم على الخضوع لحكم لا يريدونه ، وحسب بل أنّ حكومة صاحب الجلالـة لمك تشعر في نفسها حينـذاك الحق بإغفال المادة 64 من معاهدة سيفر ([clxiv]) . وقال المندوب السامي أنه استنتج من كتاب الملك فيصل الأول المؤرخ في 22 كانون الأول أنه يعتبر اشتراك سكان عقرة وزاخو ودهوك واربيل في التصويت العام بمثابة تنازلهم عن كل حقوقهم في اغتنام ما خولهم إياه هذه المادة من معاهدة سيفر . وذكر المندوب السامي أنه على غيـر هذا الرأي لأنهم ، أي سكان هذه المناطق قد بُلِّغُوا في أن اشتراكهم أو عدمه في التصويت العام لا يعتبر حجة عليهم في المستقبل  ([clxv]) . وقال أنـه لا يرى مبرراً أميناً لاعتبار مبايعتهم أكثر من اعترافهم بكم ملكاً على العراق دون إجحاف بحقوقهم بـأن يصير قسـماً من كردسـتان المستقلة إذا أنشأت هذه الدولة من معاهدة الصلح مع تركيا . وبموجب المادة (64) من معاهدة سيفر لم يكن بالإمكان حينئذٍ تجاهل إمكان نشوء دولة كهذه . وأكّـد واجب حكومة صاحب الجلالة في أن تفسح المجال،إذا أنشأت هذه الدولة ، للمناطق الكردية الداخلة في العـراق الآن أن تعتمد على ما إذا شـاءت الانضمـام إلى دولة كردستان أو إلى المملكة العراقية . وأضاف المندوب السامي يقول : إنه إذا اعتبر حمل سكان عقرة وزاخـو ودهوك وأربيل إبـان التصويت العام بيان رأيهم النهائي فلا مفر من اعتبار سـكان كركوك والسـليمانية كذلك أي أنه ينبغي لهم أن يبقوا سـنة كاملة من تاريخ العمل بمعاهـدة الصلح مع تركيا خارج العراق . وناقش الحجة التي قدّمها الملك فيصل وهي أنه لا يوافق أن يعطي سكان عقرة وزاخو ودهوك واربيل فرصة أخرى لبيان رأيهم وقال : أنها الحجة ذاتها التي يمكن الاستدلال بها عن عمل سكان كركوك والسليمانية ولكنه اسـتدرك يقول : " ومع هذا فإنّي أقدر قوة البرهـان الذي أشرتم إليه وهو أن تخويل الأكراد الذين صوّتوا لأجل جلالتكـم بالتصويت العام فرصة ثانوية ينتج تأثيراً سيئاً على سكان المناطق العراقية الذين اختاروا جلالتكم .
" وقال المندوب السامي أنه يرى أنّ الطريق إلى تحقيق رغبته ورغبة الملك فيصل ، وهي انضمـام كركوك والسليمانية إلى العـراق وتأكيد الرأي الذي أظهره فيما سبق سكان عقرة ودهوك وأربيل ، هو أن تتخذ تدابير أخرى لا تجعل تمييز فيها بين المناطق الكردية وبقية العراق . ومن هذه التدابير إلحاح الحكومة البريطانية على حذف الجملة الأخيرة من المـادة (64) من معاهدة سيفر من معاهدة الصلح النهائية مع تركيا
([clxvi]) . وأوضح المندوب السامي أنّ نتيجة هذا التدبير ستكون إضعاف إمكان الطلب من قبل المناطق الكردية للانضمام إلى دولة كردستان المقترحة " هذا إذا ما فرضنا أنّ حكومة جلالته لم تقوَ على إغراء تركيا على الرضا بحذف تلك الجملـة ، تبلغون جلالتكم وتبلغ حكومة جلالة الملك رغبتكما من هذا القبيل " وقال المندوب السامي أن حكومة جلالة الملك سوف لا تجد صعوبة كبيرة في ذلك خاصةً وأنها مستعدة لإستثناء كل ما له علاقة بكردستان من معاهدة الصلح الجديدة مع تركيا([clxvii]). وأضـاف يقول : وعند ذلك فالحكومة التركية إذا اضطرت على ترك الأمل بإمكان انضمام المناطق الكرديـة في العراق إلى كردسـتان تصبح حرة في وجوب إعطاء الأذن إلى المناطق الكردية في تركيا باختيار استقلالهم فيها .

       لقد اقترح المندوب السـامي في كتابه المذكور أعلاه سلسلة من التدابير على الملك فيصل وبيّن أنه مسـتعد لعرضها على حكومتـه في حالة موافقة الملك فيصل للمصادقة عليها . وتنقسم تلك التدابير إلى قسمين يتعلق أولهما بالمناطق الكردية التي اشتركت في التصويت العام ، وثانيهما بالمناطق التي رفضت مبايعة فيصل .

    وبالنسبة للقسم الأول اقترح المندوب السامي دعوة المجلس التأسيسي إلى  الاجتمـاع طبقاً للقانون الأسـاسي الذي هو الآن ـ كما قال ـ تحت البحث وذلك للمصادقة على المعاهدة ، وذكر المندوب السامي الملك فيصل بما دار بينهما عن مسألة القوم الذين يحق لهم بموجب الفصل (12) من معاهدة سيفر أن يختاروا الالتحاق بغير الجنسية العراقية،وعمّا إذا كان يجوز لهم الاشتراك في الانتخـاب وشروط ذلك وكيـف أنّ الحكومة البريطانيـة أشارت على الحكومة العراقية بعدم السماح لأحد بالتصويت ما لم يقسـم يمين الإخلاص والولاء للملك فيصل . وأضاف المندوب السـامي يقول أنه يرى أنّ استيفاء هذا اليمين من كل منتخب يتعذر القيـام به ، وفضلاً عن ذلك فلا يخلو أمره من ريبة في صحة التصويت العالـم . ومع هذا ينبغي لكل منتخب ذي حق بالانتخاب أن يعطي إقراراً من نفسـه بمثابة شرط عليه ليسمح له بالانتخاب وليس المراد من هـذا فقط الحيلولة دون حق الأفـراد والجماعات الذين في الإمكان أن تُعطى لهم فرصة اختيار جنسية غير عراقية في المستقبل كما هو مقرر في معاهدة سـيفر ، بل ليحول كذلك دون اعتبار المنتخب نفسه كائناً من كان أنّ التصويت العام في منطقته لم يشمله ، وإذا اتفق عغلى جعل هذا القرار عاماً وواجباً على كل واحد تأديته فلا يبقى في حاجة إلى ذكر التنازل عن حقِّهِ الممكن منحه في المستقبل باختيار الخروج من العراق . وقد اقترح المندوب السامي شـكل هذا الإقرار كما يلي : " أنا أقرّ بأنّي عراقي وعازم على البقاء كذلك دائماً " . وقال : " فإذا وافقتم جلالتكم على هذا الاقتراح فلا يبقى داعٍ إلى فعل شيء آخر فيما يتعلق بعقرة وزاخو ودهوك وأربيل " وهي المناطق التي اشتركت في التصويت العام ([clxviii]) .

    أما عن القسم الثاني من الاقتراح والمتعلق بكركوك والسليمانية فقد اقترح المنـدوب السامي أن يبلـغ متصرف كركـوك ومستشاره وضابط الارتباط السـياسي في السليمانية أهل هاتين المنطقتين أنه سـيباشر قريباً في انتخاب المجلـس التأسيسي والذي سيجتمع في بغداد وذلك للنظـر في المعاهدة بين العـراق وبريطانيا أولاً وفي القانـون الأساسي ونظـام الانتخابات المقبلة وقوانين أخرى تقتضيها الظروف ثانياً ، وحكومة جلالة الملك وحكومة الملك فيصل تعتبر نتيجة التصويت العام الذي أتخذ أخيراً في كركوك والسليمانية حقيقياً، ولذلك فلا تشارك كركوك والسليمانية في الانتخابات المقبلة ولا يسمع لهما رأي في المعاهدة أو القانون الأساسي , وأنّ الحكومتين لم تقتنعا بعد أن سكان كركوك والسليمانية يقدرون حق التقدير أنّ نتيجة ما أعطته من الرأي أبان التصويت العام ، لذا نزعت عنهم أهلية الاشتراك في المجلس التأسيسي ويريان من الواجب عليهما أن يبينـا حقيقة الأمر حتى لا يكون موقع لسوء الفهم . وختم المندوب السامي كتابه بقوله أنه يرى بأن الملك فيصل يوافقه على الإتيان بشيء أكثر من هذا . وإذا لم ينبعث السكان من تلقاء نفوسهم إلى إبداء رأيهم بعد هذا البلاغ فإنه يجب على الحكومتين قبول الأمر الواقع وهو أنه ينبغي اعتبار كركوك والسليمانية خارجين عن حكم بغـداد مؤقتاً . وإذا كانت نتيجة هذا البلاغ إظهار سـكان واحدة من هاتين المنطقتين أو كليهما رغبة في إعادة النظر في قرارهم السابق فعنـد ذلك يجب أتخاذ الخطة التي تلائم الوضع الجديد. وأوضح المندوب السامي للملك فيصل أنّ تحديد شروط الاتفاق المقترح عقده بشأن المناطق الكرديـة لا فائدة من تقريـره حتى يتم التعرف على طبيعة الموقف الذي ستتخذه كل من كركوك والسليمانية ([clxix]) .

     ردّ الملك فيصـل على مقترحـات المندوب السـامي بكتاب مؤرخ في 9 كـانون الثاني 1922 بقوله أنه لا يرى بعـد المفاوضات الطويلـة حول المناطق الكردية التي اشتركت في انتخابه حاجة إلى إعادة البحث فيها أو في الفصل المشـار إليه في معاهـدة سـيفر أو في بيـان الحكومة البريطانية بخصوصها أو في مسـألة التصويت العام السابق . وقال أنـه على ثقة بأن الحكومة البريطانية سـتنجح في حذف الجملـة الأخيرة من معاهدة سيفر المتعلقة بكردستان العراق عند استئناف الاتصالات مع تركيا . أما ما يتعلق بمنطقتي كركوك والسليمانية، فقد أعلن الملك فيصل عن موافقته على اقتراح المندوب السامي المشار إليه ([clxx]) .

     اصطدمت موافقة الملك فيصـل على الاقتراح الثـاني للمندوب السامي برفض مجلس الوزراء العراقي فغي جلسته المنعقدة في 4 آذار 1922 إضافة مادة منفردة إلى مواد النظام المؤقت لانتخابات المجلس التأسيسي قبل صدوره توجـب على المنتخبين أن يصرّحوا " بعراقيتهم الحالية والمقبلة " . واعتبر المجلـس أنّ الأقسام الكرديـة التي اشـتركت في التصويـت العام باختيارها قد أصبحت عراقية كبقية البلاد . أما الأقسـام التي لم تشارك في التصويت العـام فإنّ اشتراكها في انتخابـات المجلس التأسيسي أو استنكافها عنها يدل دلالة واضحة على ميلها إلى الانضمام إلى العراق أو عدمه . بالإضـافة إلى ذلك فإنّ وضع نص خاص بهذا الشأن إلى النظام المؤقت قد يؤدي إلى تشـويش أذهان المنتخبين وامتناعهم عن الانتخـاب ويفسح مجالاً لتلاعب المفسدين ، لذلك لا توجد فائدة من وضـع هذا النص بعد أن صرّح قانون الانتخـاب بأنه لا يجوز الاشتراك في الانتخابـات إلاّ للعراقيين وأنه بمجرد ادعاء شخص بتبعية أجنبية يحرم من الاشتراك في الانتخاب . لذلك فإنّ مجلس الـوزراء قرر إبقاء المادة (8) على ما كانت عليه وان المجلس لا ينظر في هذا النظام مرة أخرى ([clxxi]) .

      حاول المندوب السـامي في أوائل نيسان 1922 حمل مجلس الوزراء العراقي على وجوب مراعاة حقوق المناطق الكردية المصرّح بها في الفقرة الثالثة من المادة (64) من معاهدة سيفر في النظام المؤقت لانتخابات المجلس التأسيسي إلى أن يتم الصلح مع تركيا على أساس المعاهدة المذكورة أو على أي صورة،فرفض مجلس الوزراء البحث في ذلك وأصرّ على قراره ([clxxii]).

    تخلّى مجلس الوزراء العراقي عن عناده وعاد في جلسته المنعقدة في 27 نيسان 1922 للنظر في اقتراح المندوب السامي المؤرخ في 20/21 نيسان 1921 المتعلق بتخصيص أحد النائبين المقررين لعشائر كركوك إلى عشائر لواء أربيل الثانوي لينوب عنهما في المجلس التأسيسي، فقرر مجلس الوزراء إيداع الكتاب المذكورين وزيري المالية والعدلية ليضعا مادة قانونية تتضمن الاقتراح المذكور ويرفعاها إلى مجلـس الوزراء ([clxxiii]) . وقد تقرر بعد ذلك إصدار ذيل رقم (1) للنظام المؤقت لانتخـابات المجلس التأسيسي وبموجبه عدّل تعريف العراق في المادة الأولى من النظام المذكور بأن أصبح العراق هو مجموع البلاد المعروفة بهذا الأسم وهو يشمل الألوية التالية : الموصل ، السليمانية ، كركوك ، لواء أربيل الثانوي، ديالي، بغداد ، البصرة ، المنتفك ، العمارة ، الحلة ، كربلاء ، الدليم ، الكوت ، أي بإضافة لواء أربيل الثانوي إلى بقية ألوية العراق . كما عدّلت الفقرة الثانية من المادة (3) بأن أصبحت عشـائر الموصل تمثل بنائبين وعشـائر السليمانية بنائيين كذلك وعشائر كركوك ولواء أربيل الثانوي بنائب واحد لكل منهما ([clxxiv]) .

      استلم سكرتير المندوب السامي البريطاني نسخة من المذكرة التي قدّمها الجنرال حداد باشـا الممثل الشخصي للملك فيصل في 7 تموز 1922 إلى الحكومة البريطانية حـول الانتداب جاء فيها عن الأكـراد أنهم متعصبون متمسكون بالدين الإسـلامي ، ومهما يقل بعضهم للموظفين البريطانيين فإنهم يفضلون الحاكم المسلم . وذكر حداد باشا أنّ المفاوضات الكردية التي كانت تشمل على الدوام جزءاً متمماً لبلاد ما بين النهرين منذ زمن سحيق ، سوف تفضل البقاء ضمن العراق لأسباب اقتصاديـة . وأضاف يقول : أنّ أعداداً كبيرة من الأكـراد صوّتت إلى جانب الملك فيصل وأنه علـم من السلطات المسـؤولة عند مغادرته بغـداد بأنهم أي الأكراد مسـتعدون للانضمام إلى العراق فيما لو أصبح بلداً حرّاً . وقال أنه يؤيد الرأي القائـل بأن المقاطعات الكردية إذا انفصلت عن العـراق وتركت تحـت الادارة المباشرة للمندوب السـامي ، فسوف تقع في الحاضر أو في المسـتقبل تحت النفـوذ التركي تدريجياً ، وهكذا تصبح " قبراًَ خطيراً للعراق " . وختم مذكرته بالقول : إنّ مجرد نظرة بسـيطة إلى الخريطـة تكفي لأن تظهـر بأن المناطق الكردية العراقية غير منفصلة عن المناطق العربية العراقية ، وإنّ بغـداد كانت منذ زمن بعيد المركز لكليهما ([clxxv]) .
     حاولت الحكومة العراقية إصدار بيان يطمئن الأكراد ، خاصةً بعد اتساع الدعاية الكمالية في مناطقهم ، كما سنوضح ذلك . ففي 11 حزيران 1922 أرسلت وزارة الداخليـة العراقية إلى متصرف لـواء الموصل بكتاب مرقم 8424 حول الحقوق المتعلقة بالأكراد وطلبت نشر محتوياتـه بين الأكراد . ومما جاء فيه أنّ خطة الحكومة العراقية ، كما يظهر ، لم تزل مجهولة لدى سكان المناطق الكردية ، وعليه " أن تفهم النـاس على أنّ الحكومة العراقية حكومة دستورية وبرنامجها...هو أن تُعطى جميع الحقوق السياسية والادارية والاجتماعي إلى كافة أبناء العراق " دون تمييز في الجنس أو المذهب . وأنّ جميع سـكان البلاد والمناطق في القطـر العراقي المودوع بعهدة الحكومة العراقية كلهم في نظر الدولـة وقوانينها سواء ، لا ميزة لبلد على آخر ولا لمنطقة على غيرها . وأكّد البيان على أنّ رقي البلاد يعتمد على سعي أبنائها من عرب وأكراد وغيرهم ([clxxvi]) .

     أرسل سكرتير المندوب السامي فقي 6 تشرين الأول سنة 1922 كتاباً إلى رئيس الوزراء العراقي استعرض فيه أحداث كردستان آنذاك ، وطبيعة النشاطات الكمالية وظروف الانسحاب البريطاني من السـليمانية وترك زمام الأمور بيد مجلس الإدارة برئاسة الشيخ قادر وهو أخ الشيخ محمود  ([clxxvii]) . وأوضح بأن لهذه الأحداث علاقة مهمة بانتخابات المجلس التأسيسي المقبلة ، بقدر ما يتعلق الأمر بالمناطق الكردية . وإشار إلى الخطط البريطانية الجديدة بشأن هذه المناطق على ضوء التصريح الذي أدلى به وزير المستعمرات في مجلـس العموم البريطاني في 11 تمـوز 1922 والذي بسـط فيه سياسة بريطانية في كردستان وقال فيه :

 (( أنّه على قدر ما يتعلق الأمر بكردستان الجنوبية فإنه ليس في نيتنا أبداً أن ندخل أنفسـنا أو نشتبك هناك ( بأية حركات عسكرية خطيرة ) وإننا نعمل كل ما في وسعنا لأجل كردستان الجنوبية ولكننا لا نؤدي بأنفسـنا في أي طريق خطر . وقد أعطيت تعليمات صريحة بعدم الخوض فيما يؤدي إلى أي شيء من هذا القبيل . ونحن لا نريد أن نجبر أهالي كردستان الجنوبية ليكونوا تحت حكومة الملك فيصل وهم أحرار في الاشتراك في الانتخابات المقبلة أو عدمه )) .

وأضاف وزير المستعمرات بأن الحكومة البريطانية تدرس الرغبات الكردية وأنها تعتقد تمامـاً أنّ مصالح كردسـتان الجنوبية تندمج تمـام الاندماج في مصالح العراق ، وبدون إجبار من البريطانيين فإنّ هذين القطرين سيصبحان في نهاية الأمر على اتفاق تام . وكان من رأي المنـدوب السامي ، كما قال سكرتيره ، أنّ القيام بأية محاولة في الوقت الحاضر لإجبار قسم من الأكراد على الاشتراك في الانتخابات ضد رغبتهم يعد من أسوأ الآراء ويحتمل أن يأتي بنتائج خطيرة ، ولكنه في الوقت نفسه يرى من الأهمية بمكان عظيم أن يشترك في الانتخابات المقبلة للمجلـس التأسيسي أهالي كركوك ولواء أربيل الثانوي والأقضية الأربعة الكردية وهي العمادية ودهوك وعقرة وزاخو، وأن يرسلوا ممثلين عنهم إلى المجلس التأسيس حتى يمكن للعراق أن يظهر متحداً ضد أي تقدم للدسائس التركية . لهذا فقد استشار المندوب السامي ، كما قال سكرتيره  ( المأمورون المحليون ) من ذوي الشـأن في إدارة تلك الأقضية في الانتخابات المقبلة على شرط أن تُعطى لهم الضمانات التالية :

1 ـ  ألاّ يعين موظف عربي في أقضيتهم .
2 ـ  ألاّ يجبروا على استعمال اللغة العربية لغة رسمية للحكومة .
3 ـ  أن تحفظ كما يجـب حقوق الطوائف والأقليـات الكردية والمسيحية
       والتركمانية .

     وبناءً على هذه التوصيات فإنّ المندوب السامي ، كما وضّح سكرتيره ، يقترح وجوب اتخاذ الاسـتعدادات اللازمة للانتخابـات في تلك القضية في الوقت ذاته الذي تجري فيه في العراق وبالطريقة نفسها . ولكن عندما تصدر الأوامر لتحضير قوائم الانتخاب ينبغي إعطاء الضمانات المذكورة أعلاه من قبل الحكومة العراقية لتلك الأقضية ذوات الشـأن وأن تنشر الضمانات تلك بشكل واسع ([clxxviii]).وختم سكرتير المندوب السامي مذكرته بقوله : أنّ المندوب السامي يسـره أن يعلـم عمّا إذا كان مجلـس الوزراء يوافق على الاقتراح المشـار إليه وإذا كان ذلك كذلـك فإنه يرغـب من سـكرتيره أن يلتمـس إبلاغه الطريقـة التي يقترح مجلـس الوزراء العراقي إتباعهـا لنشر تلك الضمانات ([clxxix]) .

    أخذت الحكومة البريطانية تتخلى عن فكرة إقامة دولة كردستان الكبرى وذلك بشكل صريح منذ 1922 ، إذ اتضح لها أثناء مفاوضات مؤتمر لوزان أنه ليس ثمة أمل في خلق دولة كردستانية كبرى تضم إليها المناطق الكردية في العراق ، ولذلك لم يبقَ مناص من إدخال المناطق الكردية العراقية ضمن حـدود المملكة العراقية . وقد بررت السلطات البريطانية في العراق تغيير موقفها من الأكراد بقولها أنّ أية محاولـة جديّة لتشكيل دولة مستقلة في هذه المناطق تعتبر مستحيلة لأسباب عديدة منها :
1 ـ  أنّ مشروعاً كهذا لم يكن ليؤمن أية منافع اقتصادية .
2 ـ  أنّ الدول المجاورة كانت تنظر إلى هذه الدولة بعين القلق الشديد وذلك لمعاناة تلك الدول نفسها الأمرَّين من رعايا الأكراد .
3 ـ  إنّ عملاً كهذا كان بمثابة ادعاء لوجود نوع من التعـاون بين الأكراد العراقيين أنفسهم وقد اتضح عدم وجود ذلك التعاون ([clxxx]) .

    لهذا أصدرت الحكومتان البريطانية والعراقية بياناًَ مشتركاً في 24 كانون الأول 1922 كان الهدف منه ـ كما ورد في بعض المصادر البريطانية ـ إيقاف أطماع الشيخ محمود المتطرفة من جهة ، وطمأنـة العناصر الكردية المعتدلـة في العراق بأنّ مصالحهم المشروعة سـوف لا تهمل من جهة أخرى ([clxxxi]) . وقد نصّ البيان :

   (( إنّ حكومة جلالة ملك بريطانيا وحكومة العراق تعترفان بحقوق الأكراد القاطنين داخل حدود العراقي في تأسيس حكومة كردية ضمن تلك الحدود وتؤملان بأنّ عناصر الأكراد المختلفة ستصل في أقرب ما يمكن إلى اتفاق فيما بينها بخصوص الشكل الذي يرغبون في أن تأخذه تلك الحكومة والحدود التي يودون أن تشملها وأنهم سيوفدون إلى بغداد مندوبين مسؤولين للمذاكرة فيما يتعلق بمناسباتهم (بعلاقاتهم) الاقتصادية والسياسية مع حكومة جلالة ملك بريطانيا والحكومة العراقية )) ([clxxxii]) .

     ويعلق أحد الباحثين على هذا التصريح بقوله : أنه أرضى جزئياً مطامح الشعب الكردي في العراق ([clxxxiii]) . وبالفعل فقد تشكلت حكومة كردية ذات حكم ذاتي في السليمانية ، كما سنوضح ذلك في الفاصل القادم .
4 ـ  الاستيطان الآثوري :

                  تقدم في فصل سابق أنّ السلطات البريطانية في العراق رحّبت باللاجئين الآثوريين ووعدتهم بإعادة حقوقهم وتزويدهم بالسلاح والمال . ولم يصل العراق منهم على قيد الحياة إلاّ نصف عددهم الأصلي البالغ مائة ألف نسمة ([clxxxiv]). وقد أسكنتهم السلطات البريطانية سنة 1918 في معسكر بالقرب من بعقوبة مدة ثلاث سنوات ([clxxxv]) . ولم يكن العراقيون ليرتاحوا إلى هؤلاء الدخـلاء الذين حاولت بريطانيا فرضهم وإقحامهم في جهات الموصل على حساب أرزاق النـاس وأراضيهم ، بالإضـافة إلى ما يحملونه من اتجاهات قومية شوفينية . ومع ذلك فإنّ مسألة توطين الآثوريين في العراق كانت من الأمـور الجدية بالنسبة للسـلطات البريطانية المحتلة . فقد نصّت مقترحات ولسن المقدمة إلى اللجنة الشرقية سنة 1919 إلى أنّ ضم ولاية الموصل إلى العراق ضروري لتأمين بقاء الآثوريين ضمن العراق حسب رغبتهم، كما قدّم الكولونيل ليجمن الحاكم السـياسي في الموصل مشروعاً لتوطينهم في منطقة العمادية لخصه ولسـن بقوله : إنّ اقتـراح ليجمن تضمنت إخراج الأكراد المسلمين الذين ثـاروا مرتين وقتلوا الكابتن ويلـي واللفتانت ماكدونالد ([clxxxvi]) وإعطاء أراضيهم للآثوريين . وقد نال اقتراح ليجمن موافقة ولسن الذي ذكر أنّ عدد الأكراد الذين اقترح ليجمن إخراجهم لـن يزيد عن (2000) أسرة وسـتعطى لهم أراضٍ أخـرى في الجانب التركي من الحـدود العراقية ـ التركية ، وأضاف ولسن يقول : ولو استطاع الآثوريين البنـاء في المنطقة التي اقترحها ليجمن لتمكنوا ليس فقط من حماية أنفسهم وأراضيهم وحسب ، بل وعلى حماية المنطقة الخصبة التي تمتد إلى الجنوب من تلك الأراضي . وقال :

(( ولو طبّقنا هذا الحل ، لتهيأت لنا على حد قولي في رسالة بعثت بها إلى وزير الحرب في آب 1919 ، فرصة لانصاف الطائفة الآثورية ... ولتمكنا من حل مشكلة من أصعب مشاكل الأقليات الدينية والجنسية في كردستان . ولتخلصنا من خطر داهم على مستقبل السلام في شمالي العراق . ولعاقبنا المسؤولين عن اضطرابات العمادية . إنّ فرصة كهذه لن تعود إلينا ثانيةً ... )) ([clxxxvii]) .

     وقد وافقت الحكومة البريطانيـة على ذلك المشروع وأعدت له الخطط التمهيدية بإشراف الدكتور ويكرام الذي كـان اطلاعه الواسـع على أحوال الآثوريين ومشاركته إياهم في آرائه أكير مسـاعد للادارة البريطانية ([clxxxviii]) . وقد أصدر السامي في31 آيار1920 بياناً يدل على عزم السلطات البريطانية على تنفيذ مشروع ليجمن . وقد نصّ البيان على ما يلي :

    (( إنّ الحكومة البريطانية تنظر منذ مدة بمنتهى العناية والاهتمام في مسألة حماية الشعب الآثوري واضعة نصب أعينها كلاً من الخدمات التي أدّوها لقضية الحلفاء أثناء الحرب العامة وقد قررت أن تسعى إلى مد حدودها إلى أبعد حد ممكن من الشمال ويؤمل أن يدخل في هذه الحدود الجبال التي يسكنها التياريون وقبائل ( التخوما والجيلو والباز ) وأن يهيأ لهم وطن قومي لا للذين يمتون إلى هذه المناطق بصلة فحسب ، بل لغيرهم من الآثوريين المشتتين .  وقد تأكد المندوب السامي من أنّ هناك مناطق شاغرة في العراق هي أكثر مما يحتاج إليه ، وهي تقع في شمال دهوك والعمادية والجبال الشمالية )) ([clxxxix]) .

ويذكر ولسن أنّ نشوب الاضطرابات في المناطق الكردية الكائنة إلى الشمال الشرقي من الموصل أدّى إلى تأجيل المشروع المرة تلو الأخرى خاصةً وأنّ السلطات العسكرية البريطانية أعلنت عجزها عن تهيئة الناقلات اللازمة لأخذ الآثوريين من بعقوبـة إلى الموصـل أو للحركات العسـكرية اللازمة التي أريد القيـام بها في منطقة العماديـة . وكذلك بسبب اندلاع ثـورة العشرين العراقية ([cxc]) . وقد تمكنت الحكومة البريطانية من تجنيد عدد كبير منهم في قوات ( الليفي ) واسـتخدمت عدداً منهم في حراسـة مطارات القوة الجوية الملكية البريطانية ومنشآتها ([cxci]) .

    عقدت معاهدة سـيفر في 10 آب 1920 ونصّت المادة (62) المتعلقة بإعطاء الحكـم الذاتي لأكراد تركيـا والعراق ، كذلك على مشروع يحتوي ضمانـات كافية لمحافظـة الآثوريين وغيرهم من الأقليـات داخل حدود كردستان ولتحقيق هذه الغاية تقرر أن تزور لجنـة مختلطة منطقة كردستان لتقرير من إذا كانت الحاجة تدعو إلى تعديل خط الحدود التركية عند التقائه بالحدود الفارسية ([cxcii]) . وقد أمل الآثوريون أن تضم معاهدة سـيفر منطقتهم إلى العراق ، ولكن المعاهدة استثنت مناطقهم منه وأعطت العمادية إلى تركيا ولكن هذا المشروع لم يتحقق ، لأنّ تركيا رفضت إبرام المعاهدة ([cxciii]) .

    لقد نشطت السلطات الاحتلالية في معالجة استيطان الآثوريين في الجهات الموصلية أثر قمعها ثورة العشرين العراقية . إذ قررت تنقل الآثوريين إلى زاخـو ودهوك وعقـرة والعمادية . وبالفعل فقـد تم فتح معسكر جديد في
" مندان "
الذي يقع على مسافة (80) ميلاً إلى شمالي شرقي مدينة الموصل إلى حين إيجاد حل لمشكلة إسـكانهم ([cxciv]) . كما قـدّم الجنرال الآثوري أغا بطرس في تشرين الأول 1920 خطة لإسكان جميع اللاجئين الآثوريين في الهضاب الجنوبية على الحدود التركية الفارسية ([cxcv]) . وقد أيّد الانكليز هذه الخطة وتقرر أن يسـلك الآثوريون الطريق الذي يمتد من عقرة ـ دهوك ، ومن ثم إلى منطقة بـارزان وإلى نيـري ثم إلى الشمال الشرقي فأروميه . وأتخـذت الترتيبات اللازمة منع الرؤساء الأكـراد في ألاّ يعارضوا مسيرة الآثوريين . وقد حشد أغا بطرس (6000) مسلحاً آثورياً في منطقة عقرة . وبدأت مسـيرتهم ولكن الخلافات التي نشبت بينهم واصطدامهم بالأكراد في منطقة بارزان أدّى إلى عدم تمكنهم من الاستمرار على إنجاز سفرهم ([cxcvi]) . وقد فشل أغا بطرس في مشروعه وغادر العراق صيغ 1921 إلى فرنسا ثم إلى لندن لعرض القضية الآثورية ثانيةً ًعلى الحكومة البريطانية فقـدّم خطة أخـرى مفصلة لتأسيـس دولة آثورية مستقلة اسـتقلالاً داخلياً تحت حماية بريطانيا ، ولكن الحكومة البريطانية رفضتها في حينه ([cxcvii]) .

  أصبح الآثوريون بعد فشل خطة أغا بطرس يؤلفون ثلاث مجموعات هي :

المجموعة الأولى : وهم الذين تحفظوا عن جماعتهم الذين ذهبوا إلى أروميه
       وأكثر هؤلاء استخدموا في بغداد في مهن مختلفة وكان عددهم يقارب
       (500) شخصاً
([cxcviii]) .
المجموعة الثانية : وهم الذين كانوا يعملون فلاحين عند الأغـوات الأكراد
       في برواري بالا ونيـره ريكان اللّتين تقعان على الحـدود بن العراق
       وتركيا .

المجموعة الثالثة : وهم المجموعة المهمة المؤلفة من الحكاريين الذين كانوا
       تحـت الرعاية العثمانية وقدّرت نفوس هـذه المجموعة سنة 1970
       ( 3000) نسمة بمعدل (5) أشخاص لكل عائلة . وفي سنة 1921
       وضعت الخطط لسـد معسكر " منـدان " وتصفيته ، وخصص مبلغ
       (120) روبية أي (9) دنانير لكل رجـل وامرأة وطفـل من خزينة
       الحكومة البريطانية
([cxcix]) ، إذ كانت نيّة بريطانيا حينذاك تقـوم على
       تشجيع الآثورييـن العثمانيين قـدر الإمكان على العودة إلى موطنهم
       الأصلي في الأراضي المتنازع عليها والتي كان يعتقـد أنها ستصبح
       عراقية ، في الوقت الذي أتخذت فيه التدابير لإسكان (2500) نسمة
       في(27) قرية في داخل قضائي دهوك وعقرة في لواء الموصل
([cc]) .
       وفي شتاء سنة 1921 توزع الآثوريون في لواء الموصل كما يلي :

               
6950
نسمة في شمالي العمادية
1100
نسمة في منطقة العمادية
7450
نسمة في دهوك وعقرة والشيخان وزاخو ([cci]) .

      وفي سنة 1922 عز التياريون الشماليون والقسـم الأكبر من عشائر التخوما والجيلو والباز على السفر إلى مواطنهم في حيكاري . وقـد زوّدتهم السلطات البريطانية بالأسلحة والذخائر([ccii])،وشجعتهم على مقاومة الكماليين ، وقد كتب مساعد المشاور في دهوك في تقريره المؤرخ في حزيران 1922 أنّ من المتسع حقاً رصد تأثير عودة الآثوريين على الكماليين ، هـذه العودة الناجمة لأولئك الرجال المسلحين بمسـاعدة الحكومة البريطانية إلى قلاعهم الجبلية شمالي العمادية . وأضاف أنّ وجودهم هناك ذو فائـدة كبيرة للعراق فهو على الأقل يمنع الكماليين من استخدام القبائل الكردية لأغراض عدوانية في هذه المنطقة المجاورة ([cciii]) .

    لقد أتسـمت علاقات الآثوريين منذ البدايـة بالسلبية تجاه العراقيين على الصعيدين الشعبي والرسمي . فعلى الصعيد الأول أسهموا في قمع الحركات الكردية سنة 1919 ، وكذلـك استبسلوا بجانب القـوات البريطانية في قمع الثورة العراقية الكبرى. بالإضافة إلى محاولة الاستيطان القسرية على حساب الاقتصاد الشعبي . أما بالنسـبة للصعيد الثاني فقد كافحوا فكرة إنشاء كيان عراقي عربي وادعـوا بأن بعض المناطق الموصلية كانت تشكل جزءاً من كيانهم السياسي البعيد. وهذا ما أشار إليه المندوب الآثوري في مؤتمر الصلح في باريس سن 1919حينما أظهر تخوفه من تأسيس حكومة عربية في بلاده الموروثة على حد تعبيره ([cciv]) . وقد كان لتلك السياسة الاستيطانية الآثورية نتائج قاسية في تاريخ العراق الحديث في المجالين الداخلي والدبلوماسي .



([i])  ظهرت في بداية الحرب العالمية الأولى مدرستان في السياسة البريطانية اصطلح على الأولى أسم مدرسة الهند وعلى الثانية أسم مدرسة القاهرة . وكانت الأولى تدعو إلى السيطرة المباشرة على البلاد العربية وضمّها إلى حكومة الهند البريطانية ، أما المدرسة الثانية فمؤلفة من رجال المكتب العربي في القاهرة وهو المكتب الذي تعاون مع الشريف حسين في الثورة العربية .
(2)    Great Britain , India offica , Review of the civil Adminitration
of  Mesopotamia 1914 – 1920 . By Gertrude Bell , ( London ,
      1920 ) , P . 48 ; Hereafter cited as , Bell , Review of the civil
       Administration .
([iii])  سليمان ، موسى ، الحركة العربية ، سيرة المرحلة الأولى للنهضة العربية الحديثة 1908 ـ 19824 ، ( بيروت ، 1970 ) ، ص 450 .
(4)  Philip knightely and colin simpson , The Sectet livas of Lawrence
       of Arabia , ( London , 1969 ) , P . 99 .
  ج
(5)  Philip willard Ireland , Iraq : A study in political Development .
        ( London , 1937 ) , P . 156 . 
([vi])  ريتشارد الدنجتون ، لورنس في البلاد العربية ، ترجمة : محمود عـزت موسى ، ( القاهرة ، 1966 ) ، ص 259 .
([vii])  موسى ، المصدر السابق ، ص ص 49 ـ 450 .
(8)  Ireland , op . cit . , P . 156 . 
([ix])  موسى ، المصدر السابق ، ص 453 .
(10)  Ireland , op . cit . , P . 157 .
(11)  Knightley and simpson , op . cit . , P . 112 . 
(12)  Ireland , op . cit . , P . 158 .   
(13)  Ibid , P . 158   
([xiv])  اعتذر ولسن بالنسبة للمرشح الثاني بأنّ معرفته غير الكافية في شؤون مصر
        لا تساعد على إبداء أي رأي في الموضوع . أما بالنسبة للمرشح الثالث فلم يحدد
        الأسم .  أنظر :                     
Ireland , op . cit . , PP . 158 – 159 .     
[
(15)  Ibid , P . , 159 . 
([xvi])  موسى ، المصدر السابق ، ص 454 .
(17)  Ireland , op . cit . , P . 190
(18)  Arnold T . Wilson , Mesopotamia , 1917 – 1920 A clash of
         Loyalties , A personal and historical record , ( London , 1941) ,
         P. 111 ; Heerafter cited as , Wilson , A clash of loyalties .
(19)  Ibid , P . 111 .
(20)  Hurbert Young , The Independent Arab ( London , 193 ) .
          PP. 280 – 281 .
(21) Wilson , A clash of loyalties , P . 111 .
([xxii])  عبد الرزاق الحسن ، تاريخ العراق السياسي الحديث ، ج 1، ( صيدا، 1948 ) ، ص 96 .
(23)  League of Nations , Question of the Frontier Between Turkey
   and Iraq , Report submitted to the Council by the Commission
   instituted by the Council Resolution of September 30 , 1924 ,
   ( Lausanne , 1925 ) , P . 17 ; Hereafter cited as , League Report .
(24)  Ireland , op , cit . , P . 161 . 
(25)  Bell , Review of the civil Administration , P . 127 . 
(26) Ireland , op , cit . , P . 165 .
([xxvii])  المركز الوطني لحفظ الوثائق ، ملفات البلاط الملكي ، ملفة تركيا وقضية الموصل والحدود رقم ة / 4 / 1 ، رد الحكومة البريطانية على المذكرة التركية إلى مجلس عصبة الأمم في جنيف بتاريخ 3 كانون الأول 1924 ، ص 4 .
([xxviii])  عبد المنعم الغلامي " القائد فانشـو وبعض كبار البلـد في زمن الاحتلال البريطاني " ، مجلة المعرفة ، بغداد 1 آب 1962 ، ص 11 .
([xxix])  محمد طاهر العمري، تاريخ مقدرات العراق السياسية، ج 3، ( بغداد ،1925 ) ، ص ص 8 ـ 9 .
([xxx])  المصدر نفسه ، ص 9 .
([xxxi])   المصدر نفسه، ص 9 .
([xxxii])  المصدر نفسه ، ص 10 .
([xxxiii])   نشرت صور طبق الأصل للمضابط باللغة العربية في :
Salf – Determination in Iraq , Reproduction of original Declaration
By the people of Iraq regarding future of their country , Declaration
No . 14 (7) Mosul .  Declaration by the  Musalmans of  Mosul city :
Hereafter cited as , Salf  - Determination in Iraq .
(34)  Ibid . 
([xxxv])  العمري ، المصدر السابق ، ج 3 ، ص 9 .
([xxxvi])  المصدر نفسه ، ص 9 .
([xxxvii])  الغلامي ، المصدر السابق ، ص 11 .
 (38) Salf – Determination in Iraq , Declaration No . 14 (7) by the  Syria catholics of the Mosul Division .   
(39)  Ibid . 
(40) Salf – Determination in Iraq , Declaration No . 14 (10) by the
        Syria catholics , second Declaration of Mosul Division .
(41)  Salf – Determination in Iraq , Declaration No . 14 (6) by the 
          Jacobites and Protestants of the Mosul Division .
 
(42)  Salf – Determination in Iraq , Declaration No . 14 (4) by the
          aRMENIANS of the Mosul Division .
 
(43)  Ibid . 
(44)  Salf – Determination in Iraq , Declaration No . 14 (1) by the
         by the Chaldrean catholics of the Mosul
   
(45)  Salf – Determination in Iraq , Declaration No . 14 (9) by the 
          yazidis of the Mosul Division .
 
(46)  Salf – Determination in Iraq , Declaration No . 14 (8) by the 
          representatives of four Kurdish tribe  of the Mosul Division .
   
(47)  Ibid . 
(48) Salf – Determination in Iraq , Declaration No . 14 (5 by the 
         sinan tribe of the Mosul Division .
 
(49)  Salf – Determination in Iraq , Declaration No . 12(7) ( Kirkuk )
        Declaration made by !17) of the leading persons of the district . 
(50)    Salf – Determination in Iraq ,  Declaration  No . 11  ( Kirkuk ) .
Declarations  made by  the  tribal  Shakha ( Kurds and  Arabs )
         and Nctables of the towns .
(51)  Ibid . 
([lii])  يذكر ايرلند على الصفحة (168) من كتابه المشار إليه آنفاً أنّ الطوائف غير المسلمة تؤلف ( 18.3./. ) من مجموع سكان الولاية ( ما عدا لواء السليمانية بالنسبة للإحصاء الرسمي الذي جرى في 1918 ـ 1919 ، ويورد احصائية ليست كاملة لولاية الموصل . وفيما يلي نتائج الإحصاء الرسمي المتعلق بالمعتقدات الدينية لسكان الولاية ، كما أعلنت في 15 كانون الأول 1919 :
      
اللـواء
السـنّة
الشـيعة
اليهود
المسيحيين
أديـان أخرى
المجمـوع
الموصـل
244713
17180
7635
50670
30180
350387
أربيــل
96100
ــــ
4800
4100
1000
106000
كركـوك
85000
5000
1400
600
ــــ
92000
السليمانية
153000
ــــ
1000
100
ــــ
155000
المجموع





703378

                        مع أنّ مجموع سكان العراق بلغ 2849282 ) نسمة . أنظر : م . ح . و ، ملفات مخابرات متنوعة من الألوية المختلفة ر قم 1 / 64  تسلسل 3 . 
(53)  Ireland , op . cit . , P . 174 .
(54)  Ibid , P . 174 . 
([lv])  العمري ، المصدر السابق ، ج 3 ، ص 10 .
([lvi])  الحسني ، المصدر السابق ، ص 99 .
([lvii])  عبد المنعم الغلامي ، السوانح ، ( الموصل ، 1932 ) ، ص 130 .
([lviii])  نُشرت هذه الوثيقة في جريدة صدى الأحرار الموصلية ضمن سلسلة المقالات التي كانت تنشر تحت عنوان " صفحات مطوية من تاريخ الحركة الوطنية " بتوقيع مؤرخ وهو عبد المنعم الغلامي الذي أشار إلى أنّ نص هذه الوثيقة عثر عليه عند محمد سعيد الجليلي . أنظر : جريدة صدى الأحرار ، 17 نيسان 1953 .
([lix])  المصدر نفسه .
(60)  Ireland , op . cit . , P . 165 . 
([lxi])  العمري ، المصدر السابق ، ج 3 ، ص 11 .
([lxii])  حنا خياط ، الأقلية الدينية في العراق ، مطبوع بالآلة الكاتبة بغداد ، 10 آذار 1939 ، مكتبة الدراسات العليا ـ جامعة بغداد ، رقم 169 ، ص 35 .
(63)  وهو الذي أشرنا إليه والمعنون بـ : Self – Determination in Iraq         :
(64)  ممدوح عارف الروسان ، العراق والسياسة العربية 1919 ـ 1941 ، رسالة ماجستير قدّمت لجامعة القاهرة سنة 1972، غير منشورة ، ص ص 82 ـ 83 .   
(65)  Wilson , A clash of loyalties , P . 112 . 
(66)  Ireland , op . cit . , P . 165 .    
(67) Wilson , A clash of loyalties , P . 117 .
(68) Ibid , P . 117 .
(69) Ireland , op . cit . , P . 186 and Hassan Arfa , The Kurds , An
        historical and political study , ( London , 1966 ) , P . 111 . 
(70)  Ireland , op . cit . , PP . 186 – 187 . 
(71) Wilson , A clash of loyalties , P . 243
(73)  Young , op . cit . , P . 288 . 
(73) Ireland , op . cit . , PP . 188 – 189 .   
([lxxiv])  اندره نوسشي ، الصراعات البترولية في الشرق الأوسط ، ترجمة : أسعد محفل ، ( بيروت ، 1971 ) ، ص ص 155 ـ 156 .
(75)  Ireland , op . cit . , P . 188 ; Ernest Main , Iraq , from Mandate
    to Independence ( London , 1945 ) , PP . 70 j 71 . 
([lxxvi])  فقد فيصل عرشه في سوريا بعد احتلال الفرنسيين دمشق أثر معركة ميسلون بين الجيش العربي والقوات الفرنسية في 24 تموز سنة 1920 .   
([lxxvii])  إنّ اختيار فيصل جرى بعد أن استعرض المؤتمر أسماء عدد من المرشحين لعرش العراق منهم : السيد عبد الرحمن الكيلاني نقيب أشراف بغداد ، والسيد طالب باشا نقيب أشراف البصرة ، والأمير برهان الدين بين السلطان عبد الحميد الثاني ، وأغا خان زعيم الاسماعيلية في الهند ، والشيخ خزعل أمير المحمرة . ويعتبر ترشيح فيصل انتصاراً لمدرسة القاهرة البريطانية . للتفاصيل انظر : الحسني ، المصدر السابق ، ص 268 .
([lxxviii])  جاء في رسالة المس بل إلى والدها في 34 حزيران 1921 أنّ مدينة الموصل أرسلت وفداً كبيراً لاستقبال فيصل وكان الوفد المذكور، كما أبلغها نوري السعيد ، يعتقد بضرورة إعلان فيصل ملكاً على العراق في الحال . أنظر :
Lady Bell ( ed ) The letters of Gertrude Bell , 1914 – 1926 , Vol . 2 ,
( London , 1957 ) , P . 602 .
([lxxix])  جريدة الموصل ، 24 حزيران 1921 .
([lxxx])  جريدة الموصل ، 8 تموز 1921 .
([lxxxi])  جريدة العراق ، 15 تموز 1921 .
([lxxxii])  تضمنت المضبطة قرار مجلس الوزراء بالمنداة بملوكية فيصل ، وصيغة التصويت هي كما يلي : " نحن الموقعيـن أدناه سكان ( ناحية ـ محلة ) ... من ( قضاء ـ مدينة ) عن لواء ... قد بلغنا خبر قرار مجلس الوزراء المندرج أعلاه وفهمناه وتأملناه بتمام الإمعان وكانت النتيجة موافقة لرأي ... نفس عليه ومبايعتهم للأمير فيصل وعارضهم في ذلك من النفوس ... " التواقيع .
([lxxxiii])  عبد الرزاق الحسني ، الثـورة العراقية الكبرى ، ط 3 ، ( صيدا ، 1972 ) ، ص ص 283 ـ 284 .
([lxxxiv])  جريدة الموصل ، 25 تموز 1921 ، جريدة لستن العرب ، 6 آب 1921 ؛ وكذلك جريدة العراق ، 6 أب 1921 .
([lxxxv])  جريدة العراق ، 30 تموز 1921 .
([lxxxvi])  جريدة لسان العرب ، 6 آب 1921 .
([lxxxvii])  جريدة العراق ، 21 تموز 1921 .
([lxxxviii])  جريدة العراق ، 21 تموز 1921 .
([lxxxix])   المصدر نفسه .
(90)    Chassan R . Atiyyah , Iraq , 1906 – 1921 A political study ,
( Beirut , 1973 ) . P . 394 .
([xci])  جريدة العراق ، 12 آب 1921 .     



(92)  British Colonial office , Report on Iraq Administration , October, 
        1920 - March 1922 , P . 12 ; Hereafter cited as , British Report ,
        1920 – 1922 . 
  
([xciii])  م . ح . و ، ملفـات البلاط الملكي ، ملفة تركيـا وقضية الموصل والحدود رقم ة / 4 / 1 ، الرد على المذكرة المقدمة من قبل الحكومة التركية إلى مجلس عصبة الأمم في جنيف سنة 1924 ، ص 4 .
(94) Asron S . Klieman , Foundation of British Policy in the Arab Worgd : The  cairo  Conference  of 1921 , (  London ,  1970 ) .
         P .161 ; Atiyah , op . cit ., p . 391 .
(95)  Atiyah , op . cit . , P . 391 . 
(96) Klieman , op . cit . , P . 161 ; Atiyah , op . cit . , P . 394 .
(97) Atiyah , op . cit . , P . 394; Ernest Main , Iraq from Mandate to
        Indepence , ( London , 1935 ) , P . 135 .
([xcviii])  سيسيل . ون آدموند ، كرد وترك وعرب ، ترجمة : جرجيس فتح الله ، ( بغداد ، 1971 ) ، ص 111 . 
([xcix])  لم يشترك في الاسـتفتاء الثاني كلٌ من قضائي رانيه وراونـدوز وذلك بسبب التحركات الكمالية ، كما سنشير إلى ذلك في الصفحات التالية من هذا الفصل .
(100)  British Report , 1920 – 1922 , P . 15 . 
([ci])  جريدة العراق ، 23 آب 1921 .
([cii])  أتخذه العاملون في الحركة الوطنية مكاناً لاجتماعهم . وكان محمد رؤوف الغلامي قد استأجر بنايته في29حزيران 1921 وتقع في محلة السراي خلف بناية البريد والبرق آنذاك . أنظر : جريدة صدى الأحرار ، 18 آيار 1951 .
([ciii])  المصدر نفسه .
([civ])  جريدة العراق ، 6 أيلول 1921 .
([cv])  جريدة لسان العرب ، 9 أيلول 1921 .
([cvi])  كان إبراهيم عطار باشي يعمل بالتجارة وهو من العهديين واسمه المستعار في الجمعية ( عدنان ) . أنظر : جريدة صدى الأحرار ، 10 تشرين الأول 1952 .
([cvii])  أنظر : م . ح . و ، ملفات البلاط الملكي ، ملفة عرائض وكتب خاصة مقدمة إلى الملك فيصل الأول رقم ك / 11 .
([cviii])  وردت هذه المقدمة في رسالة تحسين علي إلى فيصل فيس 19 تموز 1921 ، ويذكر فيها أيضاً أنّ حامل التقرير هو ابراهيم عطار باشي من تجار الموصل ومن الوطنيين المخلصين . أنظر : الملفة السابقة .
([cix])  سنشير إلى حركات المقاومة الكردية في الفصل السابع .
([cx])  يراعي في هذه العبارة ما فيها من التطرف القومي .
([cxi])  تطرق التقرير إلى التحركات الكمالية التي سوف نورد بعض تفصيلاتها في محل آخر من هذا الفصل .
([cxii])  يقصد الوفد الذي ذهب إلى بغداد لاستقبال فيصل .
([cxiii])  يقصد ما حلّ بهم نتيجة ثورتهم المعروفة بحركة تلعفر في حزيران 1920 ، وسنأتي إلى ذكر تفاصيلها في الفصل السابع .
([cxiv])  لا ندري ماذا يقصد التقرير ، وربما يشير إلى أن أن تبقى دهوك تابعة للموصل وليست إلى الدولة الكردستانية .
([cxv])  م . ح . و ، ملفات البلاط الملكي ، ملفة عرائض وكتب خاصة مقدمة إلى الملك فيصل رقم ك / 11 ، تقرير إبراهيم عطار باشي إلى الملك فيصل في 19 تموز 1921 ، الأوراق 3 ـ 36 .
(16)  Wilson A clash of loyalties , P . 117 . 
([cxvii])  جلال الطتالباني ، كردستان والحركة القومية الكرديبة ، ط 2 ، ( بيروت ، 1971 ) ، ص ص 205 ـ 206 ؛ ادمون غريب ، الحركة القومية الكردية ، ( بيروت ، 1973 ) ، ص 24 .
(118)  Wilson A clash of loyalties , P . 117 . 
([cxix])  نويل ، ملاحظة في الوضعية الكردية ، ترجمة : تقرير مخطوط باللغة العربية مؤرخ في 18 تموز 1919 ، المكتبة المركزية في الموصل ، رقم 58 / 91 ، الورقة 26 . وسنشير إليه بأسم : نويل ، ملاحظة في الوضعية الكردية .
([cxx])  صلاح الدين محمد سعد الله ، الحركة الوطنية الكردية ، ( بغداد ، 1959 ) ، ص 30 .
([cxxi])  الطالباني ، المصدر السابق ، ص 2307 .
([cxxii])  سعد الله ، المصدر السابق ، ص 30 .
([cxxiii])  المصدر نفسه ، ص 31 .
([cxxiv])  المصدر نفسه ، ص ص 31 ـ 32 .
([cxxv])  المصدر نفسه ، ص 32 .
([cxxvi])  دانا ادمز شمدت ، رحلة إلى رجال شجعان من كردستان ، تعريب : جرجيس فتح الله ، ( بيروت ، 1972 ) ، في هامش للمعرب ، ص 177 .
([cxxvii])  نويل ، ملاحظة في الوضعية الكردية ، الورقة 16 .
([cxxviii])  المصدر نفسه ، الورقة 16 .
([cxxix])  سعد الله ، المصدر السابق ، ص ص 32 ـ 33 .
([cxxx])  المصدر نفسه ، ص 33 .,
([cxxxi])  المصدر نفسه ، 33 .
([cxxxii])  المصدر نفسه ، 33 .
([cxxxiii])  محمد مهـدي البصير ، تاريخ القضيـة العراقية ، ج 2 ، ( بغداد ، 1923 ) ، ص 608 .
([cxxxiv])  الطالباني ، المصدر السابق ، ص 213 .
(135) British Colonial office , special Report by his Majesty's  
          Government
in the United Kingdom of Great Britain and
          Northern Ireland to the Council of the league of Nations on the
          Progress of Iraq during the period 1920 – 1931 , ( London ,
          1931 ) , P . 252 ; hereafter cited as , British special Report .  
 
(136) Percy Cox , Historical summery , In Bell , Letters . Vol . 2 ,
          P . 531 . 
  
(137)  Klieman , op . cit . , P . 110 .   
(138)  Philip Graves , The life of Sir percy Cox , ( London , 1942 ) ,
          PP . 283 – 284 .   
(139)  Ibid , P . 283 . 
(140)  Klieman , op . cit . , P . 110 .  
(141)  Ibid . , P . 11o : Graves , op ., cit ., P . 284 . 
(142) Graves , op . cit . , P . 284 .
(143) Ibid , P . 283 ; Klieman , op ., cit . , P . 110 .
(144) Klieman , op . cit . , P . 110 .  
(145)  Cox Bell , Letter , Vol . 2 , P . 532 .
(146)  British Report 1920 – 1922 , Appendix 7 , P . 126 . 
([cxlvii])  م . ح . و . ملفات البلاط الملكي ، ملفة القضية الكردية رقم د / 7 ، من تقرير ادموندز معاون مستشار وزارة الداخلية عن القضية الكردية ، الورقة رقم 8 .
([cxlviii])  لا توجد هذه الفقرة في المصادر البريطانية المنشورة والتي تضمنت التصريح مثل تقارير المدوب السـامي المقدمة إلى عصبة الأمـم . وقد زودت هذه الفقرة ضمـن المنشور الذي وزعه مشـاور الموصل . أنظر : متصرفيـة الموصل
( محافظة نينوى ) دائرة أوراق متصرفية لـواء الموصل ، أوراق سائبة . وسأشير إليها بـ ( من أوراق متصرفية لواء الموصل ) .
([cxlix])  من أوراق متصرفية لواء الموصل .
([cl])  م . ح . و . ملفات البلاط الملكي ، ملفة القضية الكردية رقم د / 7 ، من تقرير ادموندز المشار إليه ، الورقة رقم 8 .
(151)  British Report , 1920 – 1922 , P . 12 .
(152)  British special Report , P . 254 .
([cliii])  ادموندز ، المصدر السابق ، ص ص 110 ـ 111 .
(154) British special Report , P . 254 .
([clv])  ادموندز ، المصدر السابق ، ص ص 110 ـ 111 .
(156)  Ireland , op . cit . , P . 317 . 
([clvii])  جريدة العراق ، 15 تموز 1921 .
([clviii])  المصدر نفسه .
([clix])  أنظر : الصفحات السابقة المتعلقة بالاستفتاء ونتائجه .
([clx])  يتعلق السؤالان الأولان بالمسؤولية العسكرية وذكر المندوب السامي أنه قد أجاب عليهما بقدر الإمكان بالخطة التي تمَّ الاتفاق عليها . وقد قسّمت المسؤولية الابتدائية بموجبها إلى منطقتين تشمل إحداهما البلاد الواقعة غربي نهر دجلة والثانية شرقية .
([clxi])  م . ح . و، ملفات البلاط الملكي ، وملفة مفاوضات المعاهد العراقية الانكليزية ، تسلسل 31 ، كتاب من المندوب السامي إلى جلالة الملك فيصل الأول ، الورقتين 637 ـ 638 .
([clxii])  م . ح . و ، ملفـات البلاط الملكي ، ملفة مفاوضـات المعاهـدة العراقية ـ الانكليزية ، تسلسل 31 ، كتاب من الملك فيصل الأول إلى المندوب السامي برسي كوكس بتاريخ 22 كانون الأول ، سنة 1921 ، الأوراق 384 ـ 399 .
([clxiii])  المصدر نفسه ، الأوراق 384 ـ 399 .
([clxiv])  يورد المندوب السامي نص المادة (64) من معاهدة سـيفر . أنظر : الفصل السابق الذي ذكرنا فيه ما يتعلق بالمادة المذكورة .
([clxv])  يشير المنـدوب السامي إلى قرار مجلـس الوزراء العراقي في جلسته المنعقدة بتاريخ 11 تموز 1921 . وقد ذكرنا ذلك في الصفحات السابقة . 
([clxvi])  تنص الجملة الأخيرة من المادة (64) من معاهدة سيفر على ما يلي : " ... لا تعارض دول الحلفاء الرئيسية الأكـراد القاطنين في ذلك الجـزء من كردستان الواقـع حتى الآن ضمن ولاية الموصل إذا اختـاروا الانضمام إلى هذه الدولة الكردستانية المقترحة " .
([clxvii])  وهذا ما حدث بعد ذلك إذ عقدت معاهدة لوزان في 24 تموز 1923 وعدلت بريطانيا عن سياسة وضع معاهدة سيفر موضع التنفيذ عدولاً تاماً . أنظر :
British special Report , P . 252 .
([clxviii])  م . ح . و، ملفات البلاط الملكي ، ملفة مفاوضات المعاهدة العراقية الانكليزية ، تسلسل 31 ، كتاب من المندوب السامي اليسر برسي كوكس إلى الملك فيصل في 24 كانون الثاني 1922 .
([clxix])  المصدر نفسه .
([clxx])  م . ح . و، ملفات البلاط الملكي ، ملفة مفاوضات المعاهدة العراقية الانكليزية ، تسلسل 31 ، كتاب من المندوب السامي اليسر برسي كوكس إلى الملك فيصل في 9 كانون الثاني 1922 .

([clxxi])  م . ح . و، ملفات البلاط الملكي ، ملفة مفاوضات ومقررات مجلس الوزراء ، رقم د / 2 / 3 لسنة 1922، وقائع جلسة مجلس الوزراء ليوم 4 آذار 1922 .

([clxxii])  م . ح . و، ملفات البلاط الملكي ، ملفة مفاوضات ومقررات مجلس الوزراء ، رقم د / 2 / 4 لسنة 1922، وقائع جلسة مجلس الوزراء ليوم 10 نيسان ، سنة 1922 .
([clxxiii])  م . ح . و، ملفات البلاط الملكي ، ملفة مفاوضات ومقررات مجلس الوزراء ، رقم د / 2 / 4 لسنة 1922، وقائع جلسة مجلس الوزراء ليوم 27 نيسان ، سنة 1922 .
([clxxiv])  م . ح . و، ملفات البلاط الملكي ، ملفة مفاوضات ومقررات مجلس الوزراء ، رقم د / 2 / 5 لسنة 1922، وقائع جلسة مجلس الوزراء ليوم 6 آيار ، سنة 1922 .
([clxxv])  م . ح . و ، ملفات البـلاط الملكي ، ملفة مفاوضات المعاهـدة العراقية ـ الانكليزية ، تسلسل 312 .
Note  on  the Mandate in Iraq  to  his  Britannic majesty's Government
By Major General Haddad Pasha , Personal Representative of His Majesty The King of Iraq , Dated , the June 7 th , 1922 , P . 6 .
([clxxvi])  جريدة الموصل ، 22 حزيران 1922 .
([clxxvii])  سيأتي تفصيل ذلك عند الكلام عن حركات الشيخ محمود في الفصل السابع .
([clxxviii])  أصدر مجلس الوزراء العراقي في 11 تموز سنة 1922 قرار تضمن النقاط التي وردت في رسالة المندوب السامي أعلاه . أنظر :
British special Report , P . 257.
([clxxix])  م . ح . و ، ملفات البلاط الملكي ، ملفة منهاج ومقررات مجلس الوزراء وملاحظة المندوب السامي وموافقة صاحب الجلالة عليها ، رقم ج / 2 ، صورة الكتاب الوارد من سكرتير المندوب السامي بتاريخ 6 تشرين الأول 1922 إلى رئيس الوزراء العراقي االسيد عبد الرحمن النقيب .
(180)  British special Report , P . 256 .
  [
(181)  Ibid , P . 256 . 
([clxxxii])  م . ح . و ، ملفـات البلاط الملكي ، ملفـة مفاوضات المعاهدة العراقية ـ الانكليزية ، تسلسل 31 ، بيان مشترك صادر عن الحكومتين البريطانية والعراقية .
([clxxxiii])  سعد الله ، المصدر السابق ، ص 34 .
(184)      George Lenczowski , The Middle East in World Affairs ,
          ( New  York , 1956 ) K P . 237 .   
([clxxxv])  وتذكر المس بل في رسالة لوالدها في 28 تشرين الثاني 1918 رقماً مغايراً يزيد عمّا ذكرناه إذ تقول أنّ البريطانيين يقومون بإعاشة (80) ألف لاجيء آثوري في معسكر بعقوبة . أنظر :  Bel , letters , Vol , I , P . 464 .     
([clxxxvi])  قتل ويلي وماكدونالد في تموز 19109 خلال حركة العمادية كما سيأتي تفصيل ذلك في الفصل السابع .
(187)  Wilson , A clash of loyalties , P . 39 . 
(188)  Ibid , PP . 39 – 40 . 
([clxxxix])  معروف جياووك ، مأساة بارزان المظلومة ، ( بغداد ، 1954 ) ، ص 60 .
(190) Wilson , A clash of loyalties , PP. 39 – 40 .
(191)  Lenzowski , op . cit . , P . 237 . 
([cxcii])  فاضل حسين ، مشكلة الموصل ، دراسة في الدبلوماسية العراقية ـ الانكليزية ـ التركية في الرأي العام ، ط 2 ، ( بغداد ، 1967 ) ، ص 16 .
([cxciii])  المصدر نفسه ، ص 16 .
([cxciv])  يحيى نزهت أحمد " الآثوريين "، المجلة العسكرية ، السنة (18) ، العدد (98) ، كانون الثاني 1941 ، ص 110 .
([cxcv])  م . ح . و ، ملفات البلاط الملكي ، ملفة تركيـا وقضية الموصل والحدود ، رقم ة / 4 / 1 ، جواب الحكومة البريطانية على السؤال المقدم من عصبة الأمم سنة 1924 بخصوص رأي بريطانيا في شخص الجنرال أغا بطرس .
(196)  R . S . Stafford , The Tragedy of the Assyrians , ( London ,
          1935 ) K P . 42 . 
([cxcvii])  جواب الحكومـة البريطانية على السـؤال المقدم من عصبة الأمم سنة 1924 بخصوص رأي بريطانيا في شخص الجنرال أغا بطرس ، الملفة السابقة .
([cxcviii])  أحمد ، المصدر السابق ، ص 11 .
(199)  Stafford , op . cit . , P . 45 . 
([cc])  محمود الدرة ، القضية الكردية والقومية العربية في معركة العراق ، ( بيروت ، 1963 ) ، ص 100 .
(201)  Stafford , op , cit . , P . 45 .
([ccii])  وزعت السلطات البريطانية أكثر من (1900) بندقية مع كمية كافية من الذخيرة على الآثوريين الذين عادوا إلى مساكنهم شمال حدود ولاية الموصل . أنظر :
League Report , P . 82 .
([cciii])  م . ح . و ، ملفـات وزارة الداخلية ، ملفة تقارير شهرية لواء الموصل ، رقم
B / 48  تسلسل 28 .
Monthly Report for Month of June 1922 , by E . C . Alban , Assistand Divisional Adviser at Dohuk , dated the June , 1922 .
([cciv])  انظر : خياط ، المصدر السابق ، ص 36 . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...